أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرجاء لهديلي - جان بول سارتر: أفعال الإنسان تكشف عن حريته















المزيد.....

جان بول سارتر: أفعال الإنسان تكشف عن حريته


عبد الرجاء لهديلي

الحوار المتمدن-العدد: 4549 - 2014 / 8 / 20 - 23:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يذهب سارتر في جل كتاباته، إلى التأكيد على أن الحرية شرط أساسي للفعل الإنساني، وهي تامة مطلقة، غير أنها ليست مجرد اعتباط وعشوائية، فلا يمكن تصور أي فعل بدون حرية، أما القائلون بالحتمية إنما غرضهم في نظره، هو تبيان أن وراء أفعالنا دوافع وأهواء وشروط . والقائلون بحرية اللاَّمبالاة، إنما يريدون أن يبيَّنوا أنه بالإمكان وجود فعل غير خاضع لأسباب. إن القول بحدود للحرية بالنسبة لسارتر، قول واهٍ، لا معنى له، فما دام أن عدم الاختيار هو عينه اختيار ، وعدم الفعل هو في حد ذاته فعل، فإن القول بالحرية أمر ضروري وقطعي. و إذا كان كل فعل ذا منحى قصدي، وفقه يتحمل الإنسان مسؤوليته، ويتجاوز من خلاله كل ما هو جاهز نحو نتيجة يريد الحصول عليها؛ فإن الإقرار بحرية الفعل أمر مؤكد ولا جدال فيه. ولعل فكرة القصد التي سبق الحديث عنها مردها الأساسي هو تأثر سارتر بالمنهج الفينومينولوجي، مع رائده المفكر الألماني إدموند هوسرل، ذلك أن القول بالقصد هو الضامن الأساسي لمشروعية شكنا في عشوائية أفعالنا، والتأكيد من ثمة على أنها مبنية على الاختيار الحر، الذي يلزمنا بأن ننسب إلى أنفسنا النتائج الصادرة عنها. فاﻟ-;---;--ﺤ-;---;--ﺮ-;---;--ﻳ-;---;--ﺔ-;---;-- ﻻ-;---;-- ﻳ-;---;--ﺠ-;---;--ﺐ-;---;-- أن ﺗ-;---;--ﺒ-;---;--ﻘ-;---;--ﻰ-;---;-- ﻓ-;---;--ﺎ-;---;--رﻏ-;---;--ﺔ-;---;--، ﺗ-;---;--ﺒ-;---;--ﻌ-;---;--ﺚ-;---;-- ﻋ-;---;--ﻠ-;---;--ﻰ-;---;-- اﻟ-;---;--ﻐ-;---;--ﺜ-;---;--ﻴ-;---;--ﺎ-;---;--ن، ﺑ-;---;--ﻞ-;---;-- ﻳ-;---;--ﺠ-;---;--ﺐ-;---;-- أن تلتزم بمشروع وأن تعطي معنى للأشياء، وأن تختار بين مجموع الإمكانات المتاحة .
إن وجودية سارتر، تحاول ما أمكن أن تبتعد عن كل الأفكار السكونية التي تفترض إمكانية تشكيل صورة للموجود البشري، تم تجعل هذا الموجود يمارس الفعل بعد ذلك، مؤكدة في المقابل على أنه يجب النظر للإنسان مند البداية بوصفه فاعلا. وهذا الأمر جعل الوجوديون عموما يبتعدون شيئا ما عن الفهم التقليدي الذي ينظر إلى الذات على أنها مفكرة.
الوجودي إذن، يؤكد الفعل؛ لأن الوجود البشري لا يصل إلى العينية والامتلاء إلاّ في الفعل وحده، وهذا التصور يتبناه جميع الفلاسفة الوجوديون بالرغم من الاختلافات الواقعة بينهم ، غير أن الفعل هنا، ليس مجرد أداء أو نشاط، لأن الوجودي يرى أن الفعل بمعناه الصحيح شخصي بمعنى عميق، يشمل الإنسان ككل، فهو يتضمن كلا من الفكر والانفعال الطاغي في آن واحد، ولو لم يكن هناك فكر أو انفعال أو قرار داخلي لما كان هناك شيء جدير باسم الفعل.
والحق أن تصور سارتر للوجود الإنساني، كوجود قائم على الفعل، تصور أُريد منه الخروج من إطار المقولات السكونية والجوهرية، إلى طرق في التفكير أكثر دينامية وأكثر ملائمة للإنسان بوصفه وجودا حيا متغيرا، غير أنه بالرغم من الأهمية التي يوليها سارتر للفعل هنا، فإنه مع ذلك يختلف عن التصور البراجماتي الذي أكد بدوره على أهمية الفعل، ذلك أن الوجودية ليست هي البراجماتية، لأن هذه الأخيرة تنظر إلى الفعل كعمل خارجي يقاس على أساس النجاح وتحقيق أكبر قدر من المردودية ( بالرغم من أن سارتر سيعيد الاعتبار للعمل وللمردودية في كتاباته المتأخرة ). فإذا كان سارتر يؤكد على أن "الإنسان هو ما يفعل"؛ فإن هذا المعنى لا يتفق، بشكل أو بأخر، مع الفهم البراجماتي للإنسان ككائن عملي.
ولا شك أن فكرة الإنسان العملي مصدرها الأساسي، علم الاجتماع التجريبي، فالإنسان في نظر فيلسوفنا، أكثر من مجرد حزمة المهام والأدوار التي يؤديها، بل هو وحدةٌ يعبر عن نفسه في جميع نشاطاته هذه، حتى إنه يمكننا القول بتعبير يسهل معه توضيح فكرة الفعل عند الوجودية: إن الإنسان يصنع نفسه في تلك النشاطات، وأفعاله أكثر من أن تكون أعمالا يمكن ملاحظتها بطريقة تجريبية، فهو فيها يرسم معالم مشروعه ويحققه في ذات الآن.
