شوكت جميل
الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 17:54
المحور:
الادب والفن
تتبقى دائماً جوانبٌ خفية في شخصيات أعلامنا و مفكرينا،تتباين بشدةٍ عمّا رسمنا لهم من صورةٍ ذهنيةٍ مثاليةٍ قرت في نفوسنا،بيد أن هذه الجوانب لا تلبث أن تظهر جليةً إذا ما خلّوا ما بين أنفسهم و سجيتها..فتظهر في فلتاتٍ و شذرات و كتابات،يروقهم أحياناً أن يحفظوها لنا في أعمالهم،و يستحسنون أحياناً أخر أن يحتفظوا بها لأنفسهم، فلا نعلم عنها شيئاً..
أكثرنا يعلم أن "إبراهيم ناجي"،إنما هو شاعر الرقة الشعورية كما أسماه لدنة عصره،ذلك الذي يذوب انفعالا لرؤية غمام بالسماء يحجب القمر،و هو ذلك الذي يزرف الدمع مدراراً لوردة اكتست صفرةً..فيكاد يتوحد مع الحجر و الشجر و البشر،فكأنما هو من أبناء السماء؛غير أنك قد تدهش،إن رأيتهُ ،عينه، هجّاءاً يفحش القولَ إذْ ترك نفسه على سجيتها،يردُ الصاع لكاتبٍ و شاعرٍ أيضاً كان قد هجاه،فقال في غريمه ذاك "عبد الحميد":
رجلٌ أرى باللهِ أم حشرهْ...........سبحانَ من بعبيدهِ حشرهْ
يا فخرَ داروين و مذهبهُ.........و خلاصةَ النظريةِ القذرهْ
أرأيتَ قرداً في الحديقةِ...............فلّته أنثاه على شجرهْ؟
عبد الحميد اعلم فأنت كذا.........ما قال داروين و ما ذكرهْ
يا عبقرياً في شناعتهِ.............و لدتكَ أمُكَ و هي معتذرهْ
و يبدو أن ناجي لم يكتفِ بعبد الحميد،فأخذَ داروين بجريرته_رغم امتهان ناجي للطب_و جانبٌ أخر لناجي احتفظت به شذراته و هو الشغف بروح الدعابة،أو قل الهزل الذي يراه البعض بلغَ حدَّ السطحية و الابتذال؛فها هو يداعب صديقه طبيب الأسنان"تملي قلدس":
يا قرة العينين يا "تملي"..........يا واسعَ التدبيرِ و الحيلِ
يا خالع الضرسين في سنةٍ......و معقمَ الآلات في الحللِ!
و يبدو أن الفاتناتِ زائرات عيادته لم يسلمن أيضاً من مداعباته،و قد كان له "تمرجي" يسميه بشيراً،و قد زارته حسناء تصطحب جاريةً،فحاكى قول المُنَخّل اليشكري:
أحببته و أحبني...و أحب ناقته بعيري
فقال ناجي هازلاً:
الحبُ طواف بالعيادة فاتناً حلو العبيرِ
أحببته و أحبني و أحب"جريته"بشيري
و مهما كان رأي الناس أو النقاد من القيمة الفنية لمثل تلك الشذرات،أرها كاشفةً لطبيعة أولئك الأعلام بلا تكلفٍ و لا هالاتٍ قدسية.
أما عن عنوان المقال،فعن شغف"أحمد شوقي"بسير الحمير،و هذه قصةٌ أخرى.
#شوكت_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