أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بنطاهر - -المصدق- يشرح الجامعة داخل -الغابة السوداء-















المزيد.....

-المصدق- يشرح الجامعة داخل -الغابة السوداء-


محمد بنطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 26 - 08:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يأتي هذا المقال على هامش الندوة التي احتضنتها قاعة الندوات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، القنيطرة، المغرب. وذلك بمناسبة تأسيس "المركز المغربي للأبحاث والدراسات الفلسفية" يوم السبت على الساعة العاشرة صباحا 24/05/2014، تحت عنوان "هايدجر والجامعة" من تأطير أستاذ الفلسفة بنفس الجامعة "د.إسماعيل المصدق"، ولعلكم تلاحظون مدى الفرق الزمني الفاصل بين تاريخ الندوة وتاريخ نشر المقال، إلا أنني أطمئنكم أن هذه الملاحظة بالنسبة لنا شكلية فقط ولا تفقد قيمة المقال، الذي حرر استنادا على أفكار الندوة وخلاصاتها أي شيء، لأن مضمونه يقارب موضوعا حساسا بمجتمعنا المغربي، لازالت علله وإشكالاته وإخفاقاته قائمة ومستمرة، كما أن تشخيص الندوة لازلنا نعتبره وصفة ناجعة من بين وصفات أخرى نطلبها لواقعنا، ويتعلق الأمر بمشكلة التعليم التي تعرف عندنا تراجعا وانحطاطا وتخلفا. وفائدة الموضوع يمكن أن تعمم لتشمل مجتمعات مشابهة لواقعنا خصوصا وأن المقاربة كانت فلسفية محضة. كما أن اختيار الأستاذ المحاضر للجلسة الافتتاحية، يعود حسبما أفاد رئيس المركز في كلمته الافتتاحية، إلى الاحترام والتقدير الذي يخص به أعضاء المركز الأستاذ "إسماعيل المصدق" هذا فضلا عن قيمة الموضوع المقترح من طرف الأستاذ المحاضر نظرا لراهنتيه، في ظل الأزمة التي تتخبط فيها الجامعة المغربية والتعليم بشكل عام. وتتجلى قيمة موضوع الندوة، في رأي المحاضر، "ليس في قيمة الفيلسوف موضوع المحاضرة، أو الرغبة في الترويج لرؤية جامعية بعيون ألمانية، أو البحث عن دواء لمنظومتنا الجامعية في منظومات أخرى، خصوصا مع الوصفة الهايدجيرية، فهذا سيكون من ضرب العبث والمستحيل، ولا نأمل أن يتم ذلك على حد تعبير الأستاذ المحاضر. "لأن الفارق الزمني بيننا وبين هايدجر شاسع، كما أن الشروط الاجتماعية التي كان ينظر من داخلها هايدجر مختلفة عن شروط راهننا، هذا دون نسيان البنية الثقافية المفكر من داخلها". إن الفائدة المرجاة من اقتراح هذا الموضوع بالذات، حسب الأستاذ "إسماعيل المصدق" تتجلى في الدعوة إلى التفكير مع هايدجر، في تتبع أثر السؤال الهايدجيري، في العبر المستخلصة من أفكاره بخصوص الجامعة. لأن هايدجر، كما أفاد الأستاذ المحاضر، لم ينظر إلى الجامعة كمجال مؤسساتي فقط، ولم يرى فيها مساحة سياسة للتغيير، بل كان نظره لها يتجاوز مستوى الفهم والتفكير السطحيين، إلى مستوى التنظير الفلسفي العميق، المحمل بغايات وأبعاد إنسانية، يجعل الجامعة على حد تعبير الأستاذ "إسماعيل المصدق" "سياقا حياتيا للفلسفة ذات أبعاد مستقبلية مثلى، مسعاها تحقيق أهداف الدولة والإنسان"، الأمر الذي جعل هايدجر، يعتبر الجامعة مكونا موحدا، تتكافل فروعه المعرفية لتخدم بعضها بعضا، بغرض بلوغ غاية واحدة. وفهم للجامعة بهذا الشكل، يغذيه حسبما أشار الأستاذ المحاضر، ذاك التقليد الجامعي الألماني، الذي تأسس مع "هومبولت"، والذي يتعارض في إطار المقارنة مع التقليد الفرنسي، "لنابليون بونابرت" "الذي اعتبر الجامعة مجالا مهنيا لتكوين الخبراء والتقنيين، لذلك عمد إلى تجزيء الجامعة إلى كليات". إن الجامعة حسب تقليد "هومبولت" وما زكاه هايدجر "هي أفق للمجتمع المبتغى، إنها مختبر لولادة مجتمع منشود، لذلك لا يجب أن تكون الجامعة مدرسة للتلقين والتزويد ولتنظيمات