مَزْرَعَةُ الرِّيحْ

محمد الشوفاني

الحوار المتمدن-العدد: 4604 - 2014 / 10 / 15 - 22:14
المحور: الادب والفن
    

جَلَسَ خَارِجَ العَالَمْ
دَاخِلَ نَفْسِهِ،
جَلِيداً فِي رِوَاقِ الدِّفْءِ
عُكَّازُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ،
شَاخِصاً فِي أيَّامٍ لَمْ يَعِشْهَا
فِي زَمَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَكَانْ
فِي حَيَاةٍ مَرَّتْ كَالسُّبَاتْ،
فِي قَلْبِهِ مَقْبَرَةٌ لِمَا يُغْوِيهِ.

الضَّوْءُ مُبْهِرٌ
فِي المُرَكَّبِ التِّجَارِي
لاَ يُضْنِيهِ،
غَائِبٌ فِي لاَ وَعْيِهِ
لاَ بَرِيقُ المَاسِ فِي نَافِذَاتِ العَرْضِ،
أوْ لَألَاءُ الجَمَالِ خَاطِفٌ
فِي أعْيُنِ السَّاحِرَاتْ،
يُدْنِيهِ
أوْ عِطْرٌ نَافِذٌ فِي أعْقَابِهِنَّ
يُلْهِيهِ.

جَلَسَ دُونَ تَضَارِيسٍ
فِي يَوْمِهِ
أوْ نُتُوءَاتْ.

وَقُورٌ بِرُوحِ الحَجَرْ؛
غَابَ عَنْ حِسِّهِ مَا يُلْهِمُ فَرْحَةً
أوْ ألَمْ.

إذَا بَدَتْ مَسَالِكُ الأرْضِ وَعْرَةً
اخْتَارَ القُعُودَ دُونَ مَسَالِكْ،
كَرُخَامٍ مِنْ لَحْمٍ وَدَمْ.

يَا رَاقِداً فَوْقَ التُّرَابْ
يَا مَنْ دَقَّاتُ السَّاعَاتِ
نَسِيَّتْ عِضَامَهْ،
يَا تِمْثَالاً أعْمَى وَأصَمْ.

رُبَّمَا دَرَّسْتَ أسْرَارَ الكَوْنِ
فِي شَهِيرِ الجَامِعَاتْ،
أوْ رُبَّمَا فِي المَلاَعِبِ
كُنْتَ حَكَمْ.

أوْ كُنْتَ جَزَّاراً فِي الحُرُوبْ؛
قَاسِيَّ الضَّرْبِ
لاَ يَقْتَفِي خَطْوَهُ ظِلُّ النَّدَمْ.

أوْ لاَعِبَ كَمَانٍ يَتَفَنَّنُ
فِي تَقْطِيرِ النَّغَمْ
أصَابَ أصَابِعَكَ الوَرَمْ.

أوْ قَاضِيّاً كُنْتَ
شَاهِداً عَلَى عَبَثِ المَصَائِرْ
شَاهِداً عَلَى جُنُونِ العُنْفُوَانْ،
فَتَعَثَّرَ بِالأهْوَاءِ المِيزَانْ،
وَاصْطَدَمْ.

كَائِناً مَنْ تَكُونْ
جَبَاناً أوْ مِقْدَامْ،
أوْ تُعَانِي
مِنْ هَجْرِ الأبْنَاءْ،
أوْ خَسَارَةِ جُهْدٍ فِي غَيْرِ ذَوِيهِ،
أوْ غَرِقَ الحَصَادْ
وَ بَادَ الكَرَمْ،

عُدْ إلَى سَاحَةِ الوُجُودْ
كَمَا يَعُودُ الزَّمَانْ،
وَإِنْ تَرَاءَى
كَأَنْ وَلَّى وَانْعَدَمْ.

مَا شَأنُكْ،
إذَا الشَّيْطَانُ
مَعْ أنْفَاسِ المَلاَئِكَةِ احْتَدَمْ.

هَلْ تُقَوِّمُ عَالَماً فِي مَزْرَعَةِ الرِّيحْ
إذَا عَالَمٌ ضَلَّ أوْ زَلَّ أوْ ظَلَمْ.

لَوْ تَفَحَّصْتَ فِي المِرْآةِ
وَضَحِكْتَ عَلَى المَآسِي،
مَا كَانَ وَمَا جَرَى،
لَتَحَرَّكَ الرُّخَامُ فِي أطْرَافِكْ
وَنَأى عَنْكَ السَّأمْ.

لَوْ قَلِيلاً ضَحِكْتَ عَلَى نَفْسِكْ؛
لَتَفَتَّتَ الجُلْمُودُ قُطْناً نَاعِماً
وانْهَارَ الجِدَارُ الأعْمَى
وَاخْتَفَى
مِنْ طَلْعَتِكَ الصَّنَمْ.

محمد الشوفاني ـ لندن
حائز على الدكتوراه الفخرية
من المؤتمر العالمي للشعر.

#محمد_الشوفاني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات