أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - ج2/ فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 2 من 2















المزيد.....

ج2/ فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 2 من 2


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4540 - 2014 / 8 / 11 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


علاء اللامي*
من الواضح أننا بإزاء نص روائي يمكن أن يصنف ضمن الكوميديا السوداء، مثلما يمت بصلة مضمونية لما يمكن تسميته بالأدب المسوخي من النوع الرخيص والمتداول في نثر البشاعة وأفلام الرعب الهوليودية ولكن هذا على مستوى النظرة الأولى للشكل، أما إذا تعمقنا أكثر في حيثيات العمل فسنجد انه أكثر براءة مما قد يبدو في ظاهرة، وهذه البراءة تتلبس بنوع من الفجائعية الحزينة التي ينتجها الواقع العراقي اليومي وتفاصيله الدموية. ولكن هل نحن حقا أمام فرانكشتاين في بغداد أم أننا أمام مخلوق بغدادي يدعى الشسمه يقلد فرانكشتاين الغربي كما يقلد فتيان الثانويات البغداديين نظراءهم الذين يظهرون على شاشات التلفزيونات الأجنبية؟
لقد قيل الكثير بخصوص عنوان الرواية فثمة مَن دافع عنه ضمن حق المبدع في ابتكار عناوينه لأسباب يراها هو مناسبة وقد لا يراها غيره كذلك، و انتقده آخرون على اعتباره نوعا من افتعال رافعة إعلانية رخيصة و ذات رنين ومذاق أجنبيين لزيادة التأثير على الجمهور المتلقي. والواقع فإن اختيار المؤلف لهذا الاسم لا يخلو من الغرضية، رغم أن لبطل الرواية أسماء أخرى مستعملة في النص منها "الذي لا اسم له" واسم آخر باللهجة العراقية هو "الشسمه" وهذه المفردة تختصر عبارة ( الذي أي شيء اسمه ). ولكن هذه الغرضية للأسف خلطت الأوراق على صعيد المضمون بشدة بسبب اختلاف هوية هذا المخلوق وهل هو نتاج للواقع العراقي الدموي وقد ولد من رحم هذا الواقع ليعكس صبوات العاجزين عن مواجهة الشر والألم وإلحاق الهزيمة به، كشيء يشبه إلى درجة الانطباق أحلام يقظة المراهق المهان والذي يتمنى أن ينتقم ممن ألحق به الإهانة والأذى بطريقة سهلة وسحرية كأن يمتلك طاقية إخفاء أو قدرات سحرية عجيبة تمكنه من الانتقام من عدوه وتحطيمه جسديا؟ أم هو تطبيق حرفي أو شبه حرفي لنسخة مسطحة من فرانكشتاين الأوروبي على ظروف العراق المحتل والذي يُقْتَل فيه الناس على الهوية الطائفية وأحيانا دون الحاجة حتى لمعرفة الهوية؟
الناقد الفلسطيني المعروف فيصل دراج، علق على اسم الرواية بالقول، إن الروائي ( ألصق على عنوان روايته "هوية موضوعه"، فاستقدم فرانكنشتاين إلى بغداد، فللاسم جاذبيته الوافدة، واتخذ لذاته موقع ميري شيلي، التي عالجت موضوعاً له خصوصية مغايرة) وأضاف موضحا ( استحضر المؤلف رعب بغداد من الاسم الجاهز، واختصره في إنسان هامشي يلهو، في شكل فقير، بأوصال مقطعة. ولذلك ضاع الرعب المعيش في تجليات خارجية بسيطة: الانفجارات، البيوت المهدمة، الغبار وغيرها من «العناصر السينمائية» بقدر ما احتجب البشر الذين هم الموقع الفعلي للرعب الدامي) إن كلام دراج هنا لا يخلو من المغزى الحقيقي، ولكن استنتاجه الخاص باحتجاب البشر و غياب رعبهم الحقيقي لم يكن دقيقا كل الدقة، ودراج نفسه يؤكد عكس هذا الاستنتاج حين يطري ويقيم إيجابيا ما سماه الجزء الوحيد الذي ( أنقذ الرواية، أي الجزء الوحيد فيها الذي يصف ويسرد، ماثل في شخصية "المجنونة"، تلك العجوز المسيحية المؤطرة بالأطلال والأطياف والأشباح، والتي لا يجبرها الرعب على مغادرة بيتها القديم). أما ثنائية "الوصف / السرد" التي يعتمدها دراج في رصده النقدي لنص الرواية فينطوي على الكثير من التبسيط لا سيما وأن المؤلف كان متمكنا في الجانب الوصفي مثلما كان متمكنا في الآليات السردية التي اعتمدها. أما تقييم دراج للغة التي اعتمدها سعداوي بكونها "لغة صحافية عادية" فهو ليس مأخذا جديا وثمة الكثير من الأعمال الروائية العالمية الهامة، ومنها أغلب روايات وقصص ماركيز التي اعتمد فيها لغة التحقيقات الصحافية العادية، بل المأخذ الجدي والخطير نجده في الخلل اللغوي الخطير الذي عانت منه هذه "اللغة" عند سعداوي، وضاعف من تأثيره أن الرواية صدرت عن دار نشر لا تُقيم أدني اعتبار لإصداراتها ولا تراجع تلك الإصدارات ما جعل بعض الهفوات والخطاء الإعرابية والإملائية تظهر كفضائح و من هذا قبيل نقرأ (كان محموداً مرتاحاً/ص 276/ و هو يكظّ على أسنانه /ص 248..الخ)، أمر دفع الشاعر العراقي المعروف سعدي يوسف للتبرؤ من أعماله الشعرية الكاملة التي نشرتها هذه الدار في رسالة مفتوحة طالبا ألا يقرن اسمه باسم تلك الدار!
