أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالقادر بشير بير داود - النملة الاعلامية والاعلام الايجابي














المزيد.....

النملة الاعلامية والاعلام الايجابي


عبدالقادر بشير بير داود

الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مر العراق وكوردستان بظروف أمنية صعبة، وتقهقر نفسي كبير، بسبب التغيير المفاجئ للمشهد العراقي؛ جرّاء اندحار الجيش العراقي واستسلامه دون أية مقاومة، أمام جيش (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وترك معداته الثقيلة وغير الثقيلة؛ ما أدى إلى سيطرة الدولة الإسلامية على الكثير من الأراضي العراقية في الشمال والوسط، وما كان هذا ليحدث لولا التراجع النفسي الكبير، وحالة الإرباك والضياع التي أصابت المواطن، جرّاء الحرب النفسية المتقنة، التي رافقت العمليات العسكرية على الأرض، وساعدهم في ذلك الجوقة الإعلامية المأجورة، التي ضخمت الحدث، وأعطته حجماً يفوق حجمه الحقيقي بعشرات المرات، ما أدى إلى نزوح عائلات تلك المحافظات أفواجا أفواجا إلى المحافظات المجاورة، وبعض المحافظات الجنوبية، خوفا من الهرج والمرج، والإعدامات الجماعية بشتى الطرق، التي صاحبت الهجوم، فتناقلتها مواقع التوصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام بسرعة البرق، من قبل إعلاميين ساعدوا وبعمد على تكريس الانفلات الأمني، وانهيار المؤسسات الحكومية، وبث حالة من الفوضى والرعب، ما أدى إلى تلك الكارثة الإنسانية التي أصابت الشعب العراقي المغلوب على أمره.
في تلك الأثناء، وضمن منشور لي على حسابي في (فيسبوك)، أرسلت رسالة إلى قرائي الكرام قائلاً: "إن الحالة الضبابية التي يمر بها العراق، تجعلني أراقب الحدث، وأنتظر برهة كي أدلو بدلوي، إلى أن جاء اليوم الذي هداني الله، وأنا اقرأ في (سورة النمل) وما أعظمها من سورة، حيث تمعّنت كثيراً في النملة التي نصحت، وأسمعت وأخبرت من حولها من النمل، بأن يلزموا بيوتهم، دون ترويع وإرهاب قومها، ثم تدرجت بالخبر إلى أن جيش سليمان عليه السلام، سوف يحطم من لم يلتزم بالخبر، وختمت تلك النملة الإعلامية الخبر بأن الجيش الجرار وقائده لا يريدون علواً أو فساداً في الأرض، وهذا الخبر المهني تلقاه قائد الجبهة المقابلة، النبي سليمان، والدليل تبسمه من قولها (خبرها).
هذا ما استشففته من موقف النملة الإعلامية، التي أدت دورها على خير وجه ممكن، حيث أنذرت قومها من منطق الحكمة (لا يحطمنكم) أي (لا يهلكنكم)، فأنقذتهم من كارثة محققة، علما أن هذه النملة الإعلامية هي مجرد نملة عادية، وليست زعيمة النمل. ويتبين من ذلك أن النملة الإعلامية لم تتعجل وتصف النبي سليمان عليه السلام وجنوده بالقسوة والشدة، بل بدأت الخبر بأمر تحذيري لحمايتهم، بدلاً من إشاعة الفوضى وبث الرعب بين صفوف أمتها، عكس ما فعله الإعلاميون العراقيون مع شعبهم، وكان من شأن ذلك تخويفهم، وبالتالي فقدان السيطرة والترتيب، وربما تحركوا بعشوائية وحطموا بيوتهم بأنفسهم، أو آذوا بعضهم، كما حدث في محافظات الموصل وتكريت والأنبار، بل إن من ذكاء النملة الإعلامية قولها (يا أيها النمل...)؛ كي تجمع ولا تفرق بين قومها حول الخبر، وتعلن حالة التأهب والاستعداد دون إذاعة أخبار الخوف والذعر ونزع الثقة عن قومها، وزعزعت مجتمعها من النمل، وهذا من شأن الأخبار الرنانة عن الأزمات والانفلات والصراعات، التي يصوغها إعلاميو العراق اليوم لتخويف المواطن، وبالتالي إصابته بالاكتئاب، وإضعاف همته، وزرع الكره والحقد بين النفوس.
