|
استخدام العقيدة الدينية/السياسية لارهاب المسيحيين في العراق
صباح قدوري
الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 00:08
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يمارس الاسلاميون المتشددون والارهابيون وبشكل منتظم ومخطط ومدروس سياسة العنف والارهاب والتهجير ضد المسيحيين والاقليات الدينية غير المسلمة من الايزيديين والصابئة المندائيين والشبك وغيرهم. هؤلاء لايعترفون بتاتا بوجود هذه الاديان في العراق- بلاد الرافدين اي مابين النهرين منذ الازل، وهم من سكانه الاصليين . يعلنون جهادهم عليهم باعتبارهم كفار، ويعتبرون قتلهم مباح ،كما يدعون بان قتل المسيحي تخضر يد القاتل ، ويضمن لنفسه الجنة ، وغيرها من هذه المفاهيم المسمومة ، لا تدل الا عن افكار الجهل والتخلف وعدم احترام قدسية الانسان ومعتقداته الدينية والمذهبية والفكرية.
واليوم بعد ان احتلت "داعش" مدينة الموصل، قامت بتنفيذ مخططاتها الاجرامية الوحشية اللاإنسانية بحق المسيحيين والاقليات الدينية الاخرى، من فرض التهجير القسري عليهم، والطرد من ديارهم والأستيلاء على املاكهم وممتلكاتهم المنقولة وغيرالمنقولة ، واهانة كرامتهم ومقدساتهم، وطلب تغيير دينهم او فرض الجزية عليهم او قتلهم. وما اشبه اليوم بالامس،عندما اجبرت عائلة الجليلي المسيحية الاصيلة العريقة في الموصل في حينه الى ترك المسيحية واصبحت مسلمة.( للاطلاع على تفاصيل هذه القصة في مقال لي، المدرج كرابط في اسفل هذا المقال)*.
كذلك قامت عصابات "داعش" الارهابية بتدمير وتخريب وحرق الكنائس ودور العبادة والمعالم التاريخية والاثرية والمتاحف والمكتبات التراثية والمعرفية ومراقد الانبياء...والأستيلاء على بيوت المسيحيين والاقليات الدينية غير المسلمة، ونهب محتوياتها بعد تهجير اهلها... ومنع الموسيقى والمسارح ودور عرض وكل ما له صلة بالحضارة والتمدن والثقافة المتنورة والمعرفة والاعمال المجيدة لاتباع الديانات والمذاهب الاخرى، بالاضافة الى تهديدات متكررة من قبلها لاجتياح بغداد، ووضع خطة عمل مدروسة لتنفيذ ذلك.ان تصرفات "داعش" الهمجية المتخلفة والجاهلة، شبيهة بحصار بغداد من المغول،عام 656 هجرية /1258 ، وما اقدم عليه "هولاكو خان " في حينه من حرق المعالم الحضارية والكتب القيمة ذات القيم المعرفية والتاريخية ، والقى بها فى نهر دجلة،مع قتل الملايين من اهلها .
واليوم حالة المسيحيين في مدينة الموصل ومناطق اخرى التي هي تحت سيطرة واحتلال "داعش" مأساوية وكارثية بكل معنى للكلمة ،وتشمل كل مناحي الحياة . ليس لديهم اية مساعدات محددة غير بعض مساعدات انسانية اولية من الحكومة المركزية واقليم كردستان العراق وبعض المنظمات الانسانية الدولية ، ولا حماية دولية.والسؤال يطرح نفسه: من سيساعد المسيحيين في محنتهم هذه، اذا كان العامل الذاتي ضعيف لدى المسيحيين اليوم،وغياب الامن والاستقرار في العراق والمنطقة، واذا كان العامل الموضوعي المتمثل في التدخلات السافرة من الدول الاقليمية ( تركيا، قطر والسعودية والاردن وايران) في شؤون الشرق الاوسط، ومنها العراق، والمكلفة بتنفيذ السياسة الامريكة وحلفائها وفق خارطة الطريق المرسومة اليها للشرق الاوسط الجديد. واليوم اصبح دورامريكا وحلفاءها ،من الدول الغربية ودولة فاتكان ومنظمة الامم المتحدة ظاهرة للعيان،في تحفيز وتشجع المسيحيين للهجرة من موطنهم الاصلي في منطقة الشرق الاوسط ، وخاصة من العراق وسورية.وبذلك اصبحوا المسيحيون اليوم يطبق عليهم مقولة طارق بن زياد عندما حطت اقدامه اسبانيا وقال : يا قوم العدو من امامكم والبحر من ورائكم...
