أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - نحو إعادة صياغة الوعي العربي















المزيد.....

نحو إعادة صياغة الوعي العربي


راسم عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



على ضوء ما يشهده العالم العربي من فتن مذهبية وطائفية وعرقية وأثنية،وسيادة ثقافة الإقصاء والتكفير والتخوين"والتدعيش" للوعي والحياة الإجتماعية والثقافية في المناطق التي سيطرت عليها ما يسمى بدولة الخلافة في العراق والشام،وما رافقها من تفكك للدولة المركزية الى دويلات طائفية ومذهبية،تتحكم فيها ميليشيات وبلطجية وزعران،وعكس هذه الثقافة لنفسها،ليس فقط على الواقع السياسي العربي،بل هذه الثقافة التخريبية والمدمرة تطال بشكل أساسي النسيج المجتمعي العربي،حيث أصبحنا امام مجتمعات عشائرية وقبلية وجهوية وطائفية ومذهبية،لا يربطها رابط بواقعها ومحيطها الوطني والقومي،وواضح بأن هناك مشروع سياسي خطير،يجري تنفيذه من أجل نحر هذه الأمة،وجعلها امة خارج التاريخ البشري العاقل،بحيث تتحول دولها الى كيانات إجتماعية هشة ودول فاشلة كما هو الحال في الصومال وليبيا والعراق الذي يتعرض للتفتيت والتقسيم،وهذا المشروع تشارك فيه قوى محلية(المتأسلمين الجدد)،"داعش" وما يسمى بجبهة النصرة والسلفية والإخوان المسلمين والوهابية،ورغم إختلاف التسميات فهي نفس المنتج والماركة والمصنع،ولكن مقتضيات السياسة والعلاقات الدولية،تقتضي تغير التسمية بناءاً على الدور والوظيفة والمهمة لكل واحدة منها،هذه القوى وغيرها من القوى المتأسلمة الأخرى والتي تريد ان تعلي حزبيتها وهويتها الدينية فوق هويتها الوطنية والقومية،وهذه الثقافة عكست نفسها هواجس وخوفاً عند باقي مركبات ومكونات المجتمع العربي الأخرى،حيث وجدنا العديد من تلك المركبات والمكونات تنسحب نحو هويتها الطائفية والمذهبية على حساب الهوية الوطنية والقومية،وبدأت بخلق تنظيماتها السياسية ومؤسساتها المجتمعية على أسس مذهبية وطائفية وعرقية،وبما يكشف بان المستهدف من هذا المشروع الخطير،هو الفكر والهوية القومية العربية،وهذا المشروع الخطير،ليس حوامله فقط هم القوى المتأسلمة،بل هناك قوة دفع كبيرة تقف خلف هذا المشروع،تشارك فيها قوى عربية وإقليمية ودولية،حيث أننا نقف على مفترق طرق ومعركة مصيرية ومفصلية،حيث تخاض الان حرب شرسة وطاحنة لتصفية وإزالة ما تبقي من جيوب المشروع القومي العربي،حيث جرت وتجري عملية تصفية لتركته،هذا المشروع الذي شهد تراجعاً كبيراً بعد إتفاقيات كامب ديفيد،بخروج مصر بثقلها العسكري والسياسي والبشري من هذا المشروع،وليبلغ المشروع ذروته بتدمير العراق ومن ثم إحتلاله،حيث جرت خلخلة كبيرة وشروخ عميقة في جدار النسيج المجتمعي العراقي،وأنقسم المجتمع العراقي مذهبياً وطائفياً وعرقياً وأثنياً،ولم نعد امام مجتمع عراقي ودولة مركزية واحدة(دولة ديكور)،يجمعها نفس الهدف والمصير،او ان مصلحة العراق فوق مصلحة الجميع،بل تم إستدخال الفتنة الى المجتمع العراقي،وفق مخطط مدروس وممنهج(مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي) فواضعي وأصحاب هذا المشروع،أرادوا له التقدم على محورين،محور أسلمة الفتنة سنية- شيعية و"تطيفها" جعلها طائفية إسلامية - مسيحية على ان يجري نقل الفتنة من مستواها الرسمي الى الشعبي،وهذا الدور عهد به للمرجعيات الدينية (سنية وشيعية وكردية ..الخ)،وعربيا وإقليمياً ودولياً،كان يجري تصفية حساباتهم والصراع على مصالحهم فوق أرض العراق وبدماء العراقيين انفسهم،حيث أصبحنا أمام عملية تقسيم حقيقية للجغرافيا العراقية دويلات سنية وشيعية وكردية،تتناحر وتتصارع،وتفعل فعلها في تدمير المجتمع العراقي،وبما يلغي هويته القومية.
ودخل عامل جديد على خارطة ولوحة الصراع والتقسيم في العراق،هو سيطرة دولة الخلافة على قسم كبير من الأراضي العراقية،وما قامت به من جرائم ومجازر وحشية،ترتقي الى مستوى التطهير العرقي و"الهولوكست"بحق الطائفة اليزيدية في جبال سنجار قرب الموصل والعرب المسيحيين في العراق العائد وجودهم في المنطقة وتحديدا في الموصل الى حوالي(2000) عام.
