|
اللغة العربية والكورد ــ تعقيب واجابة
خالص عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 1289 - 2005 / 8 / 17 - 09:47
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لم اكن اتوقع ان تصلني مثل هذه المداخلات والتعقيبات التي كتب اغلبهاالاخوة الكورد باسلوب في غاية اللطف والادب ؛ وبرؤيا ذات عمق بعيد عن التعصب قريب من الحقيقة؛ ولو اردت ان اعطي لكل رسالة حقها من الشكر والتقدير لاحتجت الى صفحات ومواقع لاكثر من مقال ؛ ولكن رسالة من بين كل ذلك الكم استوقفتني مليا وقد اجبت كاتبها بايجاز وهي تستحق اكثر من ذلك لما اتسمت وملحقها من موضوعية وايجابية . اذ كانت تلك الرسالةومرفقها الذي احتوى على طروحات مهمة في العملية التربوية قد اكدا على ما للغة العربية من اهمية في استمرارية مناهج تدريس الصغار والشباب على حد سواء في كردستان العراق . كانت تلك الرسالة من التربوي الخبير الاستاذ فهمي كاكاي الذي درّس لمدة طويلة في الوطن ثم استقر في السويد لينشر بعض مؤلفاته المدرسية هناك . ان موجز ما طرحه يتلخص في النقاط التالية:ـ المحافظة على لغة الام ؛ تدريس اللغة العربية في كردستان العراق ؛ محاولة استعمال الحروف اللاتينية في اللغة الكرديةبدلا من الابجدية العربية ؛ تدريس اللغة الكردية في مدارس العراق... ؛ و ان الاجابة على تلك النقاط الهامة تكثف كما يأتــي : ـ 1ــ مما لاشك فيه ان الحفاظ على لغة الام هو من اولويات جذور التراث الثقافي والاجتماعي والتاريخي للمجتمعات المدنية في كل عصر ؛ ونحن حينما نطالب بالحفاظ على الغة العربية كمصدر ثر من مصادر المعرفة ؛ لايمكننا اطلاقا ان نبيح لانفسنا ما لانبيحه للآخرين ؛ والا نكون قد استعملنا مبدأ المعايير المزدوجة المقيت بهذا الشأن التربوي الجليل. 2ــ يفند الاستاذ كاكاي الدعاوى التي انتشرت حول تقليص حصص دراسة اللغة العربية في اقليم كردستان العراق ؛ ويقول ان الحصص الدراسية للغة العربية مازالت بمعدل خمس حصص في الاسبوع ؛ وانه بمراجعته واطلاعه على سير العملية التربوية في المدارس التي زارها لتقديم الخبرة مع فريق الخبراء الآخرين حتى نهاية العام الماضي ؛ لم يلحظ اي تغيير في تلك المعدلا ت من الحصص الدراسية؛ ... وفي رسالة لاحقه له يقول ان هناك مدارس مختصة بتدريس اللغة العربية في دهوك واربيل وعددها11 مدرسة يعمل فيها 241 معلم ومعلمة ؛ وانه ما زال يدعو الى تنظيم مؤتمر لغوي لبحث كل هذه المواضيع ان عاجلا ام آجلا... وجوابي على ذلك ؛ ان تلك المعدلات وتلك المدارس وعقد المؤتمر كلها امور مهمة للغاية و لاشك ... ولكن الاهم هو ما طرحته في مقالتي السابقة حول فائدة هذه الاجيال والاجيال اللاحقة من اللغة العربية لا على المستوى التربوي وحسب بل ما يتعداه الى الشباب كافة كلغة عمل مشترك في مختلف المشاريع الاجتماعية والخدمية والاقتصادية والسياحية الى جانب اقتناص فرص العمل على امتداد عراقنا الغالي والوطن العربي ؛ اذ من حق الشاب الكوردي كما هو من حق العربي ان ينطلق الى عوالم اوسع تتيح له المجال لتحسين اوضاعه المالية بدلا من الغرباء الذين لايفقهون من اللغة العربية شيئا ويأخذون مكانة يستحقها غيرهم من ابناء هذه الارض الطيبة. ان الامثلة التي سقتها سابقا هي غيض من فيض مما سيفيد منه العارفون باللغة العربية دون غيرهم . وما زال املي كبيرا في تقبل ما هدفت اليه بروح ايجابية كتلك التي حملتها اليّ رسائل المثقفين والتربويين من انحاء شتى للتعبير عن المواقف الموضوعية تجاه ذلك الطرح الجدي . اما بشأن ضرورة تدريس اللغة الكوردية في مدارس العراق فانه امريستحق الاستجابة الفورية ؛ ذلك اننا نعيش في وطن واحد وان تأريخنا متداخل ومتشابك ومتجذر ؛ وان عوامل التقارب والآلفة في الدين والنسب والعادات والتقاليد ... الخ مشدودة الآصرة ؛ متواصلة النسيج ؛ فلابد للمدارس ان تأخذ دورها الحقيقي في تعليم ابنائنا الغة الكوردية اضافة الى ما تدرسه من لغات اخرى حاليا وعلىمختلف المراحل . 