أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ايمان محمد - الخياطه ...4 و 5














المزيد.....

الخياطه ...4 و 5


ايمان محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4545 - 2014 / 8 / 16 - 14:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


(04)
في السوق , عملت كل ما يناسب قوتي و عمري , أرباب عملي وجدوا بي الصدق و ألأمانة و الإجتهاد في ألأداء , رأيت فتية لصوص في السوق , لكم استقذرت فعلهم ذلك و وددت لو أن لي قوة كي أبطش بهم ...
ذات يوم و أنا أعمل عند بقّال , و إذا بإمرأة تستصرخ : يا ناس انباكيت ( سُرِقت )
فتىً يركض و الناس تشير إليه , صرخ أحدهم : أنه يهرب أوقفوه
كنت أحمل سلّة كبيرة مليئة بالطماطم , ألقيتها من يدي و هرولت خلف اللص الصغير , يأس الناس منه لسرعته و لكنني أصررت على اللحاق به , ركضت و ركضت حتى أمسكت به في الزقاق , أسقطتُ نفسي على ظهره و تصارعنا على ألأرض , كان أصغر مني سنا"و أخف وزنا"
_ لا أريد إيذائك , فقط أعد ما سرقته
_ أتركنِ , تبا" من أين خرجت لي
وصل جمهور الناس إلينا فوجدوني جالس على ظهره أشبعه لكمات تلو ألخرى و هو يتوسلني كي أنهض من على ظهره , قال أحد الرجال :
_إنهض عنه يا عماد , سيموت , سيختنق تحتك
نهضت عنه و أنا أشعر بنشوةِ إلإنتصار و كأنني بطل من أبطال ألأساطير ...أخذنا الفتى الى السوق حيث السيدة التي أُجلست أمام أحد المحال على كرسي , إنها شاحبة و تردد بلهفة و
_لا أريد شيئا" فليأخذ المال , فليعد لي مفتاح الدار فقط
كنت ممرغا" بالتراب و يسيل العرق من جبيني و صدري , دنوت من السيدة :
_ خالة هذه حقيبتك و هذا اللص
_ أووه , أشكرك , بارك الله فيك ( تفتح حقيبتها بسرعة و كأنها طفل يفتح هدية يتوق لمعرفة ما بداخل الصندوق المغلّف ) تتأكد من محتويات الحقيبة
_نعم , أنها كاملة لا نقص فيها و هذا المفتاح , الحمد لله , أشكرك يا بني فليبارك الله الأم التي ولدتك ...و همّت السيدة لإعطائي مكافأة نقدية لكنني رفضتها , أما اللص الصغير فقد عفت عنه السيدة و إعتذر أمام الجميع و وعد أنه لن يكرر ذلك , لقد وبّخه اصحاب المحال و هددوه بالشرطة و الفضيحة
حين عدتُ الى ربّ عملي البقال , وجدته يتشظى بألفاظ الشتم و يبصق على الأرض و ينهر زميلي و ينظر الى الطماطم بينما يمسك السلة بيديه و يردد بصوت محتقن : سأجعله يدفع ثمن هذا , المهمل الصعلوك لقد أتلف الطماطم
_ السلام عليكم يا عمي
_ عما العماك ( شتيمة عراقية و تعني عمى يصيب نظرك )
_ أنا أعتذر , كنت مضطرا , ألم تسمع السيد... فقاطعني بصوت آمر غاضب
_ أنت مطرود , و حين ألقى خالك , سأطالبه بثمن ما أتلفت هيا أغرب عن وجهي
يا للحياة , كنت بطلا" قبل قليل , الآن انا مطرود من العمل , لكن لماذا يهينني هذا الرجل ؟
أنه بقّال بخيل جدا" , لطاما رأيته و هو يأخذ البقالة التالفة لبيته , أنه لا يسخِ أن يُطعِمَ اولاده و أهله مما يُطعِمُ الآباء أبنائهم و أهليهم , يا للبخل و شحة النفس , أعوذ بالله من البخل و الجُبن

( 05)

