أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - مقدمة حول المعرفة التاريخية 3-4















المزيد.....

مقدمة حول المعرفة التاريخية 3-4


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 4513 - 2014 / 7 / 15 - 19:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن تحديد المعرفة التاريخية في تنوعها ، جغرافيا ، في المجتمع العربي ، مرتبط بطبيعة الأجهزة الثقافية والسياسية والاجتماعية ، التي تباشر عملية التربية والتلقين والحفظ ، وبما إن هذه الأجهزة أو الأنساق تحمل في داخلها الكثير من الانقسام والتعدد ، معرفيا ، بين المغلق عقائديا ، لهذه الطائفة أو تلك ، وهذه الايدولوجيا أو تلك ، وبين الموجه معرفيا نحو غايات وأساليب وطرق معينة للتربية ، تعتمد على الانتقاء والإخفاء ، الاستبعاد والجذب ، وفقا لما يناسب جهاز الدولة المعرفي ، دون وجود قواعد تربوية تتسم بالمرونة والحياد والحرية في تتبع المعرفة العلمية حول التاريخ وما يحمل من ثراء ثقافي متنوع إلى حد كبير ، فالنموذج الأول ينشغل فيه النظام الطائفي ، فتكون المعرفة التاريخية خاضعة ومنحصرة ضمن حدود الطائفة وما تحمل من ثوابت ومعتقدات ، يتم ترسيخها منذ الطفولة ، بدءا بأصغر خلية مرتبطة بالأسرة ، وانتهاء بمحيط الخلية وفضاءها الكبير متمثلا بالمجتمع ، وعادة أو كثير من الأحيان تكون المعرفة الطائفية سطحية الجذور ، وهامشية المحتوى والمضمون ، تركز على المظاهر والطقوس في تأثيرها الاجتماعي أكثر من تركيزها على البناء المعرفي ، العقائدي ، في حين يكون النموذج الثاني ، وهو النموذج القومي ، الموجه الذي يوظف التنوع التاريخي خدمة للايدولوجيا التي يمتلك ، وبالتالي هنالك كما ذكرنا أعلاه القابلية في الانتقاء والإخفاء ، الإبعاد والجذب ، وكلا النموذجين قد غيبا المعرفة التاريخية ، واحدثا المزيد من القطائع المعرفية ، فضلا عن عدم المساهمة في حل مشاكل الصراع الطائفي وبناء مجتمعات التعايش . والأمثلة اليوم زاخرة في عدم فهم ومعرفة التنوع التاريخي المعرفي ، اجتماعيا وثقافيا لدى المجتمع العربي ، داخل النظام الطائفي أو خارجه ، حيث أجرينا استطلاعا حول المعرفة التاريخية في تنوعها الثقافي والسياسي مع مجموعة من المثقفين في بغداد ، تضمن بعض الأسئلة حول الاختلافات العقائدية في الإسلام ، وتاريخية المدارس والفرق الإسلامية من حيث النشأة والانتشار ، فضلا عن دور الفاعلين الاجتماعيين في تنمية الأصول وتكاثر التفرعات والاختلافات فيما بينها ، فكانت النتيجة متباينة بين ( معرفة محدودة جدا ، وأخرى ناقصة غير مكتملة ، وأخرى تابعة إلى جهاز الطائفة الثقافي ، وأخيرة تتكئ على رؤى وتصورات ثابتة تلغي المعرفة التاريخية ، تحت مسميات الحداثة والتقدم .. الخ ) هذه النتيجة تثبت غياب المعرفة التاريخية في تنوعها وتعددها ، ليس لدى الناس العاديين المحاطين ب" سجون " الأجهزة الثقافية والسياسية السائدة وما تمارسه من " تنويم " اجتماعي متواصل ، بل لدى النخب المرتبطة بعملية إنتاج الثقافة والمعرفة ، وهذا الأمر يكاد أن ينسحب على المجتمع العربي بشكل عام ضمن حدود النسبي من حيث وجود التشابه والاستنساخ في غياب المعرفة التاريخية المتنوعة والقطيعة معها ، فضلا عن سيطرة الأجهزة الثقافية السائدة وما تحمل من ثوابت تعيق بناء الاختلاف وتمنع تداول المعرفة التاريخية ضمن زمنية النشأة والظهور ، بعيدا عن تراكم الأثر التقديسي ، وغياب أثر الإنسان في صناعة الأحداث والتصورات .
