أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - التجاني بولعوالي - الحماية الذاتية خير علاج للتهديدات الموجهة إلى المثقفين















المزيد.....

الحماية الذاتية خير علاج للتهديدات الموجهة إلى المثقفين


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 1267 - 2005 / 7 / 26 - 09:54
المحور: الصحافة والاعلام
    


تضامنا مع المثقف والإعلامي العراقي إياد الزاملي*

إن الممعن النظر في طبيعة المشهد الثقافي العربي والإسلامي الذي ساد منذ بدء الألفية الثالثة، أو بالتحديد مباشرة بعد تمكن القوات المتأمركة من بسط احتلالها على كل أنحاء العراق، يستجلي أن أهم ممارسة اعترت هذا المشهد، هي تلك الممارسة التي وجهت إلى حملة القلم، وهي ممارسة تعلن جهارا عنفها الدموي ضد شتى أنواع المثقفين، من كتاب وصحافيين وفنانين وغير ذلك، والغريب في الأمر، أن هذه الممارسة اللاإنسانية تحصل أمام أعين الملأ، سلطات ذات قرار كانت أم شعوبا منزوعة القرار كانت! ولا من يملك إمكانية إخماد تلك الممارسة، أو عرقلتها، أو حتى تأجيلها ولو إلى حين.

فكانت نتيجة ذلك، أن وسائل الإعلام المختلفة الأشكال والمشارب، تباغتنا بين فينة وأخرى، بذبح أو خطف أو تهديد مثقف ما، حتى صرنا في حياتنا الثقافية غير الآمنة، نستفيق إما على مشهد كاتب يذبح، أو خبر صحافي في عداد المختطفين، أو صورة مثقف يعتزل أو تعتزله مهنة/محنة القلم! وعندما ننظر من الواجهة الخلفية إلى هذا المشهد، ندرك أن آليات الحماية المتوقعة من ذوي النفوذ، خارجيين كانوا أم داخليين، تنعدم، فيبدو المثقف وحيدا في تيه الخطر أو اليباب.

سوف لن أسرد قصة هذا المثقف الذي أضحى أمام تحديات جديدة، ليست من حجم أو نوع التحديات التي ألف مواجهتها، فهي لا تتخذ طابع المناظرة أو الجدل او النقاش أو الحوار الفكري أو غير ذلك... وإنما تتخذ طابع التنكيل والتقتيل والتذبيح والاختطاف والتهديد ونحو ذلك من المصطلحات الرهيبة، وهذه التحديات/المصطلحات تلائم ،في حقيقة الأمر، رجل البندقية أو الكوماندو المدرب على حرب العصابات، أما المثقف فهو مسكين، لا يملك إلا عقلا يدفق أفكارا، ووجدانا يثمر أحاسيسا، وقلما ينزف كلمات وحروفا، وليس رصاصا أو شظايا بارود!

إن الغاية من رصف هذه الكلمات، هو تنوير الرأي العام والخاص الشريف، بقضية تبدو للوهلة الأولى بسيطة، لكن المدقق النظر فيها، يكتشف أنها من الخطورة بمكان، وهي تتحدد في تهديد موجه إلى أخينا المثقف والإعلامي العراقي: إياد الزاملي، حيث اطلعت مؤخرا في موقع كتابات الذي يشرف على إدارته، على رسالة قصيرة تحمل عنوان: تحذير - الى أياد الزاملي ، اسلم تسلم، أما مضمون الرسالة فهو كالآتي: (تابعنا منذ فترة وجيزة ما يكتبه ما يسمى شمس الدين الحاقد على العروبة والشيعة ونحن سنقتفي اثره أينما يكون ولدينا معلومات عن تحركاته اللئيمة لذا نخطرك بوجوب عدم التعامل معه لأنه يبث سمومه بين الشيعة ويطلق الأكاذيب الرخيصة على الإسلام والمسلمين اسلم تسلم والسلام على من اتبع الهدى) http://www.kitabat.com/i6643.htm

