أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شوكت جميل - نزاهة النقد الديني و توزيع الصفعات بالتساوي!















المزيد.....

نزاهة النقد الديني و توزيع الصفعات بالتساوي!


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 15:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقال عن منهج النقد الديني الموضوعي و النزيه و ما قد يعروه من آفاتٍ،و قد وجب التنبيه بأن هذا المقال في طرفٍ كبيرٍ منه يرتكن على مقالٍ سبق و أن نشرته على هذا الموقع ،موسوماً بـ"النقد الديني و البيدوفيليا الفكرية"،و قد عرضت فيه لبعض آفات منهج النقد الديني على أرضنا و التي تعطل مسيرته..و إنما عدت إليه بالإضافة ،لسببٍ وجيهٍ و آفةٍ جديدة لم أفطن إليها في حينها..

أما الآفةُ الجديدة،فهي شهوة طائفةٍ من أولاء النقاد في تهليل الدهماء لهم بالعدل و الموضوعية و النزاهة الفكرية بتخليهم عن عدلهم و موضوعيتهم و نزاهتهم الفكرية!!..فيكون من الأمر، أن يكيلوا"الصفعات "بالتساوي على جميع الأطراف و العقائد،عن حقٍ و عن باطلٍ؛فإذا ما ذكر شيئاً عن العنف في الديانة اليهودية مثلاً،لزم عليه كيما يكون موضوعياً و نزيهاً،أن يجد مثله في المسيحية أو الإسلام، و إذا ذكر شيئاً_صادقاً أو كاذباً_عن انتشار الإسلام تحت أسنة الرماح وجب عليه أن يجد مثله في اليهودية و المسيحية....و هلم جرا،فإن ضاقت به السبل و أعيته الحيل ؛و لم يجد من هذا شيئاً، فعليه أن يختلقه اختلاقاً!و لو سلك سبيل التهافت و التعسف،متعامياً و ضارباً بعرض الحائط الحقيقة التي تقدم نفسها على أرض الواقع كأوضح ما يكون، و ينسى هؤلاء،أو يتناسون، أنه إذا ما كان بالأديان المختلفة من سقطاتٍ هذا عددها، فليس بالضرورة أن تكون هي هي...و بادٍ أن سياسة الصفعات المتساوية ليست من العلم في شيء، و ليست من الفكر في شيء، و ليست من النزاهة في شيء، وبادٍ أنه نهجُ لا يكتفي بقتل و نحر العدل، بل و يختلس ثيابه و يرتديها أيضاً،فيفوز بالتهليل و التصفيق!


و بادٍ أن النقدَ الديني لم يطرحْ ثمرته الناضجة المأمولة في الأرض العربية،و بادٍ أن الأعمال"الأصيلة الأمينة"فيهِ كالبقعة البيضاء في الثور الأسود،و لا يعزى ذلك إلى الفساد الجذري لمفهومهِ لدى الكثير ممّن يتصدّون له و يتوهمون المقدرة عليه و حسب،بل و إلى الإرادة السياسية لأنظمة الحكم التي تتوسد عروش هذه البلاد.

و لأن الشيء بالشيء يذكر، جري بنا أن نلتفت إلى الغرب و قد ضرب قصبة السباق في هذا المضمار،و حري بنا أن ندرك كيف فهم الغرب "النقد الديني"و كيف وضعه موضعه،فأثمر له ثماره الحلوة التي نراها؛فنغبطه عليها حيناً،و نحسده حيناً،و نتمناها دائماً،بينما نتحسر و أشجاره لا تثمر لدينا إلا بعد طول انتظار؛فإن هي أثمرتْ ظفرنا بقليلٍ من الدوم و كثيرٍ من العلقم.

و حسبك ثلاثةً نعرضها،لنعرف وبال المسيرة:

أولا:و ما النقد الديني؟
ثانياً:فضاء النقد الديني.
ثالثاً:الإرادة السياسية:التبني و الدعم.

