أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شادان حميد الأزبكي - حمى الذكريات














المزيد.....

حمى الذكريات


شادان حميد الأزبكي

الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 20:31
المحور: الادب والفن
    


تبدو وهي ممدة على فراشها كنيزك مشتعل سقط من الفضاء ليموت وحيدا تحت سطح الأرض, كانت الحمى تسري في عروقها كسيل من الاليات العملاقة التي أجتاحت بلادها صبيحة يومٍ ما, تنهشها دون رحمة كما فعلت كلاب التفتيش بزوجها عمر وهويحاول العودة الى مسقط ذله عبر الحدود السورية...
كانت يداها متيبستان تهتزان كجذعي نخلة, تأملتهما وكل مافيها لا اكثر من روح تقف على حافة البكاء فتنهدت بخيبة الأوجاع حينما يخذلها النحيب فتستحيل حسرة حارقة...
(اه يا شجرتي الطيبة كم اشبهك الأن فأنا تماما كجذع هامد محاط بأطرافٍ ميته لكنكِ بقيت واقفة حتى اخر عناق بينك وبين فأسه وانا ممدة مذ تيبست اولى اغصاني بالحمى, يحملني هذا النعش الذي يدعى سرير ويذكرني بنعش آخر حمل جثمان قلبي وسط اسراب اخرى من النعوش الملفوفة بعلم لوطن مجنون, وطن يقتل ابناءه بعضهم ليشيعهم البعض الأخر!!!ترى لماذا حضي بذلك التشييع المهول,هل لكونه فنان معروف كرس عمره لرسالة نبيلة ام لكونه مشروع ناجح لأشهار قضية طائفة ما على حساب أخرى؟!)
كانت تنزلق شيئا فشيئا نحو وادي ذكرياتها تجرفها رماله المتحركة, كانت الحمى تستعر وكل شيء في اعماقها يغلي كبركان...
(اه ياقلبي ليتني كنت معك في تلك الساعة المتخمة بالشوؤم,يومها كنتُ رقما في قائمة طبيبة سعت لجعلي أما,ليتني امسكت يديك وقبلتهما راجية بأن لاتقطع شجرة الخريف تلك ان لاتجتث جذورها التي نبتت في تربة الحديقة مذ عشرات السنين لشرحت لك بأن اغصان تلك الشجرة المتهدلة كجفني عجوز مثقلة بالنعاس اسفنجة موت تمتص كل مايحيطنا من فناء, لكنه القدر خطط لكل شيء منحني حلما في عيادة طبيب ومنحنك فأسا لتقطعها به فتناثر الموت في كل مكان وانفجرت من اغصانها دماء العدم!!!اه ياشجرتي جميعنا ضحية لوطن يموت فيه كل شيء التربة والأنسان)...
كانت الحمى تسري في مسامها كاكداس من الديدان الساخنة,اشتهت العودة لجلدها لأصولها النايتردالية الأولى, رغبت في التعري من كل شيء حتى اطرافها, يكفيها تلذذا ان تسلم نفسها للحمى ذلك الصفيح الساخن كجسد مشتعل بالرغبة,
شعرت كما لو كانت تلك الأغصان العارية الا من يبوسها تنبثق داخلها وتتفجر!
(شجرتي القاسية هل تنكرتِ بهيأة حمى كي تنغرسي داخلي وتخرجي للحياة من رحم الموت؟!لا بأس فبي رغبة جارفة لولادتكِ غصنا غصنا,علي بهذا اعيد لك ماقطعه ولدي علي من اغصانك حينما كان يرميها بالحجر مرة وبكرته الصغيرة مرة اخرى ... ماكانت جريمته كأبيه قطع بعض اغصانك فقطعت رأسه انتقاما!!!)
كانت والدتها تجلس على حافة سريرها تحدثها بكلمات لايفهمها المسكون بحمى الذكريات, كانت ككائن من ضباب ليس له ملامح يقترب ويبتعد دون ان تشعر به ابدا...
التفتت اليها وعلى ملامحها ذهول من يساومه عزرائيل على اخر انفاسه...
(امي انه "علي" هناك يقف على باب غرفتي لكن اين رأسه,اين راسه ياامي؟) ...
ثرثرت الأم بشيء ما كان اقرب للنحيب..
(آه ياولدي الحبيب يازهرة ربيع العمر يانبع الصبا لم قطعوا رأسك ماذنبك اْلِأَن اسمك علي؟ اسمك الذي جعلك كبذرة انغرست في غير تربتها, لم تكن تلك التربة غريبة عنك مِن تلك التربة تكونت اغصان ابيك واثمرت اوراقه,هي تربتك ياروح امك لكنك شُبِهت لهم فصلبوك!!! حينما تحاصرني الاوجاع اتمنى حقا لو تزوجت وائل زميلي في العمل وانجبتك منه... ترى ما كنت سأسميك لا اريد ان اكسبك اسما يهددك بالموت حتما سأطلق عليك اسم"..." ,لكن ماذا لو قتلوك بتهمة الكفر واغتالوا ابيك بذريعة العلمانية؟!)...
وبينما كانت الحمى تتسلل الى اعماقها تسلل اليها صوت الأذان من مكان ما كشعاع من صوت وكأنه أغنية حزينة تحمل بين طياتها عمرها بمن عليه ,لم تجهد نفسها كثيرا في التحقق من مصدر "الله اكبر تلك" ومن أي المآذن قد وصلتها هل خرجت من جامع الفاروق ام من حسينية "علي ولي الله" لم يكن يعنيها أي شيء سوى سماع اسم الله مجلجلا كما لم تسمعه يوما,نظرت الى سريرها بسذاجة طفل اكتشف للتو شيئا ما, كان سريرها كجذع شجرتها المبتور وحيدا غارقا في الموت تلتقي على شراشفه بدايات الفناء ونهايات الوجود كخريف عُمر لم يغادر ربيعه بعد!!! توضأت بدمعها ووجهت رأسها الى السماء المختبأة خلف السقف وانهمرت روحها على سجادة الوجع, مشردة الأنتماء تلك احالها الموت غصنا كأكبر افضاله على من لاتتسع أوطانهم لأحتضان جثة دون تقطيعها!!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضمة الغواية
- ياطائر الذكرى
- صباحات منتهية


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شادان حميد الأزبكي - حمى الذكريات