أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الغناء..أسلوب لتمجيد الحياة...فريدة / رواية نعيم قطان















المزيد.....


الغناء..أسلوب لتمجيد الحياة...فريدة / رواية نعيم قطان


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


الغناء...أسلوب لتمجيد الحياة ..
فريدة. رواية نعيم قطان ..

الى مجلة(إمضاء)..أهدي مقالتي هذه..
مقداد مسعود

*نحن نحيا هناك لكن قلوبنا أبدا في العراق....
*مهما بعدنا عن بغداد نبقى بغادة وأهلي،أعني أقاربي مازالوا بالعراق
من رواية( شلومو الكردي وأنا والزمن)
سمير نقّاش
*مقرؤيتان للفوتو...
في قراءتي الاولى للرواية قبل ثلاث سنوات، لم اتوقف عند صورةالغلاف..تصورتها..محض ماركة تجارية لترويج الرواية..وحين حركت قراءتي سكونية النص..قدمت لي صورة الغلاف من خلال تسريحة الأنثى ،أضاءة سيمولوجية لزمنية الفضاء الروائي وهنا تطابق البعدان: النص الفوتو غرافي والنص السرداني،فكلاهما بتوقيت منتصف أربعينيات القرن الماضي..
الآن وبعد الانتهاء من أنتاجيتي الثانية للرواية ،وأنا أقرأ المسطور في الصفحة المجاورة للصفحة الاولى ،حيث تثبت دار الجمل..نظام معلوماتي وجيز عن المؤلف والمترجم ،أستوقفني السطر التالي(صورة الغلاف: المطربة سليمة مراد)..هذه المعلومة..منحت إجناسية اضافية للرواية..أي صنفتها ضمن الروايات السييرية،التي لاتخلو من أرشفة وتوثيق هما ضمن مركزانية الفضاء الروائي وليس في حيز الهامش..وهنا تكون الصورة الفوتوغرافية لسليمة مراد : نقطة دالة والصورة الفوتوغرافية هنا لها فاعلية الصورة الملصقة في بطاقاتنا الشخصية..اذن في قراءتي الاولى للرواية يمكن اعتبارها قراءة انتاجية
أكتفت بتدوين ملاحظة حول مهارة توظيف التقنية الحداثية للسرد الروائي وتشغيل اتصالية بين الذات / المطربة (فريدة )وبين الموضوع وهو العراق منذ ان (استرجع ياسين الهاشمي السلطة/ص6) ..مرورا بأنقلاب بكر صدقي/ ص130 وانتهاء بما عرفه العراقيون ب( طكة رشيد عالي) اي أنقلاب رشيد عالي الكيلاني..وهذا يعني ان الفضاء الروائي،مدوّن على الروزنامة العراقية،ضمن تلك الحقبة وهو تدوين يتملك حركية الأنزياح عن التاريخي لصالح الفني..
(*)
فضاء الرواية يبدأ بعنف شخصي(يهودي / يهودي) وينتهي بعنف جماعي..على مستوى البنية السياسية العراقية ..(لاشك أن الدوائر ستدور بعد ذلك على المسيحييّن والكلدان والأرمن والأكراد ص215)فضاء الرواية يشتغل في بغداد،في تلك الحقبة من مجتمعية التعايش السلمي بين القوميات والاديان ..ويومها كانت بغداد حاضرة كوزومبولوتية..
