أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير خلف - عالمٌ يمور بالأحداث المتسارعة... المثقف العربي عنه غائبٌ ومغيّبٌ














المزيد.....

عالمٌ يمور بالأحداث المتسارعة... المثقف العربي عنه غائبٌ ومغيّبٌ


بشير خلف

الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


عالمٌ يمور بالأحداث المتسارعة ..
المثقف العربي عنه غائبٌ ومغيّبٌ

الجدل حول المثقف لم ينتهِ ولن ينتهي .. نعوم تشومسكي أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأمريكي يرى أن المثقف هو: من يحمل الحقيقة في وجه القوة . والمفكر البحريني محمد جابر الأنصاري يُـضفي عليه صفة موسوعية، فيصفه بأنه: منْ غادر حقل الاختصاص إلى ما هو أوسع في مجالات المعرفة الإنسانية، أي الإيمان بدور المثقف وقدرته.. البعض يعمد إلى تقسيم مَجَـازٍ بين مثقف "حقيقي"، وآخر غير ذلك.. فالمثقف "الحقيقي" بناء على ذلك، هو من يرسم مصيره بنفسه.. مختارا، وبوحْيٍ من دوره، ومهمته التي ارتآها لنفسه، غير منقاد إلاّ لما يؤمن به، ويدافع من أجله.
المثقف إذاً هو الإنسان المفكر أولا، هو طليعة المجتمع فكرياً، واجتماعيا، هو الذي يثير الأسئلة، ويتبنى قضايا المجتمع وهمومه. لا يكون ــ انتهازياً ــ .. يقف مع هذه الجهة أو تلك، أو يبدّل الدور بين عشية وضحاها، أو نفعيا ينحاز للسلطة، أيّ سلطة ليس بالضرورة السلطة السياسية، فقد يكون التحيّز للجهوية، أو لرجال المال، أو لشخصية ما، أو لاتجاه فكري ما ضدّ أغلبية المجتمع ! إن انحاز إلى الحق والعدل، ووقف في وجه القوة، تأكيدا ليس بالضرورة أن تسْلم الجرّة دائمًا كما يقول المثل العربي ؛ فقد يُقتل بإحدى طريقتين: إما أن تتم تصفيته جسدياً، أو يتم اغتيال أفكاره اجتماعياً في لعبة الصراع الفكري بينه، وبين أطراف كثيرة مؤثرة في المجتمع، أو يؤثر الاغتراب.
إذا توقفنا عند تعريف تشومسكي للمثقف وهو الذي يحمل الحقيقة في وجه القوّة؛ يتبادر على الذهن السؤال التالي: أيوجد أيامنا هذه مثقفون بإمكانهم توظيف الحقيقة في وجه القوة التي تفْــتِــكُ بعالمنا المعاصر، وتخلق الصراعات والحروب، والأزمات المستمرّة متسببة مآسي للإنسانية سيّما في ربوع العالم العربي ؟ وهل لدى هؤلاء المثقفين من الوزن ما يجعلهم مؤثرين في عالم يصنعه المال وإغراءاته، والسياسة ومفاتنها، والإعلام بكل تقنياته ووهجه، وفي صدارته الصورة التي تشكل المعرفة الإنسانية في كل لحظة؟
في اعتقادي الشخصي أن المثقف سيّما في العالم العربي لم يتخلّ عن القيم التي آمن بها، وتشبّع بها، ودافع عنها وطنيا وعربيا؛ إنما الموازين اليوم تغيّرت لتحلّ محلها وسائط أخرى همّشت المثقف، ولا يعني هذا أننا مع أطروحة " موت المثقف " التي هي أقلّ وحشية؛ إنما نحن مع أطروحة " انتحار المثقف إراديا واختيارا منه ".. المثقف العربي انتحر عندما ألْقى بنفسه في دوّامة الغموض، والبعد عن الواقع، والبحث عن مظلة إيديولوجية يلج تحت ظلّها؛ فانقطعت لغة الخطاب بينه وبين السلطة من ناحية، حيث وقفت ضدّ تحقيق طموحاته ومشروعاته، سواء بتدجينه بمنصب إداري كما هو الحال عندنا في الجزائر، أو بإرهابه، وإبعاده عن ساحة التأثير الاجتماعي..
والخيبة الكبيرة أن المثقف العربي رضي بهذا الدور المرسوم له، ونقصد هنا المثقف الذي يحمل همًّا معرفيا يريد به إصلاح ما يجب إصلاحه، أو حتى استشارته في العديد من القضايا المفصلية، ولذلك لم يستطع، أو يُــفسح له المجال في تغيير الواقع العربي بقــدر ما ساهم هذا المثقف في تثبيت دعائم هذا الواقع، وإقامة أوتاده، وإلاّ فالنفي والاغـــتراب بشكليْهما الجسدي، والنفسي هما البديل .
واقعنا المعيش هذه الأيام والعالم العربي تفتك به الفتن الطائفية، والحروب الأهلية، وآخرها مأساة غزّة.. هذه المأساة البشعة فضحت المثقف العربي، وعرّته، وكشفت ضعفه، وانسحابه من الساحة، ولمّا نتكلم عن المثقف يتسع تعريفنا له كي يشمل كل من يحمل المعرفة، أو ينتجها، أو يطبقها مجتمعيا.
أين هم صنّاعها، والمنفذون لها من أساتذة الجامعات، الأطباء، المحامين العرب، الكُتّاب العرب، رجال المال والأعمال، المثقفين ..وغير هؤلاء؟ أين أصواتهم ؟ هل نظموا احتجاجات هنا وهناك ؟ هل أظهروا أنفسهم وأبدوا مواقفهم مما جرى ويجري؟ هل أوصلوا أصواتهم إلى المنابر الدولية، والمنظمات العالمية ؟
المثقف العربي اكتفى ببُكائيات منفردة على صفحات التواصل الاجتماعي في شكل تأسّفٍ وحسرة، أو في شكل قصائد يغرّد بها كما غرّد بها غيره في كل نكساتنا، وهزائمنا التي تتناسل، ولا أخال أنها ستنتهي.
المثقف العربي فقد مكانته بفعل السُّـــلط المختلفة التي تجاهلته، ورضي بذلك لأنه آثر السلامة على الوقوف في وجه القوة، وتماهى مع القيم المثالية التي يحملها، والتي لا السلط تؤمن بها ولا الجماهير الشعبية التي تعالى عليها تسمعه ..فتخلّت عليه بدورها.
الكثير من مثقفينا المساكين قانعون بالاستكانة إلى قيم يدونونها في مؤلفات يطمحون إلى طبعها، وإصدارها، واللهث وراء رجال الأعمال ، أو السلط لمساعدتهم في ذلك ، ثم التباهي بها أمام نظرائهم، والبعض منهم يتلهّف على منصب إداري مرموق بمجرّد أن يتحصّل عليه ينقلب على كل المبادئ والقيم التي كان يتظاهر بها.
هي الحقيقة أحببنا أم كرهنا منْ يصنع عالم اليوم ليس المثقف، وليس أستاذ الجامعة، ولا غير هؤلاء ممّن نضمّهم إلى فئة المثقفين ..من يصنعه، ويوجهه هو المال الذي تغلغل في كل مفاصل المجتمع، المال ورجاله وحدهم وراء رجال السياسة الذين بدورهم في خدمة المال.. ومن يصنع العالم اليوم أيضًا هو الإعلام بكل أطيافه وخاصة الصورة ..إعلام وراءه المال ورجاله في خدمة السياسة والمال والاقتصاد.
... مصالح مشتركة، وأدوار مختلفة في الغرب كما في الشرق .



