أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أوقاف تنتظر يوم نفيرها














المزيد.....

أوقاف تنتظر يوم نفيرها


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4605 - 2014 / 10 / 16 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لست متأكدًا كم من الشباب العرب المواطنين في اسرائيل يعرفون ما المعنى الدقيق لكلمة "النفير"، وهو الوصف الذي اختاره قادة الجماهير العربية وأطلقوه على يوم الأربعاء الموافق الخامس عشر من تشرين أول 2014، وفيه استغاثوا بالحشود بنداءات تشبه بعض التي درسنا عنها وأصابتنا، صغارًا، بداء النشوة، خاصةً حين علمّونا، في حينه، أن نفرًا قليلًا من العرب هبّ وجاهد وانتصر على جحافل من الأعداء المشركين . وإذا أضفنا لذلك، ما جاءت به الأخبار عن يوم النفير هذا، وعن تقدم أعداد من "المرابطين" في باحات المسجد الأقصى، في القدس، ومواجهاتهم مع قوات أمن الاحتلال الاسرائيلي، تكتمل في ذهن كثير من القرّاء صورة متخيّلة عن معركة حضرت فيها جند السماء وغاب واقع القدس الأليم وجراحها التي تنزف في كل حارة وزقاق.



سمعت عن "يوم النفير" حين كنت في طريقي للمشاركة بندوة دعا اليها المجلس الملي الأورثوذكسي الوطني في حيفا، وفيها سيتحدث مشاركون عن كتاب "تواقيع على الرمل" الذي سرد فيه الدكتور حاتم عيد خوري، حكاية "جمعية أبناء أبرشية الجليل" التي تحاول، منذ عقدين ونيّف، إيجاد صيغة عمل مقبولة مع رؤساء الكنيسة الكاثوليكية الجليلية والقيّمين على إدارة أملاكها، بشكل يضمن خيرًا أكبر لأبناء الرعية.



شريط من الأحداث كرّت تفاصيله في رأسي الموجوع من هذه القضية، والسؤال يلح بعناد؛ كيف لم تستطع المؤسسات الوطنية والأحزاب العربية، طيلة العقود الماضية، منع ضياع الكثير من عقارات أوقفها المؤمنون المسيحيون العرب لصالح كثير من الكنائس في فلسطين الكبيرة ؟
كيف ولماذا تبخرت أملاك لا تقدر أثمانها وأهميتها الوطنية، على الرغم من كون ما حصل في مناطق شاسعة أسرارًا مكشوفة، ومع العلم أن ما قامت به بعض الكنائس، أضر أولًا، بالمصلحة الوطنية الفلسطينية، وثانيًا، بمصالح أبناء رعايا تلك الكنائس، التي كانت تملك أطيانًا، لو أحسن القيمون عليها إدارة رقباتها بشفافية وبشكل مهني سليم، لشكّلت عائداتها ضمانات لجميع أبناء الرعية ولوفرت لهم إمكانيات عيش محترم ورغيد، ومنعت وقوعهم فرائس للملق وطرائد للعوز والحاجة.



لم تتعامل المؤسسات والأحزاب الوطنية بشكل مسؤول وجدي مع قضية الأوقاف المسيحية التي كانت وما زالت قضية وطنية عامة، وليس كما عوملت لعقود، كقضية كنسية داخلية تدور رحاها بين رئاسات روحية تتكئ على أعوان إداريين علمانيين من جهة، وباقي الرعية التابعة لهذه الكنيسة أو تلك؛ لقد أدّى القصور في تعريف القضية بما يلائمها الى إفساح المجال لرؤساء بعض الكنائس بالتصرف بأملاك الوطن كأنها أملاكهم الخاصة، وساعدهم على ذلك تواطؤ بعض قيادات جماهيرية ونشطاء محسوبين على أحزاب وطنية، وانخراط آحاد منهم في صفقات "كنسية"، بشكل مباشر أو عن طريق تشجيع سياسة غض النظر.

إضافة لما ذكرناه أعلاه، فلقد كان لإحجام قيادات المجتمع والمؤسسات الإسلامية وعدم استعدادها لأخذ ما يترتب عليها من مسؤوليات وطنية، عامل ودور مشجع لتمادي من كان وراء تلك الصفقات الخطيرة، فالتحسس من عدم أحقية الجهة المسلمة بما يجري في بلاط الكنائس شكل غلافًا حريريًا وأراح بال من أسرف في إضاعة الأملاك على أهميتها الاقتصادية والوطنية. بنى من بنى تلك الفكرة الجهنمية فصارت واقعًا يحمي من يقول : ما للمسيحيين للمسيحيين، وما للمسلمين للمسلمين، وليرحم الله وطنًا وليعوض عباده حسنات وأرضًا في الجنة المنشودة.

