أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى يونس - سطور الدم...-1-














المزيد.....

سطور الدم...-1-


مصطفى يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 21:27
المحور: الادب والفن
    


لا يمكننا سرد التاريخ دونما الولوغ في كل هذه المستنقعات والبرك التي تعترض مسيرتنا بين السطور مفعمة برائحة العار والدم، كذلك هو تاريخ عزبتنا لا يخلو من مثل هذه البرك التي خطت في الأذهان بمداد قان برغم كل محاولاتنا لتجاهلها أو تناسيها، و لكن شواهدها التي لم تزل ماثلة في حارات عزبتنا و في ملامح أناسها الفقراء تحول بننا و بين نجاح أي من تلك المحاولات.السطور القذرة الدامية لم تزل محفورة في الأذهان تزكم رائحتها الأنوف رغم أنف النسيان و الزمن، و لعل ألمع تلك السطور و أثرها دموية و قذارة تلك التي تحتوي اسم "سلمان القوصي".
كان "سلمان القوصي" من الشباب المعروفين بين أقرانه من شباب العزبة، ولا سبب لتلك الشهرة سوى ما عرف به من فساد الخلق وسوء السيرة .ذو خلقة مقبولة وهو بكري أولاد فلاح فقير يعول سربا من البنات والبنين. تدب فتوة الشباب الأولى في ذراعي "سلمان"، فيتمرد على مهنة والده وفلاحة الأرض وصوت ماكينة الري، ويستهويه صوت موتور آخر؛ فيعمل سائقا لعربة نقل صغيرة تنقل البضائع والأفراد من العزبة إلى سوق المركز والمراكز الأخرى القريبة.. لا يهمه من الدنيا سوى متعته الخالصة.تجري المادة في يده فتظهر عليه النعمة منذ أول يوم. يشتري ثيابا جديدة و يدخن و يشاهد على مقهى "الطهطاوي" و لم يكن من روادها الدائمين ليس لأن تربيته لم تؤهله لارتياد المقاهي ولكن ربما لعدم امتلاكه لثمن المشاريب . يعمل أياما معدودة ولا يعيده للعمل إلا فراغ جيبه من حصيلة عمل الأيام السابقة. دائما لا يبقى في جيبه ما يساعد به أسرته في حياتها الفقيرة البائسة مما يؤجج الخلافات بينه و بين والده مما يجعل "سلمان" يتجنب التواجد في البيت حال وجود الوالد.
يغلي قلب الأب بضيق و غضب مكتوم لثقل حمله ولامبالاة بكريه..
- خلفة الشؤم. و الله لولا الملامة لتبرأت منه.
وتكتفي عند ذكره أمه بدمعة متحجرة في عينيها ودعوات له بالهداية.
- و ماذا بيدي أن أفعل؟!..ربنا يهديه.
يتدرج في مراتب الكيف حتى يصل للخمر والحشيش وتتحلق حوله صحبة من شباب العزبة لا تقل عنه فقرا ولا سوء و من بينهم "عدلي الكبير" ."عدلي"ابن وحيد لأم عجوز كانت تتجار في السابق في الحمام .تجمعه من بيوت جاراتها المربيات للطيور و تبيعه في السوق للتجار الذين يشحنونه إلى القاهرة.زوجته في سن صغير و صار يعمل سائقا أيضا ،لكنه يعمل في موقف السرفيس على سيارة زوج أخته "إرادة" المغترب بإحدى بلاد البترول . تتوطد علاقة "سلمان" و "عدلي" حتى صار لا يرى في عزبتنا أحدهما دون صاحبه.ساهم في ذلك امتهانهما لمهنة واحدة وسهرات المزاج المليئة بالحكايات والضحك امتلائها بزرقة الدخان.
يجذب الكيف والمزاج إليهم البعض كـ "عمران العدوي" النجار و "عبده الطهطاوي" القمسيونجي ولكن تظل علاقة "سلمان" بـ"عدلي" هي الأقوى. يتزاوران و يتبادلان دعوات السهرات الحلوة المعبقة بزرقة الدخان حتى يثور والد سلمان و يطردهما ذات ليلة فتقتصر سهراتهما على بيت "عدلي".
مع الوقت تتوطد علاقة "سلمان" أيضا بأهل البيت فتعرف على أم "عدلي" وزوجته وعدته الأم لطيبتها من أهل البيت وكأنها أرادت فيه أخا لوحيدها المدلل. و رأى "سلمان" في أسرة عدلي و بيته ملاذا بديلا لما افتقده مؤخرا بسبب خلافاته مع والده.
ذات ليلة يصطحبه "عدلي" في زيارات عابرة لمنزل أخته الكبرى "إرادة" يسلمانها ايراد السيارة المملوكة لزوجها المغترب منذ سنوات.
"إرادة" شابة جميلة لا تنقصها الأنوثة برغم أن أكبر أولادها في الثانية عشرة من عمره. زوجتها أمها أيضا في سن صغيرة. لكنها لم تعرف الكثير عن مشاعر أن تكون زوجة في كنف رجل بالمعنى المجرد برغم انجابها لأطفالها الثلاثة ، فزوجها دائم السفر ولا يعود اليها إلا في أجازات قصيرة كل عام أو عامين، مشغول دوما بتأمين صغاره و حفظ مستقبلهم بعيدا عن خط الفقر و يحاول تعويض غيابه الدائم بامدادها بالاموال و تلبية كل طلباتها و أولادها بغير حساب.حتى انه اشترى السيارة خصيصا ليرضيها بخلق فرصة عمل لأخيها الوحيد.
يدخلان البيت الواسع ،فتزوغ عيني "سلمان" على التحف و التلفاز و المروحة ..كل ركن في البيت تفوح منه رائحة العز ونفط البلد البعيد..يلمح "عدلي" نظرات الاستفهام في عيني أخته و هو يسلمها إيراد السيارة و عيناها على صاحبه الزائغ العينين
- سلمان أخي الذي لم تلده أمي.
تشمل "سلمان" بنظرة من أعلى شعره إلى أخمص قدميه شعر أكرت محمر وعيون خضراء و شارب كث..وجه تفوح منه الفحولة كما تفوح الوقاحة و الشهوانية..يمكنها أن تشم أيضا رائحة الدخان التي تفوح من فمه الواسع ذو الشفتين الغليظتين..تقوم و تنادي أخاها ليتبعها لغرفة داخلية بعيدا عن الضيف المشغول بكل شيء في البيت حتى فاته أن يرى وجه مضيفته، و في الداخل تزغده في صدره غاضبة
-أنت حر في نفسك و لكن لا تحضر أحدا إلى بيتي من أصدقائك الحشاشين.
يضحك ساخرا برغم وهو يتحسس مكان زغدتها..
- هاقد بدأت تتعاملين معي كزوجة صاحب العمل
- أنا لا أمزح..ليس في البيت رجل و اصطحابك للرجال من هذه العينة إلى بيتي يسيء لسمعتي و سمعة بيتي.
عند نهاية الزيارة تصطحبهما إلى الباب، فيلمحها "سلمان" و تلمع عيناه ببريق خاطف و يعرف أن انشغاله بجمال البيت و تحفه فوت عليه الكثير..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع..................................................



#مصطفى_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالية!
- عشت و رأيت...-شامية-!
- هوراشيو بعد ثورتين!


المزيد.....




- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى يونس - سطور الدم...-1-