#بشير_خلف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب: الطريق إلى قنادسة
- الفن إبداع إنساني
- مبادئ الأنثروبولوجيا ..علم الإنسان
- الربيع العربي ..إلى أين؟
- النص الأدبي النسوي..تحدٍّ للمعوقات وتطلّعٌ إلى الحرية
- النصّ الأدبي الجزائري..مُقْصى من الكتاب المدرسي إلى أجلٍ غير ...
- حساسية الروائي..وذائقة المتلقي
- الكتابة .. تلك السلطة الخالدة !!
- مجلات الأطفال ..وسيط ثقافي متجدد
- شخصيات ثقافية..مآثر ومواقف ونصوص
- مرّة أخرى بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني..
- لماذا فشلنا في تدريب أبنائنا على استثمار القراءة؟
- حملة - توفير كتاب لكل مواطن في الجنوب-
- هذا هو المثقف الحق في اعتقادي
- حائط رحمونة..قراءة في مجموعة قصصية
- اللون في القرآن الكريم والشعر
- مسألة الهوية في الشعر الجزائري المعاصر
- أعلام وادي سوف في الشعر الملحون
- ظاهرة انتحار التلاميذ..إنذارٌ بفشلِِ النظام التربوي
- الكتاب الورقي على عرشه باقٍ


المزيد.....




- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...
- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير خلف - عالمٌ يمور بالأحداث المتسارعة... المثقف العربي عنه غائبٌ ومغيّبٌ