أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدية العبود - في المحطة الاخيرة














المزيد.....

في المحطة الاخيرة


سعدية العبود

الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 08:13
المحور: الادب والفن
    


في المحطة الأخيرة (ايام متقاعد)
اخذ يقلب في صفحة التواصل الاجتماعي يبحث عما تحمله من اخبار فقد كانت تحوي اخبار الانفجار الاخير المروع في مدخل اثار بابل وشاعرة ترثي الضحايا (سألت النخيل ،والشناشيل ,كم قاتل كان بيننا وقتيل)
وكانت حصيلته لا تحصى من الشهداء ,كان يعرف مجموعه منهم نشر ذويهم نعيهم .اذا سينشغل هذا الاسبوع في تقديم العزاء والذهاب الى مجالس العزاء فقد تفرغ لتوه من العمل وبات يجند طاقاته للعلاقات الاجتماعية التي كانت الوظيفة سببا في تحديدها .
استوقفته جملة وضعها صديق غاب عنه سنوات ووجده اخيرا في هذه الصفحة (في خريف العمر ليس لك من طريق سوى نثر اوراق عمرك الحزين --- كفى تأمل وحلم بمستقبل مجهول وغامض) فقد كانت تحوي الكثير بالرغم كونها لا تتجاوز بضع كلمات .تأملها وضلت عينه شاخصة اليها وتساءل هل يقصده ام مجرد صدفة .فهو قد بات قاب قوسين من اخر ايامه في الوظيفة .فقد كان زملاءه يتندرون معه ,اتعلم معنى التقاعد اي مت قاعداً وبذلك ستكون نهايتك .هي هذه الجملة كانت لها وقع على نفسه ,حاول ان يجاريهم وبابتسامة باتت ميته على شفاهه .
كانت تلك السمراء ترد بجفاء وبدون ان تراعي مشاعره وعمره عنما اظهر لها امر سابق بإضافة خدمة لم تحتسب كان يطمح ان يؤجل تقاعده حتى ولو شهر واحد ففي الشهر المقبل لديه علاوة ,ولو انها قليلة الا انها تضيف نسبة لمبلغ التقاعد الا انها اخبرته بصورة حادة :
أن الأمر الاداري قد صدر منذ شهر وانت قد انهيت خدمتك ولا داعي للتأخير يوما واحدا فأن محاسبة من قبل الوزارة ولا يحق لك الاعتراض على راتبك او اضافة الخدمة -- --او –او .لم يستطع سماع بقية الكلام فقد شعر بدوار وكاد ان يفقد توازنه لولا تمسكه بأقرب جدار ,وبات يتمتم مع نفسه , ايعقل هذا ؟بهذه الجرأة تتكلم ,من تكن ؟ قبل ايام لم تكن شيء ,كل سنوات عمرها لا تساوي خدمتي ؟ اتعلم ما قدمت خلال خدمتي ,كان عليها ان تبلغني بلهجة اخرى ,هل نافستها يوما على شيء ؟لقد منحت عمري وصحتي من اجل العمل .كانت قبل ايام تتكلم بوقاحة وهي تبوح ما بداخلها (دعونا نأخذ فرصتنا اما كفاهم ,نحن خبرة وكفاءة )قالتها كمن يريد ان يقنع نفسه بأنها بديل جيد وهي كالزرزور الذي تصور نفسه شاهينا عندما طار .
فرصته في تعديل قانون التقاعد احبطت فقد كان يتأمل حصول ذلك في بداية العام وها هي تجهض احلامه ,تأمل في الحصول على بضعة اشهر ريثما يتم تعديل قانون التقاعد الذي انتظره بفارغ الصبر فلديه الابن الاصغر لم يكمل تعليمه بعد ,وهو بحاجة الى الراتب لكثرة التزاماته , ولكن جاء يحمل بين طياته سم تحت العسل لذا اثار جدلا قد يؤخر تنفيذه الى اكثر من عام .
وضع رأسه بين كفيه يحاول تخفيف دوى المطارق على رأسه .الدوي اشتد ليتحول الى صوت المحركات التي كانت تدور في المعمل في تلك السنوات التي كانت العمل فيها ممتع ,لا ن فيه تقدير للموظف .
-مبروك صدر امر تعينك :قالتها تلك الفتاة العاجية وهي تبتسم وكأنها تشاركه فرحه ,كانت عيناه لا تغادر وجهها من اين اتت ؟كأنها ملاك جاء ليملئ المكان طمأنينة ,ويوعده بالفردوس .
- وكم الراتب ؟حاول ان يسأل اي سؤال كي يطيل المكوث.
-ثمانية وعشرون دينار الراتب الاسمي ويتبعه غلاء المعيشة والمخصصات الهندسية والموقع والخطورة والزوجية والأطفال ,سيكون دوامك في المشروع وهناك دور للمتزوجين واخرى للعزاب .
- ولكني لم اتزوج بعد, قالها بتلعثم كمن يريد ان يصل لها رسالة وهو يحاول ان يخفي خجله بابتسامة .
كانت الوظيفة منذ اليوم الاول تعني له الحياة والمستقبل حيث تعرف عمن شاركته حياته وكونا معا اسرة .
عادت المطارق هذه المرة كانت مختلفة عن سابقتها فقد كان يعرف مكان الخلل من صوت المحرك ,فقد احب الته تلك وكم حاكاها وعاملها بلطف ,دنا منها محاولا معالجة الخلل ,ولكن شيئا ما سقط ,افاق ليجد نفس في المشفى :حمدا لله على السلامة لقد عددناك من الاموات ,حاول ان ينهض كانت حركته شبه مشلولة .
سنوات مرت على ذلك الحادث الذي ترك عنده عاهة حددت من طبيعة عمله وجعلته يمارس عملا اقل جهدا من السابق .
حاول ان يتمسك بالمنضدة ليفرغ شحنات الغضب ,عاوده الدوي وهو يسمع خبر قضى عليه :انها مصابة بالتليف سنأخذ مسحه لأجل زراعته .ولكن كانت النتائج لا تبشر بالخير احتفظ بسره كي لا يفسد متعتها واملها بالحياة .
-البقية بحياتك .تمتم وهل لحياتي بقية بدونها .
كان عليه ان يواصل حياته كي يكملوا تعليمهم ,ويؤدي رسالته ,وكانت فرحته كبيرة عندما تخرج البكر وتزوج ,وانجب .
........

-جدو استيقظ لماذا لم تذهب الى الدوام لقد تأخرت هذا الصباح .ابتسم في وجه الطفلة التي كان يتفاءل برؤيتها صباحا ,فقد كانت تحمل ذات الوجه الذي احبه ,حاول ان يقبلها ليكون صباحه مشرقا ولكن استوقفه طرق الباب الخارجي.
كان هناك صديقه الذي كتب له( كفى تأمل وحلم بمستقبل غامض ) فقد ابلغه بأن شركته تحتاجه في العمل بدوام جزئي وجاءه ليمض العقد معه .



#سعدية_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواقع التواصل الاجتماعي ,هل سببت العزلة داخل الاسرة
- عندما اغتيل الامل (في ذكرى حادثة بشتاشان )


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدية العبود - في المحطة الاخيرة