أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت جميل - الأتيميا اليونانية و الانحياز الواجب














المزيد.....

الأتيميا اليونانية و الانحياز الواجب


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 00:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أظن أن ثمة قانون في عصرنا الراهن،يُجَرِّم الحياد متى كان الانحياز أمراً واجباً أو كان الحياد جرماً؛إنما العكس صحيحاً،تقوم الثورات انحيازاً للشعوب في مواجهة الاستبداد،فإن آلت إلى العسر و الفشل ؛بات أصحابها مجرمين إزاء القانون لانحيازهم للشعب و حريته،فإن آلت إلى اليسر و النجع،حوكم من كانوا على سدة الحكم و سدنتهم كمجرمين لانحيازهم للسلطة و استبدادها..و يبقى من اتخذوا من الحياد سبيلاً و منهجاً سالمين في أكثر الأوقات،غانمين أحياناً..و حسبك أن تستعرض أعضاء الحكومات التي تلت ثورة يناير في مصر،فتدرك كم من الحياديين السالمين الغانمين في مصر.

لا..ليس ثمة قانون يجرم الحياد،كلا.. بل غدا أمراً ممتدحاً مثاباً من أكثر الناس،يُنْظر إلى من يعاقره كصاحب فطنةٍ و سياسة،فما عليك سوى أن تقف على مسافةٍ آمنةٍ من المعركة،فإن انقشع غبارها،وظفر من ظفر،و انهزم من انهزم،نفضت عن ثيابك ما قد يمسها منها،و من ثم تبادر إلى اقتسام الغنائم،إذا كان حيادك طمعاً فيها،أو القناعة بالسلامة غنيمة،إذا كان حيادك طلباً للعافية و حسب...و بدا لي الأمر كقسمة ضيزي و ليس من العدل و المنطق في شيء،و وقع ذلك في نفسي موقع الاستنكار،و تعجبت، كيف لم يهتدِ الناس و المشرعون إلى قوانين تحول دون ذلك الظلم البين،حتى اهتديت اتفاقاً إلى قانونٍ موغلٍ في القدم،لا أحسب أن له نظيراً في العالم القديم ولا في العالم الحديث، ولم يكن هذا القانون سوى"الأتيميا اليونانية"فما قصته؟

يحكي لنا قصته"أرسطو طاليس"،في كتابه البديع"نظام الآثينيين"(*)مؤرخاً لما سبقه من أنظمة الحكم،و كيف ظهرت الديمقراطية الوليدة و شقت طريقها في الحياة السياسية،و كان ذلك على عهد" سولون"ذلك الزعيم و المفكر و الشاعر،الذي أحتكم إليه الشعب أو"الديموس"،و طبقة الأرستقراط،و كانت الأخيرة قد استبدت بالحكم،و قهرت الشعب غاية القهر،فأوشكت الأمور أن تفضي إلى الثورة،و الفوضى العارمة،تراق فيها الدماء من الفريقين،فسن لهم من القوانين،ما رآه حقيقاً بأن يرد الأمور إلى النفع و السلام،و التي عرفت فيما بعد بقوانين سولون؛ وكان من أهمها حظر القهر البدني للمواطنين،أي أن يأخذ المدين رقيقاً لما عليه من دين، و كذا أحقية المواطن في رفع الدعوى و الاتهام لأي شخصٍ كان،و كذا حق الاستئناف أما مجالس الحكم،أما أكثر قوانينه غرابة و طرافة فهو قانون"الأتيميا"...

إذا أن"سولون" و قد أدرك أن الصراع بين الفريقين حتمياً،و أن الحياة الاقتصادية و الإنتاجية تعتمد في أكثرها على الرقيق، فلا مناص لأعداء الديمقراطية الوليدة من المؤامرات لإسقاطها؛و أن الصراع و النزاع قادمٌ لا محالة،فأصدر قانونه العجيب،و هو لم يجرم فيه من يحمل السلاح من الديمقراطيين في وجه الأرستقراطيين،و لم يجرم من يحمل السلاح من الأرستقراطيين في وجه الديمقراطيين،بل جرم من كان قادراً على حمل السلاح من الفريقين ولم ينضم لأحدهما!

