أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فرانسوا باسيلي - لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان















المزيد.....

لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 00:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إمتلأ الفيسبوك بصور المظاهرات في ولاية ميزوري الأمريكية ومشاهد الإجراءات العنيفة التي قابل بها البوليس الأمريكي المتظاهرين، وكانت مشاهد الغاز المسيل للدموع والضرب بالهراوات والسحل في الشوارع والأسلحة مخيفة الشكل التي صوبتها الشرطة نحو المتظاهرين قد جابت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم كله وبكل اللغات، وراح البعض يتندر ويسخر من لجوء الشرطة الأمريكية إلي إستخدام القوة والغازات والهراوات بل واستدعاء القوات الفدرالية والحرس الوطني ضد المتظاهرين، ووجد الكثيرون من الساخطين علي السياسات الأمريكية حول العالم، وخاصة في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا، وجدوا فيما يحدث في القلب الأمريكي تنفيثا عن سخطهم علي التدخلات الأمريكية في هذه المناطق الساخنة من العالم، بل وجد البعض تشابها بين مشاهد التصادمات بين المواطنين والبوليس في بلدة فرجسون ولاية ميزوري وبين ميدان التحرير المصري، الذي أصبحت مشاهد المصادمات التي حدثت فيه علي مدي ثمانية عشر يوما من 25 يناير إلي 11 فبراير 2011 جزأ من الذاكرة الجمعية لشعوب الأرض كلها، بينما إمتدت الأحلام والأوهام بالبعض من كارهي السياسات الأمريكية إلي توقع أو تمني أن تؤدي مظاهرات فرجسون إلي نفس نهاية مظاهرات ميدان التحرير أي بانهيار نظام الرئيس الأمريكي اباما، أو إنهيار النظام الرأسمالي الأمريكي برمته عن طريق إندلاع ثورة شعبية عارمة تطالب بتغيير أساسي في النظام الأمريكي كله.

ولكن بغص النظر عن أحلام البعض وأوهام البعض الآخر، يظل السؤال "لماذا تثور الشعوب" سؤالا هاما يستحق أن نبحث له عن إجابة، لأن الاجابة عنه ستضيء لنا الطرقات المظلمة والغامضة لعدة قضايا هامة، منها مثلا ما الذي يمنع أن يثور الشعب الأمريكي كما ثار الشعب المصري؟ ومنها هل حقا كانت ثورة 25 يناير ثورة شعبية أم أن الأمر كان مؤامرة كما يحاول البعض أن يشكك حاليا في مصر؟ وهل يمكن أن يثور المصريون مرة أخري كما ثاروا علي رئيسين سابقين هما مبارك ومرسي؟ ما هي أسباب ثورة الشعوب؟ وما هي عوامل وخصائص هذه الثورات؟

في بلدة فرجسون الصغيرة في ولاية ميزوري الأمريكية والتي أشهر مدنها هي مدينة سانت لويس، بدأت المشكلة بمقتل شاب أمريكي أسود غير مسلح بست رصاصات أطلقها عليه رجل بوليس أبيض، ولأن هذه ليست أول مرة في أمريكا يقتل فيها البوليس الأبيض رجلا أسود، ولأن هناك ميراث طويل وبشع من الإضطهاد الذي مارسته الأغلبية البيضاء ضد الأقلية السوداء بداية من إختطاف الرجال السود من إفريقيا واستعبادهم في أمريكا منذ بداية أمريكا نفسها، وما بقي مترسبا في الذاكرة الجمعية للسد الأمريكان نتيجة لتلك الممارسات العنصرية البشعة، والتي تطل برأسها القبيح من وقت لآخر لدي بعض الأفراد من البيض ولدي رجال البوليس خاصة في ولايات الوسط والجنوب الأمريكي، فقد اندلعت الاحتجاجات والمظاهرات من قبل السود ومناصريهم من البيض من نشطاء حقوق الانسان في المدينة، واندلعت معها أعمال العنف والسلب النهب كم يحدث عادة في الانتفاضات والثورات الشعبية حيث يصعب السيطرة علي المسيرات التي تبدأ سلمية ثم يندس فيها من لهم مصلحة في التهييج والتخريب، ومنهم فوضويون عدميون، ومنهم فقراء معدمون ليس لديهم ما يخسرونه، ومنهم من عاني من الإضطهاد والتهميش من قبل وربما طيل حياته فيجدها فرصة للثأر، ومنهم المناهضون للنظام الرأسمالي الذي يرون أنه نظام متوحش يهدر الآدمية ويسحق الانسانية من أجل الإله الدولار، فيجتمع كل هولاء للانتفاض في الشوارع ضد النظام بشكل عام.

