أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد التهامي سليمان - كيتانا














المزيد.....

كيتانا


احمد التهامي سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 14:23
المحور: الادب والفن
    


كيتانا

الطريق الي كيتانا محفوف بالرعب والمتعة ... كلاهما يمتزجان هناك .. فالغابات الكثيفة المظلمة والتي تعج بالوحوش والكائنات المرعبة تجعل الطريق مخيفا رغم رزاز الامطار المتساقط طول العام ولكن لابد من الوصول اليها هربا من بؤس وقسوة المدينة وذلك الموت المجاني بين اذقتها ...
كيتانا ... قرية صغيرة في سهل الانوناج وتحت جبل ماديلا مباشرة ... وهو يطل علي القرية كانه عاشق يلثم شفتي حبيبته ....وظلت كيتانا حبيبة للجبل منذ الخليقة الاولي واهل كيتانا كانوا ثمارا لهذه العلاقة ...
اعود لكيتانا بعد غياب دام 25 عاما .... في الطريق اليها اجتر ذكرياتي هناك في سفوح ماديلا حين كنا ناكل اللبن (بالجبين) الذي نقطفه من وادي العيدوم ونخلطه باللبن فيصير كما الكاسترد عند اهل المدينة .. وفي العصر نلعب الكرة في ساحة حوش( فاطمة خلا) ....لنعود مساءا ونتحلق في حلقات لنستمع لقدرو وهو يسرد حكاويه الخيالية ومغامرات عشقه الكثيرة ونحن نصمت في لهفة رغم اقتناعنا بانها اكاذيب مؤلفة بحنكة بالغة ....
قدرو ... يكبرنا سنا ... اصيب بشلل في رجله بعد ان لدغته شعفانة حمراء .... والشعفانة حيوان طائر وشرس وله رائحة نتنة كرائحة عرق اللصوص .... لها اعين صغيرة في اعلي راسها المدبب ولها ذنب لونه اسود وباقي جسمها احمر .... طوال عمري الذي جاوز ال55 عاما لم اسمع بالشعفانة او اراها الا في قريتنا كيتانا ...
العربة المتهاكلة تسير ببطء في غابات كيتانا ... لازال امامي حوالي الساعتين لكي اصل ...اصوات الحيوانات وخصوصا الشعفانات تشكل سيموفنية من الرعب لكل قادم جديد لقريتنا ...
اخرجت صحيفتي محاولا ان اتغلب علي رعبي ... كل اخبار الصحيفة تعج بالكآبة .... ثمة لص حكومي يسطو علي اموال مشروع مياه الريف .... وخبر صغير عن اغتصاب فتاة في ارقي احياء المدينة ..... وباولو روسي يحرز هدفا اسطوريا في كاس العالم ....ومطرب جديد يعلن عن وجوده بصوت اجش وتسريحة شعر غريبة ....
ادس صحيفتي داخل الحقيبة واتابع ببصري حركة قرد يلاعب شعفانة بمهارة يحسد عليها ....اسرح بخيالي كثيرا وتارة استرجع ذكرياتي وتفاصيل حياتي المملة ....
كيتانا تلوح من بعيد ... لازال مسجدها الوحيد هو العلامة المميزة بمئذنته الطويلة الجرباء ... مسجد انشاءه الخيرون من اعيان كيتانا ابرزهم ابو علامة اب دينا للقيامة ....الشوارع لازالت متربة ومليئة بالحفر ... السوق الصغير يعج بالحركة فموسم الحصاد قد اقترب والكل ينفق مدخراته بصرف بذخي لانه سيبيع محصوله من السمسم والذرة في سوق المدينة ويعود بخيرات المدينة الي هنا ....
لازالت كيتانا كما هي .... (المانجل ) ينادي علي المسافرين الي المدينة بصوته الخشن ...(اب لسو ) يصيح في كمساري عربته بالاستعجال لانه علي موعد مع صيد الطيور تحت سفح الجبل ....المح (قرجة) وهو يصيح بمرح في حماره الكسول ...
امر الي بيتنا عبر قطاطي فريق فوق ... المح (اجا) وهي تنضف في الفيتريتة القي لها التحية فترد بوجوم : حمد لله علي السلامة يا ود الناظر ....والناظر الذي تعنيه (اجا) هو ناظر المدرسة الوحيدة في وسط كيتانا ...والان امر بجوارها والحشائش الكثيفة تحيط بها من كل جانب الا من طريق صغير بجوار سورها القديم ... طريق لا يسع لشخصين معنا دائما ما يسير فيه (عابدين) في رحلة عودته اليومية من ام جغوغة ...اقترب من منزلنا .. المح (القلندر) وهو منبطحا في الارض امام منزلهم وسيجارته لا تتوقف عن ارسال دخانها الكثيف ....اسلم عليه وقبل ان اجتازه يصيح بي ( سمعت خبر قدرو).....!
فاصمت واترك لخيالي جانبا لتصور ما حدث له .... اهي شعفانة اخري اطاحت برجله الوحيدة وتركته بلا ارجل !
ام (برتوبرتو) غاضب التهم شفتيه كما فعل مع (ود شعبان) من قبل ...!
اعود من خيالي علي صوت (قلندر) وهو يقول بحزن ..... قدرو اتوفي ..........لقد دفناه مساء الامس في ود البر....
لا اعرف تمام شكل الاحساس الذي تملكني لحظة سماع الخبر .... ولكني تذكرت يوم ان لدغت الشعفانة (قدرو) في رجله اليسري ونحن نلعب (حرب حرب) وذلك باستخدام حمير ضالة وسيوف من الخشب نجلبها من سقوف ابنية المدرسة المتوسطة ....
حينها صرخت الشعفانة صرخة تردد صداها في كل القرية وانتفخت اوداجها وخرجت اعينها من راسها الصغير وصار لونها احمر فاقع ورائحتها ازدادت عفونة ......وانقضت علي رجل (قدرو) وهربنا نحن تاركين (قدرو) ليواجه قدره (الشعفاني) وحيدا بعد ان هرب حماره (هجام الليل) وهو ينهق في رعب..

TUHAMI------------------ 22/ JULY 2014



#احمد_التهامي_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل
- حليمة (قصة من حياة الهامش السوداني )
- رائحة الموت الشتائي


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد التهامي سليمان - كيتانا