3ــ اما ما يتعلق باستبدال الابجدية العربية بالحروف اللاتينيةوما يطرحه بعض الكتاب من حين الى آخر فأنني الاحظ في الافق خطأ جسيما سيرتكب ان اعدت الخطط لذلك رسميا ؛ و حينما اقول ذلك ادرك تماما ما اعنيه ؛ لا من خلال نظرة ضيقة متقوقعة على ذاتها وانما من نظرة واسعة الابعاد بعيدة المدى لايكون استبدال الحرف فيها الا الذرة الاولى من سطح الانحدار نحو فقدان التراث الثقافي للكورد على جميع المستويات ؛ وقد ضربت للاستاذ كاكاي في رسالتي الجوابية مثلا يستحق التوقف عنده؛ واعيده هنا مفصلا لفائدة محصلة النتيجة: كنت في احدى زياراتي الى اسطمبول ؛ ابحث عن مخطوطة قيل لي انها في احدى المكتبات القديمة التى تمتد الى مسافات بعيدة تحاذي جميعها جدار كلية الطب ( التي كانت مقرا لوزارة الدفاع على العهد العثماني ) وهذه المكتبات عبارة عن دكاكين او غرف متداخلة فيما بينها؛ وحينما دخلت المكتبة المقصودة لم اجد غير ثلاثة رجال كبار في السن وليس هناك شاب واحد بينهم ؛ وبعد اطلاعي على ما جأت من اجله جلست قرب مسؤول المكتبة وسألته عن السبب في عدم تردد جمهرة الباحثين وطلاب الدراسات العليا عل هذه المكتبة العامرة لينهلوا من معينها الثر؟ ؛ اجابني هامسا وفمه يلتصق بأذني... ان السبب الجوهري هو الحرف اللاتيني ؛ !! فلما وجدني في حيرة من جوابه ؛ اردف قائلا؛ لقد كتب المؤرخون والاطباء والمهندسون والادباء والشعراء ملايين الكتب والصحف والمخطوطات في دولة الخلافة العثمانية وفي جميع البدان التي كانت جزءا منها وحفظت في خزانات المكتبات العامة والخاصة وهي تراث ضخم للغاية ونتاج جهد اؤلئك الافذاذ الذين ابدعوا في نتاجه ؛ ولكن الغاء الابجدية العربية ليحل بدلها الحرف اللاتيني حولها من تراث امة الى مجلدات محنطة لايفيد منها الا العدد الذي رأيته من القراء وهو عدد لايكاد يذكرخاصة وهو في طريقه الى ا لانقراض وكذلك هذا النموذج من حضارة عريقة كان مقيظا له ان يكون سندا للمؤرخين والباحثين من الاجيال الحاضرة واللاحقة . عند هذه العبارة ودعته وانصرفت وانا افكر واسأل نفسي .. ماذا لو اقدمت الصين او الهند او او روسيا او انكلترا او فرنسا او الامة العربية ... الخ على تغيير حروفها ؟ فمن سيقرا من ابناء تلك الامم بعد جيل واحد فقط ؛ شكسبير وجارلس دكنز وطاغور واقبال وهوجو ومولير والتنبي والجواهري واحمد شوقي ... بلغة الام لكل منهم ؟ كم من الارث الثقافي سيضيع؟ وماذا يستطيع المختصون القلة ان يفعلوه لاعادة كتابة ذلك الجبل الثقافي الهائل بالحروف الجديدة ..؟ وما الفائدة من التغيير اذا كان سيدمر كل ذلك التراث الانساني؟ ؟ والله ان الابقاء على الحرف الذي كتب به الاباء والاجداد لخير الف مرة ومرة من تغييره الى حرف مشنقة يعلق فيها ذلك الابداع البشري ليتدلى امام اعين الابناء والاحفاد.... هذا ما وددت عرضه على القراء والتربويين والمثقفين لكي نتآزر جميعا خدمة للغة والثقافة والتأريخ المشترك لابناء الوطن الواحد.
#خالص_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللغة العربية والكورد
-
دعاة المنابر والتطلع الى سلطة الحكم
-
صدى السنين : رابطة المناضل الجريح
-
حقوق المرأة ما بين السؤال والجواب
-
الدستور والاستفتاء
-
حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ الخاتمة
-
حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد( 5 ) اهمية قانون ا
...
-
حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعداللحد 3 ـ العيب ـ
-
حقوق المرأة من قبل المهد ال ما بعد اللحد 4 ـ لقطات مكبرة ـ
-
الدستور وقانون الاحوال الشخصية وحقوق المرأة
-
حق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ 2ـ
-
حق المرأة في المساواة من قبل المهد والى ما بعد اللحد
-
تحالفات قوى وتيارات اليسار والديمقراطية في العراق في المرحلة
...
-
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|