أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - تاريخ الحركات الارهابية من الانتحاريين في حركة الحشاشين، مرورا بالفوضويين والكاميكازيين، وصولا الى الانتحاريين في حركة داعش.















المزيد.....


تاريخ الحركات الارهابية من الانتحاريين في حركة الحشاشين، مرورا بالفوضويين والكاميكازيين، وصولا الى الانتحاريين في حركة داعش.


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 21:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تاريخ الحركات الارهابية من الانتحاريين في حركة الحشاشين، مرورا بالفوضويين والكاميكازيين، وصولا الى الانتحاريين في حركة داعش.
قد تكون الجريمة الأولى في تاريخ البشرية، هي قيام ابني آدم وحوا: "قايين وهابيل"، بالاقتتال مع بعضهما، ولجوء "قايين" الى قتل شقيقه "هابيل" نتيجة قيامهما بتقديم ذبيحتين الى الله، فتقبل الرب ذبيحة "هابيل" ولم يتقبل ذبيحة "قايين"، مما أثار حفيظته ودفعه لقتل شقيقه بطريقة وحشية ربما دلت على وجود غرائز ارهابية لديه.
ووقعت في تاريخ البشرية غير البعيدة، جرائم قتل كثيرة وصفت بكونها أعمالا وحشية فيها الكثير من الارهاب، ولعل أبرزها ما فعله "المغول" في "بغداد" لدى اجتياحها، وما فعله "جنكيز خان" لدى غزوه لهذه المنطقة من العالم.
ولكن التطور الأهم في حركات القتل والارهاب، هو تطويرها نحو اللجوء أحيانا الى عمليات الاغتيال الانتحارية. ويذكر التاريخ أن من الأوائل الذين لجأوا الى هذا النوع من العمليات، ان لم يكونوا هم الأوائل، كانت جماعة "الحشاشين" الذين ظهروا على ساحة الأحداث في زمن "صلاح الدين الأيوبي"، أي في نهايات القرن الحادي عشر ميلادي، وفي ذروة موجات الحروب الصليبية التي أد ت بالمسلمين الى الدعوة للجهاد، وكان "صلاح الدين" خير المجاهدين.
وظهرت مجموعة "الحشاشين" في زمن كانت المنطقة قد قسمت فيها الى عدة دول، منها "السلجوقية" و"الفاطمية" وبعض الدول المسيحية التي أقامها الصليبيون في بعض المدن الفلسطينية التي سيطروا عليها وأهمها مدينة "القدس".
وأسس حركة الحشاشين "حسن الصباح" في عام 1090 ميلادي، عندما اكتملت له السيطرة على قلعة حصينة في بلاد فارس (أي ايران)، واسم القلعة، قلعة "الموت". وكان"حسن الصباح" المنحدر من الطائفة "الاسماعلية" المتفرعة عن طائفة الشيعة، غير راض عما يجري في المنطقة. فبدأ حربه على القادة المسيحيين والمسلمين في آن واحد، مستخدما وسيلة الاغتيالات التي غالبا ما تنتهي بأعمال انتحارية. ونظرا للسرية المفرطة التي أحاطت بالحركة وبأعضائها، والتنظيم الدقيق الذي رعاه "حسن الصباح" خصوصا بين النخبة من رجاله الذين أدانوا له بالطاعة العمياء، انتشرت حركته في عدة مناطق وأهمها في "سوريا" حيث تواجدوا في أحد الحصون المنيعة، ويرجح أنه حصن في "حلب" أو في جوارها.
وأحد أبرز أعمال حركة الحشاشين، هي كيفية مقارعتهم للحصار الذي فرضه عليهم السلطان "نظام الملك" بجيشه الكبير والمسلح تسليحا جيدا. ولعلم "حسن الصباح" أنه غير قادر على مقارعة جيش كهذا، فقد أرسل أحد رجاله الانتحاريين الى مخيم القيادة في معسكر "نظام الملك". وكان الرجل يرتدي زي رجل دين تقرب ل"نظام الملك"، وعندما اطمأن اليه السلطان، قام "الحشاش" بقتله. وهنا دب الرعب في جيش "نظام الملك"، فتفكك وسيطر "حسن الصباح" على الموقف.
