أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - خطاب مفتوح إلى الدكتور حيدر العبادي















المزيد.....

خطاب مفتوح إلى الدكتور حيدر العبادي


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 20:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد التحية والتقدير،
لا شك أن تكليفكم بتشكيل الحكومة الجديدة قد وضعكم في موقف لا تحسدون عليه. فالمطلوب منكم تشكيل حكومة جامعة وشاملة تضم ممثلين عن جميع مكونات الشعب العراقي المتعادية، وكناية نقول "المتآخية". فكتلة كل مكوَّن قدمت لكم قائمة من المطالب أغلبها تعجيزية كشرط لمشاركتهم في الحكومة، ومعظم طلبات كل كتلة يتعارض مع طلبات الكتل الأخرى، وحتى مع الدستور، ولسان حال كل منهم يقول: "لو ألعب لو أخرِّب الملعب"، خاصة وبإمكانهم تخريب الملعب، لأن (داعش) بندقية جاهزة لإيجار.

فمهمتكم صعبة جداً، ولكنها ليست مستحيلة، لذلك، و كمواطن عراقي في المهجر، متابع ومهتم بالشأن العراقي، أجازف بتقديم بعض الاستشارات لكم، أعتقد أنها تساعدكم على جعل مهمتكم ممكنة فيما لو تفضلتم بالأخذ بها.

حقائق أولية
في البدء، أرجو أن تسمحوا لي بذكر بعض الحقائق المتفق عليها في السياسة وهي كالتالي:
الحقيقة الأولى، السياسة فن الممكن، وكل من يحاول المستحيل، فقد "أضاع العمر في طلب المحال". ورفض سياسة (كل شيء أو لا شيء)، فمن يصر على هذه السياسية ينتهي بلا شيء.
الحقيقة الثانية، أن النزاهة، والوطنية، والأخلاق الرفيعة، والنوايا الحسنة، والشعبية الواسعة، رغم ضرورتها في القائد السياسي، إلا إنها لا تكفي لنجاحه في تنفيذ برنامجه الوطني وحمايته من الفشل. فالذي سبقك في المنصب، ورفيقك في حزب الدعوة، السيد نوري المالكي، لم تنقصه هذه الخصال الحميدة، ولكنه مع ذلك لم يستطع نيل "المقبولية" من بقية الفرقاء في الداخل والخارج.(نشير عليكم بقراءة مقالنا: لماذا ربح المالكي الانتخابات وخسر"المقبولية"؟)(1).
وقبل أكثر من خمسين عاماً، حاول الزعيم عبدالكريم قاسم، الذي يضرب به المثل في النزاهة والوطنية والشعبية، أيضاً فشل في إرضاء الجميع فغدر به رفاق الأمس وقتلوه مع صحبه الأبرار شر قتلة، ولم يتركوا له حتى قبراً يضم جسده الممزق بالرصاص. وقبل ذلك بـ 1400 عاماً، حاول الإمام علي تحقيق العدالة، فملئوا قلبه قيحاً حتى استشهد.
الحقيقة الثالثة، أن مهمة السياسة هي السعي من أجل مصلحة الشعب. ولذلك نرى السياسيين الناجحين المخلصين لشعوبهم يبذلون كل ما في وسعهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح لشعوبهم. فمجال الأخلاق ليس في السياسة، بل في الدين والفلسفة. وحتى الدين في زماننا هذا تم تسخيره للشر وضد الأخلاق، كما هو واضح من سياسات بعض الدول التي سخَّرت الإسلام للإرهاب ضد الإنسانية.

الحل في العلاقة الاستراتيجية مع أمريكا
وبناءً على ما تقدم، ولكي تنجحوا في مهمتكم الصعبة وتقودوا العراق وشعبه إلى بر الأمان والسلام، عليكم بتحقيق مشروع في منتهى الأهمية، ألا وهو: إقامة علاقة إستراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية. فهذه العلاقة هي مفتاح الفرج، والعصا السحرية لحل جميع مشاكل العراق المستعصية والمتراكمة عبر قرون. وإذا ما كسبتم أمريكا إلى جانب العراق فستكسبون كل شيء، وجميع المشاكل الأخرى هي فرعية يمكن حلها، بما فيها الصراع العربي – الكردي، والسني – الشيعي، وعلاقات العراق المتوترة مع بعض الدول الإقليمية. لأن جميع الجهات التي تخلق المشاكل للعراق الجديد، وخاصة تأجيج الفتن الطائفية، في الداخل والخارج، تأتمر بأوامر أمريكا ومطيعة لها، "فالقول ما قالت أمريكا"، وما داعش إلا ورقة من أوراق لعبة بوكر إقليمية ودولية، صنعت لمعاقبة كل حكومة لم تكن على وئام تام مع أمريكا وحليفاتها في المنطقة.