ولكن مثل هذه الاحتجاجات والمظاهرات التي يصحبها العنف قد حدثت من قبل في أمريكا، وبشكل أخطر وأفدح، فقد أحرق السود مدينة نيوارك بنيوجرسي عن بكرة أبيها عام 1967 نتيجة لممارسات عنصرية، كما احرقت أحياء كاملة من مدينة لوس أنجلوس في مارس عام 1991 عندما تسرب فيديو يقوم فيه بضعة رجال بوليس من البيض بضرب رجل أسود يدعي رادني كنج وهو طريح الأرض ضربا مبرحا بالأيدي والأرجل بقسوة مفرطة بلا مبرر واضح ولمدة طويلة، فثار السود وأشعلوا النيران في أحياء لوس انجلس، ومع ذلك لم تحدث ثورة عامة في أمريكا ولم يسقط النظام الأمريكي.

بينما نجد أن ثورة يناير المصرية بدأت بشكل مشابه لم يحدث حاليا في بلدة فرجسون بولاية ميزوري، فقد كانت البداية دعوة لمسيرة شبابية إحتجاجا علي مقتل شاب مصري يدعي خالد سعيد علي أيدي إثنين من رجال الأمن في مدينة الاسكندرية، قاموا بضربه وسحق رأسه في الحائط في مدخل عمارة بشكل وحشي حتي مات، وبدلا من أن يعين وزير الداخلية حبيب العادلي أو رئيسه مبارك محققا محايدا قام الطبيب الشرعي التابع للنظام بفبركة تقرير يحول فيه الضحية إلي مجرم، ويدعي أن الضحية مات بسبب تناول كمية كبيرة من مخدرات البانجو، رغم أن وجه الضحية كان مليئا بآثار اللكمات والكدمات كما ظهر في صورة له تسربت بما يجعل كل شاب وكهل لديه ذرة من ضمير في مصر يشعر بالغضب الشديد والإهانة والسخط علي نظام ظالم فاجر، لا يعاقب الفاسدين المجرمين بين رجال شرطته بل يتستر عليهم ويزيد من فحشه في حق الضحية باتهامها بقتل نفسها.

وكان أن إزداد سخط الشباب في مصر كلها علي نظام مبارك ورجال شرطته فدعوا إلي النزول إلي الشوارع في يوم عيد الشرطة مستخدمين صفحة "كلنا خالد سعيد" في الفيسبوك، وفعلا خرج الألاف في ذلك اليوم المشهود، ثم تبعهم الملايين من الساخطين علي نظام بائس جلب لهم البؤس والفشل والبطالة والعشوائيات السكنية والفتنة الطائفية والفساد السياسي والنهب الإقتصادي حتي سقطت مصر إلي قاع الدول في كافة المؤشرات العالمية. وسرعان ما تحولت مظاهرات الشباب إلي ثورة شعبية هائلة اطاحت بالطاغية وبنظام أمنه الفاسد.

لماذا إذن قامت ثورة شعبية في مصر ولكن لا تقوم ثورة شعبية في أميركا بعد وقوع حادث مشابه في الحالتين وهو مقتل شاب مسالم بريء علي يد جهاز شرطة يقوم رجاله بتجاوزات قاتلة بشكل متكرر؟

في البداية علينا إدراك أن القيام بثورة شعبية شاملة يخرج فيها ملايين من المواطنين في عدد من المدن في وقت واحد في أي دولة ليس أمرا سهلا تقوم به الجموع بلا تفكير علي عكس ما قد يبدو، وإلا كانت تحدث ثورات عديدة في دول كثيرة وفي فترات متقاربة وهذا أمر لا يحدث. فالثورة الشعبية هي أمر صعب لا تقوم به الشعوب بسهولة أو بعفوية أو لمجرد أن دعاها إلي ذلك شخص أو جماعة، فالشعوب تدرك بعقلها الجمعي وحاستها التاريخية أن الثورات تصاحبها فوضي وعنف وقتل وتخريب قد يستمر لأشهر أو لسنوات حتي يحل نظام جديد محل النظام القديم الذي ستسقطه الثورة. ولذلك لا تقدم علي الثورة إلا شعوب قد فرغ صبرها تماما ووصلت إلي حضيض العيش ولفترة طويلة دون أمل في التغيير بأي طريق آخر فلا تجد في النهاية مفراً سوي الانفحار أي الثورة.