ولكن أهم أعمال الحشاشين، كانت محاولتهم لأكثر من مرة، اغتيال "ًصلاح الدين الأيوبي" الذي لم يكن على علاقة ودية مع "حسن الصباح". وفي المحاولة ألأولى، نجا "صلاح الدين" من تلك المحاولة، وقتل المهاجم الانتحاري من جماعة الحشاشين. وفي المحاولة الثانية، نجح الانتحاري المهاجم، باصابة "صلاح الدين" بعدة طعنات، لكن لم تكن أي منها قاتلة. وهنا أدرك "صلاح الدين" أهمية التوافق مع "حسن الصباح"، فعقد اتفاق مهادنة معه أدى الى قيام الحشاشين بتقديم بعض الخدمات ل"صلاح الدين".
وكان المغتالون الانتحاريون من الحشاشين، لا يسعون على الدوام لتنفيذ عملية الاغتيال. اذ كانوا يكتفون أحيانا، بترك خنجر على وسادة الرجل المطلوب تحذيره، فيدرك ذاك الرجل عندئذ أن الحشاشين كانوا هنا، وكان بوسعهم قتله لو أرادوا.
وقدر البعض أن المغتالين الانتحاريين، يعطون عندما يأمرهم قائدهم بتنفيذ مهمة ما، جرعة من مادة مخدرة تتضمن مادة تشبه مادة "الماريغوانا" في أيامنا هذه. وينقل العضو الحشاش عندئذ، كما تقول ":جوجول"، الى حديقة من صنع الانسان، مليئة بالأشجار المثمرة، وتجري بينها أنهار من عسل ونبيذ، وتقدم له حوريات في أجمل ملابسهن، أكوابا مليئة بتلك المشروبات اللذيذة والممتعة. ينقل الحشاش بعد ذلك الى الموقع الذي كان فيه أصلا، ليبلغه قائده بأنه كان في الجنة، وأنه سوف يعود لهذه الجنة، اذا نفذ المكلف بنجاح المهمة الموكولة اليه (اغتيال شخص ما)، أو اذا استشهد أثناء تنفيذها. ومن هنا أطلق عليهم اسم "الحشاشين"، باعتبار أن الحشيش يستخدم وسيلة لاقناعهم بتنفيذ الأوامر المعطاة لهم دون تردد.
ودون "ماركو بولو" فيما كتب عن رحلاته، الكثير عن مجموعة الحشاشين. كما كتب عنهم أيضا عدة كتاب منهم "أمير الأزواد"، "لورانس لوكهارت"، "برنارد لويس"، "فرهاد دفتري" وآخرون.
*********************************************
وبعد حركة الحشاشين، لم يسمع العالم كثيرا عن حركات ارهابية او انتحارية تستحق التسجيل أو الرواية، حتى وقوع الثورة الفرنسية في نهايات القرن الثامن عشر، وقيام "روبسبير" على رأس قيادة ثلاثية، بادارة "فرنسا" الثورة. ففي هذه المرحلة، ظهرت الحركة الفوضوية التي ربما شجع "روبسير" عليها، ان لم يكن قد قادها.
ففي عهد "روبسبير" الذي استمر أحد عشر شهرا، تم اعتقال ثلاثمائة ألف شخص، ونفذ حكم الاعدام في سبعة عشر ألف انسان، وسجن 35 ألف مواطن مات الكثيرون منهم في السجن. وكان أبرز من نفذ فيه حكم الاعدام باستخدام "الجيلوتين" في عام 1793، الملك "لويس السادس عشر" والملكة "ماري انطوانيت"، علما أن "مقصلة الجيلوتين" قد نفذ تركيبها الدكتور" جوزيف جيلوتين" فسميت على اسمه. وكان قد جرى تصميمها من قبل الدكتور "انطوان لويس"، سكرتير أكاديمية الجراحة الفرنسية، لاعتقاده بأنها وسيلة أفضل لتنفيذ حكم الاعدام من الشنق الذي يجعل المشنوق يبول في سرواله، وأفضل من نتيجة ضرب العنق بالسيف، حيث لا تؤدي أحيانا ضربة سيف واحدة لانهاء حياة المحكوم عليه بالموت.
ورغم البشاعة والفوضية التي تبناها "روبسبير" واتسمت بها فترة حكمه، قدر البعض أن ضحايا تلك المرحلة، لم يكن بذاك القدر المرعب من الضحايا الذي اتسمت به مراحل الحروب الصليبية التي أدت الى مقتل الآلاف من الجانبين.
