أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عساسي عبدالحميد - ديهيا القديسة














المزيد.....

ديهيا القديسة


عساسي عبدالحميد

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


خطايا ....وعطايا ...
كان اسمي عكاشة، و معناه العنكبوت، و كنت ضمن عصابة عكرمة الشرير يوم أحكمنا الحصار على" ديهيا الأوراسية" ورجالها ، وكنت ممن لحقوا بها عند البئر ، لم تقبل بالاستسلام ولم ترض بالخنوع ، وكانت نظراتها كفيلة ببث الرعب في قلب جيش بأكمله ، لم نجرؤ على مقاتلتها فرادى بل قمنا بتطويقها أنا و عكرمة وحنظلة وعلقمة و سراقة ، ولو أتيناها واحدا واحدا لمزقت أوصالنا وجعلت من أشلائنا وليمة لعقبان الأوراس وذئابها، لهذا قاتلناها مجتمعين و أرجلنا ترتعش من تحتنا من شدة الخوف والهلع ، وقبضات سيوفنا ترتجف أمام هيبتها ونظراتها ، أما هي فقد كانت قبضتها للسيف واثقة محكمة ، وكانت وقفتها وقفة مقاتل محنك مجرب ، نعم ...لقد رفضت أن تطرح سيفها أرضا وتستسلم لنا وكان بمقدورها أن تفعل ذلك لكنها واجهتنا بإصرار لم نعهد له مثيل وبحماسة لم نر لها نظير ، لقد كان الإجهاد باديا على عينيها الكبيرتين الواسعتين لكثرة تعقبنا وملاحقاتنا لها ، وكان العرق يتدفق من جبينها الساطع كالينبوع ورغم ذلك واصلت القتال ولم تخضع إلى أن تلقت طعنة من الخلف ،فصرخت على إثرها صراخا زلزل الأرض من تحت أقدامنا وحرك الجبال أمام أعيننا ، وبقيت واقفة لبعض لحظات ثم سقطت أرضا والسيف بيدها، صدقوني .....لقد رأيت بأم عيني دماء قانية غزيرة تسيل من جروحها و من فمها لتحدث بركة هائلة طوقت بئرا عن كاملها ....لقد أحسست ساعتها بالخزي و العار وشعرت بتأنيب الضمير بينما كانت قهقهة عكرمة و حنظلة و سراقة وعلقمة تتعالى في السماء فرحا لمقتل امرأة وحيدة، ومنذ ذلك اليوم رميت سيفي و قصدت الجبال وبكيت كثيرا على " ديهيا " .....ليلتها هبت عاصفة هوجاء اجتثت الدوح من جذوره و أزاحت الجلمود عن مقلعه و اكفهرت السماء و تلبدت بغيوم كثيفة و أمطرت كثيرا على غير العادة رغم أن الوقت كان صيفا ، و عوت الذئاب و بنات آوى عواء مسترسلا عميقا عـــــــو ....عــــــــو.. عـــــــــو....
و كأن الطبيعة بكاملها وكلكلها حزينة على رحيل الفارعة الماجدة المشرقة النشمية الأبية ...
رأيتها ذات مرة في حلم ليس كسائر الأحلام و هي تنظر إلي بعينيها الكبيرتين وتقول : لا عليك ....إن عكاشة الأمس قد مات و قد ولدت اليوم من جديد ...وكان لصوتها صدى ..ثم تابعت تقول: ولقد جئتك اليوم لأرفع عنك حملك الثقيل و أضع حدا لوزرك و عذابك ،ثم ناولتني دقيقا وزيتا و حليبا وخاطبتني قائلة ، خذ من هذا لتصير ابنا و أخا لنا ورغم أن كلامها كان حلما ليس إلا فقد كان بمثابة عطية عظمى وعزاءا كبيرا لأحزاني وآلامي الكثيرة وتكفيرا لزلاتي وجرائمي الشنيعة ، نعم إن عكاشة الأمس قد مات يوم رحيل" ديهيا " و يوم ألقيت بسيفي في قعر تلك البئر وألقيت معه بأفكاري السوداء و أطماعي السخيفة و صرت رجلا مبررا تحت شمس تامزغا الجميلة و غدوت كائنا حرا أكن عشقا لهاته الربوع و أحمل حبا لأبنائها الأشاوس اللذين صار لي منهم أولادا و زوجة ، وحتى اسمي القديم قد تخلصت منه إلى الأبد لأن ذكره يوجع قلبي وسماعه يقزز نفسي، و صار لي اسم آخر من نور الشمس و صمود الجبال، و رغم هذا كله فإن ذكرى الفارعة الماجدة تنتابني من حين لآخر لأختلي بنفسي لساعات طوال و أبكي بحرارة ومرارة و أرثي بصمت امرأة ناذرة فريدة ....



#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من رسائل العم سام إلى ملوك وحكام عصره ....
- من العم سام السام الى الشيخة موزة حاكمة ولاية قطرائيل .
- نسائم الجهاد والشيخ العلامة أبو قتادة الجهيلان
- عصارة الوهابية ، -ياسر برهامي نموذجا- ...
- و يسألونك عن التشرميل ....قل هو من أمر شرشبيل.
- الأمير مقرن ومفتي السعودية الدجال الأعور يتعاهدان رسميا على ...
- عتبة دار المخزن...الحلقة 2.
- عتبة دار المخزن ...الحلقة 1
- نبوءة القذافي ...ويكيليكس ودور قطر البارز في نشر مشروع الخرا ...
- حكام قطر والنهاية الدراماتيكية المنتظرة (...)
- مونديال قطر 2022 ورشوة بن همام الكبرى...
- الأم تيريزا ... أم شهيدة الوراق...و كلام عابر
- جنرالات حرب المساجد، قرضاوي الجزيرة نموذجا...
- التحريض الدعوي، قرضاوي الجزيرة نموذجا....
- وزير مغربي يقتني شوكولاطة من ميزانية الشعب ..
- يا معشر الأقباط، من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته-;- عمرو ...
- لماذا ننكر حق اليهود في ساحة المسجد الأقصى؟؟
- نبي الإسلام يدعو المسلمين إلى كراهية اليهود و النصارى
- نبي الإسلام يبيح لأتباعه أعراض الناس ....
- لو علم أدولف هتلر بمجزرة بني قريضة لنطق بالشهادتين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عساسي عبدالحميد - ديهيا القديسة