أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - اللغة العربية والكورد















المزيد.....

اللغة العربية والكورد


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 11:58
المحور: الادب والفن
    


حينما اصبح للغة العربية موقعها الدولي كاحدى اللغات الحية التي اعتمدت ركيزة للكتابة والتخاطب ضمن لغات الامم المتحدة ؛ وجد اللغويون العرب ان لغتهم بلغت شأوا وشوطا بعيدا كان من مطامح مجامعهم وجامعاتهم وحصونهم التربويةالعريقة . وكانت هذه الطفرة قد مهدت الطريق لتدفق النشر والترجمة في دنيا المطبوعات ؛ اضافة الى الانفراج في المخاطبات والمراسلات المهنية بهذه اللغة مباشرةعبر مختلف المؤسسات على مستوى العالم . وحينما غطت شبكات الانترنيت ولواحقهاكل المعمورة ظهر جليا ما لهذه اللغة من اثر فعال نشط على اصعدة عدة ؛ شأنها شأن بقية اللغات ذات الامتداد الواسع ؛ ومن هنا اصبحت اهميتها لا محدودة اومقتصرة على جانبها التاريخي ؛ او الادبي ؛او نطاقها الجغرافي ؛ بل امتد الى رقعة العلوم والتكنولوجيا وادارة الاعمال والمال بكل فواصلهاالفرعية ؛ فزادت اهمية وزاد الاقبال على تعلمها لهذه الاسباب وغيرها مما تتطلبه شؤون اخرى كالسياحة والديبلوماسية والاستثمار والمشاريع الواسعة على امتداد الوطن العربي والعالم . في بداية الخمسينات من القرن الماضي ؛ كانت زيارتي الاولى الى برلين الغربيةـ كما كانت تسمى انذاك ـ وقد لفت نظري تجمع لفتيات وفتيان لايقل عددهم عن مائة شخص بعمر الزهور وهم يصعدون الى الحافلات مع امتعة شخصية ثقيلة وكثيرة ولما استفسرت من صاحب المقهى الذي اتردد عليه في ( بوتسدام شتراسه ) عن سبب هذا التجمهر ؛ اجابني بان اكثرية الحاضرين هم من العوائل التي تودع ابناءها الذين تراهم يصعدون الباصات الكبيرة الى حيث توصلهم الى محطة القطارات الكبرى لينتقلوا الى بريطانيا لفترة مناسبة يتعلمون فيها اللغة الانكليزية وليعودوا متسلحين بها فينالوا الوظائف والاعمال التي تحتاج الى مثل هذه اللغة وغيرها... وبالطبع لم استطع ان اسأله سؤالا ينبع من دواخل اغلب الشرقيين وهو ... كيف للشباب الالماني ان يرحل الى بلد كان الى سنوات قصيرة للغاية عدوكم ؛ ناهيك عن الاختلاف في العرق واللغة والكنيسة؟ ..... وفي منتصف الخمسينات وبعد تخرجي في كلية الحقوق ببغداد غادرت الى بريطانيا للالتحاق بجامعة لندن ـ قسم القانون في كلية كنجز كولج ـ وكان من متطلبات الدراسة ان انتظم في احدى المدارس المتطورة التي تعنى برفع مستوى لغة الطالب الى المرتبة التي تتناسب ومستواه الدراسي القادم. وما كدت انظم الى احد الصفوف المتقدمة حتى هالني ما رأيت من عدد الطالبا ت والطلاب الالمان والايطاليين واليونانيين بشكل خاص...؛ وفي احدى المرات وانا اجلس في المقهى المجاور للمدرسة في شا رع ( هاي كنزكتن) جلس على ذات الطاولة احد زملاء الدراسة ؛ فدار الحديث حول تدفق الطلاب الاوربيين والشرقيين على مثل هذه المدارس فقال؛ لا تتصور ان انخراطنا في مثل هذه الدراسة الصعبة وعملنا اليدوي المجهد سواء في البيوت او المستشفيات او الانفاق لسعات طويلة لقاء مبالغ زهيدة ؛ هو حبنا للغة الانكليزية وعشقنا لشكسبير او جارلس ديكنز او اوسكار وايلد ...الخ بل لان هذه اللغة او اية لغة اخرى مفيدة وذات اساس عملي متين ؛ ستكون البوابة الرئيسة للدخول من عالم البطالة الى عالم العمل المثمرالذي يدر علينا ما نصبواليه من مال وافر ومستقبل مضمون؛ ثم اردف يقول ... وهل تتصور ان المدارس البريطانية هي الوحيدة المهيأة لذلك؟!! بالطبع كلا !! فهناك مدارس ومعاهد على هذا النمط في جميع الدول الاوربيية؛ في فرنسا واسبانيا وايطاليا وهولندا .... الخ مدارس يدخلها الاف الطلاب لتعلم لغة البلد ليكونوا مؤهلين للعمل في بلدان اخرى تحتاج للعمالة التي تجيد هذه اللغة او تلك...
تذكرت مثل هذه النماذج الحيةلشباب يجاهد لتعلم لغات كثيرة اخرى لم يكون يفقه حرفا واحدا منها ؛ وتذكرت ايضا تلك المجموعة المختلطة التي لم تتجاوز الثمانية افراد والتي غادرت ميناء هامبورج لتستقل البحر نحو اليابان لتعلم اللغة اليابانية.,,نعم تذكرت كل ذلك وانا اقرأ بعض الاخبار المحزنة عن تناقص مذهل في اعداد الذين يدرسون اللغة العربية في كردستان العراق و
على مختلف المستويات الدراسية ؛ الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية؛ ولا من احد يتصدى لمثل هذا التدهور في احد جوانب المعرفة المستقاة او المحصلة اصلا من منابعها المحلية والمتوارثة عن اجيال واجيال دونما اي مشاق او دراسة اولية في بلد آخر بعيد .... انهامجرد خزين مادي محفوظ يغرف منه الشباب دونما صرف مالي او جهد استثنائي...ثم انا لا ادري ما علاقة لغة تجيدها او ستجيدها مستقبلا باسلوب بدائي في اخذ الثأر او الاقتصاص من اللغة بسبب اناس يتكلمون نفس هذه اللغة نالوا من هذه الفئة او تلك في بعض مناطق كردستان ؟!!! ان مثل الانتقام هو موجه للذات قبل ان يوجه للغير ؛ اذ ماذا يضير ذلك الغير ان سرت في شوطك بتعلم هذه اللغة الثانية ام تلك او امتنعت عنها كليا ؟!!! ان الذي يتوجب الانتباه اليه جيدا هو ان الذين يعرفون اللغة العربية ويغرفون من مناهلها الاساسية... كالقرآن الكريم والسنن والاحاديث وكتب الفقه والتفسير ..... الخ تمتد رقعتهم من شرق آسيا حتى سواحل المحيط الهادي ومن الجمهورايات الاسلامية ( السوفياتية) سابقا حتى ادغال افريقيا ؛ هذا بالاضافة الى الالاف الذين يجدّون في تعلمهافي جميع انحاء العالم لاسباب سياسية او ديبلوماسية او اقتصادية او سياحية.... الخ ؛ من هنا اؤكد بان خسارة الشباب الكردي لهذه اللغة النشطة انما هو عقوبة قاسية موجهة للذات وعلى علماء النفس في كردستان دراسة هذه الحالة بكثير من التبصر والامعان ؛ ذلك لانني لم اسمع(على سبيل المثال لا التطابق) بأن جزائريا او مغربيا او تونسيا او ليبيا او فلسطينيا قاطع اللغة الفرنسية او الايطالية او الاسبانية او الانكليزية بسبب ما عاناه من هذا الحاكم او الجنرال اثناء حقبة من الزمن ؛ والا لشهدنا امتناع مئات الشعوب عن الاستمرار بتعلم لغات جهات كانت على
خلاف جذري حول مفهوم التلاحم والتواصل وشد الاصرة ؛ كما في جنوب افريقيا ؛ او اندنوسيا او السنغال او نيجيريا ....
ان اخطر ما في هذا الموضوع هو ان لايكون للايدي الاجنبية الخبيثة دور اساسي تحريضي ضد اللغة العربية باعتبارها المنفذ الاسهل للولوج الى داخل الخيمة العربية الكردية لغرض تخريب العلاقات الى ابعد حد والى اكثر مما هي عليه الان. وحينما نضع ايدينا على سر ذلك الخطر..؛ سيدرك الاخوة الكورد عندئذ من هو الخاسر الوحيد؟ ومن هو الرابح من وراء كل ذلك ..
لاشك ان كثيرا من قادة التربية في كردستان العراق قد شق عليهم هذا التوجه في محاربة الذات ؛ ولاشك ايضا ان الاكثرية الساحقة من المثقفين الكرد لايرضون عن هذه الحالة المؤلمة من الجلد الطوعي للذات ايضا ؛ ولعل الكثيرين منهم قد فكروا كما افكر بان الحياة العملية الفسيحة ستأخذ مداها حينما يرحل المحتل واتباعه فتصفو النفوس وتفتح ابواب الرفاهية على هذه المنطقة العزيزة من شمالنا الغالي في شتى مجالات المشاريع الحيوية والاستثمارات و المواصلات والبرامج العمرانية والسياحيةعلى كل الاصعدة ؛ عندها ستعج المنطقة بالحركة ويتوافد العراقيون والعرب وغيرهم من كل حدب وصوب سياحا او مستثمرين فتمتلأ الفنادق والموتيلات والكبرات بهم كما كان على ايام شبابنا في سرسنك وصلاح الدين وسواره توكاوحاج عمران وسررش و بيرمام وشقلاوة وبيخال وسرجنار وزاويشاوكلي علي بيك وغيرها من منابع الخير ؛ و في تلك الحالة سيدرك شباب الكورد كم هو محظوظ ذلك الشاب الذي يجيد التحدث بالعربية والكتابة بها ؛ بل كم هو موفق ذلك التاجر او صاحب الفندق او المهندس او البناء او الميكانيكي او الطبيب او دلال العقاراو البائع المتجول الذي يجيد التخاطب باللغة العربية . الى هنا سنترك هذا الموقع الهام لننطلق الى عالم اوسع حيث يتطلع الشباب الى ايجاد فرصة عمل فيه ؛ وهو وطننا العربي الكبير الممتد من سواحل نواذيبو في موريتانيا الى آخر ذرة علـــــى ساحل باب المندب ، حيث الاف الاعمال التي تنتظر من يجيد منهم العربية ليحل بديلا عن اولئك الذين بغرقون البيوت والمصارف والفنادق والمستشفيات والمصائف من غير ابناء البلاد؛ ولا يعوز هؤلاء الغرباء غير اللغة العربية الصحيحة ليثبتوا اقدامهم فيها ... فهل فكر اخوتنااحقا بكل هذه الابواب قبل الاقدام على اعدام هذه اللغة الحية المتجددة العامرة بكل عناصر الديمومة والبقاء قياسا علىنظرة الامم العملية اليها واعتمادها مصدرا ثرا من مصادرها االحيوية على الصعيدين التاريخي الثقافي والمهني العملي وبجميع التوجهات والاحتياجات الانية او المستقبلية.ان حرصي على عدم ضياع الفرصة امام الشباب الكورد بالذات هو الذي دفعني( وبتجرد) الى كتابة هذا الموضوع الشائك لكي لايقال ان احدا لم يرفع صوته منبها الى ثروة ثمينة تهدر باصرار وعناد على ارض كوردستان العراق وان اول خاسريها هم شبابهاالذين سيدركون عاجلا ام آجلا كم كانوا على خطأ جسيم حينما اضاعوا لغة كانت بايديهم.
في هذه اللحظات التي اكتب فيها سطور الخاتمة ؛ تمر على ذهني بعض اسماء لشخصيات كوردية عراقية في عصرنا هذا احتضنت فيه اللغة العربية و سفحت زيت العيون عليها قراءة وكتابة وابداعا في مجالات الفتوى والفقه والشعر والتحقيق والادب والتاريخ.... الخ كاسماعيل باشا بابان وخلف شوقي الداودي وعبد القادر رشيد الناصري وحسين مردان وعبد المجيد الونداوي وكمال عثمان ومسعود محمد والافذاذ الآخرين من آل بابان ؛ محمد فيضي وامجد وجميل صدقي وابراهيم ادهم ؛ فتحيات من الاعماق اليهم نماذج لمئات آخرين من المبحرين الكورد في محيط اللغة العربية او من حفاظها وحراسها والقيمين على كنوزها الثرة عبر تأريخها العريق الذي لن تزعزعه ريح عابرة..

ولاحت تباشير الحقائق فانجلت بها عن بني الدنيا شكوك التوهم



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاة المنابر والتطلع الى سلطة الحكم
- صدى السنين : رابطة المناضل الجريح
- حقوق المرأة ما بين السؤال والجواب
- الدستور والاستفتاء
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ الخاتمة
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد( 5 ) اهمية قانون ا ...
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعداللحد 3 ـ العيب ـ
- حقوق المرأة من قبل المهد ال ما بعد اللحد 4 ـ لقطات مكبرة ـ
- الدستور وقانون الاحوال الشخصية وحقوق المرأة
- حق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ 2ـ
- حق المرأة في المساواة من قبل المهد والى ما بعد اللحد
- تحالفات قوى وتيارات اليسار والديمقراطية في العراق في المرحلة ...
- العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - اللغة العربية والكورد