ولكن المرحلة الفوضوية في فرنسا، امتدت الى مواقع أخرى وخصوصا في القرن التاسع عشر. ففي عام 1881، قام أحد الارهابيين ينتمي الى منظمة سرية باسم "نارودنايا فوليا"، بمعنى "ارادة الشعب" ، بلف كمية من القنابل والمتفجرات حول خصره، وفجر نفسه في "بطرسبرج" امام القيصر الروسي "اليكسندر الثاني"، على أمل أن يشعل ثورة تنهي العهد القيصري. لكن عهود القياصرة لم تنته الا بالثورة الشيوعية التي قادها "لينين" في اوكتوبر 1917.
وشهدت نهايات القرن التاسع عشر، سلسلة من عمليات اغتيال الزعماء، اضافة الى اغتيال "اليكسندر الثاني"، نفذها عدد من المنتمين لمجموعة من الفوضويين يعملون تحت اسم "مكنو جروب"، ومنها: اغتيال رئيس جمهورية فرنسا "ماري - فرنسوا سادي كارنو"، واغتيال "وليم ماكنلي" رئيس الولايات المتحدة (عام 1901)، حيث نفذ عملية الاغتيال فوضوي اسمه "ليون كزولكوكس" ، وتفجير مركز مراقبة "جرينتش" عام 1894.
وقام عدد من عمال الموانىء الاسبان في مدينة "برشلونة"، بتشكيل مجموعة ارهابية أسموها "كتيبة باكونين". وقام اثنان من المجموعة الانتحارية المذكورة، اسمهما "أمادو سالفان" و "فرناندز أوباري"، "بتزنير" نفسيهما بمتفجرات وزنها 40 باوندا، واقتحما كنيسة حيث فجرا نفسيهما الى أشلاء متعددة.
وفي نيسان 1919، قامت مجموعة من الارهابيين والفوضويين العاملين في أميركا تحت اسم "الاخوة جيمبل" ، بارسال 36 مغلفا بريديا تتضمن مواد متفجرة. ووجه أحدها الى "النائب العام"، وآخر الى دائرة التحقيقات الجنائية "أف بي آي"، كما وجهت الرسائل الأخرى الى شخصيات سياسية وقيادية أخرى.
وفي التسعينات، قام أحد المنتمين الى "التاميل" بتفجير نفسه أمام رئيس الوزراء الهندي "راجيف غاندي" مما ادى الى تمزقهما أشلاء.
****************************
واذا كانت تلك هي بعض افرازات النشاط الفوضوي والاتجاه نحو العمليات الانتحارية منذ تفجر الثورة الفرنسية في نهايات القرن الثامن عشر، والتي لم تتوقف عند الحدود الفرنسية، اذ امتدت لتشمل "روسيا القيصرية"، و"اسبانيا"، و"بريطانيا"، و"الولايات المتحدة"، اضافة الى "آسيا" اذا اخذنا بعين الاعتبار اغتيال كل من "أنديرا غاندي"، و"راجيف غاندي"، وقبلهما اغتيال "المهاتما غاندي" وغيرها من الأعمال الفوضوية أو الانتحارية، فان تلك الأعمال الانتحارية لم تتوقف عند هذا الحد، اذ انتقلت الى "اليابان" أيضا، لكن مرتدية توجهات مختلفة.
فخلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، ظهر"الكاميكازي" مع نهايات عام 1944، مع اقتراب بوارج وقوات الحلفاء من شواطىء الجزر اليابانية. ففي الرابع من آب، تم كشف النقاب بأن مدرب طيران اسمه "تاجو تاكاتا"، بدأ يدرب الطيارين اليابانيين على العمليات الانتحارية التي تنفذ ضد البوارج والسفن الحربية التي باتت تقترب تدريجيا من الشواطىء اليابانية . وقيل بأن العملية الانتحارية الأولى قد نفذت في 13 أيلول 1944، بحيث أقلعت طائرتان في مهمة انتحارية، وكانتا محملتان بمائة كيلوغرام من المتفجرات. ولم تعد الطائرتان أبدا، مع أنه لم ترد أنباء عن اصابة أو تدمير سفن للحلفاء.
ولكن هجمات انتحارية يابانية أخرى حققت الكثير من النتائج في عمليات انتحارية لاحقة. وتقول التقارير بأن تلك العمليات، قد نجحت في اصابة وتدمير 47 من السفن أو البوارج الحربية التابعة للحلفاء. كما ذكرت الأنباء أن 300 سفينة أو بارجة او ناقلة جنود أخرى، قد تم الحاق التلف بها، وأن عدد الطيارين "الكاميكازي" اليابانيين الذي قتلوا أثناء تنفيذ عملياتهم الانتحارية، قد بلغ 3860 طيارا، مما يعني أن كل الهجمات الانتحارية لم تحقق بنجاح أهدافها. وقدر الدارسون أن قرابة التسعة عشر بالمائة فقط منها، قد حقق النتائج والأهداف التي سعت الى تحقيقها.
