|
عقدة اوديب ( دفاعا عن محمد ) (3)
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 09:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عقدة اوديب دفاعا عن محمد (3) محمود شاهين حين كتب الشاعر اليوناني سوفوكليس مسرحيته ( اوديب ملكا ) في القرن الخامس قبل الميلاد ، لم يكن يعرف أنها ستكون منشأ لعقدة نفسية بنى عليها طبيب الأعصاب النمساوي سيجموند فرويد بعد قرابة 2500 عام مدرسته في التحليل النفسي ، أطلق عليها ( عقدة أوديب ) لتعود إليها كل مشاكل البشرية ! ولا يمكن تقييم سلوك أي انسان إلاعلى ضوئها ، وهو ما أطلق عليه (علم النفس الفرويدي ) و (علم النفس التحليلي) حسب طبيب النفس السويسري كارل جوستاف يونغ ، وهو أحد تلامذة فرويد الذين اختلفوا معه حول إعادة كل مرض نفسي إلى الطفولة الجنسية للإنسان وبشكل خاص انفصام الشخصية ( الشيزوفرينيا ) . فكان يونغ مع ادخال العوامل الإجتماعية في تكوين الشخصية . سنورد ملخصا لمسرحية اوديب الملك لمن لا يعرفها ، ومن ثم ملخصا قدر الإمكان لعقدة أوديب الفرويدية ، لنرى بذلك كم التعقيدات التي تضعنا فيها النظرية ( العقدة ) بحيث تصبح غاية في الصعوبة لأن يكتشف الطبيب النفساني المختص نوع المرض على ضوئها ، فما بالكم بمحام غير مختص في الطب النفسي هو العفيف الأخضر ، يريد أن يخضع شخصية نبي لها ، ويحلل شخصيته على ضوئها ، متجاهلا إلى حد كبير العوامل الإجتماعية والثقافية والبيئية والإقتصادية والزمكانية التي ساهمت في تكوين الشخصية المحمدية ؟! ********* كان الملك لايوس ملك طيبة لا ينجب فذهب إلى المعبد لاستشارة العرافة التي تستقي نبوآتها من الإله أبوللون . انبأته العرافة بأنه سينجب طفلا سيقتل أباه ويتزوج أمه ! وبناء على النبوءة هجر زوجته ، لكنه نسي وضاجعها وهو مخمورفحبلت وأنجبت طفلا . أصفد الملك الطفل وأعطاه إلى حارسه ليلقيه في البرية ليموت. لكن الحارس لم يلق الطفل وأعطاه إلى راع عثر عليه في جبل. أشفق الراعى على الطفل وأخذه لملك وملكة كورنثة فهما لاينجبان وأعطاهم إياه . تربى الطفل مع الملك والملكة وهو يعتقد أنهما أبواه حتى شب وأصبح يافعا، وظل لجرح قدميه علامة من الأصفاد التي سلسل فيها وليدا. وذات يوم كان مع أصحابه فشكوه أنه ليس ابن ملك كورنتس والملكة فانزعج أوديب وذهب ليستشير الآلهة، فجاءت اليه النبوءة )ستقتل أباك وتتزوج من أمك) فبهت أوديب ورحل عن بلده وترك أبواه الملك وأمه الملكة الذين لايعرف غيرهما أبا وأما حتى ينجو من أن يقتل أباه ويتزوج أمه، ورحل إلى طيبة. وفي طريق إليها يفترق إلى ثلاث شعب ، نازعته عربة يجرها رجل بداخلها رجل مسن. ونشبت مشادة بينه وبين الرجل وحراسه ، ضربه الرجل بسوط فتعارك معه أوديب وأستطاع أن يقتله ويقتل حراسة ، وواصل طريقه إلى طيبة. كانت تسكن الطريق إلى طيبة غولة متوحشة تسأل كل من يمر من الطريق سؤالا غامضا ، وتقتل كل من يعجز عن الجواب وتشيع في الأرض الخراب، وعندما أتى أوديب سألته نفس السؤال: من الذي يمشى في الصباح على أربع وفي الظهر على اثنان وفى المساء على ثلاث؟ وكان جواب أوديب الشهير: الإنسان في البداية طفلا يحبو ثم شابا يافعا يمشي على قدميه ثم يهرم فيمشى على عصا بجانب قدميه. وانهارت الغولة لمعرفته حل اللغز الرهيب، وألقت بنفسها وماتت، وفرح الشعب لرحيلها وتخلصه منها، وجاء الخبر بموت مليكهم في طريق ذي ثلاث شعب، فأخذوا أوديب ونصبوه ملكا عليهم وزوجوه من أرملة الملك السابق ( الملكة ).
