أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وليد ياسين - شذرات على هامش فك الارتباط: هي خطوة اخرى ويأتيك المخاض















المزيد.....

شذرات على هامش فك الارتباط: هي خطوة اخرى ويأتيك المخاض


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 08:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


قطاع غزة.. النصف الثاني من شهر آب لسنة 2005 بعد الميلاد.
اسرائيل تبدأ بسحب المستوطنين من 23 مستوطنة انتشرت وتفشت كالسرطان في الشطر الجنوبي من الجسد الفلسطيني.. قرابة ستون ألف جندي وشرطي من مختلف الوحدات وبشتى الوان البزات الرسمية، ينتشرون في المستوطنات، يواجهون اعمال عنف قد تكون غير مسبوقة الا في "يميت"، تلك المستوطنة التي اخليت مع مستوطنات سيناء بعد "اتفاق السلام مع مصر"، والتي اتخذ منها اليمين الاسرائيلي المتطرف مثالا لما يسميه "مقاومة الطرد"..

يسكب المستوطنون مواد حارقة على وجوه الجنود، يرشقونهم بـ"قنابل" مرتجلة تحوي مادة بيضاء، يقال انها الكلس، واخرى بنية لا نعرف ان كانت وحلا او غيره، وتلطخ البزات الرسمية ويتمرمغ انف من منحوه للمستوطنين الحماية طوال 38 عاما وقتلوا باسمهم، ومن اجلهم، عشرات آلاف الفلسطينيين.. ويخرج قاتل آخر من مستوطنة السوائب الكهانية في الضفة الغربية، فيقتل اربعة عمال فلسطينيين، ويتمنى على أبواب محكمتهم الموت لرئيس حكومته، ويشهر مستوطن تنعّم بخيرات الاحتلال، سلاحه في وجوه من منحوه السلاح والحماية ودللوه طوال سنوات، يحرقون البيوت والطرقات، يثقبون عجلات السيارات العسكرية وحافلات الباص التي تقل الجنود، بل يحاول أحدهم احراق واحدة من هذه الحافلات.. كل ذلك، ولا تطلق طلقة واحدة باتجاههم، لا رصاصة حية، لا رصاصة مطاط، لا قنبلة غاز، ولا تُشهر حتى هراوة.. لكل واحد من هؤلاء خصصوا اربعة او خمسة جنود ومثلهم من الجنديات للنساء والفتيات، يحملونهم على سواعدهم، يئنون تحت اثقال حقائبهم ولا يتزعزع امن الدولة ولا يشعر القانون بالدوس والاستخفاف، ولا يصاب اي واحد منهم ولو بجرح طفيف... وليس هذا لأن قوات الأمن لا تملك احدث الأسلحة لتفريق التظاهرات واعمال الشغب، وليس هذا لأن الدولة تفتقد الى القانون، بل هذا كله فقط، لأن المعتدين ومنتهكي جلالة الأمن ليسوا من الغوييم، العرب الذين تمسكوا كالشوكة في حلوقهم، بأرض الأباء، ولا من الفلسطينيين الذين يكافحون بأسنانهم وبحجارتهم من اجل الحرية والسيادة، ولا حتى من اليهود الذين رفضوا الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل العنصري، فعوملوا مثلما عومل من وقفوا معهم من الفلسطينيين.. هؤلاء هم ابناء الشعب المختار الحقيقيين بالنسبة للمسخ الذي ارسلهم الى هناك، هؤلاء يعتبرونهم ملح الأرض، وشتان ما بينهم وبين اهل ملح الأرض الذين اسماهم المسيح عليه السلام بهذا الاسم وكانوا من الفقراء والتعساء والمساكين؟ هؤلاء هم الطلائعيون الذين ارسلهم شارون ومن سبقه من حكام الليكود والعمل والمعراخ والمباي الى أرض "الغوييم" كي يحرقوا مزارعها ويقتلعوا اشجارها ويدمروا بيوتها، ويقولوا: عدنا الى "ارض الآباء والاجداد"، عدنا "شعبا بلا أرض الى أرض بلا شعب".. هؤلاء هم الابقار المقدسة.. والراعي الذي منحهم الحماية والدفء والرعاية سنوات وسنوات لا يطلق النار على قطيعه ، ولا يفعلها حتى العربي المجند في جيشهم والذي شارك في حمايتهم ودفع الثمن بدمائه وبكرامته التي اهينت على مرآى ومسمع قائد اركانه دون أن يأتي بحركة او ينبس بكلمة .. هؤلاء يعاملون فقط بالعاطفة وبالاحاسيس، بقفازات من حرير..

