أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا - خليل عيسى - في ثورة الكرامة اللبنانيّة















المزيد.....

في ثورة الكرامة اللبنانيّة


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 10:11
المحور: ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا
    


ذا كان لكلّ بلد عربي ظروفه التي تهيّئ نمو الحركات الديموقراطيّة الثوريّة، الملازمة له، والتي تعكس مطالب العوام فيه، فإنّ ما يحصل في لبنان، منذ أكثر من سنتين ونصف سنة، متمثّلا بالصراع الطبقي المفتوح، من نضال للأجراء والمياومين والموظّفين في القطاعين، العام والخاص، من أجل رفع قيمة العمل والأجر وردم الهوّة الطبقيّة الهائلة، لا يعدو كونه المساهمة الفعليّة التحرّرية الأبرز للبنانيين، في المرحلة التاريخيّة التي واكبتهم، وكانوا جزءاً منها بأكثر من شكل، وهي ثورات الكرامة العربيّة، وهي المرحلة التي امتدت منذ عام 2011، وشملت بلادًا عربيّة حصراً، من تونس حتى العراق.

تكلّم كارل ماركس عن الفرق بين أحوال ألمانيا وانكلترا، وأنّ ما يحدث في بريطانيا من نضال بروليتاري ضد الرأسمالية الصناعية آنذاك، والذي كان قد بدأ في القرن التاسع عشر مع الحركة الشارتريّة، سيكون عين الطريق الذي على العمال الألمان أن يسلكوه لاحقًا، لأنّ انكلترا تمثّل حالة الرأسمال في تطوره الأكبر الذي ستصل ألمانيا اليه لاحقاً.

انطلاقاً من المنظور ذاته، لكن مع اختلافات تاريخية وبنيوية كبيرة، يجب أن تحسب في نوع كهذا من المقارنات، فإنّ أحد الفروق الموضوعية في النضال الثوري منذ 2011، مثلًا بين سورية ولبنان، تمثّل في الفرق الموجود في كيفية عمل النظام الراسمالي في كلً من البلدين، وخصوصاً في ما يتعلّق بدرجات الحرّية السياسية وحريّة العمل النقابي فيه.
ففي بلد يحتوي على حدّ أدنى من الحريّة السياسيّة، بينما يسيطر فيه 8900 مليونير (أي 0.3% من عدد السكان) على %48 من الاقتصاد اللبناني، وينتمي فيه أغنى ستة أشخاص في البلاد إلى أسرتين، الحريري وميقاتي، ويستحوذون فيه، حسب مجلّة فوربس، على ما يزيد على 14 مليار دولارٍ، أي ما يعادل 15% من الناتج الوطني، فإنّه من الطبيعي أن يتمظهر الجانب الطبقي في أولويات النضال السياسي، في حين كانت أولويات قطاعات واسعة من الجماهير السورية والتونسية والعراقيّة الحصول على الحريّة السياسية الليبراليّة، كبداية تحوّلهم من محكومين بلا حقوق إلى مواطنين كاملين.
بمعنى آخر، ما نسميه "ثورة الكرامة اللبنانيّة" ليس إلّا جزءاً من المنعطف الثوري التاريخي الذي طوّف الوطن العربي بأسره، ولبنان جزء من هذا الوطن. هو منعطفٌ يحمل في طياته الانزياحات في أولويات النضال السياسي، والتي تعكس التفاوتات والفروق الهائلة بين الأحوال السياسية بين الجماهير العربية في دولهم المختلفة.
يجري في لبنان، منذ أكثر من ثلاثة أعوام، أكبر صراع طبقي مفتوح ومنظّم منذ انتهاء الحرب الأهلية، وإذا ما أردنا تقسيم المراحل، نرى أنّ ذلك كان على مرحلتين: الأولى تمثّلت في محاولة الالتفاف "من فوق" على السلطة من داخلها، وذلك عندما استطاع المناضل اليساري، شربل نحاس، احتلال عدّة مناصب وزارية (الاتصالات ثمّ العمل) والعمل من أجل سن تشريعاتٍ، تحفظ المال العام من السرقة والنهب، وتحافظ على حقوق العمال اللبنانيين والأجانب في لبنان، وتبيين كيف تعمل الطبقة الحاكمة اللبنانية من الداخل لعموم الناس. انتهت هذه المحاولة بأنّ اجتمعت الطبقة الحاكمة اللبنانية ضدّه بأسرها، وخصوصاً من كتلة ميشال عون النيابية التي انتمى إليها نحّاس، وانتهت باستقالته أمام خيار توقيع مرسوم غير دستوري.
أما المرحلة الثانيّة، فبدأت مع تشكيل "هيئة التنسيق النقابية" التي قادت النضال النقابي في البلاد حتى اليوم، وانتهت برفض السلطة إقرار "سلسلة الرتب والرواتب"، حيث فضّل زعماء البلاد إعطاء إفادات لإنجاح الطلاب في الشهادات الرسمية، على أن يقروا السلسلة أمام توقّف الأساتذة عن التصحيح احتجاجاً، ما يهدّد مستوى الشهادة الرسمية اللبنانية نفسه أمام العالم.
لقد دلّت حيثيّات النضال المستجدّ أنّ هنالك أمرين، يجدر الانتباه إليهما لأيّ نضال طبقي وثوري في لبنان.
هناك، اوّلًا، الأهمية الفائقة للأخلاق في السياسة الثوريّة، وذلك بمعنيين، الأول، بمعنى المثال، ثمّ الثاني بمعنى القيادة.
ما جرى مع شربل نحاس وقادة "هيئة التنسيق"، مثل حنا غريب وغيره، أنّهم استطاعوا أن يشكّلوا بالنسبة للعامة من الناس، عمّالاً وأجراء، مثالًا سياسياً لا يمكن لهؤلاء إلا أن يقارنوه، في نهاية المطاف، بالانحطاط الأخلاقي في السياسة للزعماء الحاكمين في لبنان. هذا لا يمكن إلا أن يكون مكسباً لمصداقية من يقود النضال.

