أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - حكاية بير الزيت














المزيد.....

حكاية بير الزيت


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 14:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




كل التفاصيل سوف تطمر وتنسى، ولن يبقى من حادثة الصحافية عميرة هس، وما حصل معها في جامعة بير زيت، إلّا ما سيؤذي سمعة الجامعة ومكانتها صرحًا طليعيًا ومأوى في جنباته زرعت بذور الديمقراطية الفلسطينية الواعدة، وفيها مارست "الحريّة" طقوسها العلنية، في وقت بدا فيه أنهم يغلقون عليها، في سائر نواحي الوطن، بأقفال العفّة والحرام.

والقصة، كما وصفتها عميرة هس في مقال نشرته في صحيفة هآرتس يوم 27 أيلول 2014 كانت "غير شخصية"، على الرغم ممّا تضمنه مقالها من مواقف شخصية قاسية، فبعد دقائق من بداية ورشة عمل دعت إليها مؤسسة روزا لوكسمبورغ وبالمشاركة مع مركز دراسات التنمية في جامعة بير زيت، توجهت محاضرتان مسؤولتان في المركز وطلبتا من هس مغادرة القاعة والحرم الجامعي، معللتين ذلك بموجة غضب تتفاعل في أوساط الطلاب احتجاجًا على دخولها ومشاركتها كمواطنة وممثلة لمؤسسة اسرائيلية يهودية، هي صحيفة هآرتس. وقد عززت المحاضرتان طلبهما بوجود قانون قديم في الجامعة ينص على منع اليهود من دخولها؛ ضيوفًا أو طلّابًا أم محاضرين.

بعد انتشار الخبر، الذي تلقفته الصحافة الإسرائيلية وغيرها، بفرح ظاهر وشماتة واضحة، أصدرت إدارة جامعة بير زيت بيانًا أوضحت فيه عدم معارضتها لوجود الصحافية هس في الجامعة ومشاركتها في الندوة، فالجامعة، "كمؤسسة وطنية، تميّز بين أصدقاء الشعب الفلسطيني وأعدائه وتتعاون مع كل إنسان يعارض الاحتلال الاسرائيلي".

الصحافية عميرة هس تعمل منذ سنوات مراسلة للشؤون الفلسطينية لدى صحيفة هآرتس الاسرائيلية؛ تلك الصحيفة التي تميّزت،أحيانًا، عن سائر وسائل الإعلام الإسرائيلي، بمواقف أكثر انسانية وتفهمًا، فيما يخص بعض القضايا الفلسطينية ومسائل حقوق الإنسان الأساسية.

بعيدًا عن التفاصيل، التي ساقتها هس، يخلص القارئ، بعد الانتهاء من قراءة المقالة، إلى أن الجامعة تحتضن قانونًا عنصريًا وبالاستناد إليه يقوم بعض من طاقمها الأكاديمي بقمع إعلامية بارزة تعمل في صحيفة معروفة بمواقفها المناهضة للاحتلال، والسبب الوحيد لقمعها كونها يهودية!
لشخص مثلي هذه خلاصة مقلقة وحزينة.

لقد أخطأ من تعمّد طرد عميرة هس من الجامعة ومنع مشاركتها، فعلاوة على الضرر الذي قد تلحقه هذه الفعلة باسم الجامعة وسمعتها، تبيّن، أن الذريعتين المستعملتين من قبل من طردها غير صحيحتين؛ فلم يكن هنالك نشاط لطلاب غاضبين ومتأهبين لمهاجمة الندوة، كما قيل لهس، مما يعني ان أحدهم اختلق الحجّة وفبركها، وهذا بحد ذاته تصرف خطير ومرفوض.
والأهم، من ذلك، أنني علمت، بعدما توجهت إلى أحد الأصدقاء من الأساتذة البير-زيتيين القدامى، بعدم وجود قانون يمنع دخول اليهود إلى الحرم الجامعي لأنهم يهود، كما يتوقع من مؤسسة أكاديمية عريقة.

لقد أوضح البيان الصادر عن الجامعة موقفًا كان ضروريًا، لكنه، في نفس الوقت، وضع العديد من نقاط الاستفهام والتساؤل حول مسؤولية إدارتها عن تداعيات الحدث ونتائجه، فإذا لم يكن هنالك مسوِّغ قانوني ولم تنشأ حاجة ميدانية لطرد هس، فمن أجاز لمن مثّل الجامعة أن يتصرَّف باسمها كما تصرّف؟ وهل ستكون هنالك متابعة مسؤولة لاستخلاص ما يلزم من نتائج كي لا تبقى هذه المسألة معوّمة والتفاصيل مذبوحة، والمواقف تتجاذبها صفحات التواصل الاجتماعي، حيث لا يعرف الخيال سياجًا ولا الوطنية وسادةً.