وأمريكا حقاً تستحق الشكر وإقامة العلاقة الحميمة والوثيقة معها، إذ كما ذكرنا في مقال لنا: "وبغض النظر عن الدوافع الحقيقية فقد قدمت أمريكا تضحيات كثيرة لتحرير العراق، منها: نحو4500 قتيل من جنودها، و حوالي 40 ألف جريح، وترليون دولار من الخسائر المادية، وفي النهاية يتنكر العراقيون لهذا الفضل واتجهوا إلى إيران وروسيا، العدوتان لأمريكا"(1).
وهنا أود التوكيد على إن العلاقة الإستراتيجة الحميمة مع أمريكا لن تضر بالسيادة الوطنية، ولا تعني الانبطاح أو العمالة لها كما يدعي المهووسون بمعاداة أمريكا. فأية سيادة للعراق الآن وثلث مساحته محتل من قبل عصابات داعش الإرهابية؟ فلو كان لأمريكا وجود عسكري في العراق لما تجرأت عصابات داعش على انتهاك السيادة الوطنية العراقية، وارتكاب هذه الجرائم البشعة ضد عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء، وشن حرب الإبادة والتطهير العرقي والطائفي؟ فأية مصلحة للعراق الجريح بمعاداة الدولة العظمى؟

ما هي السبل لتحقيق العلاقة الجيدة مع أمريكا؟
ولتحقيق هذه العلاقة نشير عليكم بما يلي:
1- تعديل الاتفاقية الاستراتيجية العراقية- الأمريكية لعام 2011 بما يخدم مصلحة الدولتين، بأن يوافق الجانب العراقي على وجود قواعد عسكرية لأمريكا في العراق من أجل حمايته، وتدريب قواته المسلحة وأجهزته الأمنية بالأساليب الحديثة والتكنولوجية المتطورة، وتحويله إلى جيش محترف يتمتع بقدرات عالية ليحمي الشعب من أي عدوان خارجي أو داخلي.
2- يجب الاهتمام بالإعلام في الداخل والخارج، وبالأخص لكسب الرأي العام الأمريكي. لقد نجح أعداء العراق الديمقراطي في تشويه صورة الديمقراطية الوليدة، وبالأخص صورة السيد نوري المالكي في أمريكا، فأبرزوه بأنه دكتاتور أسوأ من صدام، وموالي لإيران، ومعادي لأمريكا، وطائفي همش السنة والكرد، وحتى بعض الكيانات من طائفته الشيعية!! وأنه بسياساته هذه، سهل على داعش احتلال ثلث مساحة العراق!.
ولنشر هذه الافتراءات في الغرب وإبرازها وكأنها حقائق لا تقبل الشك، استأجروا شركات العلاقات العامة (PR)، وكتاب كبار، وصحافة كبرى، دفعوا لها ملايين الدولارات، وبذلك تمكنوا من كسب الرأي العام الأمريكي إلى جانبهم، وكونوا لوبيات (مجموعات الضغط) من شخصيات متنفذة في المجلسين: الكونغرس والشيوخ، مما أثروا على موقف إدارة الرئيس أوباما في أخذ الموقف المضاد من السيد المالكي والعملية السياسية برمتها.
لذلك، نشير عليكم بعدم إهمال الجانب الإعلامي، وتكوين اللوبيات في الغرب وخاصة في أمريكا لإعطاء صورة صحيحة ومشرفة ومشرقة عن العراق الجديد. وهناك في أمريكا عراقيون أكفاء
يمكنهم القيام بهذا الدور فيما لو قدمتم لهم الدعم.
3- موقف العراق من إيران: يجب التوضيح لأمريكا بأن ليس من مصلحة العراق معاداة إيران أو أية دولة إقليمية، وأن من مصلحة أمريكا أن تكون للعراق علاقة حميمة مع الدولتين أمريكا وإيران، خاصة وهناك دلائل تشير إلى تحسين العلاقة بين هاتين الدولتين.