قوّة الأخلاق، هنا، كانت ولا تزال قوّة مركزية في أيّ نضال ثوري، وهي لا تنحصر أهميّتها بشؤون النضال الطبقي.
صحيح أن السياسة، بمعناها الثوري، يجب أن تكون براغماتيّة، لكنّها يجب أن تظلّ دائماً في خدمة مثالها الأخلاقي الثوري التي تمثّله وتصبو إليه، وليس العكس. لو وقّع شربل نحاس المرسوم غير الدستوري عام 2012 لفقد صدقيته أمام اللبنانيين، ولكان من الصعب إقناع أيّ عامل بأنّ هذا الرجل ليس متعيّشاً على السلطة، أو يتصيّد المناصب.
وأمام ما رشح عن فساد أحزابٍ وشخصيات "يساريّة" كثيرة في لبنان وتهلهلها، واستتباعها لفئات السلطة الحاكمة من "تيار المستقبل" إلى "حزب الله" و"حركة أمل"، على سبيل المثال لا الحصر وابتعادهم عن الممارسة السياسيّة اليوميّة، أصبحت الناس لا ثثق "بالأحزاب" التي يُطلق عليها تعبير "الدكاكين".

وسط كلّ هذا الخراب المثير لليأس، اكتسب النضال الصادق لهيئة التنسيق وغيرهم، عند الناس، معنًى شريفاً، مفاده بأنّه هنالك أشخاصاً في هذه البلاد مبدئيون، أفراد لا يمكن رشوتهم، أو شراء ذممهم، ولا ينحصر همّهم فقط بالهروب إلى الخارج، أو الحصول على الجنسيّة الأجنبيّة. ذلك كلّه جعل بالإمكان الانتقال "بهيئة التنسيق" ومن حولها من مرتبة المثال الأخلاقي إلى مرتبة القيادة السياسيّة.
الأمر الثاني أنّه، في سياق الصراع ضدّ رأس المال المتحكّم في الدولة اللبنانيّة، أثبت المنظور القطّاعي أنّه عاجز عن تحقيق الكثير أمام تهافت الطبقة الحاكمة وتلاعبها.
لقد أصبحنا في مرحلةٍ، يجب التفكير فيها بسبل بالانتقال من النضال النقابي القطّاعي إلى النضال الجماهيري.
لكن على الرغم من أنّ هكذا خطوة صعبة جداً حاليّاً، وتفترض على الأقل وجود نقاشٍ واسع، لفهم كيف يمكن لذلك أن يتمّ، مستفيدين من التجارب اللبنانية والعربية والعالمية لكنّ مما لا شكّ فيه أنّ إحدى نقاط ضعف "هيئة التنسيق" مثلًا كان ارتدادها الدائم من اندفاعها الثوري السياسي واللفظي الكبير إلى محاولة التمهّل المحبِطَة أمام تناقضات واقعها الهيكلي النقابي الضيق، المتمثّل بقيادة "نقابة المعلّمين" لها، وما ترتّب على ذلك من ضعفٍ، في الرؤية الاستراتيجيّة لماهيّة الصراع نفسه، والتكتيكات المتّبعة فيه.

لقد تبوأت "هيئة التنسيق النقابيّة" في أذهان اللبنانيين أحلامهم المجهضة، وآمالهم المكبوتة، لنيل حقوقهم في العيش الكريم في وطنهم. وما يأمل كثيرون من "هيئة التنسيق" أن تفعله اليوم هو الخروج من مملكة الأماني اللبنانية، لتعيش في مملكة واقع التغيير الثوري، والعمل على إيجاد الطريقة الأفعل لدفع النضال صعوداً، أي أن تثق بنفسها، وبالناس التي لا تقع تماما تحت القطاعات النقابية المباشرة التي تمثلها، والذين سيكونون أمامها في أيّة حالة نضالية مستقبليّة عامة. بهذا المعنى، تساهم ثورة الكرامة اللبنانية في ثورات الكرامة العربيّة، لأنها تعيد تحديداً إلى مقدّمة المشهد جانباً مركزيّاً من كرامة الانسان العربي المعاصر، كرامة العامل والأجير، التي تمّ تحييدها أمام الشحنات الهائلة من التفقه في الدين الإسلامي، التي تتصدّر "المشهد الثوري" اليوم والتي يقال لنا إن علينا أن نتحلّى بها. (جريدة "العربي الجديد")



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجراد والترويع وعرسال وحزب الله
- وحدة لبنانية -افتراضية- في ساعة
- عدالة واحدة و’غيرُعادلين‘ متعدّدون
- الاستعمار الأميركي-الإيراني: ’إعلان‘ إمبراطوريّة الشرّ
- رحلة كيم الى البنك الكبير
- عرس العنصريّات الديموقراطي
- سورية : من الصراع الطبقي المقدس الى واقع الطبقات المدنس
- اليسار اللبناني يسقط في سوريا


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- موقع الطبقة العاملة المصرية من الثورة وحقوقها الاقتصادية وال ... / حمدي حسين
- الحركة العمالية المصرية فى مفترق طرق / عدلى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا - خليل عيسى - في ثورة الكرامة اللبنانيّة