وبصدد اسم الرواية أيضا، يلاحظ الناقد العراقي حميد الحريزي أن اسم رواية سعداوي ( يحيل الى رواية فرنكنشتاين لماري شيللي، هذا الارتباط الذي جعل من ( فرنكنشتاين ) معادلا لخالق و مصنع السوبرمان القبيح المنتقم، على الرغم من اختلاف دوافع الانتقام بين مخلوق فرانكنشتاين شيللي عن دوافع مخلوق فرنكنشتاين السعداوي "الشسمه ".) ثم يخرج الزميل الحريزي باستنتاج مفاده أن في الرواية (اشارة واضحة الى عجز النظام الرأسمالي الموسوس بالعلم عن توفير السعادة والسلام والوئام لمخلوقاته العلميه الخارقة للطبيعة وعدم قدرته على التحكم في همجيتها وعدوانيتها على بني الانسان، مما يعني في نهاية المطاف تدمير ذاته وحضارته وكيانه جراء تهوره ونجاوزه، معتبرا أن الوصف الذي يقدمه البحار لفرانكشتاين هو ( وصف واقعي للبرجوازية خالقة التقدم والجمال والرفاه للبشرية خصوصا في بداية وأوج نهضتها، ولازالت جذابةً رغم تهورها وتدهورها وتحديها لنواميس الطبيعة وتمرد مخلوقاتها عليها) أما خالق فرانكشتاين البغدادي "سوبرمان المجتمع العراقي في عهد الاحتلال" كما يسميه ، فيراها الناقد ( شخصية رثة، كذابة، تعتاش على كل ما هو قديم ومستهلك، لا تملك من العلم والمعرفة ما يؤهلها لتخليق سوبرمان العلم الخارق وهي دلالة على رثاثة وتخلف مجتمعاتنا وهشاشة وبدائية وتشوه طبقاته الاجتماعية، حيث موت وتبعية الطبقة الوسطى مشعة الفكر الحر والمستنير صوب الطبقة البرجوازية العليا ونقيضها الطبقة العاملة، كل هذا بسبب وأد الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة وتحولها الى طبقة برجوازية طفيلية مسخ، بسبب ريعية الدولة واعتمادها على البترول كمصدر أول ورئيس للثروة، وهذا ما انعكس بنفس النسبة من الرثاثة على نقيضها الطبقة العاملة فتكونت من حثالة البرولتاريا الرثة التي تعتاش على الهامش المستهلك وبذلك هيمنت عللى الكتلة البشرية "المجتمع" برمتها ثقافة الاستهلاك، والاستيراد والاستبداد واجترار المعلومة وتقليد الاخر دون تفكر او تدبر والنبش في الغيب والخرافة كما النبش في اكداس النفايات لتحصل على لقمة العيش وإدامة وجودها البيولوجي الصرف). إن هذه الرؤية الطبقية المسطحة والمليئة بالثقوب والأخطاء لا تفسر شيئا، لا في الرواية ولا في الواقع العراقي المعيش، وهي تذكرنا بالقراءات الجدانوفية الستينية في ميدان الأدب "الحزبي" والتي فات أوانها. وهذا ما يوجب علينا البحث عن مفاتيح أخرى مقنعة لقراءة الرواية ليس في ضوء هذا التحليل النظري الشبيه بالمسطرة الجاهزة وهذا ما سنحاول مقاربته في قراءة نقدية أخرى قريبا.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات خطاب منتصف الليل للمالكي
- ج1/ قراءة في السياق :فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 1 ...
- لا تغيير الخيول خلال المعركة!
- ج3/ الغربيون والجذور التاريخية لوصم العربي بعار العنف /3من9
- العنف الفردي و الجماعي في سرديات علم النفس الكلاسيكي / 2من9
- عودة الى باقر ياسين وكتابه: العنف لغةً واصطلاحاً وسياقاً / 1 ...
- بشرى سارة: أطماع تركيا في الرافدين أصبحت عدوانا بموجب القانو ...
- ج2/ الحرب الإعلامية والحلول المطروحة
- ج1/ شروط كيري وأحلام المالكي
- خلط فكري وانتهازية سياسية في بيان حازم صاغية
- هل يجرؤ المالكي؟ نصف الانتصار على داعش في طرد الخبراء الأمير ...
- الافتراءات الطائفية المتبادلة و صمت العرب السنة على ضم كركوك
- هدوء عسكري يسبق عاصفة تقسيم العراق
- بين المطلك و اليعقوبي والوقف السني
- كيف نفذ انقلاب الموصل وما مضاعفاته؟
- حين شكلوا مجلس بريمر للحكم سقطت الموصل والعراق
- أخطر جرس إنذار دولي قبل زوال الرافدين
- أردوغان يتركب أخطر جريمة ويقطع مياه الفرات
- نتائج متوقعة للانتخابات التشريعية العراقية
- لذكرى العالم العراقي راحل مهدي حنتوش!


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - ج2/ فرانكشتاين بغدادي يلتهم جائزة -بوكر/ 2 من 2