أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوكت جميل - عاشَ حماراً و مضى حمارا(2)














المزيد.....

عاشَ حماراً و مضى حمارا(2)


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 08:35
المحور: الادب والفن
    


ذكرنا قبلاً،أن ثمة جوانب خفية في شخصيات أعلامنا و مفكرينا،تتباين بشدةٍ عمّا رسمنا لهم من صورةٍ ذهنيةٍ مثاليةٍ قرت في نفوسنا،بيد أن هذه الجوانب لا تلبث أن تظهر جليةً إذا ما خلّوا ما بين أنفسهم و سجيتها..فتظهر في فلتاتٍ و شذرات و كتابات،يروقهم أحياناً أن يحفظوها لنا في أعمالهم،و يستحسنون أحياناً أخر أن يحتفظوا بها لأنفسهم، فلا نعلم عنها شيئاً..

و قلنا: مهما كان رأي الناس أو النقاد من القيمة الفنية لمثل تلك الشذرات،نرها كاشفةً لطبيعة أولئك الأعلام بلا تكلفٍ و لا هالاتٍ قدسية.

و قد أتينا المرة الفائتة،على ذكر فلتات الشاعر الرومانسي الحالم"إبراهيم ناجي"،و كيف ظهرت شراسته في هجاء أحدهم وقد تجاوز حده،كم رأينا الطبيعة اللاهية لناجي،و الروح الهازلة التي لا تعرف حداً.

أما أحمد شوقي"أمير الشعراء أو شاعر الأمراء" كما نعته البعض،فوجد في نظمه لشعر الأطفال ضالته ليتحرر ممّا فرضته عليه جسامة قامته الشعرية من جدية،فترك نفسه على سجيتها بلا تحفظٍ و لا احتياط،و قد آمن لوم اللائم لمقام شعره"الطفولي"،حتى رأى الأستاذ/العقاد أن شوقي لم يكن صادقاً و معبراً عن ذاته يوماً كما كان في ديوانه للأطفال!..و حقيقة الأمر ،لو تأملنا طرفاً كبيراً من هذا الشعر، لمّا وجدناه شعراً للأطفال كعهدنا بشعر الأطفال ،و ما فيه من تربيةٍ أو دعوة للأخلاق،وما فيه من حكمٍ و مواعظ،بل أنه لا يتسق مع المفاهيم و القيم التي يسعى المربون لغرسها في النفوس الغضة...بل هو شعرٌ للكبار يحمل الكثير من السخرية و القسوة و الأفكار التي ما أحسب أنها مناسبةً للأطفال كما هي للكبار،هو إذن وسيلة و حسب للتعبير عمّا بنفسه و لا يستطيع أن يعبر عنه صراحةً .و قد ذهب البعض أنه قدحٌ خفي لمّا كان يمدحه علانية،و ما أكثر ما كان شوقي مادحاً للقصر..

و نعود لحمار شوقي،و هو للحق يختلف كثيراً عن حمار الحكيم و أحمرة الكتاب و الشعراء الآخرين المشهورة،إذْ لا نلمح شيئاً من تعاطف شوقي مع حماره قط، و قد اتخذ من هذا الحيوان المسكين غرضاً للتعريض و السخرية المرة كل مرة،و ألصق به كل نقيصة و مذمة... و نعرض لبعض سير الحمير التي نظمها شوقي،و أنت بالطبع،في حلٍ من قراءتها على أطفالك.

في أحدها بعنوان"ثعالة و الحمار"،يقول أمير الشعراء:
أتى ثعالةَ يوماً...من الضواحي حمارُ

و قالَ إن كنت جاري..حقاً و نعمَ الجارُ

قل لي فإني كئيبٌ..........مفكرٌ محتارُ

في موكبِ الأمسِ لمّا.....سرنا و سارَ الكبارُ

:طرحتُ مولاي أرضاً......فهل بذلك عارُ

وهل أتيتُ عظيماً....فقال:لا...يا حِمارُ!!

و في قصيدة أخرى"الليث و وزيره الحمار"،و الذي اختار فيها الليث الحمار وزيراً،فكان الأمر المعلوم كما يرى شوقي:

حتى إذا الشهر ولى..كليلةٍ أو نهارِ
لم يشعرِ الليثُ إلا..و ملكهُ في دمارِ
القردُ عند اليمينِ...و الكلبُ عند اليسارِ
و القطُ بين يديهِ......يلهو بعظمة فارِ
فقال:من في جدودي...مثلي عديمُ الوقارِ؟!
أين اقتداري و بطشي..و هيبتي و اعتباري؟!
فجاءهُ القردُ سراً..........و قال بعدَ اعتذارِ:
يا عاليَ الجاه فينا.......كن عاليَ الأنظارِ
رأي الرعية فيكم......من رأيكم في الحمارِ!

و هناك قصة ظريفة أخرى عن الحمار الذي يستخف نفسه بعنوان"الغزالة و الأتان":
غزالةٌ مرّتْ على أتانِ....تقبّلُ الفطيمَ في الأسنانِ
و كان خلف الظبية ابنها...بودها لو حملته في الحشا
ففعلتْ بسيد الصغارِ........فعلَ الأتان بابنها الحمارِ
فأسرع الحمار نحو أمهِ....و جاءها و الضحكُ ملءُ فمهِ
يصيحُ:يا أماه،ماذا قد دها!!...حتى الغزالة استخفت ابنها؟!

تطول قصص الحمير و ولع شوقي بها،و لكننا سنكتفي بواحدة أخرى للحفاظ على وقتكم الثمين،و على أية حال فقد كانت فيها نهايته_أي الحمار_،و حدث الأمر،عندما ذهب الحمار كبقية الحيوانات من كل ذي ذيلً و صوفٍ و منقار،لتهنئة الأسد بولي العهد الجديد:

و أومأ الحمار بالعقيره....يريد أن يشرف العشيره
فقال:باسم خالق الشعيرِ...و باعث العصا إلى الحميرِ
فأزعج الصوت وليَ العهدِ.....فماتَ من رعدتهِ في المهدِ
فحملَ القومُ على الحمارِ......بجملة الأنيابِ و الأظفارِ
و أنتدب الثعلب للتأبينِ!.....فقال في التعريض بالمسكينِ:
لا جعلَ الله لهُ قرارا..........عاشَ حماراً و مضى حمارا!



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشَ حماراً و مضى حمارا(1)
- نضال و وحدة و فناء الأضداد(2)
- نضال و وحدة و فناء الأضداد(1)
- فناء الضدين أم تحول الضدين!
- إلى مستحيلة الدمع(2)
- رد الصفعة
- ظهر التمساح
- عهر الشرق و عهر الغرب
- إلى مستحيلة الدمع
- هكذا تكلمُ الثور
- مأساتي أنفي!
- غواية نجمة
- سيرة حمار
- تجفيف البطاطس
- محطة وداع
- في مقهى الحداثة
- لغة العيون و لغة الأصابع
- سأمُ البهائم
- دور الأيتام تعذب أطفالها في مصر!
- في المرقص


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوكت جميل - عاشَ حماراً و مضى حمارا(2)