وتسمية "كاميكازي" مستقاة من عبارة "الريح المقدسة". وكانت التسمية الرسمية للمجموعة التي ضمت الطيارين "الكاميكازي"، هي "وحدة الهجوم الخاصة". وكان الاسم المختصر لها هو "توكو تاك"، حيث تعني كلمة "توكو" الهجمات الخاصة، ويقصد بها الهجمات الانتحارية على بوارج وسفن الحلفاء التي كانت تدنو شيئا فشيئا من شواطىء اليابان. وقدرت الادارة اليابانية، أن الهجمات الانتحارية بطائرات محملة بالمتفجرات والقنابل والصواريخ وخزانات ممتلئة بالوقود، وتسعى متعمدة للاصطدام بسفن العدو، هي أكثر فاعلية من مجرد قصف تلك السفن بالمدافع من الأرض، أو من طائرات تحلق في الجو.
والروح التي يتسم بها الطيار "الكاميكازي"، هي روح "السامراي"، أي البطل الياباني التقليدي في تاريخ اليابان، الذي يفضل الموت على مذلة الهزيمة. وتلك الروح لدى المقاتل الياباني، هي التي دفعت طيارا يابانيا أثناء الهجوم على "بيرل هاربر" في ولاية "هاواي" في 7 كانون أول 1941، أي قبل عدة سنوات من بداية عمل "الكاميكازي" في نهايات 1944، الى القيام بعمل انتحاري تلقائي منه. وكان الطيار الملازم الأول "فيستا"، قد أعلن لزملائه قبل اقلاعه، بأنه اذا أصيبت طيارته، فسوف ينفذ عملا انتحاريا ضد الأميركيين. ولما أصيبت طيارته بالفعل، قام بالاصطدام المتعمد بمركز للبحرية في "كينوهيه" في هاواي. وكان ذالك تنفيذا لروح "الساموراي" اليابانية لديه.
*******************************************
وبعد قرابة الستة وخمسين عاما، وبالذات في الحادي عشر من أيلول 2001، ظهر "كاميكازي" عرب على الساحة الدولية. اذ قام طياران مسلمان ينتميان لمنظمة "القاعدة"، بتوجيه طيارتين قاد كل منهما احداها، متوجها نحو أحد البرجين في "نيويورك"، ليخترقاهما بطريقة غريبة لم ينجح بمثيل لها قبلا طيارو "الكاميكازي" اليابانيون، مسببين تدمير البرجين ووفاة المئات من المتواجدين فيهما.
وكانت منظمة "القاعدة" قد ظهرت للوجود في نهايات عام 1989، عندما انسحبت من "افغانستان" قوات "الاتحاد السوفياتي" التي كانت قد غزتها. وكان المسلحون المسلمون القادمون متطوعين من بلاد اسلامية متعددة قد جاءوا لمحاربتها. فبعد انسحاب "السوفيات" من "افغانستان"، تحول المسلحون المسلمون الى مقاتلة "أميركا". ففجروا سفارات اميركية، وأهدافا غربية أخرى، قبل أن يصلوا الى مرحلة الهجوم الا نتحاري في "نيويورك".
وتفرعت عن "القاعدة" منظمات عديدة تدور في فلكها، ومنها منظمة "دولة العراق الاسلامية" قبل أن تضيف "سوريا" الى نشاطها ليصبح اسمها "داعش"، التي سرعان ما سحبت ولاءها للقاعدة واستقلت بقرارها، بل وبدأت تنافس "القاعدة" على مركز القيادة والنفوذ لدى المنظمات الارهابية التي باتت متعددة.
وكانت قد ظهرت أيضا حركة "حماس" في ثمانينات القرن الماضي، والتي نفذت أعمالا انتحارية وتفجيرات. ولكن المتغير الحقيقي واللافت، هو ظهور "داعش" الساعية لاعلان امارة اسلامية وتسمية خليفة للمسلمين.
