أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - خمس قصص قصيرة جدًّا














المزيد.....

خمس قصص قصيرة جدًّا


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4623 - 2014 / 11 / 3 - 23:19
المحور: الادب والفن
    



لم يقل لها مرة واحدة: أحبك، فهو يكتفي بالنظر في عينيها، وبين الحين والآخر يمد أصابعه بحنو، يسوّي خصلات شعرها التي تبعثرها ريح المساء دون استئذان.
لم تقل له مرة واحدة: أحبك، فهي تكتفي بالسير صامتة إلى جواره، وفي الصباح التالي تأتي وحيدة تلملم آثار خطواتهما خوفاً من قسوة المارة، ثم تعود وعلى رأسها سلة كبيرة، لا يدري أحد ماذا خبأت فيها.

جنازة






الكهل النحيف ذو العنق الطويلة المضحكة، مات وهو يعتقد أنه عاش حياة صاخبة، لأنه منذ اشتغل ضارباً على الدف في الملهى الليلي، هزت أردافها على الدف تضربه يداه، سبع وأربعون راقصة، لكل واحدة منهن قصة لا يعلم أسرارها أحد سواه.
الكهل النحيف أيقن وهو يموت وحيداً في كوخه، أن راقصات الملهى لن يتخلفن عن حضور جنازته، وقد يلطمن خدودهن _ المليئة بالأصباغ_ وجداً عليه.
الكهل النحيف مات والراقصات مستغرقات في قيلولة ما بعد الظهر، تأهباً لليلة طويلة من الرقص المحموم، فلم يشارك في جنازته سوى حارس المقبرة، واثنين من عابري السبيل، وأربعة من أهل البر، وكلب الحي البائس ذي الذنب المقطوع.

تفاصيل




تحدثه عن أفراد أسرتها واحداً واحداً وهو يصغي باهتمام. أمها التي ثكلت زوجها مصابة بالربو وبحساسية في الأنف، تعطس من دون مناسبة في كل الأوقات. أختها الصغرى التي ودعت عامها الرابع عشر تقضي كل وقتها مع كتبها المدرسية، وتصلي لربها على نحو متقطع في بعض الأحيان. أخوها الذي يعمل تاجراً في سوق القماش أحب امرأة جاءته مرة للشراء، غير أن حبهما بعد أشهر مات. أختها التي تصغرها بأربع سنوات تدرس الفلسفة في جامعة بعيدة، وتحلم دوماً بفتى لا يخون، هكذا تكتب لها في رسائلها، وتتمنى أن تصبح كاتبة ذات شأن.
تحدثه عن كل التفاصيل، وتقول إنها حزينة لأن الأسرة لا تلتئم إلا نادراً على مائدة العشاء، ثم تطفر من عينيها الدموع وهي تتذكر أباها الذي مات قبل أن يشبع من الحياة.
ويفترقان، فيعتريه الهم لأن للمرأة التي تبوح له بكل شيء، قلباً قد ينفطر إذا ماتت الأم بغتة، أو رسبت الأخت الصغرى في الامتحان، أو وقعت البنت الأخرى التي تدرس الفلسفة، في قبضة فتى خوّان.

تماثيل






التماثيل المنصوبة على الجسر الكبير، استقالت من عملها في الساعة التي تغلق فيها المحلات التجارية أبوابها، ويعود الناس إلى بيوتهم متعبين.
الملك القديم خلع تاجه، نزل عن العرش، ومضى في الشارع مثل سائر خلق الله.
الغزالة تلفتت يسرة ويمنة، لتتأكد من خلو الشارع من الصيادين، وانطلقت فوراً إلى الغابة.
الرجل والمرأة اللذان كانا في عناق دائم، اتجها إلى موظف الاستقبال في بهو الفندق السياحي، وطلبا منه غرفة بأي ثمن.
الوحيد الذي بقي في مكانه، هو تمثال الأم التي ترضع طفلها، لأن الطفل نام، فلم تشأ أمه أن تعيد ثديها إلى داخل الثوب،كي لا ينزعج الطفل، ويستيقظ من رقاده اللذيذ.

حافلة





الحافلة تسير.
تقطع السهول الفسيحة الغارقة في الظلمة.
تجتاز أراضي الهنود الحمر الذين لم يعد لهم أثر، بعد أن أبادهم المهاجرون الجدد.
أنظر إلى ركاب الحافلة، أتفحصهم في الضوء الشحيح المنبعث من سقف الحافلة، أتفحصهم كما لو أنني مسؤول الرحلة: بعضهم غارقون في النوم، وبعضهم يتناولون طعاماً خفيفاً أو فاكهة، والبنت التي في المقعد المجاور لي، تثرثر مع امرأة بدينة في المقعد الذي يلي مقعدها، تثرثر ثم تمعن في الضحك، وأنا أتأمل الركاب كما لو أننا أفراد عائلة واحدة تمضي في الظلمة الممتدة إلى غايات مختلفة.
البنت تكف عن الثرثرة مع المرأة البدينة ثم تنام.
يميل رأسها نحو كتفي، يستقر هناك دون استئذان، ينتشر شعرها على صدري وقريباً من وجهي، لكنني أحاذر من ملامسته، رغم رغبتي الخفية في ذلك، لأننا لسنا أفراد عائلة واحدة، ولأنني هندي أحمر على أية حال.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رواية جميل السلحوت: -جنة الجحيم-
- محمود درويش.. السيرة الذاتية بأسلوب مختلف
- حيرة وقصص أخرى
- غرف
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- أربع قصص قصيرة جداً
- رقص


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - خمس قصص قصيرة جدًّا