أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي الخليفي - دمشق العصّية














المزيد.....

دمشق العصّية


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 21:49
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قبل ألفٍ وأربعمائة عام ، حاصرت جموع الهمج البدو أسوار دمشق ، مدعية أنها تحمل رسالة من السماء إليها . واستطاعت تلك الجموع الهمجية إجتياح دمشق وباجتياحها لدمشق إجتاحت قلب الحضارة وعاتت فيه فساداً ودمارا .

فسقطت الحضارة صريعة بين أيدي القبائل المتوحشة وتحولت دمشق من عاصمة لحضارة الدنيا إلى عاصمة لمملكة التوحش والتخلف والإنحطاط.

دارت الأيام دورتها وسقطت مملكة التوحش تلك لكن أثار توحشها وتخلفها ظلت لحقبٍ مُتطاولة مُختلطة بهواء وماء وتراب دمشق ، وعانت دمشق المرارات لتطهير نفسها من ذلك الوباء البدوي.

اليوم وبعد ألف وأربعمائة عام يعود ذات البدوي الحامل لأوبئة الدنيا كلها ،يعود ليقف عند أسوار دمشق من جديد بعد أن عدّل في هيئته ، فاستبدل عِقال سلفه المنسوج بالليف بعِقال مغزولٍ من خيوط حريريه ، وأستعاض عن قطعة القماش المتسخة التي كان سلفه يغطي بها رأسه بشماخ ملون بالوان زاهية منسوج بأنامل شقراوت العالم المُتحضر ، وظن لحمقه أن إصلاح هيئته سيُصلح داخله المليء بالقبح والتقرحات والوساخات.

عاد خلف ذاك الهمجي ليقف عند ذات الأسوار التي وقف عندها سلفه ، مدعياً نفس الإدعاء الذي إدعاه أسلافه بأنه جاء يحمل رسالة من السماء لدمشق ،تلك الرسالة التي حملها سلفه على أسنة السيوف والرماح ، وجاء هذا الخلف يحملها مُقرطسة في دولارات نفطه وغازه القذرة.

لكن دمشق إستوعبت الدرس وأدركت أن اللصوص وقطاع الطرق هم من يدعون أنهم رسل السماء وحملة وصاياها ، فغلّقت أبوابها دونهم ، وأستعصت أسوارها عليهم وعلى غلمانهم الذين اشتروهم وجمعوهم من أسواق نخاسة العالم .

وقفت دمشق لسنوات أربع شامخة كشموخ قاسيونها ، تسخر من محاولات ذاك الأعرابي وغلمانه تسلق أسورارها ، ليقع في كل مرة وقعة أشد من سابقتها على مؤخرته المُتهدلة ، وسيظل يحاول وسيظل يقع حتى تتهشم مؤخرته كما تهشمت مؤخرة جده إبن فرناس عندما تصدى لما هو ليس أهلاً له .

لعل الوقعات المتكررة تجعل عقل هذا الاعرابي ـ إن كان له عقل ـ تجعله يعمل ، ويدرك أن وقوفه عند أسوار دمشق جلب له العار والفضيحة لأن وقفوفه عند تلك الأسوار جعل الدنيا بأسرها تقارن بين تلك الأسوار الشامخة ت الضاربة بقوبة في طبقات الأرض والسماء وبين حجمه الصغير والقميء الذي يجعله يظهر على تلك الأسوار كدودة حقيرة بائسة تتطلع لما لا تدرك.

مجيء هذا الإعرابي في نسخته الثانية وأندحاره سيحمل خيراً كثيراً لدمشق ، فهو سيمنح دمشق قدرة أكثر على التطهر من بقايا الأوبئة التي حملها أسلافه في رسالتهم الملغُومة بالأوبئة التي إدعو أن السماء كلفتهم حملها.

ستكون دمشق الأن أكثر مقدرة على التعافي والتطهر ، وستعود بعد التخلص والتطهر من أدران تلك الرسالة الملغومة ،ستعود لما كانت عليه قبل إجتياح قطعان الجراد لها قبل ألف وأربعمائة عام ، ستعود لتكون كما كانت دائما عاصمة للدنيا وواحة للنفوس العطشى للجمال والفن .

سيندحر الأعراب وسيعودون ليختفو خلف كثبانهم الرملية المتحركة ، وستبقى دمشق دائما هي المكان الذي تستريح فيه النفوس أكثر من أي مكان في الدنيا .

ليس فقط لأبنائها بل لكل من إلتقاها يوماً ، ووقع في عشقها ، وما أكثر عشاقك يا دمشق العصّية.



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟
- حتى لا تحكمنا موزة
- الجُموع ليست مُقدسة
- لماذا لا للإسلامجيه
- الدولة المدنية الدينيه
- الله يتضور جوعاً
- تضحيات الكفار يحصد ثمارها المؤمنون
- بين المدنية والتدين 3/3
- بين المدنيه والتدين 2
- بين المدنيه والتدين 1


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي الخليفي - دمشق العصّية