ربما قد يقول قائل، إن مثل هذه الرسائل أصبحت تشكل أمرا عاديا، فهي مجرد ألاعيب يزاولها بعض المتطفلين والمتصابين، فلا داعي للاهتمام بها، أو التفكير في فحواها، لكن قد يتراءى هذا للعيان منذ الوهلة الأولى، غير أنه بمجرد تمحيص الأمر، قد يتراءى المخفي من القضية، حيث أغلب الممارسات الدموية التي طبعت المشهد الثقافي العربي والإسلامي أثناء الأعوام الأخيرة، تبدأ هكذا بسيطة، برسالة قصيرة، بمكالمة هاتفية قصيرة، بتهديد غير مفهوم، بتحذير غير مبرر، وبعد أيام معدودات تطالعنا وسائل الإعلام بأن المثقف فلان الفلاني، الذي كانت توجه إليه تلك الخطابات قد طالته أيادي الاغتيال! فتثور ثائرة الكل، وينتج حديث لا طائل من ورائه، حول حماية المثقفين، وحول ملاحقة مصادر تلك التهديدات أو التحذيرات، وحول أمور جميلة تذبل بمجرد ما تبرد القضية.

لذلك، فأنا أحاول أن أقترح وجهة نظر تصب في مثل هذا التحذير أو التهديد، الذي تلقاه الأخ إياد الزاملي، ويتلقاه باستمرار العشرات من المثقفين، والكيفية المثلى للتعامل معه، وهذه الكيفية، أعتقد ان مصطلح الحماية الذاتية خير ما ينطبق عليه، فهي حماية لا تكلف جهدا ولا مالا ولا سلطة، حيث تنبع من فكر المثقف وآليات تحاوره المستنير، وتشبه فيما تشبه ذلك النقد الذاتي أو الرقابة الذاتية التي يتحلى بها الكاتب، مستعملا ذكاءه أحيانا، وموظفا تعابيره أحيانا أخرى، ليقي نفسه وقلمه شر الطاغوت، وهذه الرقابة ليست وليدة عصر الطباعة والنشر، كما قد يتبادر إلى أذهان البعض، وإنما هي آلية متقادمة اعتمدها المثقفون القدامى، وخير نموذج لذلك، أسطورة الشعر العربي أبو الطيب المتنبي، الذي كان يمدح السلطان بشعر هو في مستواه العميق هجاء له، أو يمدحه بقصيدة هي في حقيقة الأمر مدح لقائلها، وهكذا، بهذه الرقابة يتمكن المثقف من تمرير خطابه العميق. لكن الحماية لا ينبغي أن تستنسخ الرقابة الذاتية، بقدرما تستفيد من منهجيتها، وفي هذا الإطار أرى أننا نستطيع أن نبني حمايتنا الذاتية على محورين:

المحور الأول: الحوار العقلاني مع الآخر/الخصم، وذلك على أساس يتجرد سواء من جانب الخوف الذي يمكن الخصم من المثقف، فيصبح لقمة سائغة بين أنيابه، أم من التعصب الظاهر الذي يعمي بصيرة الخصم، فلا يرى في هذا المثقف إلا عدوا لدودا، ينبغي تنحيته في أقرب وقت ممكن، إذن، فكلا الأسلوبين غير صالحين في مثل هذا الموقف، وخير ما يفسر هذا ذلك المثل العربي المتداول الذي معناه: لا تكن خشنا فتكسر، ولا رطبا فتبلع! فلتكن مرنا أو لينا، ديدنك إفهام الآخر وإقناعه، ليس بالتنازل وإنما بالمجادلة الحسنة، ليس بالتنكر لمبادئك ولكن بالحوار الإنساني، الذي يستوعب الآخر من حيث قيمته الإنسانية، ولو كان عدوا لك! ولقد استطاع العديد من المثقفين أن ينسجوا علاقات مثالية مع خصومهم، ساسة كانوا أم ذوي رأي، وبذلك تمكنوا بحجارة واحدة أن يرموا عصافير عدة، فيحققوا غايات شتى، منها تجاوز التهديدات التي كانت موجهة إليهم، وتمرير خطابهم الفكري وتارة الأيديولوجي إلى من كان في الأمس القريب يرفضه رفضا باتا، ونشر ثقافة الحوار المرنة التي توحد حتى بين الخصوم وغير ذلك. وإذا فشلت منهجية الحوار العقلاني المرتكز على اللين والمرونة، توجب علينا الانتقال إلى محور آخر، هو محور الإفشاء السريع لتلك التهديدات التي يتلقاها المثقف.