كتبت عميرة هس بوجع ظاهر فجاءت كلماتها كالدبابيس، وهي التي تسكن رام الله منذ وقت طويل دون أن يتعرّض لها أحد، بل، على العكس، فهي تعيش بوئام وباحترام مع من يحيطونها ويعرفونها، كما تشهد على ذلك كلماتها، وعلى الرغم من أنها وصفت ما حدث معها بحادثة غير شخصية، إلّا أنني أرى أن غضبها، المبرّر في حينه، منعها من أن تتمم واجبها الصحفي الذي كان يقضي بأن تتحقق من بعض ما سمعته لدى حضورها الذي كان يوم الثلاثاء، وكتبت عنه بعد عدة أيام، فلو تحققت من بعض التفاصيل الهامة لكان أجدى وربما كان في ذلك مدعاة لتغيير من حدة مقالها.

أبدت عميرة هس فرحًا مبشّرًا بما فجرته حادثتها من موجة نقاش هام اشتعلت على صفحات التواصل وفي بعض اللقاءات، وتناول فيها المتحاربون مواقف مؤسساتنا الأكاديمية وغيرها من مسألة التواصل/ التفاعل/ التعاون/ أو التحاور، مع اليهود على جميع انتماءاتهم، لكنني أرى أنّها تراهن على فرح واهن، فالحادثة معها لم تكن الأولى ولن تصبح الأخيرة في مطارحنا، لأن القضية لا تتعلق فقط بذلك الترف الثوري ورومانسية عجوز عاجزة، ولا "بالمنطق المناهض للاستعمار والذي يقضي بمقاطعة ناشطي اليسار اليهود الإسرائيليين" والذي ترفضه هي كيسارية يهودية بل، لأننا في فلسطين نعرف أن: "للحقيقة وجهان، والثلج أسود فوق مدينتنا/ لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا" فهل تعرفين ذلك يا ساكنة رام الله ؟ وأنّ: "للحقيقة وجهان، كان الشعار المقدس سيفًا لنا/ وعلينا، فماذا فعلت بقلعتنا قبل هذا النهار؟".

خيارك أن تكتبي من داخل الوجع، فاكتبي عن ذلك الوجع الذي يسيل أغزر من الحبر، وسطّري كيف يموت الحلم في حضن الحلم، ولننتظر أو نصنع معًا سلامًا أخر، وإلى ذلك الحين لنروي للقادمين حكايات بير-الزيت لأن: "هذا السلام سيتركنا حفنة من غبار..".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يقولون بالأرامية: يكفي اللبيب؟
- جنود يصرخون لا للاحتلال
- جنرالات الكذب، صناعة اسرائيلية
- القدس بين النخوة والرغوة
- نحن مع غزة .. من معنا ؟
- لنكسر القوالب ونوسع التحالف
- أنا والكرمل ومحمود
- كلّنا عكا
- ماذا بعد غزة ؟
- أضرّ من بلبلة
- خبز وكرامة وقيادة
- إنخطاف يوم مات جورج
- بالحنين وحده لن تستقلَّ فلسطين
- فيليتسيا لانجر أكثر من محامية
- لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..
- اختلال ! ماذا يعني احتلال؟
- في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
- أهلًا حزيران
- عندما يصبح أولمرت خائنًا
- توفيق زيّاد البعيد القريب


المزيد.....




- قوات روسية تخترق دفاعات أوكرانية في دونيتسك قبل أيام من قمة ...
- الانتقال إلى إيطاليا قد يكون خطة جيمي كيميل البديلة
- إسرائيل: حرب ردود بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.. و-التعيينا ...
- - فلسطين حرّة-.. رسالة من مراقب جوي فرنسي إلى طياري شركة -إل ...
- شركة -البحري- السعودية تنفي نقلها أسلحة لإسرائيل على متن سفي ...
- رونالدو وجورجينا.. خطوبة وقصة حب وقيراطات ألماس ثمنها ملايين ...
- -قبة حرارية فوق أوروبا!-.. جفاف وحر وحرائق وجو يحبس الأنفاس ...
- لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟
- سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مستوطنتين إسرائيليتين بغلاف غزة
- نشطاء يشيدون بنباهة طفل يمني أنقذ شقيقته من محاولة اختطاف


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - حكاية بير الزيت