ومن أجل تحقيق هدفهم بسرعة، لجأوا الى أسلوب نشر الفزع والرعب في نفوس المواطنين. كقتل للأسرى، واغتصاب للنساء، وجلدهن في ساحات عامة، وقطع رؤؤس البعض من المدنيين لأسباب تبدو تافهة للمجتمع المتمدن، واستخدام السلاح الكيماوي أحيانا، وتنفيذ الكثير من العمليات الانتحارية داخل تجمعات بشرية، اضافة الى تفجير عشرات السيارات المفخخة في ساحات عامة ومكتظة بالناس، مما يؤدي الى وقوع عشرات الضحايا يوميا من المدنيين الأبرياء، وهو الأسلوب الذي اتبع في "سوريا" وخاصة في "العراق"، حيث يبلغ عدد التفجيرات اليومية أحيانا وفي مواقع مدنية، خمسة عشر تفجيرا أو اكثر.
وتميزت "داعش" بأنها كانت تتعمد تصوير قطع الرؤوس، وعمليات الاعدام الكثيرة للأسرى، وجلد النساء، وتبث تلك الأشرطة المصورة على "اليوتيوب"، رغبة منها في نشر الرعب لدى الآخرين، كي لا يقدموا على مقاومتها لدى وصولهم الى موقع جديد. وبلغت الوحشية بأحدهم أن أكل أمام الكاميرا، كبد جندي انتزعه من صدره.
وبشاعة أعمالهم، بلغت حدا كبيرا لدرجة أنهم قد شبهوا بالمغول الجدد. وأنا كتبت مقالا في هذا الصدد منذ أكثر من ستة شهور، أحذر فيه من المغول القادمين على المنطقة.
صحيح أن الأعمال الارهابية والانتحارية ليست جديدة على العالم. فقد مارسها الحشاشون في منطقتنا، ومارسها الفوضويون في أوروبا بل وفي أميركا أيضا، كما مارسها اليابانيون في البحار القريبة من جزرهم. ولكنها كانت جميعها أعمالا ارهابية أو انتحارية، ضد عسكريين أو مقامات سياسية وتنفيذية وقيادية، ونادرا ما كان منها ضد مدنيين أبرياء، باستثناء عملية التفجير في كنيسة "برشلونة" الاسبانية التي سبق ذكرها، ما لم تكن هناك عمليات لم تصل الى مسامعنا أو لم تسجل في تاريخ الارهاب.
أما الأعمال الارهابية والانتحارية التي يمارسها "المغول الجدد"، فمعظمها موجه ضد المدنيين الأبرياء، وقليل منها يوجه ضد المجوعات العسكرية المقاتلة. فصفة القتل البشع المفزع، هي ما أرادوا الاتسام بها كجزء من استراتيجيتهم للافزاع والتخويف المقررة والمعتمدة لديهم على الدوام.
وهنا نلاحظ الفارق الواضح بين عمليات ارهابية أو انتحارية مورست في الماضي، سواء في القرون الوسطى في زمن الحشاشين، أو حتى في العصور الحديثة نسبيا كما في القرون الثلاثة الأخيرة، عندما لم تكن هناك الكثير من المواثيق والمبادىء الدولية التي يتوجب مراعاتها غير مبادىء حقوق الانسان التي بزغ نجمها مع الثورة الفرنسية (التي لم تراعيها كثيرا)، وعمليات مشابهة تمارس الآن من قبل "داعش" في القرن الحادي والعشرين، في زمن عززت فيه مبادىء حقوق الانسان، ووجدت المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة، ومعاهدة جنيف الرابعة التي تحدد كيفية التعامل مع الأسرى والمدنيين تحت الاحتلال، والكثير من الاتفاقيات الدولية الأخرى التي تحظر استخدام بعض الأسلحة وخصوصا الكيماوية منها.
والأكثر غرابة في الأمر، أن المنظمات التي تقوم بهذه العمال البشعة في أيامنا هذه، هي منظمات تدعي الاسلام وتتسربل بردائه، مع أن الاسلام بريء منهم، خصوصا وأنهم لا يراعون أبسط المبادىء التي أرساها الرسول العظيم محمد (ص)، عندما كان يخاطب المقاتلين الذاهبين لنشر الدين الاسلامي في بلاد العالم، اذ كان يخاطبهم قائلا: " ألا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدا، أو امرأة، ولا كبيرا فانيا، ولا معتصما بصومعة، ولا تقربوا نخلا ، ولا تقطعوا شجرة، ولا تهدموا بناء..." وغير ذلك من أقواله الرائعة التي أرست للبشرية بعض المبادىء السامية التي تبنت بعضها القوانين الدولية الحديثة بعد العديد من القرون.