ان ما يجري اليوم تجاه الشعب المسيحي في المنطقة بشكل عام وفي العراق بشكل خاص من الجرائم وانتهاك للقانون الدولي ومبادئ وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة بحقوق الاقليات الدينية والاثنية ، دلالة واضحة عن عجزمؤسسات الدولة العراقية في تامين الامن والاستقرار منذ احتلال العراق في 2003 ولحد الان، وبذلك تعتبر هي المسؤولة الاولى عن كل ما يجري في العراق من الارهاب والقتل والتدمير والخراب والجهل وزعزعت السلم الاهلي والاجتماعي ، الذي يقود العراق وطنا وشعبا الى مصير مجهول مستقبلا.والوضع يبقى اسوء في الامد القريب، ما لم يتم الاسراع في التغيير والاصلاح الجذري في المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لادارة الحكومة القادمة ،وذلك عن طريق تعميق وتوسيع الممارسات الديمقراطية في الحياة اليومية من خلال التنوع واحترام هذا الموزاييك المتنوع داخل اطياف الشعب العراقي بكل مكوناته واطيافة ومذاهبه ودياناته وقومياته ، وتنميته وتطويره ، وتكريس مفهوم هوية المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية في اطار عراق فيدرالي ديمقراطي موحد، على اسس المساواة في الحقوق والواجبات واقرار التعددية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، من خلال الأقرار بمبدأ تداول السلطة، وانضاج رؤية استراتيجية واضحة وشفافة واليات فعالة لازمة في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة.وانهاء سياسة نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية والاثنية والحزبية الضيقة في ادارة الدولة الى الابد.
ندين ونشجب بشدة كل تصرفات "داعش"وعصاباتها والمنظمات الارهابية الاخرى على ممارساتها اللاإنسانية بحق ابناء بلدنا من المسيحيين ، وكل اطياف اخرى من الايزيديين و الصابئة المندائيين والشبك وغيرهم. ونعلن تضامننا مع محنتهم واوضاعهم الكارثية هذه ، وننادي المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية وحقوق الانسان والمجتمع المدني ان تقف صفا واحدا مع شعبنا، وتحمل مسؤولياته الانسانية والاخلاقية والقانونية ازاء ما يجري من انتهاكات وخروقات بحقوق الانسان على يد عصابات "داعش"المحتل وحلفائها. ونطالب بوضع حد لهذه المـأسي والنزيف الدموي الذي يعاني منهما الشعب المسيحي منذ فترة طويلة ، من دون ايجاد حل انساني لها لحد الان. العمل باسرع وقت على عودة المهجرين من المسيحيين واتباع الديانات الاخرى،وتعويضهم عن كل خسائرهم المادية والمعنوية، ومساواتهم مع الاخرين في الحقوق والواجبات،وتامين عيش سليم وامن لهم ولاجيالهم القادمة. ------------------------------------------------------------------------------------------------------ *http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=214524
#صباح_قدوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجموعة -بريكس- الاقتصادية، وتحديات المستقبل
-
الشعب العراقي امام المهمات لمواجهة الارهاب المتفاقم على العر
...
-
موقف الحزب من القضية القومية الكردية والفيدرالية *
-
الانتخابات العراقية في ميزان الشفافية والنزاهة!
-
من ذاكرة انقلاب شباط الاسود 1963، وشهداء الوطن
-
اين هوالبرلمان الجديد...ومتى تشكل الحكومة في اقليم كردستان ا
...
-
الاصلاح والتغييرالبنوي، مهمة آنية للحزب الشيوعي الكردستاني
-
الانتخابات البرلمانية الرابعة في اقليم كردستان العراق
-
تظاهرات 31 اب/ اغسطس الشعبية في المدن العراقية
-
اردوغان... وسياسته الديماغوجية تجاه الشعب الكردي
-
على هامش تاجيل الانتخابات في اقليم كردستان العراق
-
غياب الاستقرارالامني ،بسبب الحكم الفاشل في العراق
-
بعض المؤشرات حول الانتخابات القادمة في اقليم كردستان العراق
-
ايضاح الى من يهمه الامر
-
اوجه التشابه والاختلاف بين ديكتاتورية صدام والمالكي
-
نداء أوجلان... والقضية الكردية
-
الانتخابات الثالثة لمجالس المحافظات المحلية العراقية
-
تفاقم الازمة بين الاطرف المشاركة في العملية السياسية ، والمض
...
-
المؤتمرالأول لهيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية
...
-
على هامش مناقشة مشروع قانون البني التحتية في البرلمان
المزيد.....
-
-فشلت الخطة-..ماذا فعل ثنائي أمريكي لم يتحقق حلمهما بالتقاعد
...
-
من بيروت.. وزيرة قطرية تكشف عن -رسائل- من لبنانيين مع استمرا
...
-
من قرية خضراء إلى أنقاض متناثرة.. مشاهد تظهر ما حلّ ببلدة لب
...
-
-سانا-: مقتل شرطي سوري وإصابة آخر بغارة إسرائيلية على مدينة
...
-
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح أعظم مشروع في القرن
-
هكذا أطفأ المصريون -نيران- الإسرائيليين -الثمينة-!
-
-سي إن إن-: جنرال في الناتو يضع قائمة بالأسلحة التي يمكن للو
...
-
إصابة مستشار سموتريتش في جنوب لبنان
-
الصحة اللبنانية تصدر تحديثا جديدا بعدد ضحايا الغارات الإسرائ
...
-
البوندستاغ يوافق على تخصيص 400 مليون يورو لدعم نظام كييف
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|