ولا اقول انني اريد لهم ان يواجهوا الرصاص والهراوات، فمن ينتمي الى الانسانية تأبى عليه نفسه ان يتمنى ما عاني منه شعبه، لغيره حتى لو كان من المستوطنين الذين يحملون في اعناقهم دماء الكثير من الأبرياء من أبناء شعبي.. لكنني اكتب هذه الكلمات وانا اشاهد امام ناظري شريطاً طويلاً يطرح عشرات التساؤلات التي لم اجد ردا عليها، ومن المؤكد انني لن أجد، لا لدى سلطات اسرائيل ولا في وسائل اعلامها التي تتجند الى جانب هراوات وبنادق الشرطة حين يكون الهدف عربيا، والى جانب الهدف حين يكون يهوديا، حتى لو كتب العشرات منهم عنه بأنه يعرف انه يجلس على أرض مسروقة، وان اسرائيل هدمت بيوت الفلسطينيين من اجله، اقتلعت اشجارهم ودمرت محاصيلهم كي تطعمه وتوطنه على أرض ليست له. انظر الى قفازات الحرير وأسأل: لماذا حين يتظاهر العمال من أجل لقمة الخبز تكون قنابل الغاز، او قل الهراوات، هي "القفازات"؟ ولماذا حين يتظاهر الفلسطيني من أجل حريته يكون الرصاص الحي هو الوحيد في متناول اليد، ولماذا حين يتظاهر العربي المواطن في البلاد ذاتها، من أجل أرضه، تقتلع عينه، يسفك دمه، ويصار الى تكنيس الجريمة واخفاء بصمات القاتل تحت التراب؟

اكتب وانا انظر الى صور تتناقلها وكالات الأنباء، لذلك المستوطن الذي أطل من الشباك وهدد بالقاء طفل اذا ما اقتحم الجيش بيته، ففاوضوه ودللوه الى ان اخرجوه مرفوعا فوق سواعدهم دون ان توضع حتى القيود في معصمه، ان لم يكن لتهديده للجنود فعلى الأقل لتهديده حياة طفل.. اوليست اسرائيل هي التي تقتل اطفال الفلسطينيين بدواعي الدفاع عن اطفالها.. اين هو قانون شارون من هذا السادي الذي لا يمكن ان يقال عنه كلمة أقل من مجرم؟

اكتب وانا انظر الى عضو كنيست يحرض المستوطنين على خرق القانون والأوامر، وأتساءل اي مصير كان سيلقاه اي واحد من أعضاء الكنيست العرب لو اطلق مثل تلك الكلمات؟ وأتذكر كيف جعلت لجنة اور (التي حققت في جريمة مقتل 12 مواطنا عربيا من المواطنين في اسرائيل وفلسطينيا واحدا في احداث اكتوبر 2000)، من اعضاء الكنيست العرب "المحرض" و"الجلاد" وبرأت المجرم الذي ضغط على الزناد وسفك دماء الشبان، بدعوى الحفاظ على الأمن؟ وأتذكر كيف قبل عدة أيام فقط ارتفعت أبواق التحريض في الوسط اليهودي ضد نائب عربي دعا اهالي شفاعمرو الى الامتناع عن التعاون مع الشرطة التي تحقق في ظروف مقتل السفاح الذي قتل اربعة منهم في عقر دارهم؟ وأتذكر كيف طالبوا بمحاكمة النائب العربي الذي قال ان مصير كل احتلال الزوال ومقاومة الاحتلال من الحقوق المشروعة لشعب يخضع للاحتلال. واتذكر، كيف طالبت حكومة اسرائيل ووسائل اعلامها، ويمينها ويسارها الصهيوني، بمحاكمة نائب آخر لقوله ان من يأتي لهدم بيوتنا يجب تحطيم ارجله.. اتذكر وأتساءل: الم تسمع حكومة اسرائيل ووسائل اعلام اسرائيل تصريحات بيني ايلون وتسفي هندل ويسرائيل الداد وايفي ايتام وغيرهم من قادة احزاب اليمين المتطرف الذين خرقوا الأوامر العسكرية وحرضوا على القانون الذي يفترض بهم تمثيله في كل مكان؟

اتساءل واعرف ان لا جواب.. وان هذه الكلمات قد تكون مجرد شذرات تعيش في قلب كل مواطن عربي عايش ضربات الهراوات البوليسية، واشتم رائحة البصل لمقاومة رائحة الغاز المسيل للدموع، وحمل جراحه المثخنة على جسده، لمجرد صرخة دفاعاً عن الوطن.

واقول لغزة ولاهل قطاع غزة، ها هو الحلم يتحقق، فدعوا النقاش العقيم الذي يطرحه هذا التنظيم او ذاك حول من هو صاحب الفضل في زوال الاستيطان والاحتلال.. فلكم الفضل جميعا، وكلكم تستحقون هذا الشرف، الشعب قبل أي فصيل.

يا غزة، هي خطوة اخرى ويأتي المخاض.. لكننا لا نقول الولادة، فالميلاد ما زال في أفق بعيد، ما زالت هناك مستوطنات الضفة الغربية والقدس الأسيرة، ما زالت هناك معاناة الأسرى في السجون، ولن يأتي الميلاد الا باشراقة فجر الحرية على ارض فلسطين.. وبعد المخاض لا بد ان تأتي الولادة.. ولو طال الزمان..



#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في وداع شهداء شفاعمرو*
- برتقالنا وبرتقالهم
- العنصرية في عروقكم
- كلمات عابرة الى امرأة في عيدها
- ما وراء تعيين حالوتس قائدا عاما للجيش الاسرائيلي
- رسالة الى قريبي في المخيم


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وليد ياسين - شذرات على هامش فك الارتباط: هي خطوة اخرى ويأتيك المخاض