أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - احتفاليتي بالجواهري الكبير نموذج رقم 6 ..... الجواهري في وداع امه














المزيد.....

احتفاليتي بالجواهري الكبير نموذج رقم 6 ..... الجواهري في وداع امه


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1273 - 2005 / 8 / 1 - 04:45
المحور: الادب والفن
    


مستهل وقصيدة :
نسيت أهاجي جرير والفرزدق ، وظلت بعض الأبيات تعلق بذهني منها مثلا هجاء جريرالقائل : " زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ..... أنعم بطول سلامة يامربع ُ ! " . واذ آنس لهذا التهكم فان امتعاضتي تكمن في قول الفرزدق : " اني رأيت أبي بنى لي بيته ..... في دوحة الرؤساء والحكام ِ " وهو بيت شعري بغيض ومغيظ يذكرني بدلال ابناء الذوات الذين خالطتهم في أماكن متفرقة من بغداد ، الاّ شخصا واحدا هجينا لم يكن ابن اغنياء ، بل ابن مختار محلة له علاقة وطيدة بمركز شرطة على مبعدة من سكننا ... ولأن هذا الواحد ( س ) قد كان يعاني القلة وبالتالي حداثة النعمة ، فقد كان كثير الترديد لهذا البيت ، فهو اذن يفخر بالامتلاك ... وعلى حب الملكية قامت وقعدت الدول ، وناضلت واستشهدت الالوف بل الملايين ، ولكن شتان بين حب الذات المادي ، وحب الوطن والاستشهاد من اجله ... أما بالنسبة للتكوين الثقافي عندي فقد ظللت اتابع جماليات حب الفكرة السامية ، حب الوطن والاستشهاد من اجل القضايا الكبيرة ، الموقف من النبل والشهامة والصدق ... لكن ذلك البيت الشعري ( اللوثة )او ( العلق ) قد ظل معي بما يشبه
الغثيان .
وفي هذا المجال الشعري ، أحببت الصعاليك عروة بن الورد ، وسليك بن سلكة وأحببت المعري والرصافي ، وأحببت كل الثائرين والبائسين والفقراء والخائبين والمخذولين والضعفاء ، وغدا عندي غنى الروح مع الفقر والاباء وطنا احلم ان اسكن فيه بدلا من بيت الفرزدق اياه . وبعد حين وعبر سنوات العمر لم انتبه – رغم ان رباعية الجواهري معي أنىّ تنقلت – الى ان عيني لم تكتحل بأعز الدموع وكما قال المتنبي في مكمن الخطأ : " اراد اعتذاري اعتذارا " فلقد بكيت ندما على دموع لم اذرفها قبل اليوم ! . حقا لقد اكتشفت ابياتا شعرية عن سكن قدسي هائل الروعة رحت معه اتذكر الامهات العراقيات ، اخذت تلك الأبيات كالهارب ورحت ارددها في الشوارع ، شوارع تعج بأنواع السيارات التي لا أمتلك أرخص اطار من احدى عجلاتها ، شوارع تعج بالفرح والاكتناز والافتتان والغزلان والخضرة والنضارة وهفيف اوصال الشجر واجواء ابن زيدون الطلقة " اني ذكرتك في الزهراء مشتاقا ... والافق طلق ووجه الارض قد راقا . وللنسيم اعتلال في اصائله ... كأنما حن لي واعتل اشفاقا " ، ولكني مع كل هذا المهرجان الخلاب ، كنت اسكن في الحضرة القدسية لتلك الابيات وأنا اسير مبتل العينين احاول حجب ذلك الرقراق الوجداني مخافة استصغار الآخرين لرجولتي وجلدي .
ان مفتاح تلك الابيات يكمن في المقدمة التي كتبتها جريدة النصر الدمشقية عام 1951 عن قصيدة للشاعر المدوي أبي فرات بعنوان قفص العظام وهي باختصار : " .... اثر مصرع شقيقه الشاب – جعفر – في نفس والدته الوقور وتملكها الحزن فاعتزلت المجتمع ولجأت الى مشهد الامام علي ( ع ) في النجف لتقضي ما تبقى من ايامها .... " " .... وقبيل مغادرة الشاعر الجواهري الى مصر زار امه في النجف وتملّى من صفاء جبينها وشعرها الابيض ورضاها ما ملأ به قلبه وروحه ... ولكن شعورا مأتميا خيّم عليه ، فلما استقل السيارة مرتحلا هطلت دموعه ، وثارت في نفسه عوامل الحنو ، ودار فيها انه قد يكون يشاهد امه للمرة الأخيرة ، ففاضت سليقته الشعرية بهذه القصيدة ... " :

