أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - المسلمون بالغرب في مواجهة العداء السياسي والإعلامي















المزيد.....

المسلمون بالغرب في مواجهة العداء السياسي والإعلامي


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 1264 - 2005 / 7 / 23 - 12:53
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


نموذج العداء السياسي: بيم فورتاون؛ الشبح الذي ما عاد يرعب الأجانب!

عن حياة رجل غير سوي!

المفاجأة غير المتوقعة هي السمة التي طبعت أجواء ما بعد الانتخابات البلدية بهولندا، والتي أجريت بتاريخ 6 مارس 2002، ولعل المتصفح للنتائج التي تمخض عنها ذلك التباري السياسي يخلص إلى نفس النتيجة/المفاجأة، عندما يدرك أن الخريطة التمثيلية اعتراها تحول مباغت، تراجعت من جرائه حصص التيارات الحزبية الهولندية الرائدة، لصالح شخص واحد سرق منها الأضواء، ليصير حديث الساعة في كل المنابر الإعلامية الهولندية سواء المسموعة أم المكتوبة أم المرئية.

لعلكم سمعتم أو قرأتم شيئا ما عن هذا الشخص غير السوي، الذي يدعى (بيم فورتاون Pim Fortuyn)؛ فهو من مواليد 19 فبراير 1948، ينتمي إلى أسرة كاثوليكية عريقة، كان أبوه تاجرا متنقلا، ممتهنا تجارة الورق والأظرفة، وكان بيم المفضل إلى أمه، حيث يسرد في سيرته الذاتية، أنه منذ نعومة أظفاره كان يسكنه شعور بالكبر والسيادة، وبأنه سوف يصبح سيد هذا البلد، وكان يحس كلما تقدم به العمر أنه متميز، يحلم بأنه شيرشل أو بيرلوسكوني! ويضيف كذلك أنه سوف يكون متفردا ليس لأنه يريد كذلك، ولكن لأنه كذلك، وقد درس في ستينيات القرن الماضي علم الإدارة والتسيير بجامعة أمستردم، إذ كان نشيطا في الحركة الطلابية الأمستردمية، بعد ذلك أصبح لمدة 16 عاما كاملة أستاذا لعلم الاجتماع بجامعة خرونينكن، وبعدئذ نال شهادة الدكتوراه من جامعة روتردم.

وقد تقمص مختلف الأيديولوجيات، ابتداء من الماركسية، مرورا بالتيار الاجتماعي الديمقراطي، وصولا إلى التوجه الليبرالي، وتجدر إلى أن مجلة (مليونير) قامت ببحث حول ثروته المادية، فتوصلت إلى أن دخله السنوي يصل إلى حوالي 400 ألف أورو، منها 100 ألف أورو تدرها عليه كتبه المطبوعة والمقالات والأعمدة التي يكتبها، كما أنه مقابل محادثة إعلامية متلفزة عادية يتلقى على التو 4000 أورو، ويحصل خلال ساعات محدودة على ما يفوق دخله الشهري باعتباره نائبا برلمانيا.

وقد كان بيم فورتاون في البداية منتميا إلى حزب هولندا الحية، لكنه بعد ذلك انسحب منه، ليخوض الانتخابات البلدية تحت مظلة اسمه الشخصي، معتبرا أنه وأتباعه لا يشكلون حزبا بقدرما يشكلون حركة سياسية، فيحدث بذلك المفاجأة غير المتوقعة، ليشد إليه أنظار الجميع من مؤيدين ومعارضين، خصوصا وأنه حقق نجاحا باهرا يتمناه كل ممارس للسياسة، فأصبح بذلك القوة الرابعة بهولندا ب 18 صوتا، كما أن آخر استقراء للرأي رشحه بأنه سوف ينال، في انتخابات البرلمان التي سوف تجرى في 15 مايو المقبلة، حوالي 27 مقعدا، لهذا قد يتساءل المرء؛ لماذا هذا التقدم الخارق لشخص غير سوي؟ ما هو السر الخفي الذي يقف وراء ذلك؟ ألا ينم هذا عن تناقض صارخ لا يقبله العقل السليم؟

سر النجاح وخرق العادة

لا يمكن تفسير هذا الحدث السياسي إلا في إطار شمولي، يراعي الملابسات والخلفيات السياسية والثقافية والأيديولوجية والتاريخية الراهنة التي تشهدها الدولة الهولندية، حيث يبدو أن ثمة أمورا شتى تسترعي انتباه كل مهتم بما يجري على الساحة السياسية الهولندية، من شأنها أن تصبح أوراقا هامة في يد ممتهني اللعبة السياسية، وهذه مسألة عادية عندما نتصفح التاريخ السياسي لكل أمة أو دولة، إذ يسعى السياسيون دوما إلى جس النبض، وتحسس مواقع الضعف والإثارة لدى مختلف شرائح المجتمع، وجعلها شعارهم الآني والمرحلي في معترك الانتخابات، ويتضح في الآونة الحالية أن أغلبية الشعب الهولندي، ينقاد لاشعوريا نحو قضيتين ساخنتين، حاول العديد من السياسيين تبنيهما، وادعاء الذود عنهما، وهاتان القضيتان هما: أزمة الأخلاق والعداء للإسلام.

عندما نتحدث عن أزمة الأخلاق، نقصد بذلك تصاعد المد الشذوذي/اللواطي بالغرب عموما، وهذه حالة انحرافية لا يقبلها العقل السليم، وما دام الإسلام يقف بالمرصاد في وجه هذه العاهة، فهو يصبح من خلال ذلك العدو الفعلي الذي ينبغي مجابهته أو تنحيته، وهذا يكشف عن علاقة جدلية متداخلة بين هاذين المعطيين، حيث بمجرد ما يثار الكلام حول ظاهرة اللواط يكون الإسلام حاضرا وبقوة، سواء من خلال الموقف المعارض الذي ينعته بالتشدد والتطرف والرجعية، ويتقدمه موقف بيم فورتاون، أم من خلال الموقف المعاضد، إذ يحاول كل غيور على الإسلام تبرئة ساحته، وتبرير خطابه الديني.

وفي هذا الصدد، يمكن وصف بيم فورتاون بالظاهرة المرضية في الانتخابات الجارية التي تشهدها الدولة الهولندية، فهو شخص غريب المزاج والتفكير والتوقع، قلما يعرف التاريخ مثله، وهو يشيد أطروحته السياسية على التغيير الراديكالي الشمولي، على صعيد كل الميادين، سياسية كانت أم اجتماعية أم ثقافية أم اقتصادية أم غير ذلك، مما دفع أغلب القوى الحزبية والسياسية بهولندا إلى التصدي بشراسة له، ليس لأنه يبغض الأجانب، وإنما لأنه يهدد مصالحها السياسية، لهذا السبب نرى الوزير الأول (فيم كوك) يحذر الهولنديين من اختيار بيم فورتاون، الذي يشكل كارثة للدولة غير المستعدة لفقدان ما حققته بعد أمد طويل من الكفاح، وأن اقتصادها غير مهيأ للتجريب، وإلا سوف يفقد الكثير مما حققه من مكتسبات، فتنشأ بذلك مشاكل اجتماعية واقتصادية لا حصر لها.

كما أن البعض نعته بهتلر نظرا إلى أفكاره النازية والعنصرية، التي تقلل من قيمة ما هو أجنبي وتحقره، في حين وصفه الآخرون بموسوليني بسبب آرائه الفاشية، التي لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح العامة للجميع، من حق التعليم والصحة والرأي وغير ذلك، وهي ملك لعامة الشعب الهولندي كما ينص على ذلك الدستور الهولندي، دونما تمييز بين الهولندي الأبيض أو الأسود، الأصلي أو الأجنبي، المسلم أو غير المسلم وهكذا دواليك.

فن صنع الشهرة!

وقد تواكب مع الإعلان عن نتائج انتخابات مارس البلدية إصدار كتاب بيم فورتاون، الذي يحمل عنوان (خرائب ثمان سنوات من حكم التحالف)، ويتعرض فيه بالنقد والتجريح لثمان سنوات من سيادة الأحزاب الرائدة، طارحا مشروعه السياسي باعتباره بديلا ناجعا، ويرى وزير المالية الحالي (زالم) أن هذا الكتاب يتضمن أشياء غريبة لا يقبلها المنطق، فهو يدعو إلى إيقاف التعويضات التي تمنع لمرضى السرطان، كذا المساعدات الاجتماعية التي يتلقاها ذوو الدخل الأدنى على الكراء وغير ذلك، ويخلص هذا الوزير إلى أن فورتاون يريد أن يحل المشاكل والضائقات المالية التي يتخبط فيها الشعب، ويحدث الإصلاحات دون أن يخرج ولو (خلدة) واحدة!

