أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسن أحمد عمر - أطفال فى النار














المزيد.....

أطفال فى النار


حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)


الحوار المتمدن-العدد: 1263 - 2005 / 7 / 22 - 11:11
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


أمر عليهم كل يوم صباحأ ومساءأ وهم يرتدون العفريتة --- بدلة من قطعة واحدة مصنوعة من قماش خشن لا آدمى ---- وطبعأ هذه البدلة ملوثة ومسربلة بالزيت الأسود الوسخ الذى يحرق الأجساد بمساعدة حرارة الشمس الحارقة التى تتخطى الأربعين درجة فى يونيو ويوليو وأغسطس وتلتصق الأتربة والقاذورات بكل أنواعها فوق هذه العفريتة المحرقة0
إنهم أطفال فى عمر الزهور تتراوح أعمارهم بين ثمانى سنوات – تصوروا--- وثمانى عشرة سنة أراهم كالديدبان يتحركون بسرعة مذهلة فى كل إتجاه حيثما يوجههم الأسطى—صاحب الورشة--- وتراهم ينبطحون أرضأ تحت السيارات يمسكون بمفاتيح ومفكات تضارعهم فى الطول والوزن يفكون صواميل ومسامير ويربطونها كذلك , يتلقون الزيت المنتهى من موتور السيارة فى إناء ويضعون الزيت الجديد , يفكون عجلة الكاوتش التى تصعب على أقوى الرجال وتجعله يتصبب عرقأ , يسمكرون صاج السيارة , يحترقون يوميأ بحرارة الشمس التى تكوى ظهورهم دون أن يرحمهم أحد أو تمتد إليهم يد رحيمة لتنقذهم0
يعاملهم معظم الناس كأنهم كائن آخر غير الإنسان عليهم أن يعملوا المستحيل ويصعدون فى الفضاء أو يغطسون فى قاع البحار أو يثنون الحديد أو يأكلون النحاس المصهور كأنهم من الجن وليس من الإنس , تعود الناس أن يروهم أذلة مقهورين ممزقين بلا مشاعر حب أو عطف أو حنان فلقد تعودوا – هؤلاء الأطفال—أن يعاملهم الأسطى بأقبح الألفاظ وأخس الشتائم وصارت هذه قاعدة طبيعية لا يعترض عليها أحد ولا يقف فى وجهها مخلوق حتى أصحاب السيارات الذين يكون فيهم أطباء ومدرسون ومهندسون وأساتذة جامعة وعلماء نفس فأهم شىء عندهم هو إصلاح السيارة دون أن يعبؤوا بهؤلاء الضحايا المعذبين 0
إذا نظرت لهؤلاء الأطفال بعين الأب سوف تزرف دموعك حزنأ عليهم وعلى مستقبلهم المعدوم فلا أحد يعلمهم المبادىء أو القيم أو المثل العليا ولا أحد يهتم بهم ولا يشعرون بأى إنتماء يربطهم بالناس أو المجتمع غير رباط الذل والحقد واللامبالاة
من كل من يتعامل معهم , هؤلاء الأطفال يكبرون بذلهم وحقدهم وجهلهم ويتزوجون وينقلون ما بهم لأبنائهم ويعيش الواحد منهم يعذب زوجته ويعذب أطفاله ويمارس معهم عقيدة الإذلال واللامبالاة التى لم ير ولم يشهد سواها من الناس0
كنت أقوم بإصلاح سيارتى عند الميكانيكى وكالعادة أنظر إليهم بحزن شديد وأحاول مداعبتهم والتقرب منهم والتعرف على ظروفهم فأجد أن معظمهم له أسرة وأخوة وأهل وعنوان ولكنه لم يفلح فى المدرسة وبدلأ من تعليمه مهنة يحبها وتتفق مع ميوله يذهب به والده للميكانيكى كنوع من العقاب والإذلال عسى أن يعود للمدرسة وهى نظرية فاشلة بالطبع لأن أمثال هؤلاء المتمردين على المدارس إستطاعت المجتمعات المتحضرة أن تصنع منهم صناعأ للحضارة بأن أدخلوهم فى الطريق المحبب إليهم دون قهر أو ضغط أو إرغام 0
وبينما كان الأسطى يشتغل فى سيارتى وقع الكوريك من تحت السيارة وكان هناك طفل نائم يربط صامولة معينة وكادت السيارة تقطعة نصفين لولا ستر الله تعالى بوجود حامل خشبى آخر تحت السيارة حجزها ومنعها من الوصول الكامل لجسم الطفل الذى خرج سليمأ بإصابة بسيطة فى ذراعة قمت بعلاجها فى الصيدلية الملاصقة للورشة وظل الطفل يبكى بصوت مرتفع بشكل يقطع القلب أكثر من ساعة وأنا والآخرون نربت على كتفه حتى هدأت آلامه بعد إنتشار أثر حقنة المسكن فى جسمه0
من يهتم بهؤلاء ؟ من يعالجهم جسمانيأ ونفسيأ ؟ من يتولى إختيار المهنة التى تتفق مع مزاجهم وتركيبة أجسامهم ؟؟ من يحميهم مما يلا قونه من عذاب الأسطى فى الورشة والأهل القساة فى المنزل ؟من يهتم بطعامهم الذى لا يأكلونه إلا ملوثأ وشرابهم الذى لا يشربونه إلا مليئأ بالبكتريا والفطريات ؟ ومن يجعل لهم ساعات فسحة وراحة وإجازات ومن يذيقهم طعم الرفاهية ويطعمهم وجبة حب ويسقيهم شربة عدل وسلام وسعادة ؟؟
أيها المتكلمون عن حقوق الإنسان كفى كلامأ فقد حان وقت التنفيذ لإنقاذ هؤلاء وغيرهم من النار التى يعيشون فيها قبل أن يطيحوا بهذه النار فى كل شارع وحارة حارقين كل شىء أمامهم 0



#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)       Hassan_Ahmed_Omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا عالم يا هوه.. الإنسان فخخوه
- حقوق ألمطلقات وألأيامى فى العالم العربى
- لا تعادى
- رد على مقال إبراهيم الجندى ألإنسان أصله جحش
- ألتسول بإسم الدين
- حقوق المرأة فريضة من الله وليست هبة من الرجال
- فى البلاد العربية ..من الذى جعل ضابط الشرطة إلهأ ؟؟؟
- نظرة ومدد يا شيخ بركات
- عقائد غير قرآنية
- لا عزاء
- شيوعى..إخوانجى..إرهابى..عميل أمريكانى
- أكره من يظلمون النساء
- هل التدين هو التسلط ؟؟
- سلطان من لا يعرفه السلطان
- أحلم بالحب والسلام
- تكفير التفكير وتجميد التجديد
- ناقشوهم ولا تهاجموهم


المزيد.....




- انتقاد أميركي للعراق بسبب قانون يجرم العلاقات المثلية
- نتنياهو يشعر بقلق بالغ من احتمال إصدر الجنائية الدولية مذكرة ...
- لازاريني: المساعي لحل -الأونروا- لها دوافع سياسية وهي تقوض ق ...
- تظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب نتنياهو بعقد صفقة لتبادل الأس ...
- سوناك: تدفق طالبي اللجوء إلى إيرلندا دليل على نجاعة خطة التر ...
- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
- خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق ...
- البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
- مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة ...
- فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسن أحمد عمر - أطفال فى النار