اولاً:و ما النقد الديني؟:
ليس أعم من تعريف النقد الديني بأنه إحلال الرؤية الغيبية بالرؤية العلمية،أو الفكر الخرافي بالفكر الموضوعي،و دفع و حض الناس أن يتخذوا من هذا منهجاً لتفكيرهم،و سبيلاً لحياتهم؛فيلقوا من على كواهلهم ما تراكم من خرافات كانت تكبلهم أو كان يكبلهم بها غيرهم،و من ثم يخفّون بحرية و دونما قيد، في حلبة الحياة إلى الأمام فيما ينفعهم و يحقق لهم إنسانيتهم،و من شأن النقد الديني أيضاً،أن ينقر ما شاء له التنقير في تاريخ الأديان،فيعلم الناس أن الأديان جميعاً لم تأتِ من فضاء مُنْبَتّ الصلة بالتاريخ الإنساني،بل هي حلقة من حلقات هذا التاريخ،و ما من دين إلّا و أنتصب على أكتاف ما سبقه من حضاراتٍ إنسانية،و ثنية كانت أو غير وثنية،فإذا علموا ذلك، ذاب ما انعقدت عليه عقولهم من تفوقٍ موهوم..و حينئذٍ يغدو الناس أكثر تسامحاً،و تغدو صدورهم أكثر رحابة،و تذوب الكراهية الدينية من القلوب،و التي كان أكثرها لجهلٍ بأديانهم و أصولها،و لجهلٍ بما أخذت من الإنسانية و ما أعطت،فنظفر حينها بالمجتمع "المتسامح"أو السلام المجتمعي....و إيجاز ما تقدم في عبارة"تحرير الإنسان و قبول الآخر"...هذا كان أمر الغرب ،فكيف أمرنا؟

طرفٌ كبير من "النقد الديني"الدائر هنا هو إستبدال رؤية غيبية برؤية غيبية،و خرافة بخرافة،أو بالأوضح دين بدين،و كأني أرى هؤلاء "النقاد"كفرق الهجاءين التي كان يؤجرها الخلفاء و السلاطين الفقراء،لينتصر بها كل فريقٍ على غريمه، فتكثر الألفاظ الرثة من قاموس هجائيات الفرذق و جرير "كأفحمه..ألقاه أرضا..قضى على دينه بلكمه واحدة...و ما شاكل)،فما علاقة هذا "بتحرير" الإنسان من الفكر الخرافي الذي هو اللباب و الميزة الأولى"للنقد الديني"؟..إنما هو يثير العصبية و الكراهية الدينية و يستنفرها و يؤججها،فنكون بذلك خسرنا الميزة الثانية"أي قبول الآخر"،و الحق أن هذا الصنف"الرخيص"من النقد الديني الخير كل الخير في عدمه....و يا ليت كان نقدهم هذا أصيلاً من إنتاجهم،إنما هو في أكثره منقولٌ نقلاً عن الغرب في أسوأ حالاته ،أو إعادة"تدوير"في أحسنها ..((عجزهم عن إنتاج نقد ديني أصيل لأسباب موضوعية سيأتي ذكره في البند الثالث))..فيستهلك فقط أمثال هؤلاء النقاد ما أنتجه الغرب ،و يتقاذفون به،بالضبط كما نستورد الأسلحة التي لا نصنعها و يصنعها الغرب لنقاتل بها بعضنا البعض!.أهذا هو النقد الديني؟.و الحق لا أسميه نقداً، أما مَن يأبون إلا أن يسموه"نقداً دينياً"،فنقول لهم :لقد ركبتم مركباً و عراً لم يخلق لكم،و لم تخلقوا لهُ..فانتهوا يرحمكم مَن شئتم.
..
ثانياً:فضاء النقد الديني:
قدمنا أن النقد الديني قصد تحرير الإنسان من خرافاته، و من البدهي أن يعنى أول ما يعنى بالدين السائد على أرضه و الذي يتعاطى معه مجتمعه و قومه،و الذي يبغي تحريرهم منه،و آية ذلك، أن النقد الديني الأوربي لم يبدأ بنقد أو تسفيه البوذية أو الهندوسية مثلاً..و حقيقة الأمر لم يلتفت الغرب إلى نقد الأديان الأخرى قبل أن يقتل بحثاً و ربما تمزيقاً ديانته؛لأنه من أولوياته_ بالبداهة أيضاً_ تحرير مجتمعه و تقدمه قبل أي مجتمعٍ آخر..فماذا عن أمرنا؟
من البلاهة التي ليست بعدها بلاهة،و الحماقة التي ليس بعدها حماقة، أن ينتبه الواحد من هؤلاء إلى البعوضة التي تربض على بعد فرسخٍ منه في حقل جاره،و يصف لنا خيشومها،و أسنانها،و ما تفعل من مضار في حقل جاره،بينما لا يرى الناقة التي "تبرطع"محطمةً كل شيءٍ في حقله هو،و تلحس بلسانها أم رأسه_بالمعنيين _اللهم إلا إذا كان هو صاحب الناقة!..و الحق صدق من قال:(التعصب يعمي أكثر الناس بصيرة)...فما بالك بالذي يكاد لا يرى بالأصل..أهذا هو النقد الديني الذي نرجوه؟..حكمتهم المأثورة:أنقد ما شاء لكَ النقد بعيداً عن أرضك و مجتمعك الذي هو في أمس الحاجة لنقدك!...ألا ترى معي أن مثل هذا النقد انحراف فكري للناقد في غير موضعه المثمر و المخصب ، فيميل إلى الصغائر في علاقه عقيمة،تضر به و بوطنه...ألا يحق لنا أن نسميها بيدوفيليا فكرية؟
...
ثالثاً:الإرادة السياسية:التبني و الدعم