4- الموقف من تأهيل البعث: لقد نجح حلفاء البعث الحاليون وهم بعثيون سابقون، من أمثال أياد علاوي والنجيفي والمطلق، والهاشمي عن طريق اللوبيات، في إقناع الإدارة الأمريكية ببراءة البعث من جرائمه ضد الإنسانية، وتشويه صورة قانون اجتثاث البعث (Debaathification)، ولذلك صرح الرئيس أوباما بأن هذا القانون كان خطأً. وهذا تمهيد لتأهيل حزب البعث، وبالتالي فرضه عليكم كشريك في العملية السياسية والحكومة ضمن مخطط إعادة تبعيث العراق (Re-baathification of Iraq)(2). لقد حصلت هذه القناعة لدا الرئيس أوباما بسبب غياب الصوت العراقي الديمقراطي المخلص في أمريكا ليشرح لهم الحقيقة. لذلك عليكم بسد هذا الفراغ، ومحاولة إقناع الإدارة الأمريكية بأن البعث هو أسوأ من النازية الهتلرية، وتأهيله وقبوله كشريك سيقضي على كل ما تحقق للعراق من مكاسب ديمقراطية، وسيعيد دورات العنف والحروب العبثية المدمرة في العراق والمنطقة. فحزب البعث لا يؤمن بالديمقراطية، ولا بالشراكة إلا كإجراء تكتيكي مؤقت ليتحين الفرص المناسبة ويغتصب السلطة كما هو معروف من تاريخه الدموي الأسود. والمؤسف أن هناك قيادي شيعي وهو السيد عمار الحكيم، راح يتحدث عن "انتفاء الحاجة الى قانون المساءلة والعدالة" أي (اجتثاث البعث). فتأهيل البعث خط أحمر للشعب العراقي ومخالف للدستور، أرجو أن تقفوا ضده بكل ما أوتيتم من قوة.

5- الموقف من القضية الفلسطينية: لقد أصدرت الأمم المتحدة قراراً يقضي بقيام الدولتين، أي دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، و قبلت القيادة الفلسطينية بهذا الحل. فهل المطلوب من الشيعة في العراق وإيران ولبنان والبحرين وغيرها من بقاع العالم، وهم يواجهون حرب الإبادة من الإرهاب السني الوهابي، أن يكونوا فلسطينيين أكثر من القيادة الفلسطينية، خاصة وقد اعترفت معظم الحكومات العربية بما فيها الحكومة الفلسطينية بإسرائيل؟ فلماذا الشيعة وحدهم يريدون معاداة أمريكا وإسرائيل برفع شعار التحرير من النهر إلى البحر؟(3)

حكومة الأغلبية
لا شك أنكم تعلمون أن هدف بعض الكيانات السياسية من المشاركة في الحكومة هو شلها من الداخل، ليلقوا اللوم عليكم، كما حصل في السنوات السابقة. لذلك أشير عليكم بحكومة الأغلبية السياسية، تتألف من كيانات سياسية منسجمة ومتقاربة في الأهداف ومتفقة على برنامج حكومي يخدم الشعب، وفي نفس الوقت تضم جميع المكونات الأثنية والدينية والمذهبية. فتشكيل حكومة الأغلبية تساعد على خلق معارضة ديمقراطية تحت قبة البرلمان بدلاً من معارضة لها رجل مع الحكومة وأخرى مع الإرهاب الداعشي.
وبناءُ على كل ما تقدم، نهيب بكم أن تجعلوا مصلحة العراق فوق كل شيء، وفوق أي اعتبار، وفوق مصلحة أية جهة أخرى، وأن تكون هي البوصلة لتقرير اتجاه العلاقة مع القوى السياسية في الداخل، والدول الأخرى في الخارج.

وفقكم الله لما فيه الخير للشعب العراقي
وتقبلوا منا فائق التقدير والاحترام
د.عبدالخالق حسين
إنكلترا
2 أيلول/سبتمبر 2014
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط المصادر
1- د.عبدالخالق حسين: لماذا ربح المالكي الانتخابات وخسر"المقبولية"؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=677

2- SHANE HARRIS: The Re-Baathification of Iraq
http://www.foreignpolicy.com/articles/2014/08/21/the_re_baathification_of_iraq

3- شاكر حسن - هل محاربة اسرائيل والدول الداعمة لها وقف على الشيعة؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=430689&nm=1



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش يفضح مناصريه السياسيين
- نفاق السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف الديني
- لماذا ربح المالكي الانتخابات وخسر (المقبولية)؟
- المالكي يعطي درساً حضارياً في التداول السلمي للسلطة
- أما حان الوقت لإنصاف المسيحيين؟ نقترح مسيحي عراقي نائباً لرئ ...
- هل تكليف العبادي حل لمحنة المالكي؟
- لماذا بدأت أمريكا بضرب داعش الآن؟
- حول مفهوم حكومة التكنوقراط
- لا بديل عن صناديق الاقتراع
- البعث يدَّعي إعلان الحرب على داعش!!
- إذا كنت لا تستحي فقل ما تشاء
- مؤتمر عمّان نتاج تساهل الحكومة العراقية مع داعمي الإرهاب
- لماذا رشح الجلبي لمنصب النائب أول لرئيس البرلمان؟
- ماذا لو تحقق ما يريده أنصار داعش؟
- بارزاني على منزلق خطير
- العلاقات العراقية-الأمريكية.. إلى أين؟
- تقسيم العراق لصالح إسرائيل
- لا للوحدة الوطنية القسرية
- هل حقاً المالكي هو السبب؟
- أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - خطاب مفتوح إلى الدكتور حيدر العبادي