وسنجد أن أمريكا لم تعرف في تاريخها سوي ثورة التحرير من الوجود البريطاني والتي تأسست بعدها الولايات المتحذة في 1776، ثم وقعت حرب أهلية وهي أمر مخلتف عن الثورة، وفي فرنسا وقعت ثورة واحدة هي الثورة الفرنسية الشهيرة التي بدأت بحرق سجن الباستيل وإعدام الملك والملكة وقتل الكثير من الإقطاعيين ورجال ألدين الذين كانوا يستعبدون الناس، وكان شعار الثورة حرية إخاء مساواه، ولم تستب أحوال فرنسا بعدها إلا بعد سنوات عديدة لم تكن كلها مثالية ولا ديمقراطية ولا سلمية، ولكن النتيجة النهائية هي فرنسا التي نعرفها اليوم باعتبارها منارا للحضارة والمدنية والانسانية لمواطنيها.

أما في مصر فقد عرفنا هوجة عرابي ثم ثورة 19 ضد الإحتلال البريطاني ثم حركة الجيش في 52 والتي سميت في البداية بالحركة المباركة لأنها لم تكن ثورة شعبية لكنها سرعان ما قامت بتغييرات أساسية في المجتمع مما دفع الشعب إلي احتضانها كثورة شعبية تعبر عنه بوطنية وإخلاص وإن لم تخلو من الأخطاء الفادحة شأنها شأن كل ثورة تطمح إلي تغيير حقيقي وسريع في مواجهة قوي مضادة خارجية وداخلية، وصولا إلي ثورة 25 يناير الشعبية الهائلة.

لم ولا تتحول المظاهرات الضخمة في أمريكا إلي ثورات، بما في ذلك مظاهرات الشباب الطاحنة المستمرة في الستينات والسبعينات ضد الحرب في فيتنام والتي سقط فيها قتلي من الشباب علي أيدي البوليس الأمريكي، السبب أن الأغلبية العظمي من المواطنين الأمريكيين يعيشون حياة مرضية بشكل عام، يتمتعون فيها بالكثير من عوامل الاستقرار والنهضة والمدنية والرفاهية، فالمواطن العادي خاصة من الأغلبية البيضاء ومعظم المهاجرين يعمل كثيرا ولكنه لا يشعر أنه مطحون أو مستعبد أو مهانة كرامته، وباستثناء السود فمعظم المواطنين يشعرون بالمساواة أمام القانون، ويعاملون من قبل أجهزة النظام من مؤسسات وهيئات ومصالح حكومية وشرطة وقضاء معاملة كريمة تحترمهم وتلبي حاجاتهم، كما أن لدي أغلبية المهاجرين الجدد الأمل المعقول في تحقيق الذات وتحويل الحلم الأمريكي إلي واقع يكون لدي الفرد فيه أسرة وبيت وسيارة ووظيفة يختارها وحياة يحياها بالشكل الذي يريده، وفي كل هذه هو مواطن حر إلي حد كبير، لا يضربه رجل الشرطة علي وجهه ولا علي قفاه، ولا يستطيع أن يقتحم عليه منزله إلا بإذن قضائي، هو في النهاية مواطن سعيد بنظام دولته مهما كانت درجة احتجاجه علي سلبياته، وعليه فليس لدي هذا المواطن أي دافع للثورة وما تتطلبه من خروج إلي الشارع معرضا نفسه لأخطار تصل إلي حد الموت.

هناك في أمريكا، وفي خارج أمريكا، من الجماعات والأفراد المتطرفين والفوضويين والعدميين والشيوعيين أعداء الرأسمالية ومن الارهابيين الجدد والقدامي الكثيرون، ربما مئات الآلاف، ممن يتعطشون شوقا لاشعال ثورة شعبية داخل أمريكا، ولكن كل هؤلاء حتي لو اتحدوا جميعا وحتي لو تأمروا وخططوا ليس في مقدورهم إشعال أي شيئ طالما أن الأغلبية العظمي من المواطنين الأمريكيين لا يرغبون في هدم نظام يحقق لهم معظم احتياجاتهم الضرورية والترفيهية، فالعوامل التي تدفع للثورة ليست متوفرة، وقد كان الفكر الشيوعي يتوقع سقوط الرأسمالية فسقط هو بسبب تحجره العقائدي وبقيت هي بسب مرونتها ولاستيعابها لأفضل ما في الفكر الاشتراكي نفسه كفكرة إتحادات العمال والحد الأدني للأجور والضمان الإجتماعي والكفالة للمعدمين وغيرها من الأفكار اليسارية.