إن سياقات تداول المعرفة التاريخية في الأزمنة الراهنة محجوزة ضمن حدود التفسيرات الضيقة والموروثة لدى هذه الطائفة أو تلك ، بسبب الاعتماد المتبادل على الثوابت المطلقة للمصادر الثقافية ، الموروثة ، والتي عادة ما يهيمن عليها مجموعة عناصر مرتبطة بالنقل والتقديس والجمود العقائدي وغياب الرؤية النقدية والانفتاح على تجارب الآخرين ، ليس ضمن حدود الإسلام فحسب بل ضمن التجارب الحديثة لدى المجتمعات المتقدمة ، فالشيعة والسنة يقدمان اليوم نماذج أحادية عن المعرفة التاريخية ، ليس بسبب هيمنة عوامل النقل والتقديس والجمود العقائدي .. الخ فحسب بل بسبب هيمنة الموجهات السياسية في الأزمنة الراهنة ، من حيث القدرة على ترسيخ الدعم العقائدي لهذه الطائفة أو تلك ، فضلا عن جمود وتخلف المؤسسات الدينية والاجتماعية ، بعد فشل مشروع الحداثة العربية وانزواء النموذج القومي ، الوطني ، نحو سياسات الانغلاق والاستبداد ومحاربة الحرية والعقل والإبداع .
فأهل العصمة والعدالة " الشيعة " تتحدد سياقات المعرفة التاريخية لديهم من خلال النظرية الإلهية لسلطة الإمام المعصوم ، التي تدرجت تاريخيا كما أسلفنا سابقا من صياغة مبدأ الوراثة إلى نظرية الحق الإلهي في الحكم ، حيث تكون المعرفة في تصورها النهائي ، المعني بصفات الله والكون والخليقة والشريعة ذات مرجعية مرتبطة بالنبي محمد في حياته ومن بعده يأتي الإمام المعصوم ، شارحا ومفسرا للناس مضامينها ومعانيها وأصولها ، والإمامة بدورها قد تعرضت إلى التحولات ضمن إشكال مختلفة لتنتهي لدى الإمام الغائب المنتظر ، وهنا تتوقف المعرفة عن النمو والتطور ، ليأتي زمن التقليد للنماذج والتصورات الأساسية للمذهب ، ضمن ذاكرة جمعية ما تنفك تعيد تكوين نفسها بشكل مستمر ومتواصل ، من خلال فاعلية رجال الدين " المراجع " ، حيث الاجتهاد في التشريع " مقيد بالحالات التي لا يوجد فيها نص صريح من القران أو النبي أو الأئمة ألاثني عشر " (17) وحيث العقل لا يستطيع الخروج من الإطار العام للمعرفة الدينية ، وبالتالي هنالك " التحديد الإجباري " لدور الإنسان في مواكبة الجديد ومعرفته ضمن سياقات الماضي والذاكرة الجمعية القديمة .
أما أهل السنة فان سياقات المعرفة التاريخية لديهم تتحدد من خلال الربط الجوهري بين النصوص الأولى ( القران والأحاديث النبوية ) وبين النصوص الثانوية ( أحاديث الرواة للسيرة النبوية ) ضمن تراث مقدس تم توحيده بعد انتصار " أهل الحديث " وهزيمة " أهل الرأي " في المعركة الكلامية التي انقسمت بينهما إلى فريقين احدهما عقلاني " أهل الرأي " يأخذ بعين الاعتبار سياقات التحول المستقبلي ، فضلا عن الدور البشري في صياغته وانسنته والآخر نصوصي " أهل الحديث " يعتمد النصوص جميعها كمضامين سلوك وحياة تحدد مسارات الحاضر والمستقبل على حد سواء ، وكلا الفريقان يستندان على النصوص الأولى من الأحاديث النبوية المقدسة حيث الأول يعتمد على حديث " انتم أدرى بشؤون دنياكم " والثاني على حديث " خير القرون قرني " وبالتالي كانت الغلبة لفريق التراث والماضي على فريق الحاضر والمستقبل ، وكل ذلك تم تحقيقه بفضل جهود " الإمام الشافعي " الذي استطاع أن يوسع مفهوم السنة ليشمل " جميع الأفعال والأقوال والموافقات الصريحة على جميع أنماط السلوك والممارسات الحياتية في زمن النبوة " (18) وهكذا لم يكتمل التوحيد ذاك من خلال جهود الإمام الشافعي فحسب بل كانت هنالك أيضا جهود الأشعري في مجال العقيدة أو أصول الدين ، حيث مناهضة العقل والاعتماد بشكل جوهري على سلطة النقل ، وبالتالي كان كلاهما معنيان بتثبيت سلطة النصوص وتكوين ذاكرة جمعية أساسها عدم الإيمان بالحركة والتطور والمستقبل فضلا عن القدرة على جعل الحاضر يتمسك بشكل دائم بالماضي والتراث كصور وحيدة وناطقة للمعنى والحقيقة واليقين . ولا تكتمل الصورة بشكل نهائي إلا من خلال ما صاغه أبو حامد الغزالي من تثبيت مطلق ونهائي للعالم ضمن صورته الاشعرية خاليا من أية علاقات سببية وإنسانية تمارس فعلها وتأثيرها سواء على الطبيعة أو الوجود الإنساني ، خصوصا بعد المعركة التي خاضها وحسمها لصالحه " أبي حامد الغزالي " مع تيارات العقل والتنوير في الإسلام ، في كتابه " تهافت الفلاسفة " ناقدا لآخر خطوط الدفاع عن العقل ضد هيمنة النقل والتراث وسلطة النصوص متمثلة بالفيلسوف ابن رشد بشكل أساسي . (19)



