أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الله . قصة














المزيد.....

أبناء الله . قصة


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


أبناء ألله (1 ) صالحة والدكتور نبيل !

حين دخلت صالحة إلى المستشفى لإجراء عملية قلب مفتوح لم تعرف كيف يمكن أن
تتدبر ثمن العملية الباهظ ، وهي أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما إجراء العملية وإما الموت .
وكل ما تملكه لا يكفي حتى لسداد عشر الأجرة .
أوكلت أمرها إلى ألله .
دخلت إلى غرفة العمليات وبدأ أطباء التخدير عملهم فيما شرعت الممرضات بوضع كمامات على الأنف والفم للتنفس .. وما أن أصبحت .شبه جاهزة لإجراء العملية حتى دخل طاقم الأطباء .. يقوده شاب في أواسط الثلاثينيات من عمره .
نظر الشاب إلى وجهها ثم خاطبها ليتأكد من أن التخدير قد أخذ مفعولة :
- كيفك يا خالة ؟
وأسبلت جفنيها لتشير إلى أنها ما تزال تسمعه .
أحس الطبيب أن هاتين العينين قد مرتا عليه في حياته ، وحاول أن يتذكرأ ين رآهما
ومتى وكيف ؟ دون جدوى ، فقد كان عقله منصبا على إجراء العملية بنجاح .
- كوني مطمئنة ياخالة فأنت بمثابة أمي ، وسأجري العملية لك وكأنني أجريها لأمي .
وبالكاد حتى حركت جفنيها .
شرع الطبيب في إجراء العملية بمساعدة كادره الطبي . استمرإجراء العملية تسع ساعات وكانت ناجحة تماما . لكن لا بد من التأكد وهذا لن يتم دون مرور يومين على الأقل .
بعد يومين جاء الطبيب لمعايدتها . كانوا قد رفعوا لها الكمامات .. وبدت وهي في حال جيدة في السرير .
- الحمد لله على سلامتك خاله ..
- ألله يسلمك يا بني .
- كيف حاسة ؟
- أحس أنني بخير. أشكرك يا بني .
- هذا واجبي يا خالتي ، فلا شكر على واجب ، وسعادتي هي أن أراك تعودين إلى الحياة بقلب سليم .
- يكثر أمثالك يا بني .
وفيما كان يتأمل وجهها أدرك تماما أنه عرف ماضي هذا الوجه يوما ما . لكن كيف وأين ومتى ؟ لا يذكر .
غير أن ما تأ كد منه ، أن لهذا الوجه دورا ما في حياته ، وما أكثر الوجوه التي لعبت دورا في حياته ، والتي عطفت عليه في طفولته ، حين كان مشردا بعد أن فقد أبويه في مجزرة دير ياسين في فلسطين عام 1948.
كان يبيع العلكة في شوارع دمشق بعد أن لجأ إليها مع آلاف الفلسطينيين . في الصباح يذهب إلى مدرسة وكالة الغوث وفي المساء والعطل يبيع العلكة ليعيل نفسه وأخته .
وفجأة حدق الطبيب إلى وجه المرأة وهو يتساءل في نفسه : هل يعقل أن تكون هذه هي المرأة التي ابتاعت لي ساندوتش فلافل وآوتني إلى بيتها وحممتني وأعطتني مصروف جيب وأرسلتني إلى رجل صالح ميسور ليساعدني على إكمال تعليمي . رباه هل يعقل أن تكون هذه هي المرأة التي لولا فضلها علي لما كنت طبيبا الآن ؟! لم أبع ولا قطعة علكة ذلك اليوم ، وكدت أموت من الجوع . وما كنت أملكه أعطيته لأختي لتشتري لنفسها شيئا حين تجوع ، إذا لم تتمكن من بيع شييء من العلكة هي الأخرى . كنت جالسا أبكي على الرصيف حين جاءت امرأة وراحت تربت على ظهري ثم قادتني إلى مطعم فلافل وابتاعت لي ساندويتش فلافل ، ثم اصطحبتني إلى بيتها وحممتني كابن لها . وحين عرفت أنني فلسطيني ولا أحد لدي . أعطتني مصروف جيب
واصطحبتني إلى أبي حسن الذي ساعدني أنا وأختي بقدر ما يستطيع إلى أن أصبحنا قادرين على العمل ومتابعة الدراسة إلى أن أنهينا دراستنا العليا , ورحل أبي حسن رحمه الله عن الدنيا منذ زمن ، دون أن يترك خلفه أي شيئ على الإطلاق .. فكل ما كان يملكه تقدم به لأعمال الخير .
