أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير ناظر حميد - فارس بلا جواد















المزيد.....

فارس بلا جواد


بشير ناظر حميد

الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


بدءاً من البداية، صحى متأخراً من النوم وخرج مسرعاً برفقة احد أصدقائه نحو مكتب الخطوط الجوية العراقية في احدى البلدان العربية من أجل العودة الى الوطن، دخل مسرعاً ووقف بشكل مستريح وهادئ متكئاً على يديه، أخذ نفس طويل والتفت يميناً ويساراً منتظراً موظفة المكتب تنتهي من ترتيب الأوراق التي بيدها، فرفعت عينها وقالت تفضل: قدم جواز سفره وقال بشكل سريع ومرتبك اريد حجزاً سريعاً غداً او بعد غد، فأجابته بلهجة عربية تلك الموظفة الجميلة: اقرب حجز لدينا هو بعد أسبوع من الان، وكعادة الكثير من العراقيين عندما لا يروق لهم امراً ما، ردد بعض الكلمات الامتعاضية، وقال لا يمكن لان الامر قد تترتب علية حياة أو موت، فاعتذرت مره أخرى بنفس الطريقة وبنفس الثقة ومن دون أن تنظر اليه، وقف صامتاً بمكانه دون أن يأخذ في الاعتبار بأن هناك من ينتظر خلفه ليأخذ دوره في الكلام والحجز، بعدها عاد الى الخلف دون ان يلتفت وقد سمع صوت نسائي قد تذمر من وقفته وعودته هذه فالتفت ورأى أمرأه لابسه السواد واقفة كالنخلة الباسغه، لا بل كالجبل الشامخ، ماسكه بيدها جواز سفرها وبيدها الأخرى تلملم غطاء رأسها، وهي تقول خلي بالك، اعتذر وجلس قرب صديقه داخل المكتب وهو يراقب من دون قصد هذه المرأة، يقول: رايتها على علاقة جيدة بموظفة المكتب فدفعني الفضول ونهضت مسرعاً الى تلك المرأة وقدمت نفسي لها وطلبت مساعدتها في الحصول على ما ابغي، هزت راسها بطريقة مؤدبه وقالت بثقة عالية ستحصل عما تريد، ولكنها ما ان أكملت حجزها خرجت مسرعة من مكتب الخطوط دوان أن تنظر الي أو أن تنطق بكلمة معي، فتسألت كيف أحصل عما اريد وهي لم تعرف اسمي او لم تأخذ جوازي ولا حتى كلمت موظفة المكتب بخصوصي، نهضت مسرع خلفها وقلت لها دون أن اتردد اعطني رقم هاتفك، فكانت ردت فعلها بحجم طلبي المؤدب – والبريء - فقالت هنا (ذكرت اسم الدولة) ام العراق فقلت لها الاثنين، فسجلتهم على عجل وعدت محاولاً مع موظفة المكتب وما زال صديقي جالس ويراقب دون ان يحرك ساكن، وبعد صداً ورد وكلام معسول احياناً باءت كل محاولاتي بالفشل وحجزت بعد أسبوع كما قالت وارادت موظفة المكتب. بعد يومين توالت عليه الاتصالات من الوطن تحثني على العودة لان الأمور في مكان عملي تتطلب حضوري والا كان هناك اجراء اداري بحقي قد يترتب علية الفصل من الوظيفة، فلملمت اوراقي باحثاً عن رقم هاتف هذه المرأة علها تكون المنقذ، وفعلن وجدته واتصلت بها ولكنها اجابتني بشيء من التجبر والتكبر ونوع من البرود هل من الممكن الاتصال بعد عشرة دقائق من الان، لان لديه ضيوف؟ حقاً انا تفاجأت في الرد وقمت بمسح رقم هاتفها دون ان أفكر علها تكون صادقة في ذلك، ولكن من شدة غضبي مما يحصل تكلمت بعض الكلمات بحقها ولم اتصل بها بعد، لكن شكلها لم يفارق ذاكرتي، الذي حدث عندما حان موعد سفري بعد ان انتهى الأسبوع وانا جالس في صالة الانتظار في المطار أشار اليه صديقي الذي كان برفقتي في مكتب الخطوط، ها هي المرأة التي رأيناها، ودون ان انتظر أو حتى ان افكر توجهت اليها وبعد السلام والمصافحة ومن دون طلب اذنها جلست الى جانبها في الطاولة وقلت لها اطلبي لي ما تشربين، ودار حديث طويل عن الوطن وعن العمل ووجدتها أمرأه غاية في الرقي والجمال والاناقة، ولكوني حديث العهد في السفر لم اكن اعرف انني استطيع الجلوس بجانبها من خلال ارقام الجلوس التي نحصل عليها عند الكاونتر فقد جلست بجانبها في الطيارة وعلى مسؤوليتي، وجاء احدهم ليطلب مني المغادرة الى حيث مكان جلوسي ولكني بقيت ساكت ومتردد وحائر ماذا افعل وانا بهذا الموقف، هي صمتت، وصديقي دار وجهة الى النافذة دون ان يفكر في مساعدتي وهو كان قادر على المساعدة، وانا قمت من قربها وجلست خلفها بمقعدين او اكثر واستمرت الرحلة الى ارض الوطن ساعتين وبضعة دقائق وكأنها كانت عامين من شدة غضبي لترك مكان الجلوس قربها ... في ارض الوطن كانت هي برفقة احدهم ولكنه كان يظهر وكانه ولدها مع انه ليس كذلك وكما عرفت فيما بعد، فأرادت الاتصال من هاتفي