المصادر : -

17 - مروة ، حسين / النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ، ص 504
18 - أبو زيد ، نصر حامد / النص ، السلطة ، الحقيقة - الفكر الديني بين إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة / المركز الثقافي العربي / الطبعة الأولى ، 1995 ، ص 17 .
19 - إن تثبيت الذاكرة الجمعية ضمن توليفة تجمع النصوص المقدسة وشروحها ومتونها وتفاسيرها في إطار مرجعي مغلق ، لم يتكون من قبل جهود الأئمة الثلاثة الشافعي والأشعري والغزالي فحسب بل كانت هنالك الأنساق السياسية المهيمنة والداعمة لهذه التوجهات والنتائج التي ترضي دولة الأمة – القبيلة ، حيث سبق وان ذكرنا تبريرية الأشعري وتعاونه مع السلطان في تثبيت ملامح الحكم الجديد مناهضا المعتزلة وموحدا لجهود ربط الفقه بالسلطة الحاكمة ، ولا يختلف عن الأشعري ، أبي حامد الغزالي الذي كلفه الخليفة العباسي بتأليف كتاب يرد فيه على الباطنية – الشيعة – ناقدا التصور الإيماني حول صفات الإمام ومحولا إياها كصفات لازمة للخليفة العباسي " أبو زيد ، نصر حامد / النص السلطة الحقيقة / ص 59 "



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة حول المعرفة التاريخية 2-4
- مقدمة حول المعرفة التاريخية 1-4
- دائرة الاحوال المدنية
- مظاهر التخلف التربوي في العراق ( وسائل العلاج والتغيير ) 1-2
- مظاهر التخلف التربوي في العراق ( وسائل العلاج والتغيير ) 2-2
- ظاهرة عمالة الأطفال في العراق ( الأسباب ، المخاطر ، الحلول )
- انتخابات ؟!
- ظاهرة التحرش الجنسي ( الاساليب ، المؤثرات ، العلاج )
- البديل المناسب للمالكي
- بريد باب المعظم
- الطائفية والطبقة العاملة في العراق ( بديل وطني أم مصنع طائفي ...
- سؤال في الهوية العراقية ( البحث عن علمانية راسخة الجذور والب ...
- قواعد ثقافة الاحتجاج
- صناعة المجتمع المفتوح ( مشروع يتجاوز الطائفية في العراق )
- الملك المغتصب او العراق .. الى اين
- الصوت الاخر في العراق .. ولادة عهد جديد
- مثقف السلطة في العراق ( الوظيفة ، الاشكال ، المستقبل )
- الجمهور القارئ وثقافة الكتاب .. المعوقات .. المستقبل
- الوقوف على السواد
- الثقافة العلمية بين الواقع والطموح (4 - 4 )


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - مقدمة حول المعرفة التاريخية 3-4