أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الحرب كالمطر لجهة خَيْرِها وشَرِّها!














المزيد.....

الحرب كالمطر لجهة خَيْرِها وشَرِّها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



التطور الحضاري والإنساني والديمقراطي للمجتمعات لم يبلغ بعد، في قيمه الأخلاقية والحضارية والإنسانية، وفي قوانينه وتشريعاته وشرائعه، مرحلة "التحريم المطلق لقتل النفس البشرية"؛ وربما لن يبلغها أبداً، فتطور المجتمع البشري عبر التاريخ أثبت وأكد أنَّ "القتل"، أي قتل الإنسان لأخيه الإنسان، ضرورة وحاجة ووسيلة للارتقاء الاجتماعي والحضاري، فرأَيْنا كيف أنَّ البشر يعكفون في كل مرحلة من مراحل تطورهم الاجتماعي والتاريخي على التطوير الأخلاقي والقانوني والفلسفي لمفهوم وظاهرة "قتل الإنسان لأخيه الإنسان" حتى أنَّ بعض أعمال القتل تُحَوَّل في الثقافة إلى فعل يعبِّر عن "السمو الأخلاقي والإنساني والفكري" لمرتكبه.
هل قتل الإنسان لأخيه الإنسان حلال أم حرام، مشروع أم غير مشروع، جائز أم غير جائز، جريمة أم مأثرة.. ؟ أناس كثيرون، ومنهم رجال فكر، يعتقدون أنَّ إجابة هذا السؤال تماثل إجابة السؤال الآتي: "هل المطر مفيد أم ضار؟". وغني عن البيان أنَّ المطر "مفيد إذا.."، و"ضار إذا.."، فلا جواب مطلقاً عن هذا السؤال؛ وهكذا أقاموا الدليل المنطقي والعقلاني على أنَّ الأمر الأهم هو توضيح متى يكون "القتل" عمل خير، ومتى يكون عمل شر. وبما يتفق مع هذه النظرة ، اخترع البشر كل الأخلاق التي يحتاجون إليها من أجل تبرير قتل الإنسان لأخيه الإنسان.
لقد أثارت الحرب خلافاً لم ينتهِ بعد في شأن الموقف الأخلاقي منها؛ ولكن الخلاف أفضى إلى اتفاق على بعض الجوانب من هذه القضية المثيرة للجدل، فاتفق كل المختلفين تقريبا على أنَّ "الدفاع عن النفس" يُعدُّ عملا مشروعا؛ لكن هذا الاتفاق كان يتحول، في سرعة، إلى خلاف ما أن يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى تحديد موقف من قضية واقعية من القضايا التي يشملها "الحق المشروع في الدفاع عن النفس"؛ فالمجرم أو السارق، مثلا، يمكن أن يقتل في أثناء دفاعه عن نفسه، ثم أنَّ الذي يدافع عن نفسه قد يكون شخصا غير جدير بالحياة بسبب اقترافه جرائم عديدة.
"الحق المشروع في الدفاع عن النفس" لا معنى له إذا ما نظرنا إلى بعض نتائج وعواقب ممارسته على أنها جريمة يُعاقَب عليها الذي اقترفها وهو يدافع عن نفسه، فالدفاع عن النفس قد يُرْغِم المدافع على ارتكاب فعل القتل.
وغني عن البيان أنَّ كثيرا من الناس يفهمون فعل القتل الذي يرتكبون، والذي ننظر إليه على أنه "جريمة"، على أنه جزء من ممارستهم لحقهم المشروع في الدفاع عن النفس. إنَّ "القاتل"، وفي وجه عام، لا يقتل من أجل القتل، ولكن دفاعا عن النفس، التي قد يشق عليه تمييزها من مصالحه وامتيازاته.
مِنْ ذلك، يمكن ويجب أن نخلص إلى أنَّ مصالحنا الواقعية هي، وحدها، التي تحدد موقفنا الأخلاقي من فعل القتل، فالقتل حلال وجائز ومشروع ومأثرة إذا كان فيه خدمة لمصالحنا الواقعية، التي بعضها من النوع الذي يفرض علينا تمويهه بالأخلاق والقيم الإنسانية والديمقراطية والمبادئ الأيديولوجية، كما يفرض علينا تسليحه بعصبية ما، فالذي تدعونا مصالحنا الواقعية إلى قتله ينبغي لنا أن نجعل له صورة أخلاقية وأيديولوجية، تَستجمِع لقتله تأييد الناس، وتُظهره على أنه فعل حميد، يستحق فاعله مكافأة ما!