وخطر "داعش" لم يعد مقتصراً على العراق وسوريا،بل تمدد نحو لبنان والأردن، وهذا الفكر وتلك التيارات تنمو وتتكاثر في البيئة والمجتمعات المغلقة والمتخلفة،والتي لم تعرف الحياة المدنية وتداول السلطة والمجتمع المدني،كالسعودية والإمارات وقطر وغيرها،ولذلك مقاومة تلك الجماعات التكفيرية والشاذة والمغرقة في التخلف والرجعية في المشرق العربي ذو الحضارة والمدنية والمؤسسات الحزبية والمدنية،يدفع بهذا الخطر وتلك الجماعات،لكي ترتد نحو نحو دفيئاتها وصناعها وحواضنها والبيئة المناسبة لها في الخليج العربي.
حملة هذا المشروع والمخطط،يدركون جيداً بان نجاح هذا المشروع يتوقف بشكل أساسي،على تصفية حوامله الأساسية،مصر وسوريا،فبتصفية هاتين الحلقتين يسقط المشروع القومي العربي،بشكل نهائي،وتفقد الأمة العربية خصائص وجودها كامة،ويستعاض عنها بدويلات مذهبية وطائفية وعرقية،أو دول دينية غير قادرة على البقاء،لأنها غير قادرة على التعبير عن كل مكونات ومركبات مجتمعاتها.
كان واضحاً بان مشروع الفتنة تقدم نحو العراق،ولكن كان مطلوباً له وللفوضى الخلاقة،ان تتقدم باتجاه حلقات وجيوب المشروع القومي الأخرى،التي تقف في وجه المشروع الأمريكي للمنطقة،فكانت الحرب العدوانية التي خاضتها إسرائيل بالوكالة لأول مرة على المقاومة اللبنانية وفي المقدمة منها حزب الله اللبناني في تموز/2006،لخلق ما يسمى بالشرق الوسط الكبير،ولكن لم تنجح امريكا واسرائيل في ذلك،بفعل صمود حزب الله اللبناني.
على ضوء ذلك رات امريكا بأنه من اجل ضرب حلقات المشروع المقاوم والممانع،إقليمياً وعربياً) ايران سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية،فلا بد من التقدم على صعيد شعبنة الفتنة المذهبية،وخلق ادوات جديدة مقبولة شعبياً وجماهيرياً قادرة على لعب هذا الدور،بعد أن إستنفذت الأنظمة الدائرة في فلك امريكا قدراتها على لعب هذا الدور،حيث لم تعد مقبولة لا جماهيرياً ولا شعبياً (النظام التونسي،اليمني،المصري،الليبي)،فكانت ثورات ما يسمى بالربيع العربي،الإستفادة منها من اجل عقد صفقة مع الإخوان المسلمين لتسليمهم السلطة في تلك البلدان،مقابل حماية المصالح والأهداف والمشاريع الأمريكية في المنطقة،والإستفادة منهم وتطويعهم من أجل تقدم المشروع الأمريكي في المنطقة(مشروع الفوضى الخلاقة)،وبالفعل بعد تسلم الإخوان للسلطة في تونس ومصر وليبيا،صعد الإخوان بدعم مباشر ورئيسي من مشيخات النفط (قطر والسعودية) من حربهم المذهبية تجاه ايران وحزب الله وسوريا،ولعبوا دوراً مركزياً في الحرب التي تشن على سوريا،من اجل كسر هذه الحلقة المركزية،بإعتبارها آخر جيوب المشروع القومي الذي يجب إزالته وتصفيته،ولكن تعثر المشروع هنا،حيث صمدت الحلقة السورية ومعها الحلقة اللبنانية المقاومة،وتعثر مشروع الإخوان،بسبب عقلية الإخوان الإقصائية وفكرهم الإنغلاقي وعماهم السياسي وجهلهم وتخلفهم الإداري،وتم إسقاط هذا المشروع عبر الإرادة الشعبية،التي عبرت عنها الجماهير المصرية،حيث تم عزل الرئيس المصري مرسي،وجاء على انقاضه حكم العسكر بقيادة السيسي،والذي حتى اللحظة الراهنة،يواجه ازمات داخلية وحالة من عدم الإستقرار وعدم وضوح رؤيته وبرنامجه السياسي على الصعيد الخارجي،وإن كانت الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة،قالت بشكل جلي وواضح بأن هذا النظام لم يخرج من العباءة والحضانة الأمريكية،وواضح ايضاً بان الجماعات التكفيرية والإخوان المسلمين سيدخلون مصر في اتون الفتنة المذهبية والطائفية،تلك الفتنة التي تستهدف مصر كحاملة للمشروع القومي العربي.
ولذلك بات من الملح،أن تجري عملية مراجعة شاملة للفكر والوعي العربي،مراجعة وصياغة تطال المفاهيم والبرامج والرؤى،من اجل خلق مجتمعات مدنية،تتسع لكل أبناء الوطن الواحد،تتساوى فيها في الحقوق والواجبات،وتصان فيها الحريات العامة والخاصة والكرامات،ويجري التعبير فيها عن همومهم وطموحاتهم،وتوحدهم عبر مشروع عربي نهضوي قومي واحد،فالدول الدينية لن تكون بأي شكل من الشكال جامعةً وموحدا للأمة،ومعبرة عن هويتها وقوميتها،بل ستغرق المجتمعات العربية في اتون صراعات وخلافات ومذهبية وطائفية وعرقية،تجرنا الى الخانة التي يريدها أصحاب المشاريع المشبوهة لأمتنا،مشاريع التفتيت والتقسيم على أساس الثروات والعوائد والمذهب والطائفة.