تأكيد سارتر على أهمية الفعل ودوره في بناء شخصية الإنسان، حاضر كذلك بقوة في إبداعاته الأدبية، ففي مسرحيته "الجلسة السرية" أظهر لنا كيف أن أبطال هذه المسرحية أدركوا في الأخير أن الإنسان يكون ما يفعل، فأفعاله هي التي تحدد ماهيته، وهذه هي الرسالة الوجودية التي حاولت "أنيز" ( أحد أبطال هذه المسرحية) أن تعلمها لرفيقيها( غارسان garcin وستيلstell) في الجحيم :"... الأفعال وحدها تقرر ما نريده..." .
وإذا كانت الحرية، حسب سارتر، واقعة لا مفر منها تظهر في الفعل كقصد، حيث لا يكون في وسعنا إلا أن نكون أحرارا، فإن هذه الحرية ترتبط بالمعطيات أو بطرق مختلفة situation ، وهذه الطرق يمكن تلخيصها في:
المكان: المكان هنا يعني ذلك المحل الذي تسكنه الذات( بلدها، مناخها، ترابها...) إنه ترتيب الأشياء، كما يقول سارتر، التي تتبدى لي حاليا، حيث تشير إليّ بوصفي السبب في ترتيبها ( حضور الموقف الهوسرلي الذي يرى بأن وجود العالم والأشياء لا معنى له بدون الإنسان)، حيث لا يمكن أن لا يكون لي مكان وإلا كنت بالنسبة للعالم، في حالة تحليق . وبالتالي أن أوجد معناه أن أملأ مكان معين، أو بمعنى أخر، أن أتلقاه، ولما كان هذا هو المكان الأول، الذي ابتداء منه سأشغل أمكنة جديدة وفقا لقواعد محددة، فإنه يبدو كأنه تقييد لحريتي، في هذا الصدد يعرض سارتر لضروب الاختلاف بين أنصار الحرية وخصومها؛ حيث يرى الأوائل، أنه ابتداء من مكان يشغله الشخص حاليا، فإن هناك ما لا نهاية من الأماكن الأخرى تقدم له نفسها لاختيارها. أما الخصوم؛ فيرون أن الأشياء تدير ناحية الشخص وجها لم يختره. وبالتالي تستبعد كل ما عداها، ويرون أن المكان يتحدد وفق الظروف الأخرى لوجود الذات( نظام غدائي، مناخ...).
الماضي: الماضي حسب سارتر، لا يُحدِّد ولا يعيّن مستقبل الإنسان ولا أفعاله، كما تحدد الظاهرة السابقة الظاهرة اللاحقة . يحتوي الماضي على الأحداث والعلاقات الاجتماعية التي مرت، غير أنه ماض غير قائم بذاته، كما لا يفرض نفسه عليّ، بل ينتظر القرار الذي أتخذه بشأنه، ومن تم سيكون المشروع الأصلي هو الذي يوجه نظري إليه ويحدد معناه.
المحيط: يرى سارتر أنه لا ينبغي لنا أن نخلط بين المحيط والمكان الذي تملأه الذات، فالمحيط هو الأشياء والأدوات التي توجد معي وبالقرب مني ، فبشغلي لمكاني، أسس اكتشاف المحيط، كما أنه بتغييري لمكاني( وهو نمط اختيار حر) ؛ أؤسس لمحيطات جديدة، كما أن هذه الأشياء والأدوات التي تمثل المحيط، يمكن أن تبدو وتتلاشي بالرغم عنِّي، وهذا ما يؤدي إلى تغيير المشروعات تبعا لما يطرأ على المحيط من تغير وتبدل.
القريب: وهنا يمكن أن نلمس واقع الاختلاف بين التفسير البنيوي وموقف سارتر، إذ يحدد هذا الأخير " القريب " من وجوه عدة: الأدوات والاستعمال؛ الدلالة والأخر، فيرى أن هناك دلالات مستقلة عن الذات( الحافلة ، القطار...) وفي هذا السياق يتعرض سارتر لمسألة "اللغة"، حيث يرى، عكس التفسير البنيوي، أن الإنسان هو الذي يستخدم اللغة ( باعتباره كائن فاعل)، إذ اللغة ليست لسانا يتكلم بمفرده بعيدا عن الذات الإنسانية.
الموت: الموت حسب سارتر، ليس جسرا للعبور إلى عالم أخروي، كما أنها ليست بابا يفتحنا على حياة أخرى كما يتصورها الفكر اللاهوتي، إنها واقعة جائزة (وهنا نلمس الموقف النتشوي، الذي يرى أن موت الإنسان/الفرد، لا يعني موت الحياة. وهو ما قاد هيدجر إلى القول بتجربة الموت في سبيل فهم الوجود حيث يكتشف الإنسان أنه يموت لوحده ويترك الآخرون يعيشون)، ويختلف الموت عن التناهي على اعتبار، أن هذا الأخير بنية أنطلوجية للوجود ذاته؛ فحتى لو كان مصير الوجود الإنساني ليس هو الموت، فإنه لا يفلت من التناهي.



#عبد_الرجاء_لهديلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارتر: نحو فهم جديد للماركسية
- سارتر: نحو تحليل جديد للشخصية الإنسانية
- المغرب وحركة داعش


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرجاء لهديلي - جان بول سارتر: أفعال الإنسان تكشف عن حريته