لا زلت مع العبر والدروس الإعلامية من النملة الإعلامية، حيث تذكرت تلك القاعدة الإعلامية الجوهرية، التي مفادها أن الخبر مقدّس، أما التعليق فهو حر، لذلك فالصحافة الإيجابية ليست تشاؤمية، بل تشيع التفاؤل وتحث الناس على العمل الجيد والجميل. هذا ما ذكرتني به النملة الإعلامية، مؤكدة بعملها الإعلامي الذكي أن الصحفي ذو القلم الأمين؛ صحفي ميداني يذهب إلى موقع الحدث، ويرى بعينه ما يجري على أرض الواقع. هكذا تكون الصحافة الإيجابية، وهكذا يكون الإعلام الهادف، الذي يغير حال الناس من سيء إلى حسِن، وهذا دليل على الدور الإيجابي لمهنة الإعلام، فاتقوا الله في العراق وشعبه يا من تعملون في الصحافة والإعلام، لأنه من بين الأزمات التي تعصف بالمشهد العراقي الآن؛ أزمة غياب الإعلام الإيجابي أو بالأحرى غياب الصدق والموضوعية في نقل الخبر، وذلك بسبب سيطرة فئة من أدعياء الإعلام، من الذين لجؤوا إلى دنيا الإعلام. لا أقول من الشباك، ولكن من تحت عقب الباب، بنعومة الثعابين، يتعمدون الكذب والتضليل والتضخيم، ويحملون معاول الهدم لتقويض أية بارقة أمل، وتشويه أية صورة جميلة تلوح من الأفق، لذلك فإن مهنية الإعلامي وحرفيته، تتحدد لا بكثرة تجاربه الإعلامية، وإنما بمقدار استيعابه للتجربة والدروس الإعلامية في عالم الصحافة والإعلام. ويظل القرآن المجيد بحر يغترف منه أصحاب الاختصاصات المختلفة، كيف لا؟ ومصدره الرب العليم الخبير.
لقد بثت النملة الإعلامية الخبر بمصداقية ومهنية عالية، برغم أن الله لم يعرّفها بل تركها نكرة، وهو ما يمكن أن نستخلص منه أن إنقاذ أمة لا يقتصر على نـُخبها وقادتها وزعمائها وساستها فقط، بل قد يأتي من نكرة من الإعلاميين، كما فعلت النملة النكرة الإعلامية، في مجال عملها الإعلامي من خلال صياغة الخبر، وإيصالها بما قلّ ودلّ من الكلام الصحفي، فأنقذت أمتها من هلاك محقق، وهذه إشارة جلية على أن يشارك الجميع أوقات المحن والأزمات والكوارث، كل بحسب اختصاصه في ردع الخطر وأبعاده، دونما إرهاب أو ترويع بالضال والمحبط من الأخبار، فلا تحبط الآخرين بأخبارك زميلي، حتى لو كنت ترى الحياة بالنسبة إليك تعيسة، فغيرك من الناس يحتاج الأمل والتفاؤل، فإما أن تساعده أو تصمت... وللحديث بقية.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقابة الصحفيين
- الإسلام السياسي واستطلاعات الرأي
- الإسلام حداثة مستديمة
- ثرثرة الشرق والانتصارات السينمائية
- عولمة الاعلام والاعلام البديل
- الحراك السياسي


المزيد.....




- أسد جبل يفاجىء مصورًا بحركات غريبة أمام كاميرا سرية في الغاب ...
- الحملة العسكرية البرية -عربات جدعون-... هل ستنجح إسرائيل في ...
- مصر: هبوط الدولار إلى أدنى مستوى منذ 6 أشهر.. خبراء يكشفون ا ...
- روبيو: الولايات المتحدة لم تتوقف عن إمدادات الأسلحة إلى أوكر ...
- تصعيد دبلوماسي بين لندن وتل أبيب: بريطانيا تعلق مفاوضات التج ...
- وزير الخارجية الأمريكي: لا حدود لخبث النظام الكوبي وجبنه
- نوال الدجوي.. سرقة بقيمة 6 ملايين دولار من منزل سيدة الأعمال ...
- -منطقة ممنوعة على المسلمين-.. مضامين عنصرية في ملصقات علقت ب ...
- إعلان -اتصالات- لنادي الأهلي المصري يغضب جماهير الزمالك
- روبرت فورد: -طُلب مني إخراج أحمد الشرع من عالم الإرهاب لعالم ...


المزيد.....

- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالقادر بشير بير داود - النملة الاعلامية والاعلام الايجابي