بعدما تولى أوديب حكم طيبة أنجب من الملكة أربعة أولاد، ولدين وبنتين، وبعد مضي سنوات من اعتلائه العرش حدث طاعون أصاب الحرث والنسل وامتلأت الأرض بالجثث وسادت الفوضى والدمار فبعث أوديب بكريون أخو زوجته لاستطلاع نبوءة العرافة بخصوص هذا الطاعون ، فأي وباء ينتج من خطأ ما تجاه الآلهة، وعاد كريون ليبلغ أوديب أن سبب الطاعون وجود قاتل الملك لايوس بالمدينة، فأخذ أوديب يوعد ويتهدد ويصب لعناته على هذا القاتل حتى لو كان يسكن بيته، ووعد أهل المدينة باستقصاء خبر قاتل الملك ليضع حدا لهذا الطاعون القاتل، واقترح عليه علية القوم أن يأتوا بعراف أعمى اسمه ترسياس ليكشف لهم من هو قاتل الملك، وبالفعل أتى وأخذ يناقشه أوديب (في مقطوعة نادرة بمسرحية أوديب ملكا لكل حرف فيها رمز وإسقاط ومعنى وهدف) ويسأله ليعرف ولكن العراف يتهرب بلباقة وذكاء ولكنه نصحه ألا يصب لعناته على القاتل، فاتهمه أوديب بالجهل وماكان إلا أن قال له أنه أعمى ، فرد العراف أنه أعمى البصر وليس أعمى البصيرة، وتنبأ له أنه عندما يدرك من أباه ومن أمه سيبصر الحقيقة الغائبة، وأخبره أنه قاتل الملك . و نظرا لأن أوديب كان دائما يختال بذكائه وثقته بنفسه راح يتصور أنه يوجد مؤامرة بين العراف وبين كريون أخ زوجته فأمر بحبسهما. جاء لأوديب رسول من كورنثة يحمل له خبرا مفرحا وآخر محزنا. المحزن موت أبيه، والمفرح أنه سيتولى العرش من بعده! وبالطبع أوديب تذكر الأسطورة فخشي أن ينفذ الجزء الآخر منها بعدما اطمئن واهما أنه لم يقتل أباه.وطمأنته زوجته أن النبوءات تكذب وتخدع، فلقد جاءت لها ولزوجها ملك طيبة نفس النبوءة وتركوا ابنهم يموت في الجبال استنادا إلى نبوءة كاذبة. استفسر الرسول لماذا يخشى أوديب العودة لكورنثة، وحين عرف السبب ، أخبره مطمئنا بأن الملك والملكة ليسا أباه وأمه، وأكد له أنه أخذه من راع من مدينة طيبة وأعطاه لهما وليدا لأنهما حرما من الإنجاب، فاستقصى أوديب خبر الراعى رغم تحذيرات زوجته (أمه) ونصائحها ، ولكن حبه للمعرفة وللحقيقة جعله يأتي بالرسول، ولقد حاول الأخير ألا يخبره إلا أنه وبعد ضغط أخبره أنه بالفعل أعطى طفلا وليدا ذا قدم متورمة لرجل من كورنثة ، ولم ينفذ كلام لايوس بأن يقتله . واستفسر عن الطريق الذي مات فيه لايوس فكان الطريق نفسه الذي قتل فيه الرجل وحراسه . وهنا ظهرت الحقيقة ، لقد قتل أوديب جاهلا أباه وتزوج أمه ،بل وأنجب منها، فانهار تماما، وذهب لاستطلاع أمر زوجته أو أمه فوجد أنها انتحرت شنقا، حيث وجد الحبل ما زال يدور بالجثة الهامدة. فذهب مسرعا ليفك الحبل من أعلى لتسقط الجثة. أخذ دبوسا من فستانها على الأرض، وراح يخلع المشابك الذهبية التي تتخذها الملكة زينه لشعرها ويطعن بها عينية وهو يصيح أنه لن يرى شقاءه وجرائمه ، ثم يحدث عينيه قائلا: "ستظلان في الظلمة فلا تريان من كان يجب ألا ترياه، ولاتعرفان من لاأريد أن أعرف بعد اليوم، حتى لاترى الشمس المقدسة إنسانا دنسا فعل أكثر الجرائم بشاعة"، وفي موقف مؤثر سالت الدماء على لحيته البيضاء وبللت وجهه وهو يلعن سوء حظه وجهله القاتل ونفى نفسه من الأرض حتى ينتهي الوباء، وعاش طريدا من الأرض والسماء. الحقيقة التي هي نقطة تحول في حياة الشاب أوديبوس الذي قال: "واحسرتاه.. واحسرتاه.. لقد أستبان كل شي.. أيها الضوء لعلي أراك الآن للمره الأخيرة.. لقد أصبح الناس جميعا يعلمون.. لقد كان محظورا أن أولد لمن ولدت له.. وأن أحيا مع من أحيا معه..وقد قتلت من لم يكن لي أن أقتله". بعد هذا المشهد المفجع يطلب أوديب من صديقه كريون أن يعتني ببنتية بعد أن ينفى، كما طلب منه أن توضع الملكة في قبر مناسب ، وأخيرا يطلب من صديقة أن يقذفة بعيدا حيث لايراه أحد بعد ذلك . ***** * اعتمدنا بتصرف نصا لمسرحية اوديب ملكا عن الموسوعة الحرة ، مع اجراء بعض التعديلات في الصياغة وتصحيح الأخطاء النحوية وغيرها . يتبع عقدة اوديب حسب مدرسة فرويد في التحليل النفسي . م.ش. .
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفاعا عن محمد ( رد على العفيف الأخضر ) (2)
-
دفاعا عن محمد ! (رد على كتاب العفيف الأخضر )
-
إما أنت أو لا أحد ! ( القصيدة كاملة انطلاقا من مذهب وحدة الو
...
-
سخافات شبكة النت ..
-
إما أنت أو لا أحد ..
-
في العقل البشري والطاقة
-
العقل الشخصي والعقل الكوني وهذياناتنا الدائمة !!
-
في العقل والطاقة والعقل الكوني !
-
شاهد على سفينة نوح يروي الحقيقة !!
-
الحياة والموت
-
دمعتان على الوضع الفلسطيني
المزيد.....
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: لا م
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي: -الاسرائيليون- يتصور
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|