في مصر في عام 2011 كان الوضع مختلفا تماما، كان المواطن العادي يخشي أن يوقعه حظه العاثر في ظرف يضطر فيه إلي دخول قسم شرطة فلم يكن يثق أنه لن يهان أو تلفق له تهمة، كانت فيديوهات ضرب رجال الشرطة للمواطنين علي قفاهم داخل الأقسام منتشرة علي اليو تيوب، كما كان المواطن العادي مطحونا بين نظام تعليم فاشل تماما حتي أن الكثيرين كانوا يضطرون إلي اللجوء إلي نظام موازي من الدروس الخصوصية باهظة التكلفة لكي يضمنوا لأولادهم نصيبا من تعليم معقول، كما كانت المستشفيات أقرب إلي سلخانات عامة يدخلها المريض لكي يخرج منها جثة هامدة أو كما دخلها إذا كان محظوظا، كما إضطر الملايين إلي السكن في القبور وفي العشوائيات التي اكتظت بها القاهرة وكافة مدن مصر، أما الصعيد فقد كان قد تحول بأكمله إلي منطقة منكوبة يعشش فيها الجهل والفقر والتعصب الديني البغيض ولا يجد فيها الشباب عملا فيضطرون إلي ترك قراهم ومدنهم والهجرة إلي القاهرة أو لخارج مصر، فيقضون حياتهم بعيدا عن زوجاتهم وأولادهم، وكان الفساد ينخر من كل مفاصل الدولة بدئا من رأسها ممثلا في مبارك نفسه الذي لم تمنعه كرامته من قبول رشاوي سنوية بالملايين كان يسميها هدايا من رؤساء مجالس إدارة الصحف القومية الذين كان يقوم هو بتعيينهم، وهذا مظهر واحد من مظاهر الفساد الممنهج الذي تمرغ فيه مبارك، وكان مع الوقت قد كبر في السن وترهل في القدرة والرؤية فاستسلم إلي بلادة قيادية وغيبوبة سياسية متزايدة تاركا أمور مصر لمن حوله من حاشية ومن رجال أعمال وأفراد العائلة إلي حد أن خططت العائلة لتوريث مصر وكأنها عزبة تمتلكها، فثار الشعب للإطاحة بالفشل والفساد والانحطاط الإداري والسياسي والإجتماعي.

لو كان المواطن المصري سعيدا أو حتي مجرد قابلا لحالته التي أوصله إليها نظام مبارك لما فلحت ألف مظاهرة ولا ألف مؤامرة في إجباره أو إغرائه بالخروج إلي الشوارع بملايين قدرت بثمانية عشرة مليونا، وهي أعداد غير مسبوقة في تاريخ مصر حتي ذلك اليوم، لتتصدي لشرطة مبارك وتسقطها ثم تسقط نظامها الهش الذي كان بلا سند ولا شعبية ولا شرعية وهو الذي اعتاد تزوير الانتخابات بفجور يحسد عليه. الكلام إذن عن أن ثورة 25 يناير ليست ثورة هو كلام يفتقد إلي الوعي السياسي والإجتماعي بطبيعة الثورات وعوامل قيامها، أما الكلام أنها ليست ثورة لأن الاخوان قاموا بسرقتها فهو كلام بلا منطق، فهل إذا اختطفت عصابة إبنك من الشارع تقول أنه ليس إبنك لمجرد أنه تم اختطافه؟ فكون أن الثورة اختطفت لا يجعلها تفقد طبيعتها كثورة، فقط تصبح ثورة مختطفة حتي يحررها الشعب الذي صنعها ويستردها مرة أخري.