إدارية صارمة تفرغ الطالب والأستاذ من المحتوى المعرفي الجامع بينهما، لتحولهما إلى مجرد آلات مبرمجة تطبق التعليمات، وتنجز الدروس والامتحانات. على الجامعة حسبما أشار الأستاذ المحاضر، معبرا عن كلام هايدجر، أن تكون مجالا للتخليق والتربية الذاتية الفعالة والتفرد والتكوين الذاتي وحرية الإبداع والتفكير، وما تعرفه الجامعة وقتئد من تراجعات يعود حسب هايدجر، والكلام دائما على لسان الأستاذ المحاضر، إلى ما طرأ على الجامعة من تغيرات حولتها إلى مساحة لتنظيم المعلومات وتلقينها، وتشتيتها إلى تخصصات وكليات، أفقدتها وحدتها الروحية التي كانت تجعلها مؤطرة لروح الشعب، ومنحتها في مقابل ذلك وحدة مزيفة، تلتئم في العلاقات والتنظيمات الإدارية الجافة. لهذا اعتبر هايدجر، حسبما أفاد الأستاذ إسماعيل المصدق، أن المخرج من هذا الواقع المأساوي للجامعة هو بيد الفلسفة، لأنها الوحيدة القادرة على إعادة الطابع الوحدوي والروحي المميز للجامعة. ومن ثم وجب إعادة إنعاش الفلسفة ،حتى تمنح خصائصها للفضاء الجامعي، حيث العلم يستمد ضرورته من بعده الداخلي، من عمقه كعلم وكغاية في ذاته، وليس من النتائج التي تستتبعه أو الأغراض العملية المحققة من خلاله، وهذا الفهم حسب هايدجر ليس إغراقا في المثالية وابتعادا عن الواقع، بل على العكس من ذلك، فالعودة إلى المنبع اليوناني يفيدنا أن النظرية الحق هي صنو الممارسة، إنها الشكل الأعلى للممارسة، فالإنسان النظري هو الفاعل الحق، حيث العلم لا ينفك يبحث في الكائن، في مشكلات الوجود الإنساني، والوجود الحاوي لكل الكائنات. بحسب هذا الفهم يصير العلم مسارا للتفكير فيما يحيط به، إنه تتبع وتعرض لما هو موضع سؤال، وبذلك يصير كل من الأستاذ والطالب في نقاشاتهم وأبحاثهم ومحاضراتهم، مجالا لاقتفاء أثر السؤال، وبحثا عن منابعه، على الجامعة أن تسمح لمكونات الجامعة بالتفكير في المجتمع، فيما يريدونه لمستقبل واقعهم الاجتماعي، والتشريع لروح الشعب التي يأملونها. وميزات كهذه لن تتحقق لديهم، حسب الأستاذ المحاضر، معبرا عن كلام هايدجر، إلا في فضاء جامعي يمنح مكوناته، الاستقلال الحر والتسيير الذاتي، ليس إداريا، وإنما روحيا حيث يشعر الفاعلون بأنهم يؤكدون ذواتهم، يصنعون المستقبل، يبنون وصفة مجتمع جديد، في فضاء جامعي يمنح مكوناته القدرة على الإبدع، والتفكير دون التقيد بأي توجهات مسبقة، أي الحرية التامة، "التي تسعى في أفقها إلى خدمة روح الشعب والالتزام بإرادة الدولة". على الطالب، والكلام دائما للأستاذ المحاضر ملخصا هايدجر، أن يشعر وهو في الجامعة بأنه مشروع لغاية منشودة، قادرة على الإسهام في المجتمع وصناعته، أن يكون مستقبلا، له إضافة على مستوى الشغل، على مستوى الدفاع، خادما للمعرفة. تطرق الأستاذ المحاضر كذلك إلى علاقة الفيلسوف بالحركة النازية وانضمامه إليها، حيث أشار إلى أن هذا بالفعل منزلق وقع فيه هايدجر، لكن لا يجب التعامل مع ذلك، كما يفعل الكثير، النفور من الفيلسوف، وتبخيس قيمة هذا الرجل وفكره، لأن مشكلة هايدجر بخصوص هذه القضية، حسب اعتقاد الأستاذ "إسماعيل المصدق"، تعود إلى أنه انساق مع الحماس السائد في عصره، كما أنه رأى في الحركة، مشروعا لتحقيق مشروعه الفلسفي، فاعتقد أنه بإمكانه كما عبر عن ذلك الأستاذ المحاضر، توجيه القائد "الفوهرر" وقيادته، خصوصا وأن فائدة التجربة النازية حسب هايدجر، أنها أعادت الروح الجماعية للشعب، وخلصته من التجزيء الحزبي والثقافي.... واتجهت نحو تجميع الشعب في إرادة جماعية واحدة، ولعل هذه الأفكار حسب اعتقاد الأستاذ "المصدق"، هي التي جعلت هايدجر يتحمس للنازية، ويرى فيها البديل المجتمعي الإنساني، إلا أنه بعدما تبين له أنها لا