بغداد ب( شوارعها وبيوتها ومحلاتها ووجوهها، فإذا هي تمنحه من المشاعر مالم تمنحه من قبل،وكأنه يرى لأول مرة كم فيها من أكراد وكم فيها من يهود وكم فيها من شوارع جديدة أليفة وكم هي شاسعة بلاحدود /ص196) نقرأ في الصفحة الاولى من الرواية..(انفجر الخبر مثل القنبلة في أوساط الطائفة اليهودية واشتعلت عناوين الصحف بكل مايثير الخوف والريبة والأحساس بالخزي :مقتل ساسون قره غولي.إيقاف إسماعيل حسن وفي يده خنجر يقطر دما.القاتل يتهم سليم عبدالله بتحريضه على ارتكاب الجريمة/ ص5)..والعنف هنا موجها من يهودي (سليم) الى صديقه وشريكه وصهره ..(ساسون) واداة الجريمة عامل مسلم ،تورط لأسباب معينة ان يكون مرتكب الجرم..(أنقض عليه إسماعيل فطوّقه بيد وحزّ عنقه بالأخرى/ص5 )..ثم تتوالى سيرورة السرد بتوسيع الفضاء الروائي..مرة عبر الذاكرة التذكارية ومرة عبر التقاط الحاضر ضمن الزمن الروائي وسرده..ويكون النسق الثالث من السرد ..قفل النص الروائي..أعني بذلك (تذكر المستقبل ) وسنتناوله لاحقا..نكتفي بنوع معين منه أعني المبأر من خلال الذاكرة التذكارية لشخصية سليم..وهنا نكون أمام مستقبل قريب جدا ومستقبل آخر..وهو المستقبل البعيد..،نلتقط عينة من المستقبل القريب..أثناء ساعات وداع سليم لفريدة..(بعد ذلك سيطوّقها بذراعيه وسيقضيان الساعات الأخيرة متعانقين /ص245) أما المستقبل البعيد،فهو يشتغل على المخيال الفردي لسليم وحده، وبث هذا المخيال لايخلو من عطل..يؤدي الى شطحة وامضة..(لم يتخيّل لقاءهما القادم ،لكنه رآها في بهاء لحظة ٍ تتجه الى المستقبل ،حيث سيكون لجمالها توهج الحب الأبدي /ص245)..لكن سليم يحمل فكرة أكبر من مخيال شخص..فكرة تنتسب لتأسيس وطن على اغتصاب أرض،وبفعل هذه الفكرة سيتحول سليم ،من كينونة مظهَدة الى كينونة تشارك في اضطهاد شعب آمن ..وهكذا سيشيد بيتا من خلال التهديم والتخريب والتقتيل لمواطنين فلسطينين ،لايعرفونه ولايعرفهم..(سنلتقي في بلد جديد نبنيه بأيدينا، سنشيد بيتا ونعيش حياتنا الجديدة /ص243).. لكن سليم نفسه يعلم ان فريدة..( لم يعد يهمها أن تفكر بالمستقبل /ص144). وثمة ومضة معلوماتية يدسها لنا السارد العليم: ( لم تشعر يوما بانتمائها الى هذا العالم على الرغم من كونها يهودية / ص 184) وفريدة تستروح في نبرة سليم خدر الشعار وحسب قولها ..(كادت تبتسم لكنها سرعان مافقدت الرغبة في الابتسام .مسكين سليم. يهدهد نفسه بالشعارات.لاتتعب نفسك حبيبي .تحاول أن ترد الموت بالكلمات ؟ ألا ترى كم هي هشة؟ أدهشتها بلاغته وأدهشها أكثر إصراره على تجاهل كل ماهو مثير للسخرية..دغدغتها كلماته المجنّحة التي تفقد الكلمات كل جدوى/ 243)
*في الصفحات العشرين الاخيرة،وبعد فشل انقلاب رشيد عالي الكيلاني
ينعكس الامر في الشارع العراقي وتحديدا في بغداد...(في المساء شرحت الاذاعة ما التبس..رشيد عالي هرب مع حكومته وهم الآن في طريقهم الى إيران)..يلي ذلك..(اجتمع بعض الوجهاء والعسكريين وكوّنوا لجنة للأمن الداخليص216)..ثم (أغلقت المدينة أبوابها وقد باتت بلا حكومة )..بعدها نتوقف عند الوحدة السردية التالية..(ثم دوت في الجو طلقات الرصاص .مراهقو تنظيم الفتوة هجموا على اليهود الذين كانوا يغادرون الكنيس لابسين ثياب الاحتفال على شرف النبي يشوع .تعالت الصرخات بأنهم يحتفلون بهزيمة العراق/ص217)...وحين تطل فريدة من نافذة غرفتها ..ترى ،ماسوف نراه نحن بعد انسحاب الجيش العراقي من غزوه للكويت..وما جرى لمؤسسات الدولة والمحال التجارية الاهلية،مارأته فريدة.أطلقت عليهم الجماهير (فرهود) ..أما جرى في عهدنا فأطلقت عليه الجماهير ذاتها..(حواسم)...وهذا المشهد المبأر من نافذة فريدة :
(رجال نساء وأطفال يركضون جماعات حاملين أثاثا وأغراضا من كل نوع .إنه السلب والنهب .أحيانا كان الاطفال يضيقون بحمل الأغراض فيلقون بها على الأرض،لكن أولياؤهم ينقضون عليها ويختطفونها اختطافا.قافلة لاتنقطع من صراخ الرجال وصياح النسوة وهن ّ يشجعن أطفالهن على حمل الغنيمة على الرغم من الثقل والتعب /ص217)
(*)
أواليات السرد
تبدأ الرواية بالعودة الى حدث دموي فردي..عبر توظيف تايتل صحفي،عبر الاندراج التالي:
*مؤثرية دينية/ ضيقة: انفجر الخبر مثل القنبلة في اوساط الطائفة اليهودية
*مؤثرية أعلامية/ وأشتعلت عناوين الصحف بكل مايثير الخوف والإحساس بالخزي.ثم تتسع هذه المؤثرية سرديا..(كانت جريدة البلاد أقل ميلا لليهود من جريدة الزمان ،على الرغم من إصرار صاحبها المسيحي توفيق السمعاني على الزعم بأنه صديق اليهود ونصيرهم/ص6)..يلي ذلك (ما أن مر يومان على وقوع الجريمة حتى كانت جريدة الزمان تعرض على صفحتها الرئيسية تصريح رئيس الوزراء.الحكومة حريصة على أمن مواطنيها دون تمييز وستضرب بحزم على يدي كل من تسول له نفسه العبث بالنظام العام/ ص7)..