ليس من الصعب معرفة كم من هذه الاملاك والعقارات قد ضاعت وخسرها المسيحيون والعرب بشكل عام، فمن الممكن وضع جدول بها، على الأقل الهامة والشهيرة منها، كما كانت عليه في العام 1948، ومقارنتها بما بقي منها اليوم، هذا مع العلم أن وثائق العديد من الصفقات موجودة في متناول اليد، وليس فقط تلك الوارد ذكرها في كتاب الدكتور حاتم "تواقيع على الرمل".

العودة لقضية ضياع الاوقاف المسيحية والإسلامية في إسرائيل هي مسألة يجب أن لا تموت ولا تهدأ وذلك لأنها قضية وجودية، لا سيما في هذه الأيام والتداعيات .الإقرار والعمل الفعلي وفقًا لفهم يستوعب بأن قضية الاوقاف هي قضية وطنية من الدرجة الأولى ستكون بداية لوضع اليد على النزيف والوجع؛ فمن الواضح أن اسرائيل حاولت إبقاء العرب الباقين في وطنهم مللًا ونحلًا، بينما انتبه قياديو ذلك الزمن لهذه المكيدة وأجهضوها إلى حين، لكنّهم استثنوا من نضالاتهم تلك، قضية الأوقاف المسيحية ولم يولوها الأهمية الجديرة، فاستغل البعض ذلك الصمت، ونفذوا ما نفذوه من صفقات مريعة قضمت جسد الوطن وطعنته بنجلاء في الخاصرة.

عرب الجليل والمثلث والنقب استنفروا نصرةً للأقصى، فشد المئات منهم الرحال إلى القدس ومعهم قادة أحزاب قومية وشيوعيين ووطنيين، وكأني أسمع لسان حال هؤلاء، يقر بأن قضية الأقصى ليست ذات بعد ديني فحسب، بل هي قضية وطنية، كما كانت الخلاصة من تجربة أبناء أبرشية الجليل وكل من حاول أن يوقف ضياع الأوقاف المسيحية، فلا خلاص لوقف أو لمقدس إن بقيت ارادات أصحابه مهزومة وقضيته مخندقة بصراع بين أخيار وأشرار في داخل الهيكل الواحد.

وأخيرًا، يعني النفير قيام الناس عامة لقتال العدو وهو بلغة العسكر والحرب يعني يوم التعبئة العامة، والنفير يتمّم، كذلك، مثلًا وٓ-;-صٓ-;-ف من لا يصلح ليوم همّ، بأنه لا ينفع، "لا في العير ولا في النفير"، وها هي موقعة الخامس عشر من تشرين الأول انتهت، وعاد قادة الجماهير العربية إلى ديارهم، حيث ما زالت أوقاف العرب، تهزم وتباع في أسواق التجارة والخسارة وتنتظر من يصلحون لهمّ ويفرّجون عن كرب وغمّ، فأي "نفير"، يا ترى، سيكون من حظها ؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل طائش وأطفال الرصاص
- حكاية بير الزيت
- ماذا يقولون بالأرامية: يكفي اللبيب؟
- جنود يصرخون لا للاحتلال
- جنرالات الكذب، صناعة اسرائيلية
- القدس بين النخوة والرغوة
- نحن مع غزة .. من معنا ؟
- لنكسر القوالب ونوسع التحالف
- أنا والكرمل ومحمود
- كلّنا عكا
- ماذا بعد غزة ؟
- أضرّ من بلبلة
- خبز وكرامة وقيادة
- إنخطاف يوم مات جورج
- بالحنين وحده لن تستقلَّ فلسطين
- فيليتسيا لانجر أكثر من محامية
- لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..
- اختلال ! ماذا يعني احتلال؟
- في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
- أهلًا حزيران


المزيد.....




- قوات روسية تخترق دفاعات أوكرانية في دونيتسك قبل أيام من قمة ...
- الانتقال إلى إيطاليا قد يكون خطة جيمي كيميل البديلة
- إسرائيل: حرب ردود بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.. و-التعيينا ...
- - فلسطين حرّة-.. رسالة من مراقب جوي فرنسي إلى طياري شركة -إل ...
- شركة -البحري- السعودية تنفي نقلها أسلحة لإسرائيل على متن سفي ...
- رونالدو وجورجينا.. خطوبة وقصة حب وقيراطات ألماس ثمنها ملايين ...
- -قبة حرارية فوق أوروبا!-.. جفاف وحر وحرائق وجو يحبس الأنفاس ...
- لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟
- سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مستوطنتين إسرائيليتين بغلاف غزة
- نشطاء يشيدون بنباهة طفل يمني أنقذ شقيقته من محاولة اختطاف


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أوقاف تنتظر يوم نفيرها