تتماشى مع أفكاره وأنها تجربة وطنية مغرقة في الذاتية والخصوصية، ولا تتطلع إلى الكونية، استقل من منصب عمادة الجامعة الذي عين فيه قبل عام، واعتبر أن النازية لا يمكن أن تكتفي بذاتها، وتنغلق على نفسها، بل يجب أن تربط نفسها بالمنابع الأولى للشعب الألماني، والتي توجد في المنبع اليوناني. وهو ما كانت ترفضه النازية المتعصبة للعرق الألماني ولأصوله الجرمانية، حسب الأستاذ المحاضر. بعد هذا العرض المفصل للموضوع في محاور دقيقة، انتهى الأستاذ المحاضر، إلى استعراض العبر والدروس المستخلصة من الموضوع، والتي من شأنها أن تفيدنا نحن كذلك في قراءة واقعنا الجامعي والتعليمي عموما، والتعرض لما هو موضع سؤال داخل منظومتنا التعليمية. إن عبر ودروس الدرس الهايدجري، تعلمنا على لسان الأستاذ "إسماعيل المصدق"، أن الجامعة يجب أن تتحول إلى قضية فلسفية، نتساءل عن ماهيتها وروحها، والوظائف المنتظرة من التربية والتكوين، وأن تكون مجالا للبحث والتدريس والتكوين الروحي والأخلاقي، وليس مختبرا لصناعة أساتذة مدرسين، وخبراء وتقنيين. على الجامعة أن تكون مرتبطة بمحيطها بخصوصية مجتمعها، حسب هايدجر، لكن في مقابل ذلك يجب أن تكون منفتحة على بعدها الكوني. لأن الجامعة "هي فكرة فوق وطنية"، كما عبر عن ذلك الأستاذ المحاضر، يحضر فيها الوطني إلى جانب الكوني. في نفس السياق، وحتى تحافظ الجامعة على روحها العلمية، يتوجب عليها أن تحافظ على استقلاليتها عن البعد السياسي، وإن كان هذا لا يعني انغلاقها، بل يجب أن تكون العلاقة متوازنة بين السياسي والجامعي، بحسب تصور هايدجر، حيث تكون للسياسة إرادة للنهوض بالجامعة وإنعاشها والحفاظ على طابعها العلمي وتسييرها الذاتي، بموازاة ذلك يمكن للجامعة أن توجه السياسة بمقترحات، تتمثل في المشاريع الفكرية المناقشة داخل حرمها. في مقابل هذا وإن كان هناك من درس يمكن أن نستفيد منه نحن كذلك، فإنه يتوجب علينا أن نكثف من الأسئلة لعلنا نتمكن من تشخيص واقع علل جامعتنا، وأن لا نكتفي باستقطاب الجاهز وتكرار أخطاء منظومات جامعية سابقة، هل سنتمكن من وضع منظومة جامعية نشعر من خلالها أن جامعتنا صارت مجالا للتفكير في المجتمع المنشود، في بناء روح الشعب وآماله ومستقبله؟ أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن، ليس لها من متسع في هذا المقال، لكن الأكيد أن كثيرا من مفكرينا وباحثينا قد شخصوا أزمة التعليم أزمة البحث العلمي. فهل هناك من مستمع إليهم؟. المركز بموازاة مبادرات عديدة، هيأ هو الآخر أرضية التشخيص، والأستاذ "إسماعيل المصدق" عمل بكل جهد على تشريح الجامعة، وإن تم ذلك بمفاهيم هايدجر، كما كان الفيلسوف يفكر في مجتمعه، وهو داخل مقبعه المتواجد "بالغابة السوداء" الواقعة في قرية "توتناوبرج" على أطراف مدينة "فرايبورغ"، إلا أن العبر والدروس المستخلصة، تهم مجتمعنا بشكل كبير كذلك، تكاد تتجاوز في أهميتها بالنسبة لنا، أهميتها في المجتمع الألماني ذاته رغم الخصوصية، خصوصا وأن كثيرا من القضايا والمشكلات التي أشار إليها هايدجر بخصوص الجامعة، يعيشها واقعنا الجامعي بشكل أكثر احتدادا وتأزما، الأمر الذي يدفعنا بشكل استعجالي، إلى ضرورة طرح مشكلة التعليم في مجتمعنا، بحجم أكبر قوة مما طرحها هايدجر، ونتمنى أن يكون في الجوار مستمع يهمه الأمر، حتى يكون لهذه الندوات وهذه الأفكار وقع على مجتمعنا.



#محمد_بنطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيئي في شيئها
- من خواطري: أنا كافر
- أنا كافر
- قُرْ قُرْ قُرْ قُرْ
- أنا جائع
- آخر الكلام
- خبزا وصمتا


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بنطاهر - -المصدق- يشرح الجامعة داخل -الغابة السوداء-