ولكني تجاهلتها ولم التفت اليها الا عندما خرجت بعد ان اخذت حقيبتها وملوحة بيدها لي لكي اتصل فيما بعد، نظرت اليها نظرة احتقار وبها شيء من الحقد ولكن لماذا لا اعرف، فقط اعتقدت انها قد اسرت قلبي لا بل استعمرته، الى هنا انتهت القصة مع العلم أن هناك الكثير من المشاهد والظنون لم تروى، ولكنها بدأت من جديد بعد أيام لتستمر سنوات بين صد ورد وعتب وغضب وسفر وعوده ومشاكل ما انزل الله بها من سلطان استمرت هذه العلاقة وأصبحت هذه المرأة هي الغذاء وقت الجوع، والدواء أيام المرض، والدفء في ليالي الشتاء، ومتعة شرب الماء البارد اثناء الصيف، لا بل أصبحت السيدة الأولى في حياتي وأصبح الحب غرام والهام وهيام، وكان في كثير من الأحيان ذلك الإحساس الذي رأيناه وشاهدنا في فيلم الحسناء والوحش أيام الصبى، فكذبت المقولة التي تقول (أن الحياة ليس اشخاص)، وأنا أقول: هناك اشخاص هم لنا الحياة، فهي كانت الحياة كلها بحلوها ومرها رأيت بعينها بعض البلدان في اسيا وافريقيا، وعشقت لأجلها العراق بأكمله رغم هيامي بالعراق واهلة، شممت عطرها في البصرة الفيحاء فقد سبقتني بالجلوس في ذلك المكان، وعشت معها اجمل ايامي في فراتك الأوسط يا عراق، وفي بغداد تحكي لنا الشوارع قصصاً وحكايات، تألمت لأجلها كثيراً ودمعت عيني من أجلها مراراً ومن شدة حبي لها وكرهي لعملها كذبت وكذبت وكذبت فماتت الثقة ومات ذلك الايمان المطلق بها ولم تشفع لا دمعة ولا صرخة ولا ضحكة ولا بسمة ولا سفره، ولا حتى تلك الدشداشة التي فتقتها من الصدر الى أصابع القدم، ولكن لم يموت الحب فهي ما زالت تجتاحني وتسكنني وتشاركني بكل شيء حتى في احلامي فهي معي في كل الأماكن، كما أنه لم يكن شخصا قليل التجربة، فقد تعددت واختلفت تجاربه وفقاً للمراحل العمرية التي مر بها، ولم يكن فلاح كما كانت تصفه حبيبته في كل مره يختلفان بها، رغم اعتزازه واحترامه وايمانه بجذوره الريفية التي ينتمي اليها، نعم كان شخصاً ضعيفاً هزيل البنية قليل الكلام وخجول في اغلب الأحيان، ولكنه طموح ويحلم بالنجاح ويسعى لتحقيقه... هي بشموخها وقوتها وجديتها وكبريائها لم تكن المرأة الأولى التي قابلها ولكنها أصبحت السيدة الأولى فيما بعد، ولم يكن هو الرجل الوحيد في حياتها، ولكن كان همها وشغلها الشاغل فيما بعد، هي لم ولن تكن تجربه في حياته، هي كانت الحياة كلها... اليوم انا افتقدها كثيراً واشتاق اليها، فهي ما زالت حاضرة رغم غيابها الجسدي تأكل وتشرب وتلبس معي، وفي كثير من الأحيان البس لأجلها واضع عطرها المفضل، فأنا أرى صورتها في كل طبق وبها اجد طعم الغذاء، ومعها كان الشرب فقط يحلو، -اقصد شرب الماء والشاي-، ولأجلها عتقت نسائي، ورغم تعاقب الأصوات وتكاثرها حول مسامعي إلا أنني اجد صدى زغاريدها يعلو على كل الأصوات، ونظرات عينها كانت ولا زالت تعاتبني وتناديني ولكن بصمت مؤلم وحسرة رهيبة، فانا اشعر بها، لا احد يسمعها، ولا احد يواسيها في مصابها، ولا احد يستطيع ان يقتلع ذاك الخنجر الذي غرسه في صدرها حبيبها الخائن كما تصفه في كل مناسبة، هي كانت وما زالت على حق، وهو كان ولا زال على حق، نعم انهما الاثنين على حق وهما ضحية لمن لا يستحق التضحية، فمن يا ترى يعذر من، ومن يا ترى يسامح من، فهو لم يكن قيس أو جميل، وهي لم تكن ليلى أو بثينة، هما كانا الحب كله، فهناك فصول لم تكتب بعد، وهناك اسرار لم ولن تكشف ابداً، ولكن ستحكى الحكاية كما وردتني على لسان فارسها، وهو يردد قبل أن يصمت .... الان انا احتاج لها كثيراً فمن غيرها يسمعني ويشاركني همومي واحلامي، ولكنها رحلت ورحلت معها السعادة، وغابت وغاب معها راحة الصدر والضمير، وجاء العيد وغابت الفرحة، وأنا اتأمل ملامح وجهة فارس هذه الرواية وهو يتكلم بحسرة والم عن خسارته، فقلت له لا تحزن فالحب يأكل عشاقه كما تأكل الثورة رجالها، وطبطبت على كتفيه مع أني مؤمن بما كان يقول ومدرك لمدى خسارته فأكثر الخسارات اثراً في النفس هي خسارتك أيها الفارس العاشق لتلك المهرة الاصيلة. انتهت الرواية ولم تنتهي معاناة هذا الفارس فما زالت وكما قلنا فصول من هذه الرواية لم تكتب، علها تكتب بيد هذه المهرة ومباركة ذاك الفارس، ويعيش الفارس مع جواده وتكون مره أخرى وللأبد في حياة هذا الفارس هي السيدة الأولى.