القدس- فلسطين


3/9/2014
0524533879
[email protected]



#راسم_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سنتفق وهل من الممكن ان نتفق ..؟؟
- حقائق على أبواب العام الدراسي الجديد
- الذاكرة الإنسانية تحفظ مبدعيها والشعوب تحفظ للشهداء نضالاتهم ...
- الإحتلال وتخريب الجبهة الداخلية الفلسطينية
- دحر الإحتلال ...الآن إمكانية واقعية
- القدس....العيساوية نموذجاً
- إطمئنوا يا عرب
- القدس ....يجب ان تبقى بوصلتكم
- مهرجان تأبين الفتى الشهيد أبو خضير خطاب مقاومة بإمتياز
- قراءة غير مكتملة في الحرب العدوانية على قطاع غزة
- جرائم الإحتلال بحق المقدسيين تتعاظم
- هل سنبقى متحدين بعد وقف العدوان على غزة..؟؟؟
- عندما نخجل من عروبتنا
- -داعش- وتصفية الوجود العربي المسيحي
- المستوطنون في القدس -يتغولون-
- عيد بطعم النصر والحزن والألم
- هذا العام ذكرى يوم القدس العالمي مختلفة
- الإتحاد الأوروبي شريك في العدوان على شعبنا الفلسطين
- قراءة في لقاء القائد الوطني رمضان عبدالله على الميادين
- أليس هذا هو -الهولوكست- أيها الغرب المجرم..؟؟


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - نحو إعادة صياغة الوعي العربي