النقد الديني ازدهر في أوربا في حالة من الزخم الثوري و السياسي،و أبان مد هائل من العلمانية،فكانت الحكومات تتبنى هذه الاتجاهات النقدية،إذْ أن النقد الديني شيء لا يحق لنا أن نأخذه بخفة،و ليس لنا أن نفترض قدرة آحاد الناس على القيام به،لأن النقد الديني يشمل واجبات لا تقوم بها إلا مؤسسة، أو قل مؤسسات تتضافر فيما بينها،إذْ يلزم النقد الديني علماء و مختصين بالتاريخ و الآثار،وعلماء الأحافير و التنقيب،و علماء المخطوطات و الوثائق،و علماء في اللغة..ماذا أقول؟.. يكاد لا يوجد علمٌ إلا و له سهمٌ في هذا المجال ،و لا تحسبن أن النقد الديني في الغرب توفر له ذلك إلا بدعم و منافحة من الإرادة السياسية و الحكومات،حسبك أن تعلم كم الفرق البحثية التي أرسلت إلى فلسطين" مهد الديانة"،و كم التنقيب،و كم المخطوطات التي تم دراستها من الفاتيكان و من غير الفاتيكان من الدول الأوربية، و ما تكلفته من أموال لشراء و دراسته مخطوطات وجدت في بلدان خارج أوربا....هذا كله أنتج نقداً أصيلاً، يقتات على بعضه كثيرٌ من أدعيا، وا...فما أمرنا؟
تمنع بعض الممالك العربية،التنقيب في مناطق" مهد الدين"،و تضع العواقب،و تحرم أحياناً هذا التنقيب!..و في غير مرة يتم تحطيم و حرق تماثيل تم العثور عليها،و مكتبات بالكامل لطمس هذا التاريخ...ناهيك أن تشجع أو تتبنى نقداً،ناهيك عن العقوبات التي تصل إلى الإعدام،لتشكيك أحدهم بأمر من أمور الدين...و حقيقة الأمر أن الأنظمة لا تريد تحرير شعوبها من الخرافات،و لا تريد سلام مجتمعي،و علة ذلك أن في بقاء كل هذه العاهات بقاءها.

ثم يسألونك بعدها عن النقد الديني؟..قُلْ هو مِنْ عِنْدَ الغَرب..و مَا أوتِيتُمْ من النْقدِ إلا قَلِيلاً.



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذبيح:إسحاق أم إسماعيل؟!
- الخِراف
- أنا الشرقي
- فطرة الذئاب
- هيَ و الصاعق
- صاحب الكَرْم
- عاشَ حماراً و مضى حمارا(2)
- عاشَ حماراً و مضى حمارا(1)
- نضال و وحدة و فناء الأضداد(2)
- نضال و وحدة و فناء الأضداد(1)
- فناء الضدين أم تحول الضدين!
- إلى مستحيلة الدمع(2)
- رد الصفعة
- ظهر التمساح
- عهر الشرق و عهر الغرب
- إلى مستحيلة الدمع
- هكذا تكلمُ الثور
- مأساتي أنفي!
- غواية نجمة
- سيرة حمار


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شوكت جميل - نزاهة النقد الديني و توزيع الصفعات بالتساوي!