#بشير_ناظر_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرياضة للجميع
- الصراع الرياضي
- ثقافة الجسد في المجتمع الرياضي
- الانتخابات والاستبداد الرياضي
- تجارة المشاعر
- رغم الاستبداد والإبادة... ربيع الثورة السورية ما زال مستمراً
- القادة العرب حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً
- بين الأمس واليوم...السياسة والرياضة في العراق
- بناء القوة في الاتحادات الرياضية العراقية
- بالرياضة تنهض الأمم
- المصالحة الوطنية بين رفاق الأمس واليوم
- الدين والسياسة محاولة للفهم
- التحليل السوسيولوجي لثورات الربيع العربي
- مظاهر الاستبعاد الاجتماعي


المزيد.....




- مصر.. الداعية مبروك عطية يكشف سبب غضبه من الفنان عادل إمام ( ...
- مصر.. مشاجرة في شقة فنان شهير تنتهي بقفز شخص من الشرفة
- اللغة العربية في بوركينا فاسو.. إرث التاريخ وتحديات الحاضر
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يحسم الجدل حول حصوله على الجنسية الس ...
- فنان مصري شهير يكشف حقيقة علاقته بتطبيق -مراهنات- (فيديو)
- فنان فلسطيني يجسد تاريخ وتراث القضية الفلسطينية في لوحاته (ص ...
- فنان فلسطيني روسي يجسد تاريخ وتراث القضية الفلسطينية في لوحا ...
- هيبقى فيلم جباااار..حقيقة تحويل لعبة جاتا لفيلم سينمائي في ا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير ناظر حميد - فارس بلا جواد