لم يتمكن الدكتور نبيل من الجزم بالأمر ، ثم إن المرأة لم تبد ما يشير إلى أن وجهه يذكرها بشيئ . لكنه قرر أن يبقيها في المستشفى إلى أن تشفى تماما . وكانت المرأة تفكر بالفاتورة الباهظة وكيف تتدبر أمرها ، وهل سيسمحون لها بمغادرة المستشفى قبل دفع الفاتورة ؟ وكلما حاولت أن تقصر أيام بقائها في المستشفى ، كانوا يقولون لها أن الطبيب لم يسمح بمغادرتها بعد . إلى أن مضى شهر ، زارها الدكتور نبيل وسألها عن صحتها فأجابت أنها في أحسن حال . وسمح لها بالخروج .
ترددت قليلا قبل أن تنصرف ، أحست أن شيئا ما يدفعها لأن تبقي يدها في يده ، لكنها لا تعرف ما هو .
ثم هناك فاتورة المستشفى الباهظة ، هل تسأله أن يكفلها إلى أن تجمع مبلغ الفاتورة كله ؟ لم تجد لديها الجرأة للكلام . هتفت ومشاعر أمومة تجتاحها تجاهه ؟
- عاجزة عن شكرك يا ولدي . إلهي يحفظ شبابك ويبقيك لمحبيك ؟
- العفو يا خالة هذا واجبي.
وأطلقت يده . وانصرفت إلى إدارة المستشفى لتبحث أمر الفاتورة وكيفية دفعها .
جلست على كرسي في الإدارة فيما فتاة تقوم بنسخ الفاتورة على جهاز كومبيوتر .
وما لبثت الفتاة أن طبعت ورقة وناولتها لها . أخذتها المرأة بيدها . رفعتها أمام وجهها لضعف في بصرها .
ثمة ما يبدو رسالة وليس فاتورة حساب .
- نظرت إلى الفتاة متسائلة وهي تمد بالورقة نحوها دون أن تقرأ ما فيها :
- هذه تبدو رسالة يا آنسة وليست فاتورة حساب .
- أيه اقرأيها يا خالة .
وأعادت المرأة الورقة أمام وجهها لتتأ ملها جيدا وتقرأ::
الحساب مدفوع :
ساندوتش فلافل : وحمام ، ومصروف جيب !
مع أطيب تمنياتي بدوام الصحة والعافية .
الدكتور نبيل الفلسطيني
ظلت في حالة ذهول للحظات وما لبثت أن تذكرت ذاك الطفل الفلسطيني نبيل الذي ابتاعت له ساندويتش فلافل وحممته وأعطته مصروف جيب وعرفته على رجل محسن ميسور الحال .
انزلقت دمعتان على وجهها ونهضت خارجة من الإدارة وهي تهتف : نبيل نبيل حبيبي .
وكان الدكتور نبيل واقفا في الخارج ينتظر ليتأكد من أنها المرأة التي توقعها أم لا .
تلقاها بأحضانه وهو يهتف : فرقتنا الأيام يا أماه ولم أعرف كيف ألقاك .
محمود شاهين 14-9-011




#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح ...
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 883) الشباب ب ...
- السلام على محمود. (1) فاتحة ! أشعار في ديوان محمود درويش (لم ...
- ألخطار. قصة طويلة
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 882) حوار الح ...
- العبد سعيد. قصة.
- نار البراءة . قصة في خمسة فصول !
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 21) - ( 881) حوار الح ...
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 20) في الدين والأخلاق ...
- يوم مولدي .. يوم لدمشق
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء ...
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء ...
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (11) ا ...
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (10) ا ...
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 19) تأملات وأقوال في ...
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (9) ال ...
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (8) سح ...
- شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 18) مأساة العقل الدين ...
- زوار موقعي الشخصي في الحوار المتمدن خلال شهرين 226951
- غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (7) مل ...


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الله . قصة