ومن القضايا التي يتناولها الكتاب، نجد التعليم حيث يرى أن الأزمة التي تعتريه، تحل عن طريق استعمال التلاميذ للحاسوب داخل منازلهم دون الذهاب إلى المدارس، التي تصبح جد صغيرة، والجامعات كذلك، حيث لا يتعدى عدد طلابها ست مائة طالب. كما يدعو إلى التقليص من مستوى البيروقراطية مع تصعيد الحماية والأمن، عن طريق زرع الشرطة في كل الأماكن. أما فيما يخص ملف الهجرة فينبغي أن لا ينال الأحقية في ذلك إلا بعض الأوروبيين، كالفرنسيين والألمانيين والإنجليزيين. مما دفع وبشدة أغلب قياديي وزعماء الأحزاب السياسية المعروفة في هولندا، إلى التصدي له، وإعلان القطيعة مع أي تعامل أو تعاون معه، إلى درجة أن ناطقا باسم حزب العمال اعتبره بكل وضوح شخصا غير اجتماعي.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن فورتاون يبغض كل ما هو أجنبي، لكن وتيرة كراهيته للإسلام أشد مضاضة، لا سيما وأنه حط من قيمة هذا الدين وأهله، عندما اعتبر الثقافة الإسلامية ثقافة رجعية ومتخلفة! وكأنه يدرك أن المعادلة الجديدة السائدة في الغرب عموما، وفي هولندا خصوصا، تنطوي على أنك إذا كنت تريد أن تصبح في رمشة عين مشهورا، يحسب لك ألف حساب، فقم بشيء يلفت الآخرين إعجابا به وقرفا منه، ومن هذه الأشياء الرائجة اليوم نجد العنصرية، الشذوذ الجنسي، العداء للإسلام ونحو ذلك، ويبدو أن الإسلام أكثر تلك الأشياء والقضايا حساسية وإثارة للبغض، مما يدعو الكثيرين إلى استخدام هذه الورقة الرابحة لقضاء وطرهم السياسي والأيديولوجي.

عود على بدء، يظهر أن طموح هذا الرجل غير السوي القديم، وهو طموح يندفع نحو قمة التفرد والتميز وسرقة الأضواء، هو الذي حفزه على الإساءة المباشرة للإسلام والمسلمين، والدعوة إلى تقليص المد الإسلامي، وسد الباب في وجه كل أصناف الهجرة نحو هولندا، استشعارا منه بأن أغلبية المهاجرين ذوو جذور إسلامية، لكن الشيء إذا تعدى حده انقلب إلى ضده، وهذا ما جرى لفورتاون الذي تلقى، وهو يتهيأ للقيام بمحادثة إعلامية، ضربة بـ(التارته) على وجهه، وذلك من قبل فتاة هولندية، كما أن الكثيرين ممن هب يبارك نجاحه بدءوا يعون فداحة وخطورة مشروعه السياسي المتطرف، حيث يؤكد آخر استطلاع للرأي، أن شهرته بدأت تتدنى، ويتنبأ بأنه سوف ينال في انتخابات 15 مايو البرلمانية 23 مقعدا عوض 27 مقعدا، التي تكهن بها استطلاع سابق للرأي، كأنما الشبح المخيف الذي أرهب العصافير البريئة في الشتاء الماضي، بدأ يحجبه الرابع باخضراره الممتد، لتستأنس به العصافير دون أن يثير لديها أدنى شعور بالخوف والرهبة!

(*) كتب هذا المقال في 29 مارس 2002، وبعد ذلك التاريخ بحوالي خمسة أسابيع، تم اغتيال بيم فورتاون بالرصاص من لدن مواطن هولندي، وهو يغادر مقر ((Radio 3FM، الكائن بمدينة هيلفرسوم، وذلك يوم الاثنين 6 مايو 2002 على الساعة 18:10.

يتبع...



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة الحجاب أو حصان طروادة الأخير
- ! وطني الذي زارني في المنفى
- اندماج المسلمين في الغرب بين الإمكان واللا إمكان
- إنه الشعب الأهوازي المغوار
- عن رسالة الشعر في زمن الماركوتينغ
- تنمية الأمازيغية تبدأ من تنمية الإنسان الأمازيغي
- المعهد الملكي للأمازيغية في مفترق الطرق
- أمــــــــــــــــــــــــــاه
- (*)البربر/الأمازيغ؛ ازدواجية التسمية ووحدة الأصل
- أضغاث الوطن
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- !وطني.. أهجرك اللحظة
- أغنيات التمـــــــــــــرد - شعر
- حين صرخت.. كان اغتصابي
- حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة
- -حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة -1
- الشعر داء
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون
- في مسعى لمعالجة أزمة الهجرة عبر المتوسط / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - المسلمون بالغرب في مواجهة العداء السياسي والإعلامي