*مؤثرية أعلامية متأخرة: بعد مرور فترة على مقتل ساسون ،يدس لنا السارد العليم هذه المعلومة..(وسرعان ما تعاملت الصحف مع الأمر بلا مبالاة .إنها مجرد حكاية بين يهود ٍ تورط فيها مسلمون /ص69)
*سردية اعلامية..(عرف سليم من خلال الصحف التي كانت فريدة تمده الجرائد:
*أن عهدة المسلخ سُلّمت الى شركة باسم الشيخلي والقرة غولى .تم إسقاط أسمه نهائيا/ هذه المعلومة تعني مصادرة كل ما له من تمويل اقتصادي
*أرتفع سعر اللحم بسرعة البرق وتسبب ذلك في تظاهر الكثيرين أمام مكاتب الطائفة / لدينا هنا مزدوج معلوماتي : معلومة اقتصادية :ارتفاع السعر، ولدينا معلومة لها وظيفة النتيجة الاجتماعية لهذا السبب الاقتصادي
: تظاهر المواطنين ،إذن نحن امام قنونة سوقية : عرض/ طلب ..
*..المظاهرات العابرة والهامشية فهي دليل على عدم وجود أي خطر يتهدد
اليهود وإلاّ لما فكروا في سعر اللحم / يومىء استنتاج سليم الذي يتخفى مؤلف النص خلفه،أن لليهود في هذه اللحظة سطوة أقتصا – أجتماعية. نلاحظ ان السرد يقدم توليفة مثلثة من التاريخي والوثائقي والفني..
*تموضع اليهود في العراق مابين الحربين
بعد فشل أنقلاب رشيد عالي ،يمكن اعتبار هذه الوحدة السردية الصغرى
دقيقة في الشخصنة..(أندس اليهود في بيوتهم وصعد المسلمون الى السطوح متهامسين ص216) اتوقف عند الفعلين الدقيقين في تشخيص حالة الطرفين
*أندس / ....
*صعد/...
الفعل الاول(اندس) جواني،يكشف عن الخوف،أما الفعل الثاني( صعد) فهو لايحتاج الى شرح..لكن يرافق الصعود فعل جواني وهو (متهامسين )..
*خلية سردانية مرآوية التراسل
من قراءتي الثانية للرواية، أنقل هذه الوحدة السردية من الرواية (كان مستغرقا في القراءة حين وصله من السطح المجاور،صوت يتغنى بأحدى الأغاني الرائجة تلك الأيام .دويتو بين محمد عبد الوهاب وليلى مراد...شاع أيامها أن ليلى مراد يهودية وأن أباها حزان في كنيس بالقاهرة ،وأحتار الكثيرون هل يفخرون بأن أبنة الطائفة أصبحت نجمة معروفة أم يخجلون لأنها شريكة وربما عشيقة مسلم/ص31)..لاتخلو هذه السردانية من ايماءة مرآوية لكل ما سوف يجري بين فريدة اليهودية والقائد الكبير في الشرطة العراقية والمسلم الديانة جواد..
