أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - حيرة وقصص أخرى














المزيد.....

حيرة وقصص أخرى


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 2282 - 2008 / 5 / 15 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


حيرة

أين يذهب الناس مساء الجمعة؟
تعبر الشارع سيارات تبحث عن أهداف محددة لها، أو غير محددة.
رجل صامت وراء مقود سيارته، يعبر شوارع المدينة مساء الجمعة، ولا يدري ماذا يخبىء له الزمن القادم من مفاجآت. إنه متجهم قليلاً، يتأمل بين الحين والآخر صنوف الخلق على الأرصفة وداخل السيارات، يسأل نفسه في حيرة وفضول: أين يذهب الناس مساء الجمعة؟
يلقي نظرة من زاوية عينه اليمنى، على المرأة التي تجلس صامتة بالقرب منه. يكاد يلقي عليها السؤال المحير: أين يذهب الناس مساء الجمعة، غير أنه لا يلقي السؤال، يتشمم رائحة عطرها الفواح ويواصل صمته.
كانت هي التي اقترحت عليه هذا الخروج مساء الجمعة، قالت إنها سئمت البقاء في البيت، جلست تأخذ زينتها أمام المرآة. قالت: نخرج إلى أي مكان.
قال: نخرج إلى أي مكان.
يمضي حائراً في الشوارع وهو ممعن في صمته.
والمرأة تخرج عن صمتها، تسأل دون أن تتوقع جواباً على سؤالها: أين يذهب كل هؤلاء الناس مساء الجمعة؟

حانة

ها هي ذي ثلاث سنوات تمر،
وأنا أجتاز كل مساء، هذا الزقاق المرصوف بقطع صغيرة من البلاط الغامق ، أجتاز هذا الحي القديم الذي تتحدث أبنيته الرطبة عن تاريخ مديد، أتوقف قرب الحانة، أتأمل عبر زجاجها الشفاف، أزواجاً متقابلة من الرجال والنساء، فلا أجرؤ على الدخول إليها وأنا وحيد، وهم عبر الزجاج يتضاحكون، لا يعيرونني أي انتباه، ويبدون، في بعض الأحيان، واجمين، كأنهم يرسمون الخطط لجيل قادم أو جيلين.
هذا المساء، وأنا أخطط لمغادرة المدينة بعد يوم أو يومين،
أجازف بالذهاب إلى الحانة، وأقول: سأجلس في الركن البعيد مع كتاب وكأس نبيذ.
ثلاث سنوات، وأنا أجتاز الحي القديم، وأرى الحانة البهيجة.
هذا المساء، ذهبت إلى الحي القديم فلم أجد الحي القديم. بحثت عن الحانة فلم أجد الحانة، بحثت عني فلم أجدني هناك.


طفل

الطفل الشهيد ينام في سلام.
لا متاريس من حوله ولا حجارة، يلقيها على الجنود. ولا حظ له الآن في تلقي وابل من رصاصهم، فقد جاءته رصاصة واحدة، اكتفى بها، مال على الجنب وأسلم الروح.
وهو الآن في قبره.
من حوله برودة تملأ الفضاء الشحيح، وأمه بعيدة عنه، وسريره بعيد. والأبيض الذي يرتديه لا يقوى على بعث الدفء في الجسد الذابل.
والطفل الشهيد ينام، ويحلم أنه تأخر عن المدرسة.
والتلاميذ الآن يرددون النشيد، والطفل الشهيد ينام في قبره وادعاً، وفي الشوارع الحزينة، يعربد الجنود.




اقتحام

الغرفة الصغيرة المؤثثة بأثاث قديم، فقدت الرجل منذ أيام ثلاثة.
الرجل خرج في الصباح دون أن يتناول طعام الفطور. اكتفى بفنجان قهوة وسيجارة. لم يرتب سريره، ولم يفتح الستارة كي تدخل أشعة الشمس من النافذة.
الرجل مضى دون أن يقول شيئاً لخزانة الثياب، أو لأي من كتبه المكدسة على الرفوف. الكتب تتشاور في ما بينها، تحدق بنزق في المجلة التي كانت بين يدي الرجل وهو في سريره قبل أن ينام، والمجلة تسترخي في السرير مثل امرأة ماكرة، ولا تبوح بأي شيء للكتب التي اعتراها القلق.
الخزانة تهم بأن تسأل الستارة عما حدث، والستارة تهم بأن تسأل الباب، والباب لا يبدو معنياً إلا بشيء واحد: أن يظل متماسكاً كي يحمي الغرفة من أي اقتحام.
والصمت ينكسر، قبضات كثيرة تدق على الباب، والباب يقاوم القبضات، أرجل كثيرة تضرب الباب، والباب ينخلع، والجنود يقتحمون الغرفة، يفتشون خزانة الثياب، ينعفون الكتب، يمزقون الستارة، يقلبون الفراش، ويلقون بالمجلة في سلة المهملات.
والجنود يغادرون الغرفة، وخزانة الثياب تبكي، والمجلة ترتجف، والباب منذهل، والرجل الآن في المعتقل.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرف
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- أربع قصص قصيرة جداً
- رقص


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - حيرة وقصص أخرى