أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أيها الفخاري الأعظم














المزيد.....

أيها الفخاري الأعظم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 07:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أيها الفخاري الأعظم, أنا عبارة عن جرة فخارية صنعتها بيديك وحافظت عليها من عبث العابثين, ولكن الأيامُ فعلت بجرتك الفخارية الأعاجيب, والحساسية الزائدة التي رسمتها على ملامح جرتك جعلت مني إنسانا رقيقا أي شيء يؤثر به حتى نسمة الهواء تؤثر بجرتك الفخارية, أنا جرة مصنوعة من الفخار وليست مصنوعة من النحاس, أنا عبارة عن طين وصلصال أنا عبارة عن تراب, ولكن روحك النضالية الخالقة التي وضعتها في جرتك جعلت مني إنسانا آخر, أيها الفخاري الأعظم أرجو أن تكون رسالتي قد وصلت إليك, كل الأواني الفخارية التي صنعتها بيديك قد تحطمت وأنا على طريق الحطام أمشي وأسير بخطى ثابتة ... أنا مخلوق ضعيفٌ جدا, أنا كالرمل بين يديك, تضيف إليه الماء, تضيف إليه الإسمنت, تضيف إليه الأكسجين لكي تخلقني, تتفنن في خلقي, ترسمني صورة بين عينيك ثم تجعل مني حقيقة كبرى, أنا كالرمل معجون بأناملك, أنا كالخزف بين يديك وكالزجاج بين يديك أي شيء يخدش حيائي فتمهل في صنعي وعجني وصبي في قوالب بشرية, أيها الفخاري الأعظم أنا كالريح بين يديك أتطاير هنا وهناك وتتطاير معي حبات التراب, أنا جرة كانت يوم صنعتها ترتجفُ بين يديك, كانت تهتز مع كل قطرة ماء وضعتها فيها, كان قلبي يومها يهتز بين أناملك, واليوم روحي ترنو إليك.. أنت صنعتني من الطين, جبلتني أول مرة وتعرف كم هو أنا حساس جدا أي شيء يجرح كبريائي العظيم, لا يوجد أروعُ منك في صناعة الفخار الفاخر, فمن الماء شفافية الطبيعة ومن النار وهجها,وبينهما المهارة والخبرة في صناعة الفخار الفاخر, أنت خلقتني على صورتك الجميلة, أنا كالألوان الزيتية بين يديك, كل يوم تخلطني مع ألوانك الزاهية والفاتحة والغامقة والمعتمة , تتفنن جدا في مزج الألوان في بعضها البعض, أيها الفخاري الأعظم أنا جئت برجليّ إليك, آتي إليك بكل أشكال الفساد التي عملتها , آتٍ إليك بكل الأعمال الفاسدة التي ارتكبتها في حياتي, آتٍ إليك وأنا طمعان بأن ترحم الفخار الذي سيتكسر بين يديك, أنا أيها الفخاري الأعظم عبارة عن شظايا زجاجية تتساقط تحت قدميك أنا عبارة عن إنسان معجون من الرمل بالماء ولا أحتمل كل هذه الضربات التي فوق رأسي, زرعوا أزاميلهم في رأسي وفي صدري وفي قلبي حتى قسمتني إلى نصفين, أنا أيها الفخاري الأعظم ما زلت أتأمل في خلقك ليل نهار, فكل تلك الأواني الفخارية صنعتها أنت بيديك, كلهم مثلي معجونين بالماء وبالرمل, أنا آتٍ إليك وعندي استعداد أن اصمد أكثر بين يديك مع أني أعرف أني عبارة عن جرة فخارية أي شيء يكسرها ويجعلها شظايا, أنا أيها الفخاري الأعظم احتملت ما لا يحتمله الفخار, احتملت ما لا يحتمله الفخار وصمدت على ما لا يستطيع الفخار أن يصمد أمامه, أنا أيها الفخاري الأعظم هنالك قوة تشدني وتجذبني إليك, أرجو منك أن تعيد صنعي من البداية وأن ترسم شكلي في قوالب جديدة وأن تمنحني الصبر الذي منحته لأيوب وأن تخفف من درجة حساسيتي لهذا الكون, أنا أيها الفخاري الأعظم أرشح عرقا ودموعا علما أن الفخار لا يرشح منه إلا الماء, فما أنا بالنسبة إليك؟ وكيف جعلتني أرشحُ بالدموع!لا بد أن المشاعر الجياشة التي وضعتها فيّ هي التي جعلتني أرشح بالدموع.