في المدرسة , إجتهدت في دراستي لم أكن متميزا" إلا أنني إجتزتُ كل عام دراسي من الدور الأول , على عكس أختي الآء التي تركت الدراسة في الصف الثاني من المرحلة المتوسطة
و آثرت مساعدة والدتي في البيت , لقد صارت خياطة ماهرة رغم صغر سنها ...
و السنين تمر كالساعات وجدت نفسي ضابط شرطة أؤدي القسم مع زملائي في حفلة التخرج
(أقسم بشرفي و معتقدي أن ....) كنا نردد الكلمات كما لو أنها تراتيل دينية , لساني يتحرك من تلقاء نفسه , قلبي يخفق بشدة و كأن كل ذرة في جسدي هي من تردد القسم .
والدتي العزيزة , تبكي و أنا بالزي الرسمي لأول مرة , لقد قامت الآء بإجراء بعض التعديلات على البدلة العسكرية و جعلتها على مقاسي تماما", كنت كالديك الهراتي المنتصر على غريمه في صراع الديكة الذي شاهدته في صغري في سوق الغزل , حين أخذني والدي ذات مرة اليه و شاهدت تلك المصارعة الحيوانية بين ديكين و الرجال من حولهما يتراهنون من سيكون له الغلبة , لم يرق لي أن أرى الديك الخاسر و هو يتلوى من شدة ألألم و لكن عينيّ لم تفارق الديك المنتصر آنذاك , لقد كان يصيح و ينفش ريشه الملون الزاهي مفتخرا" بنصره ..
والدتي تلك ألإنسانة الرقيقة ذات الروح الشفافة , لا تملك دموعها فرِّحة" او حزينة , تقول
_ تشبه والدك يا عماد , فليرحمك الله يا محمود , لو كان بيننا لسُعِدَ بك ...ثم تخنقها العبرة و تنكس رأسها و تذرف الدموع .. فتقول الآء :
_ أمي هل هذا وقت النحيب , بالله عليك أنه فأل سيء ؟
أدنو منها و أرفع يدها و أقبل كفها ألأيمن و جبينها , بينما تطرق لقول الأدعية التي تحفظني من شر الحسّاد و هي تحرك بيديها فوق رأسي , كما لو أنها تؤدي تعويذة
_ والدتي , لا أريد لهذه الأنامل أن تخيط غرزة واحدة بعد اليوم
_ أجل يا ولدي
فيأتي صوت الآء من خلفي :
_ و لكنني أريد أن أستمر بالخياطة فأنا أحب هذا العمل
_ أنتِ إفعلِ ما تشائين , المهم أن والدتنا ترتاح
و هكذا كان لآلاء الفرصة للتغيب عن البيت لبعض الساعات بحجة التبضع بلوازم الخياطة من السوق أو لأخذ قياسات نساء لا يستطعنّ المجيء اليها فتذهب لبيوتهن , كنا نثق بها , أختنا العاقلة الحبابة*, مدللة أبيها الراحل .
يتبع ...



#ايمان_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخياطة... 3
- الخياطة... 1 و 2
- دمية على الرف .الحلقة الخامسة (الاخيرة)
- دمية على الرف .الحلقة الرابعة
- دمية على الرف .الحلقة الثانية
- دمية على الرف .الحلقة الاولى
- بنت بغداد على طريق زراعي
- انثى جامحه


المزيد.....




- بنغلاديش.. مظاهرة حاشدة رفضا لتقرير حكومي يمنح المرأة حقوقا ...
- يسرى صيداني: القوّة تُؤخذ لا تُعطى
- جوزفين زغيب: الإعلام شريك في إبعاد النساء عن مراكز صنع القرا ...
- بين الغارات الإسرائيلية والاقتتال الداخلي: مشهد معقد في الجن ...
- انفجرت بيدها.. مقتل امرأة كانت تحاول تفجير بنك على ما يبدو ف ...
- مسلسل -لام شمسية- يثير جدلا كبيرا في مصر حول قضية العنف الجن ...
- اليونان.. مقتل امرأة بانفجار عبوة ناسفة (صور)
- خرم سلطان: من هي -أقوى- امرأة في التاريخ العثماني؟
- أبرزها الزواج من 20 سنه!.. قانون الزواج الجديد في الجزائر 20 ...
- المزيد من الفتيات يرغبن في دراسة التكنولوجيا


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ايمان محمد - الخياطه ...4 و 5