*سرد الإذن
للإذن سردها وهذا السرد لايشتغل على المخيلة ،قدر اشتغالهِ على دقة الملاحظة أثناء الاصغاء ..(فهم من صدى الحركات الذي كان يصله مع الغناء أن صاحبة الصوت تنفّض الوسائد وترتّب الفرش /ص31)
*سرد العين
(أجال سليم نظره في القاعة ،كل العيون كل هؤلاء الرجال الذين يهتفون الآن بإعجابهم والذين ما ان يفيقوا من دهشتهم حتى يستعيدوا حيوانيتهم..خيل إليه أن نظرها وقع عليه / ص114- 115) ان المشهد هنا
(فنظرت الى جمهورها برصانة وارتسمت على شفتيها شبه ابتسامة /ص114)
*التراسل عبر التشفير الغنائي ..
تستعمل فريدة حنجرتها الغنائية،في توصيل رسائلها الغرامية المشفّرة لحبيبها سليم ..(كل صباح كانت فريدة تصنع من أغانيها رسائل مشفّرة. كانت تعمد الى أغاني عبد الوهاب وأسمهان فتغيّر بعض كلماتها لتقول له ماتريد..هكذا عرف أن أحد الأطفال مريض وأنها لن تستطيع مغادرة البيت /ص53)
*الغناء كتحصين
في تضاد بين الكثرة/ جمهور الملهى والواحد/ المغنية فريدة
*ضجيج الجمهور--------------- يئست فريدة من فرض الصمت / ص123
،ستتفعل اتصالية تماه بين الواحدة / فريدة وكثرة تكتمل فريدة بها
*لكنها كانت تقف ---------- تترك للفرقة ان تعطيها :
الدفع - الرغبة – الحماس
وهكذا تنتقل من العلن الى الكمون ( مختفية داخل نفسها بعيدا عن الضجيج /ص123) ولاتكتفي بذلك الضجيج/ص123)..(كانت تلجأ الى صوتها وتراقب غناءها يتقدم
رويدا رويدا من شواطىء الثقة والثبات )..ومن أجل مضاعفة الثقة والثبات كانت تفعّل وهم الأستقواء بحبها لسليم وهي تهمسه..(عادت الى البيت التصقت بسليم وأخذت تقول وتكرر محاولة إقناع نفسها: (أغنّي حبّي لك. أغنيّ حبي لك ..) هذا الوهم الجميل قوة دافعة ليس إلاّ..(طقسا ضروريا لها كي تسترجع قواها وتجد الشجاعة الكافية لمواصلة الطريق..)
ثم تواصل صعودها وتلاشيها في ذروة غنائية شاهقة..(كانت تعتمد أحيانا أن توغل في غنائها حد الضياع ..كانت تنتظر تلك الحظة التي أختارتها تسحب صوتها بمهارة فتتعالى الاصوات مرددة الله الله ..ثم تجد نفسها ان في نفسها بقية فترخي للموال العنان من جديد ،ويخيّم الصمت ،وتغيب القاعة في العتمة ،ويكون لها أن تبحر على أمواج زخارفها وذبذبات صوتها، ويكون لها ان تتغنى بحبها الكسير،ويكون لها ان تتعزّى بالبحث في الغناء عن طريق لإستعادة الحياة واسترجاع كمال الحب البعيد/ص124)..نلاحظ في هذه الوحدة الصغرى،ان الغناء له مديات واسعة الثراء دلاليا..