لم تكن"الأتيميا"حرمان من الحقوق السياسية أو العزل السياسي كما نعرفه اليوم وحسب،بل هو حرمان المواطن من عضوية المدينة،أو ما نسميه اليوم بإسقاط الجنسية،و الحق لقد كان هذا العقاب أقسى، ففيه يُحْرم المواطن من حقوقه المدنية و السياسية جميعاً،و هو يعدل العقاب الروماني المسمى حرمان الماء و النار،و في المفهوم القبلي العربي يعادل "الخلع"،و التي كانت تتبعه القبيلة العربية مع المارقين من أبنائها،فيبات خليعاً مهدور الدم،و إذا نظرنا للفرد ككائن اجتماعي فهذا يعني حكماً بالإعدام،و حتى مخارج المصطلح اليوناني"التيموس"،قريباً من لفظة"اليتم"العربية!.

و سبب هذه السطور،ما نسمعه الآن من قيادات سياسية في مصر تحاول أن تتخذ من الحياد منهجها،و تدعو إلى الصلح مع ما لا يصطلح معه،و تعدو إلى التوفيق بين ما لا يتفق،و تدعو لقبول مشروع ديني رجعي،و تتبنى مشروع ثوري تقدمي في آن،و تمسح بكفٍ على رأس الرأسمالية الاحتكارية الناهبة،و تمسح بالكف الأخرى على رأس الشعب الكادح المنهوب،و ها نحن ننبهم و نقول : لن تظفروا في النهاية سوى بعداوة أحد الفريقين،أو عداوة كليهما!.

بيت القصيد
أعي أن عدم تجريم الحياد ربما يكون مرده إلى احترام حقوق الإنسان و حريته،فلا يدان امرؤ طالما لم يقترف جرماً أو ذنباً،و مع ذلك فالحقيقة لا تُرى من وجهٍ واحد، أليس المصالحة و الصمت و غض الطرف عن الجريمة جريمة؟فيبات الحياد حينها،جرماً في حق الإنسان أيضاً،حينها تكون "الأتيميا"من أصدق المواثيق في حقوق الإنسان....و الموضوع مطروح للمناقشة.

..................................
من اللافت للنظر، أن هذا الكتاب عثر عليه لأول مرة في "مصر" سنة 1891م،و يذكر فيه أيضاَ أنه لما أنهى سولون تشريعاته و قوانينه،أعلن سفره إلى "مصر" للتجارة و الدرس في رحلة لمدة عشر سنواتٍ.







#شوكت_جميل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياة الرومان:نظام التعليم(3)
- التهنئة و التفاهة و الإنسان
- حتى لا يبات النقد الديني ديناً
- يهوذا الذي لا نعرفه
- يهوذا..من يكون؟
- حياة الرومان:الجنائز و مراسيم الدفن(2)
- مهزلة النقد اللغوي للنص الديني
- حياة الرومان:الزواج و الإنجاب(1)
- رسالة نادرة من جبران إلى الدين السياسي
- هل يحرم الحوار أبحاث اللغة؟!
- مريم و أرض تبغض الزهور
- النقد الديني و البيدوفيليا الفكرية
- الغواص الضرير(1)
- حقيقة ما يجري في أفريقيا الوسطى(1)
- الصوت الصارخ في أريحا
- الإعلام المصري:تبني التفاهة و الانفصام عن شعب(2)
- محلب يستنجد بالنور السلفي لمحاربة الفساد!
- حديث الدائرة و المربع
- نقابة المهندسين المصرية على المحك
- الوجه العنصري في ضحايا ليبيا


المزيد.....




- ما هي -أقصى- طموحات القادة الأوروبيين من قمة ترامب-زيلينسكي ...
- باراك وصل الى بيروت.. الرئيس اللبناني يؤكد أن سلاح حزب الله ...
- هل اقترب الاتفاق؟.. ترامب يشيد بـ-تقدم كبير- بشأن روسيا
- من سيحضر اجتماع واشنطن الحاسم بين ترامب وزيلينسكي؟
- الإمارات تتضامن مع الجزائر وتُعزي بضحايا حادث الحافلة
- الخرطوم.. اتهامات لخلية أمنية -إخوانية- بارتكاب انتهاكات
- غالانت ولابيد ينضمان لمظاهرات -وقف الحرب- ويردان على نتنياهو ...
- سوريا.. انتحاري يفجر نفسه عند مخبز في مدينة حلب
- زيلينسكي يشيد بقرار -الضمانات الأمنية-.. ويعول على التفاصيل ...
- جريمة مروعة.. مقتل لاعبة جودو مصرية برصاص زوجها


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت جميل - الأتيميا اليونانية و الانحياز الواجب