أيها الفخاري الأعظم, أنا تتلقفني الأقدام والأيدي وأي ركلة تكسر لي قلبي ووجهي ويدي, وظهري أصبح اليوم منحنيا جدا, أيها الفخاري الأعظم أنا بين الفخار وفي زحمة الناس الكل يركلني مرة بيديه ومرة برجليه, الجرار الفخارية تتصادم مع بعضها في أزمة الطريق وتتلاطم كما تتلاطم أمواج البحر مع بعضها, وأنا عبارة عن فخارة مكسورة القلب والجناح و تحتمل حرارة الأفران الملتهبة ولكن قلبي لا يحتمل كل تلك الأوجاع, مكتوبٌ عليّ أن أبقى فخارة بين الفخاريات الملتهبة والمشتعلة بنار هذا الكون السحيق,يدي مصنوعة من الخزف,وقلبي مصنوعٌ من الخزف وأي شيء يؤثر فيّ, أيها الفخاري الأعظم أنا مصنوعٌ من الفخار ولست من الحديد والنار أو من المعادن التي تحتمل كثرة الطرق والتعدين, لمسة من يديك وتدبُ بي الحياة, أي ضربة تكسر لي قلبي ولكن روحك التي وضعتها في الجرة تجعلني أحتمل المزيد من المصائب, لمسةٌ من عينيك ويعود لي بصري, أنا بدونك لا شيء ولا أساوي أي شيء, أيها الفخاري الأعظم لا أحد يضاهيك في صناعة الفخار وفي عجنه وفي تشكيله كيفما تشاء.

أيها الفخاري الأعظم, أنظر كيف فعلت أصابع يديك في قلبي وفي عقلي وفي جسمي كله, جعلتني إنسانا آخر وفخارة مختلفة عن كل أنواع الفخار الذي جبلته بيديك حين أضفت إلى طينك تفاحة من البحر الميت وشجرة ياسمين من بلاد الشام, أنظر كيف أصبحت مشاعري ملتهبة تهب وتشتعل مثل النار عند سماع كلماتك العظيمة, جعلتني أشعر بهذا الكون أكثر وجعلتني أحس بهذا الكون أكثر, أنظر أيها الفخاري الأعظم ماذا صنعت بقلمي حين أبدأ برسم الكلمات, ما الذي كتبته على جبيني بخط يدك؟وما الذي قدرته عليّ, أيها الفخاري الأعظم أنا مشتاق لأن تسكن روحك في روحي من جديد فعندي شعورٌ أنني قد انتهيت وبأن ساعة هدم وتكسير الفخار قد آن أوانها, كل فخارة من صنع يديك مصيرها أن تكسرها بيديك وأنا مصيري قد آن أوانه وحياتي كلها بدأت تتحطم, مشاعري أحرقتني وحساسيتي أضعفت الكثير من احتمالاتي على الصبر وعلى الألم, أيها الفخاري الأعظم أنا مصفوف بين يديك, أنا مفتون بسحرك الذي بدا على ملامح وجهي, أيها الفخاري الأعظم أنا عبارة عن جرة متكسرة, عبارة عن حطام متناثرٌ هنا وهناك.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى روح المرحوم:أيميل حداد,رسول السلام.
- القس إيميل حداد في ذمة الله
- أماكن تواجد داعش
- شكل الصراع الجديد في بلاد الشام
- رؤيتي للمشهد السياسي بين الأردن وداعش
- الإنجيل هو أول وآخر كتاب يقدس الحياة الزوجية
- غني بالمسيح
- عباس محمود العقاد,من قمة رأسه إلى أخمص قدميه
- الإيمان والعمل
- الإنجيل
- نحن نتأثر بالآخر والآخر غير متأثر فينا
- لماذا أحترم الديانة المسيحية؟
- اكذبوا عليّ أكثر
- اخترنا لكم(أبناء الزنا) الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة.
- الإنسان الطيب
- ماذا يقول الإنجيل عني؟
- إسرائيل ليست عاهرة الشرق الأوسط
- أبيات للباحثين عن السلام
- رفع الرقابة شرط من شروط التقدم
- أريد إنسانا يشتري مني مملكتي


المزيد.....




- ترامب يعلن شن غارات جوية على 3 مواقع نووية في إيران
- إيكونوميست: لحظة انفجار الحقيقة لإيران وإسرائيل
- إسرائيل تقتل ظل نصر الله بإيران: تصفية رمزية أم بداية مرحلة؟ ...
- سر المهلة والقنبلة الخارقة.. لماذا أجل ترامب قرار ضرب إيران؟ ...
- ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا
- خبير عسكري: تحصينات ديمونة قديمة واستهدافه سيطول هذه المناطق ...
- عاجل| وسائل إعلام إيرانية: دوي انفجارات في شرق #طهران ومدينة ...
- ملك البحرين يتلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس المصري
- تعود للقرن الرابع قبل الميلاد.. اكتشاف بقايا -إيمت- المصرية ...
- إسرائيل تعلن إحباط هجوم إيراني على رعاياها في قبرص


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أيها الفخاري الأعظم