وفي عالم السياسة حيث الحرب الوسيلة أو الأداة الفضلى لتغيير الواقع، يشق على المرء رؤية السبب أو الدافع الحقيقي للحرب، فهو، عادة، يُحتجب بحجاب أيديولوجي، فلا يُدرَك لا بالبصر ولا بالبصيرة؛ أمَّا السؤال عن سبب الحرب فلا يُجاب عنه إلا بأجوبة وهمية يأنس إليها الناس، الذين ينفرون، بتأثير عصبية ما، أو تضليل أيديولوجي، عن الأجوبة الواقعية، التي قد يُنظر إلى أصحابها على أنهم حمقى.
"الحرب" هي "القتل". هي "القتل السياسي"، أي قتل الناس، توصُّلا إلى "هدف سياسي". و"السياسة" هي، في المقام الأول، "المصالح الاقتصادية"، التي تُترجَم بأهداف سياسية. و"الهدف السياسي" إمَّا أن نصل إليه بوسيلة "الإقناع"، أي الدبلوماسية، وإمَّا أن نصل إليه بوسيلة "الإكراه"، أي الحرب. وقد بيَّن كلاوزفيتس كيف تتصل الحرب بالسياسة، فتوصُّلاً إلى "الهدف السياسي" نجرِّب، أولا، "الإقناع"، أي إقناع "الخصم" بجدوى تلبيته لمطالبنا، فإذا اقتنع نجحت "الدبلوماسية"؛ أمَّا إذا عَنَدَ وبالغ في العصيان فلا بد من التحوُّل عن "الإقناع"، أي الدبلوماسية، إلى "الإكراه"، أي الحرب.
إنَّ "العجز الدبلوماسي" هو الذي يولِّد ويشدد الحاجة إلى "القتل السياسي"، أي الحرب. وهكذا يمكن النظر إلى "السياسة" على أنَّها "فن القتل الجماعي (للبشر)".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون يَصْنَعون تاريخهم الآن!
- نتنياهو هُزِم!
- عندما -تُجَرَّم- المقاوَمة!
- -غزَّة-.. قصة دم مختلف!
- -الجرف الصامد- في عالَمٍ عربيٍّ منهار!
- -الانتفاضة- ضرورة ولكن..
- تقسيم العالَم العربي بَيْن اتِّجاهَيْن
- مرَّة أخرى عن صلة -التسارع- ب -تباطؤ الزمن-
- أكراد العراق في مواجهة الفرصة التاريخية!
- كيف يتسبَّب -التَّسارُع- في -إبطاء الزمن-؟
- -النُّقْطَة- التي منها وُلِدَ الكون!
- حقيقة -التباطؤ في الزَّمَن-
- -النسبية العامة- في مثال بسيط!
- سفينة نوح كونية!
- الإشكالية في تقدير -عُمْر الكون-!
- مقال قديم نشرتُه قبل غزو الولايات المتحدة العراق
- الإجابة النهائية عن سؤال قديم!
- -أسلحتها- و-الأيدي الموثوقة-!
- العبودية في بلاد العرب!
- أُمَّة منكوبة بالطائفية!


المزيد.....




- رغم إعلان ترامب لوقف إطلاق النار.. شاهد كيف كانت الدفاعات ال ...
- وسط إرباك حول توقيته.. وسائل إعلام من إيران وإسرائيل تُعلن س ...
- ترامب يُعلن دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ ويوجه -رجاءً- ...
- إسرائيل.. الكشف عن حصيلة قتلى الهجوم الإيراني على بئر السبع ...
- -فُرض على العدو بعد مهاجمة العُديد-.. شاهد كيف وصف التلفزيون ...
- رضا بهلوي من باريس: أنا مستعد لحكم إيران وعلى خامنئي أن يرحل ...
- ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على وقف لإطلاق النار
- فيما تتصاعد حرب الإبادة في غزة: المهمّات المباشرة لإسناد فلس ...
- حادثة الطفلة غيثة تشعل المغرب.. موجة غضب وتضامن
- ثمرة واحدة قبل النوم تُحسّن جودة نومك بشكل ملحوظ


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الحرب كالمطر لجهة خَيْرِها وشَرِّها!