تعالى المجد ياقفص العظام ِ
وبورك في رحيلك والمقام ِ
وبورك ذلك العش المضوّي
بوحشته وبالغصص الدوامي
وصابتك التحايا عاطرات
بما لم يحتمل صوب الغمام ِ
تعالى المجد لا مال فيخزي
ولاملك يحلل بالحرام ِ
ولا نشب تهان الروح فيه
فتخضع للطغاة وللطغام ِ
الى ان يقول :
تعالى المجد يا أُم الرزايا
تمخض عن جبابرة ضخام ِ
تملى القبر منها أي عطر ٍ
ووجه الأرض أي فتى همام ِ
وهبت الثروة الكبرى دماءا
وروحا وارتكنت ِ الى حطام ِ

أية ثروة كونية هذه التي وهبت الى الام العراقية الكبيرة وهي في حطامها الجسدي ، وأي سكن هائل القداسة قد سكنت فيه ؟ ، وأية دونية – بالمقابل قد انتهى اليها سليل مركز شرطة الديكتاتور الذي يغيض الآخرين بأنه يمتلك ! ولنا بالامتلاك وحبه عبرة فلا أموال قارون ولاجبروت فرعون ولا قصور المتكابرين والدمويين ظلت على الماعاتها واطلالاتها .. كل شئ زائل وأتفه انواع الزوال هو ما لحق من ازدراء بالبيت الشعري : " اني رأيت أبي بنى لي بيته .... في دوحة الرؤساء والحكام ِ "
ان بيت ام الشهيد جعفر وبيوت امهات الشهداء العراقيين له خالد ابد الدهر ، وثروتهن لاتنضب فهي مهجة العراق التي جاهدت وتجاهد اليوم من اجل تأصل الجذور في شجرة المحنة والسعادة ... تعالى المجد يا أم الجواهري الكبير ، تعالى المجد ياجميع امهات العراق اللواتي فجعن بابنائهن في كل بيت ! ومن أين آتي بجواهري آخر لكل ام شهيد ؟ .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري في ذكراه
- بنو ثعلبة وجون شتاينبك
- آهات عراقية من الدانمارك ...
- رياض البكري أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق .
- اكتشاف قصيدة منقوشة على نصب جواد سليم
- رسائل محبة .... للعراقيين فقط ! ...
- هاملت البراءة .... يمضي الى مثلث الموت
- مقدمات لقصائد ندمت على كتابتها
- البدرُ باق ٍ .. وقرصُ الشمس ِ ينبجس ُ
- الشخائنهيد – لاخائن ولاشهيد
- في ذكرى الشاعر الشهيد رياض البكري
- ضيف من الحرس التروتسكي القديم
- نشيد الآمال في عيد العمال
- لو كنت امرأة لما تزوجت ابن سينا
- هل ينتفع العراقيون من نيتشه التحرري ؟
- جورية للعراق الأمير
- شمعة ذكرى الى أم عراقية ...
- رسالة ارسطاطاليس الى حضرة الرئيس
- خطوتان على القمة
- واحد وسبعين وردة


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - احتفاليتي بالجواهري الكبير نموذج رقم 6 ..... الجواهري في وداع امه