ما حدث من نجاح تيار الاسلام السياسي من اخوان وسلفيين في إكتساح مجلس الشعب ثم إنتخاب مرسي كان افرازا طبيعيا من شعب تركه مبارك ثلاثين عاما فريسة لتيار الدجل الديني الذي فشل في مواجهته سياسيا وإجتماعيا وثقافيا، فترك لهذا التيار الساحة والشارع والنقابات والجامعات والمساجد والزوايا والعشوائيات والفضائيات، أي ترك له مصر كلها واكتفي هو وحاشيته بالحكم بلا سند شعبي ولا تواجد للدولة في المجتمع، وكان من فضل الثورة أنها أدت في النهاية إلي كشف مدي خيبة وخواء الفكر الاخواني ومدي فقرهم الحضاري وتدني سلوكهم وكفائتهم في الحكم بل حتي في التصرف كبشر، فكان أن ثار عليهم المصريون بخروج ثلاثين مليونا ضدهم في 30 يونية إستكمالا لما قام به نفس الشعب في 25 يناير، فتحققت بذلك أعظم انجازات ثورة يناير بكشف وفضح ثم طرد تيار الدجل الديني من الساحة مرة واحدة ونهائية، وهو ما فشل فيه مبارك علي مدي ثلاثين عاما، ولم يكن مجيء قائد بروح ورؤية وقدرات السيسي ممكنا لولا ثورة 25 يناير، فلولاها لكان جمال مبارك هم من يحكم مصر اليوم بنفس أسلوب المافيا العائلية الذي حكم به والده، ولاستمرت مصر في هبوطها إلي قاع الدول حتي تخرج تماما من التاريخ، وهو مصري بشع لم ينقذها من سوي خروج الشعب في ثورة 25 يناير مسقطا نظام مبارك معلنا رغبته في نظام جديد، وهو ما تبنيه مصر اليوم.

الثورات لا يمكن أن تندلع بناء علي مخططات أو مؤامرات لقوي خارجية أو مؤامرات لأفراد أو جماعات داخلية، وإلا كانت قد قامت ثورة كل يومين في كل مكان في العالم فيه متآمرون وعملاء وهم كثر ومن كل لون وغرض، الأمر ليس بهذه البساطة ولا يمكن أن تكون الرؤية لما يحدث بهذه السذاجة، ولا تقوم الثورات بمجرد دعوات علي الفيسبوك، فلو قمت أنت تدعو اليوم مثلا إلي الثورة في مصر لما خرج معك أكثر من مئة شخص أو ربما ألف بالكثير، لأن أغلبية المصريين قد صار لديهم الأمل في غد أفضل ويرون أن الحكومة تعمل بجد من أجل ذلك، أي دعوة إلي الثورة هي دعوة بلا تأثير في حد ذاتها بدون رغبة شعبية عارمة في التغيير وإستعداد للتضحية في سبيله، الثورات تقوم حين يصل اليأس بقلوب الأغلبية العظمي من المواطنين حدا لا يرون عنده أي وسيلة ممكنة للإصلاح والتغيير لأن الحاكم الطاغية قد سد في وجوههم كل الطرق الشرعية فلم يبق امامهم سوي الثورة عليه وعلي نظامه متحملين فداحة الفوضي والتخبط لفترة انتقالية لابد منها ولكن علي أمل أن المستقبل بعدها سيكون أفضل كثيرا، وهذا بالضبط هو ماحدث في مصر المحروسة.

في أمريكا اليوم مسيرات إحتجاج علي أوضاع عنصرية لدي بعض أجهزة الشرطة، ولكن هذا لن يدفع إلي ثورة لأن النظام الأمريكي بشكل عام يعمل بكفاءة لصالح المواطن الأمريكي،
وفي مصر اليوم أعمال إرهاب من قبل الجماعة الارهابية ولكن هذا لن يوقف المسيرة ولن يقدر علي إشعال ثورة جديدة، فاللحظة الحالية هي لحظة ما بعد الثورة أي وقت العمل الشاق والبناء الجاد وهو ما تفعله القيادة الحالية، ويبقي أن يعمل الشعب كله بمثل هذه الجدية لتحقيق الأهداف الجميلة لتلك الثورة النبيلة.. عيش، حرية، عدالة إجتماعية، وكرامة إنسانية.



#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقرأي
- في مصر أمشي علي مهلي
- طعنة في شوارع نيو يورك
- رأيت للأرض يدا تكتب أبجدية السماء
- خبز الغريب
- هذا مخاضك يا وطن
- الأسباب الفكرية لسقوط الاخوان
- شهوة الموت
- في القاهرة
- صوت يطلبني
- شم النسيم عيد ميلاد الكون!
- مزامير لشم النسيم
- مصر وحدها بلادي
- سعاد يا وطني الأخير
- نبيذ المحبة
- تعلمت منك القيامة
- ابتهالات مريض علي شفا الموت
- لمن ستكون مصر؟
- لك السلام يا جميلة
- العبادة المشتركة بين المسلمين والأقباط


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فرانسوا باسيلي - لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان