أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج8/ الفاتحون العرب المسلمون يصابون ب-داء العنف العراقي- ! ج8 من 9ج















المزيد.....

ج8/ الفاتحون العرب المسلمون يصابون ب-داء العنف العراقي- ! ج8 من 9ج


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4574 - 2014 / 9 / 14 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




إن مؤلف كتاب " تاريخ العنف الدموي في العراق" وسيراً على دأبه، لا يقيم أي اعتبار معرفي أو فرق بحثي بين الكيان السياسي التاريخي وبين الآخر الجغرافي "الخام". أكثر من هذا، فهو يعتبر أي تجلٍ تاريخي للكيانية السياسية المحددة بزمنها، يعتبرها أبدا أو سرمدا غير قابل للتحديد والمحايثة، فالعراق في أيام عبد السلام عارف، في بصره وبصيرته، هو نفسه العراق أيام هارون الرشيد. وهو نفسه أيام حاكم صغير في لكش قبل عشرات القرون، وقد سردنا أمثلة عديدة على نظرته تلك. أما الأكثر غرابة فهو إن الكاتب، ولإعطاء حكمه المسبق والتشنيعي بحق العراق تبريراً أو غطاء تاريخا، يلجأ أحياناً إلى "قصقصة" الكيانية الجغرافية مع الاحتفاظ بمظهر الكيانية التاريخية ليحصد الكثير من الأمثلة على العنف الدموي "العراقي"، وهاكم مثالاً واحداً من جملة أمثلة أتخم بها كتابه ( ففي معركة "أليس" وهي إحدى المعارك التي قادها خالد بن الوليد ".." كانت قوات الفرس تقاتل بشدة وضراوة ومعها عدد من القبائل العربية الموالية، وكانت حاقدة وموتورة لأن خالداً كان قد سبق له أن قتل بعض أبنائها في صدامات سابقة ".." ويبدو أن خالد بن الوليد وجيشه قد تعرض إلى مأزق شديد جعله يقسم على نفسه يميناً إلى الله أن يجري نهر الفرات بدماء أفراد الجيش المعادي ".." ثم جاء الفَرَج ومالت الكفة لصالح المسلمين ".." فأقبلت الخيول بهم أفواجاً يساقون سوقاً وقد أوكل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النهر) وبعد أن ينتهي الكاتب من وصف مشاهد القتل يعلق بالقول (كانت تلك المطحنة البشرية هي ما أسفرت عنها معركة واحدة من بين المعارك الضارية التي جرت من أجل فتح العراق. ولننظر الآن إلى ما فعله خالد بن الوليد ذاته في مدينة دمشق خلال فتح الشام بعد أن حاصرها مدة ستة أشهر..) وتتمة القصة متوقعة فقد كتب خالد بن الوليد عهداً بالأمان لأهل دمشق سمح لمن أراد منهم الالتحاق بالروم أن يفعل فخرج منهم موكب ضخم (وقد مرَّ ذلك الموكب الغني بكنوزه و موجوداته الثمينة ونسائه الجميلات أمام مرأى الجيش الإسلامي المحارب القادم من الصحراء الذي اصطف أفراده يراقبون بانضباط تام ما يجري أمامهم ملتزمين بأوامر وتعليمات خالد الصارمة ".." إن القائد العسكري واحد ـ والكلام هنا لباقر ياسين ـ لكن الفارق كبير جداً بين هاتين الواقعتين بين ما جرى في العراق وما جرى في الشام، حتى لكأن خالد بن الوليد في الشام هو شخص آخر غير خالد بن الوليد في العراق. ص88).
قد يذهب الظن بالقارئ أن باقر ياسين ربما يُعرِّضُ بالحالة النفسية والعقلية للقائد خالد بن الوليد كما يشير إلى ذلك قوله (حتى لكأن خالد بن الوليد في الشام هو شخص آخر غير خالد بن الوليد في العراق) فالقصة، وتعليقات الكاتب، تصب في مصب احتمال إصابة خالد بالفصام "الشيزوفرينيا"، ولكن قصد الكاتب مختلف. فهو إنما أراد إدانة أهل العراق مقارنة بأهل الشام المسالمين الذي صالحوا العرب المسلمين فسمحوا للراغبين منهم بمغادرة الشام والالتحاق بالروم. ترى أي اجتراء مريب على الحقائق التاريخية فعله المؤلف هنا تحديدا! سنحاول تفنيد هذا المونتاج الانتقائي الذي صنعه ياسين تفنيداً تاريخياً وسنعود فيما بعد لموضوع الكيانيات.
ـ في إقليم الشام كما في العراق، حدثت مواجهات دموية رهيبة بين "قوة فتية طازجة" كما وصفها المؤرخ يوسف سامي اليوسف هي الجيش العربي تحت رايات التوحيد الإسلامي وبين إمبراطوريتين عريقتين ومنخورتين بالفساد والظلم هما الفارسية والرومانية. وإذا كان المؤلف يشهر بوجوه العراقيين "عار الدماء" التي سالت في معركة (أليس)، لا لسبب إلا لأنها جرت على أرض ذلك الإقليم، فثمة ما يقابل ذلك في معارك فتح إقليم الشام وهي موقعة قنسرين. وخلاصتها أن أبا عبيدة أرسل خالد بن الوليد ذاته بعد فتح حمص إلى قنسرين وتواجه مع جيش الروم بقيادة "ميناس" وهَزمَ العربُ الرومَ وقتلوا "ميناس" وجميع جنوده وأما أهل المدينة فقد أرسلوا إلى خالد وقالوا إنهم عرب ويريدون الصلح وإنهم ( إنما حشروا ولم يكن من رأيهم الحرب) بعبارة الطبري، (ولكن خالد ما كان رجع عن رأيه وسار حتى نزل قنسرين فتحصنوا منه وطالبوه بأن يصالحهم بشروط صلح حمص فأبى خالد بن الوليد إلا على إخراب المدينة فأخربها واتطأت حمص وقنسرين. ص99 مج 3 تاريخ الطبري أحداث 15هـ)

ـ في إقليم العراق كما في إقليم الشام تصالح السكان في بعض المناطق وكانوا في غالبيتهم عرباً أو من بقايا الأقوام السامية مع الفاتحين والمحررين العرب المسلمين، أو أنهم رحلوا إلى أماكن أخرى في الإقليم. ولم يكن ذلك حكراً على الشام ومن أمثلة الإجلاء والترحيل السلمي في العراق ما ورد بعد الصفحة عينها التي وردت فيها أخبار وتفاصيل موقعة "أليس" حيث يخبرنا الطبري بأن مدينة (إمغشيا) في العراق فتحت دون قتال بعد موقعة "أليس" وقد دخلها خالد وجيشه وجلا أهلها وتفرقوا في "السواد" وهو واحد من أسماء إقليم العراق آنذاك.
ـ هناك أيضاً، خبر عن صلح مع أهل الحيرة (في إقليم العراق) يذكره الطبري ( وقد كتب أهل الحيرة عن خالد كتاباً: إنا قد أدينا الجزية التي عاهدنا عليها خالد العبد الصالح والمسلمين عباد الله الصالحين على أن يمنعونا "يحمونا" وأميرهم البغي من المسلمين وغيرهم. ص574 مج 2 أحداث 12) وثمة كتاب مشابه بين خالد وصلوبا بن نسطونا صالحهُ فيه على بلدتيْ "بانقيا" و "بسما" وضمن له ما عليها وعلى أرضها من شاطئ الفرات جميعاً. ص570 م.س)
ما الذي يتبقى إذن من المقارنة التمييزية التي قام بها الكاتب؟ لا شيء طبعاً سوى الإنشاء الهجائي والأحكام المسبقة. وبالمناسبة فالكاتب يشرح لقارئه أن (اسم مدينة "كربلاء" مشتق من الكرب والبلاء دلالة على كم وكيف العنف الدموي العراقي أما جلولاء فقد سميت هكذا لكثرة الجثث الآدمية التي جللت وجه الأرض ص91). إن الكاتب الذي يأخذ بتفسيرات الروزخونية والبسطاء من الملالي و رجال دين يعلن من حيث لا يدري أنه لا يختلف عنهم منهجياً. فالمعروف لدى المتخصصين أن مدينتي كربلاء وجلولاء لم يسميا بهذين الاسمين بعد المعارك التي حدثت على أرضهما، بل هما مدينتان قديمتان جداً، واسماهما من الأسماء الآرامية القليلة التي ظلت حية. وقد ذكر المفكر الراحل هادي العلوي بأن كلمة "كربلا " والتي تزاد همزة غالباً، مؤلفة من كلمتين آراميتين هما (كرب) أي قُرب و(أيلا) أي الله، ومثلها بابل (باب أيل وتعني باب الله) وكذلك أربيل أو (أربع أيل) أي الألهة الأربعة ولم يبلغني رأيه رحمه الله بجلولاء الذي اعتقد أنه يجري مجرى ما تقدم من أسماء وقد تكون بمعنى "جلَّ الله" بمعنى تعالى وسما .

نعود إلى موضوعة الكيانية ملخصين: إن الكاتب يلغي الدلالات، هذا إذا افترضنا أنه يعلم أصلاً بهذا الموضوع، تارة ويخلط في أخرى بين الكيان السياسي التاريخي الحاضر وذاك المنتهي تاريخياً ويوحد في ثالثة بينهما، فعراق عبد السلام عارف في نظره هو نفسه بلاد آكاد وملكها سرجون. ثم إنه يخلط بين الكيان السياسي التاريخي وتعبيره الحقوقي والقانوني (الدولة) وبين الكيان الجغرافي ولا يميز أو ينتبه لكون الثاني لحظة من تاريخ الثانية فالدولة العباسية هي نفسها بلاد الرافدين عنده وهي نفسها الجمهورية العراقية القائمة اليوم. وأحيانا يتحول الكيان الجغرافي على يد الكاتب إلى سبب تاريخي وحيد وخالق خرافي للحدث التاريخي والظاهرة التاريخية وبهذا الكيف والكم المعينين لا بغيرهما، فخالد بن الوليد وحروب الفتح والتحرير على جغرافية اسمها العراق ليس هو خالداً وليست هي الحرب نفسها في جغرافية مجاورة هي الشام.
إن الكاتب بخلطه بين التاريخ والجغرافية وبجهله لديالتكتيك العلاقة بينهما يخرب الاثنين معاً ولا يخرج سوى بأوهام صيغت بإنشاء هجائي مقذع يمت بصلة قوية للرائج من أحكام و(نظريات المقاهي والحانات) والشائعات الشعبية أكثر مما يمت بصلة للعلم.

وأخيرا فالكاتب يفصل عن عمد الكيانية السياسية الواحدة أو تلك التي في طور التوحد والتحقق، ومثالها هنا الدولة العربية الإسلامية الآخذة بالتكون والنشوء في فترة حروب الفتح والتحرير العربي الإسلامي، فهو يشطر أو يفصل بين العراق وبين الشام مع أنهما جزآن في صيرورة تاريخية واحدة. ولتسهيل عملية الفصل القسري السابقة، يلجأ الكاتب إلى عملية مشابهة ولكن على صعيد الكيانية الجغرافية في تلك الفترة التاريخية دون سواها، وهوفي كلتا الحالتين، للأسف، يَعْتَسِفُ العلم ويزيف الحقائق التاريخية والجغرافية.

في الجزء القادم وهو الأخير سوف نستعرض ونناقش نتائج بحث علمي أوروبي شهير سبق لنا أن أشرنا إلى العالمين المتخصصين في علم النفس المجتمعي والجماعي اللذين قاما به وهما الزوجان إيفو و روزا فايرابند لما لهذا البحث من أهمية نظرية وعملية خاصة ولأنه أورد العراق من ضمن مجموعة من الدول التي تناولها البحث وستكون تلك الخلاصات التي انتهى إليها الباحثان الأوروبيان آخر حفنة تراب تهال على قبر خرافة "العنف الدموي العراق" التي فبركها السيد باقر ياسين في كتابه فاتحين الباب أمام قراءة ظاهرة العنف المجتمعي والاجتماعي في العراق أو سواه بموجب شروطها وسياقاتها الاجتماسية والنفسية و وفق منهجية عملية صارمة تنأى عن الإنشاء السطحي و "تصفيط الكلام" وتلوذ بالطرائق التحليلية والحيثيات الموثقة كالأرقام والوقائع والشخصيات القابلة للتفكيك ليتم وضع الفروض العلمية و استنباط التعميمات منها.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ج7/طقوس الانتحار الجماعي الملكي السومري وخرافة العنف العراقي ...
- بين عبد الكريم قاسم ونوري المالكي .. مقارنة متعسفة
- تحالف النجيفي يستثمر أسهم داعش ويفتح فرعا للمكون-الوطني-!
- ج5/ شعب العراق ضحية لظاهرة العنف أم جلاد ؟ /ج5 من 9 ج
- الحديقة العراقية تنهض ضد غربان داعش
- ج4/ العنف العراقي عند باقر ياسين: شتائم بالجملة ضد الشعب الض ...
- أيهما أدق: إقناع أم اقتلاع المالكي؟
- مجرم نعم.. لكنه وسيم!الانقلاب على دستورهم
- تكليف العبادي/ ماذا حدث بعد منتصف الليل ؟
- ج2/ فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 2 من 2
- دلالات خطاب منتصف الليل للمالكي
- ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 ...
- لا تغيير الخيول خلال المعركة!
- ج3/ الغربيون والجذور التاريخية لوصم العربي بعار العنف /3من9
- العنف الفردي و الجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي / 2من9
- عودة الى باقر ياسين وكتابه: العنف لغةً واصطلاحاً وسياقاً / 1 ...
- بشرى سارة: أطماع تركيا في الرافدين أصبحت عدوانا بموجب القانو ...
- ج2/ الحرب الإعلامية والحلول المطروحة
- ج1/ شروط كيري وأحلام المالكي
- خلط فكري وانتهازية سياسية في بيان حازم صاغية


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج8/ الفاتحون العرب المسلمون يصابون ب-داء العنف العراقي- ! ج8 من 9ج