كما ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على ذلك، وخصوصا في سورة المائدة 82 و 83، اذ تقول الآية الكريمة: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارا ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا و أنهم لا يستكبرون".
أما الاسلاميون الجدد، فهم لا يعتبرون أن اليهود هم الأشد عداوة كما تقول الآية الكريمة، وعوضا عن توجيه بنادقهم وصواريخهم نحو اليهود، باتوا يوجهونها نحو العرب من مسلمين وطوائف أخرى.
كما أنهم لا يعترفون و لا يراعون المبادىء الدولية، أو حتى أبسط المبادىء الاسلامية التي أرساها الرسول العظيم الذي يدعون الآن بأنهم يرفعون لواءه وهم بعيدون كل البعد عنه وعن مبادئه وارشاداته. فقد قتلوا "الأب باولو" في الشمال، كما قتلوا مؤخرا راهبا آخر في "حمص" طالما عمل على خدمة الفقراء والمحتاجين. وفي الخامس عشر من آذار الماضي، نفذوا حكم الاعدام بدم بارد بستة سوريين مسيحيين، وقاموا بتصوير عملية الاعدام تلك، وبثوها على "اليو تيوب". واختطفوا راهبات "دير مار تقلا" في "معلولا"، وعاثوا فسادا ونهبا في مقتنيات كنائسها، كما قتلوا نساء وهدموا مبان، بل وقتلوا في شمال العراق خلال الأسبوعين الماضيين فقط ، أكثر من ألف انسان، لا لشيء الا لكونهم من الشيعة، وكأن الشيعة ليسوا مسلمين.
هداهم الله وهدى "أميرهم" لما فيه الخير لهم وللاسلام الصحيح الذي كلنا نجله ونحترمه، وللبشرية قاطبة.
ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في لجنة الشعر في رابطة الكتاب الأردنيين...
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون)
عضو في مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك - عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية)
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر
عضو في اتحاد الشعراء والأدباء المعاصرين العرب
عضو في مجموعات أخرى عديدة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسابات عراقية وكردية خاطئة بالنسبة لداعش، ومتغيرات مذهلة ومت ...
- من هو الرابح الأكبر، والخاسر الأكبر، والمحرج الأكبر نتيجة ال ...
- معمع تواصل القتال في شمال العراق،ما هي أسباب التردد الأميركي ...
- مع تواصل القتال في شمال العراق،ما هي أسباب التردد الأميركي ف ...
- ماذا يحدث في العراق؟ أين حرب -اوباما- على الارهاب؟ وأين الجي ...
- هل اعلان -أوباما- الحرب على الارهاب كاف، أم يتوجب صدور اعلان ...
- متى يتحرر لبنان من حبل -حريري- التف حول عنقه؟
- لماذا -السيسي- ؟ قراءة أولية في نتائج انتخابات الرئاسة المصر ...
- لماذا لا يكون المولود يهوديا الا ا ذا ولد من أم يهودية، وأخط ...
- مسيحيو لبنان الى أين؟ هل هم مدركون لما يفعلون؟ أم يغرقون في ...
- عندما يكتب تاريخ الحرب بقصائد شعر لونت حروفها بدم الضحايا ال ...
- هل الوضع في ليبيا -باهي- - -باهي-، أم خطوة نحو محاربة الارها ...
- دراما الانتخابات الرئاسية في مصر وسوريا ولبنان، والمخاطر الن ...
- ماذا يجري في سوريا ؟ حرب لتغيير النظام العلماني، أم مساع خبي ...
- التناقضات الأميركية بين موقف وموقف مشابه،وهل هناك دهاء مبيت ...
- هل تسعى دولة -خطر- لاستعادة اسمها دولة -قطر-، وما تأثير ذلك ...
- من يقف وراء ظهور وتأسيس حركات الارهاب في العالم؟
- هل تنتهي الحرب في سوريا؟ كيف ومتى؟ وما هي الاحتمالات الخمسة ...
- هل أصبحت أوكرانيا معضلة للأميركيين، حين أرادوها ورقة ضاغطة ع ...
- بعد التسجيل الصوتي لوزير خارجية تركيا في جلسة يجري فيها حبك ...


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - تاريخ الحركات الارهابية من الانتحاريين في حركة الحشاشين، مرورا بالفوضويين والكاميكازيين، وصولا الى الانتحاريين في حركة داعش.