المحور الثاني: الإفشاء السريع الذي يكون على شكل إنذار جاد، موجه إلى كل الجهات معنية كانت أم غير معنية، فتصبح بذلك، وعلى مرأى من الرأي العام المحلي والعالمي، روح المثقف وقلمه في رقبة الجميع، ساسة كانوا، أو علماء، أو حقوقيين، أو مثقفين، أو متابعين، أو قراء، أو غير ذلك، فينتشر خبر التهديد مثلا، بسرعة البرق، لكن أن يبقى ذلك المهدد المعني بالأمر مكبل اليدين، لا يواجه خطابات التحذير والتهديد إلا بالقلم، فهذا نوع من الحمق في زمن لا يأبه بالأرواح، ولا بالآية الكريمة التي يقول فيها ربنا عز وجل: "ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا" سورة المائدة، آية 32، وهذا الإفشاء السريع بإمكانه أن يجعل المثقف المهدد يحشد حوله ترسانة من المؤيدين والمتعاطفين من شتى الشرائح الاجتماعية والثقافية، فلنتعظ من قصة سلمان رشدي مع الخميني، مع الإشارة إلى أننا نرفض رفضا تاما ما كتبه في مؤلفه آيات شيطانية، إلا أننا ينبغي أن نستفيد من أسلوب تعامله مع التهديد الموجه إليه، فطوع حدث التهديد إلى قضية عظيمة، جعلت منه أسطورة في عيون الكثير من الغربيين، خصوصا وأنه استطاع أن يصمد في وجه التهديدات الموجهة إليه لزمن طويل، وذلك بكسبه لمختلف أنواع التعاطف الغربي أمنيا كان أو فكريا أو إعلاميا.

أعود إلى القضية الأم التي كانت سببا مباشرا لإثارة هذه الأفكار، فأثبت تضامني المبكر مع الأخ المثقف إياد الزاملي، ومن خلال هذا التضامن أود أن أبث في رفاقي المثقفين حاسة الاستشعار عن بعد بالمخاطر، التي تنتاب راهن مشهدنا الثقافي، فيكون الضحية الشرفاء من المثقفين العرب والمسلمين، وأدعوهم إلى التحلي بالحماية الذاتية، حيث كلما زادت درجة الاستشعار مع الحماية الذاتية، كلما قل التهديد أو خمد لظاه.

* اياد الزاملي إعلامي عراقي مقيم بألمانيا، يشرف على صحيفة كتابات الإلكترونية اليومية المستقلة، ورئيس منظمة كتاب بلا حدود.




#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون بالغرب في مواجهة العداء السياسي والإعلامي
- معركة الحجاب أو حصان طروادة الأخير
- ! وطني الذي زارني في المنفى
- اندماج المسلمين في الغرب بين الإمكان واللا إمكان
- إنه الشعب الأهوازي المغوار
- عن رسالة الشعر في زمن الماركوتينغ
- تنمية الأمازيغية تبدأ من تنمية الإنسان الأمازيغي
- المعهد الملكي للأمازيغية في مفترق الطرق
- أمــــــــــــــــــــــــــاه
- (*)البربر/الأمازيغ؛ ازدواجية التسمية ووحدة الأصل
- أضغاث الوطن
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- !وطني.. أهجرك اللحظة
- أغنيات التمـــــــــــــرد - شعر
- حين صرخت.. كان اغتصابي
- حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة
- -حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة -1
- الشعر داء


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط ...
- طائرة ترصد غرق مدينة بأكملها في البرازيل بسبب فيضانات -كارثي ...
- ترامب يقارن إدارة بايدن بالغستابو
- الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تضغط على بايدن في اتجاه وقف ا ...
- المغرب: حمار زاكورة المعنف يجد في جمعية جرجير الأمان بعد الا ...
- جيك سوليفان يذكر شرطا واحدا لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الس ...
- كوريا الشمالية تحذر الولايات المتحدة من -هزيمة استراتيجية-
- زاخاروفا: روسيا لن تبادر إلى قطع العلاقات مع دول البلطيق
- -في ظاهرة غريبة-.. سعودي يرصد صخرة باردة بالصيف (فيديو)
- الصين تجري مناورات عسكرية في بحر الصين الشرقي


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - التجاني بولعوالي - الحماية الذاتية خير علاج للتهديدات الموجهة إلى المثقفين