*الغناء ...تراسل حبي
الغناء يهتك اسرار الروح،ويعلن عن توجهات الجسد ،في اشتباك خضل لاتتوقف طراوته..وصوت الأنثى غواية تتمطى بمغناطيسية انجذابية / انتباذية في الوقت نفسه..بصوتها اصطادت فريدة سليم عبد الله..وبصوتها ستأسر ضا بط الشرطة جواد ،وبخبرتها في عوالم الليل وأزقة النهار سترى في جواد طفلا بملابس حكومية..(كثيرا مابدا لها طفوليا،وكأنه يتصنّع مظهر الرجال .هل يحب حقا قيادة الرجال وإعطاء الأوامر؟/ 135)..والسارد العليم يخبرنا..(لاشك أنه يحبها)
*الجنس بالأستعاضة
(هو ليس في حاجة الى امرأة أخرى وهي ليست سوى وسيلة لتمجيد فريدة /ص56)
(*)
فريدة...تتفحص حياتها عبر الاستعادة
سيكون أشتغالي هنا على الصفحتين الأخيرتين في الرواية
(تهالكت فريدة على عتبة الباب /ص246)
في هذه الوحدة السردية الصغري،يتكشف لنا الرهق الذي كانت تكابده ،فريدة في عملية تهريب عشيقها( سليم) الى آيران..سليم الهارب من السجن الذي دخله بتهمة ،قتل (ساسون)..وسيركز السرد أكثر ..في (جفت دموعها تماما) فما بين القوسين،يكشف عن شدة المعاناة..ثم سرعان ما يعلن السرد عن رباطة الجأش ..(ستفكر في سليم فيما بعد)
هل سبب ال(فيما بعد) هو..تمرد ذهنها على إرادتها؟! ..(لم يعد ذهنها طوع الأمر الآن )..ثم فجأة تتلقى درسا من ذلك الكائن الحكيم هذا الكائن الذي يقحمه السرد ،إ قحاما وظيفيا ،يخلو من التلقائية،وتكون له لهذا الكائن وظيفة سيمولوجية..(نظرت الى الأرض.رأت سربا من النمل يحمل أثقالا ويتقاطر في نظام محكم)..هنا ستبث هذه الوظيفة السيمولوجية
فاعليتها،المزدوجة في عزيزة..(بعد قليل تستعيد وعيها بجسدها وأطرافها وتستطيع رؤية الشارع والسيارات وهي تحمل رجالا ونساءً لايعيرونها أي انتباه.) نلاحظ هنا كيف تم التغيير في زواية النظر مقارنة بالوحدة السردية السابقة:
نظرت الى الأرض -------- تستطيع رؤية الشارع والسيارات
ومثلما أستعادت فريدة وعيها بجسدها وأطرافها،فسوف..(تستعيد أعضاءها) رغم انها استعادة مبتورة..(..لكن جزءً غامضا من جسدها سيظل مبتورا..)..لكن ما سوف تلمسه
فريدة سبقها الى ذلك سليم(تفرّس في فريدة طويلا بشعرها الاشعث وملامحها المنقبضة
فبدت له أكثر سمرة من العادة .ضمها إليه دون أن ينظر إليها وكأنه يتجنب اكتشاف حقيقة مرّة.أين هي فريدة بارك السعدون ؟ تخيلها في ثيابها سمراء سوداء الشعر.لو لم يكن تحت رحمتها لطلب منها تغيير لون شعرها/ ص201)..لقد أكتشف سليم مؤثرية المتغير السالب في جسد فريدة هل أكتشف سليم الجمال المصنّع؟..ملامح الشيخوخة فيها..؟
*أدوار استحالة ذاكرة فريدة
فريدة ... في نهاية الزمن الروائي،تصل متأخرة الى يقظتها ..
( وقفت دون ان تحس بالأرض تحت قدميها لم تكن تعيسة .لكنها شعرت بخواء غامض وشامل)..لحظة عدمية عميقة في صدقها الواخز المدبب ومحاولة منها للتغلب على عدم ٍصادقٍ نقيٍ صلد.. تحاول الصعود المزدوج..صعود حقيقي الى سطح دارها..وتصعيد سيكلوجي فرويدي
*ذاكرة تستقبل الماضي
*عتبة التذكر
قبل التذكر من الضروري في إنتاجيتي هذه ان أنتخب صورا سردية لفريدة..في مثنويتها العاطفية..( كانت تريد هذا الرجل.ليس كما أرادت سليم فسيلم أمر آخر.سليم هو الحب والقلب والروح . أما جواد فهو الترف والنهم ص137)..نلاحظ ان هذه التوفقية هي المكوّن الأساس في شعلتها العاطفية ،ألا يمثل جواد هاشم أستقواءها الاجتماعي؟ اليس جواد هاشم قائد شرطة بغداد ضمن الزمن الروائي،وان (بدا لها شابا عاطفيا أقرب الى الرومنسيّ منه الى الفاتح المتجبّر/ص118)
(*)
في نهاية الرواية، بعد هروب جواد الى إيران أثر فشل حركة رشيد عالي الكيلاني،ستصير فريدة في لحظة وحشة مطلقة وتحديدا حين يستعد سليم اليهودي للهروب الى إيران ..تخاطبه فريدة (كنت أريدك معي، كنت أريدك رجلي/ص245)..ومفردة (رجلي) التي تشحنها ياء التملك في نهايتها بفيوض دلالية غزيرة..أشد وقعا من مفردة(زوجي)..وسليم التقط احساسها هذا قبلها ضمن زمن الرواية (كأن سليم بدا محطتها الأخيرة ،أكتفت بما يجمعهما من ماض مشترك /ص144) وهنا لدينا اتصالية ذاكراتية بين فريدة وسليم ..فهما (كانا يحاربان الزوال ، ويحاولان بناء الذاكرة من خلال لحظة راهنة محفورة في الغياب /ص232)..

*ذاكرة المستقبل..من خلال آنية اللحظة
الفضاء المفتوح في سطح دار فريدة، الفضاء هو الذي سينصب لها شاشة
لتستعرض حياتها لقطة ..لقطة..سطح دارها هو الرابط التفاعلي بين الذات والزمن..هو القوة الدافعة للوجود والموجود والأنوجاد ..
*(تعمدت مناداة الماضي محصية ً مفردات حياتها واحدة واحدة، صاعدة بها الى السطح لعلها تطمئن ،لعلها ترى فيها دليلا على أنها تتنفس وتمشي وتتكلم./ص246)..فريدة هنا يتشكل منها وعيا بالعزلة أنها تعيش وحدتها وحدها..وهي مكتفية بوحدتها ..(وحيدة ولاحاجة لها بأحد .لاحاجة لها حتى تحلم .حرة ووحيدة .أرضاها الحصاد وكانت الشمس تشرق/ص247)..وكقارىء اتساءل كم شفرة تحتمل هذه الوحدة السردية الصغرى؟! وكقارىء أيضا تدعوني هذه السردية،الى استعادة زمن فريدة..ولكن هل يمكن عزل زمن فريدة عن الزمن العراقي والزمانان مختلطان في لحظة واحدة ..فريدة الواحدة بكل مافي هذه الواحدية من تفرد وتمييز..فريدة التي فعّلت أسمها بتفردها وأكدت ان الفن ينتمي للمحبة للسلام لا للطائفية ولا للطوائفية..(كانت تقف على المسرح فتشعر بأنها تنفصل عن نفسها .لاهي يهودية ولامسلمة .إنها فريدة المغنية التي يهتف باسمها الجميع ويصفق لها الجميع .لاوجود بعد الآن لسليم ولا لجواد ولا لرشيد عالي ص212)

* المقالة منشورة في جريدة الزمان – 11- أيلول - 2014
*نعيم قطان /فريدة / ترجمة آدم فتحي/ منشورات الجمل/ بغداد/ 2006
*بخصوص فرهود 1941،يتناوله الروائي والشاعر والمترجم الفلسطيني
محمد الأسعد ،من خلال ماجرى في البصرة في كتاب(نص اللاجىء) وقد ارسل لي الروائي / الأسعد مشكورا نسخة مكتوبة على الحاسوب ،قبل ان يطبعها في كتاب وكان ذلك بعد 2003 البصرة،وهنا أكررشكري وأمتناني للروائي الكبير للأستاذ محمد الأسعد..الذي كان يسكن البصرة لفترة لايستهان بها..



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حركية الاشياء/ أسئلة الاخضر بن يوسف
- سيرة فراشات ماكنة الخياطة / كتابة من داخل الكتابة/ الروائية ...
- كلاندك...كابوند...كلاس
- قلادة شمشو/ وآليات السرد والشخوص...في (الأمريكان في بيتي) لل ...
- سميح القاسم : الشاعر والبطل توأمان
- أحييك ياحسين عبد اللطيف
- هواتف آدم / ليل حواء...قراءة منتخبة من (هواتف الليل) قصص قصي ...
- فوزنيسكي....أحذروا التقليد
- تأثيث النص الشعري/ الشاعر حسين عبد اللطيف في(أمير من أور)
- عبده وازن إلياس كانيتي
- أجنحة حسين عبد اللطيف
- نيسيان اليد..يترك مساحة للتأويل
- وجود في زمن ضائع/ روايتان ومدينة/ الروائي عبد الكريم العبيدي ...
- مقبرة براغ
- ترجيل الأنثى تسمويا....حزامة حبايب في رواية (قبل ان تنام الم ...
- درجة الأتقاد
- الشعلة وكتلة الشعلة في قصائد انسي الحاج
- أيدلوجية القص
- قراءة في (يدي تنسى كثيرا) للشاعر والناقد مقداد مسعود
- نجمة قشة مبللة بالنواح الزراعي/ حسب الشيخ جعفر..من خلال قصيد ...


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الغناء..أسلوب لتمجيد الحياة...فريدة / رواية نعيم قطان