أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - التغيير والاصلاح في المحكمة العليا














المزيد.....

التغيير والاصلاح في المحكمة العليا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 11:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التغيير والإصلاح في المحكمة العليا...
 
جواد بولس
من منكم يتذكر اسم محمود الرمحي؟ ذلك الطبيب الفلسطيني الذي ما زال يدفع ثمن إيمانه ووهمه بأن العالم سعى، حقيقةً، في العام 2006، من أجل رفعة فلسطين وسلامة أهلها وما كان عليهم إلّا أن يحسنوا التصرف ويختاروا، كما تختار شعوب العالم المتحضرة، قادتهم وقباطنتهم ليقودوهم إلى بر السلامة وإلى المستقبل الآمن المضمون.
"حرّية بثلاثين كلمة"، كان عنوان تلك الخاطرة، التي نشرتها قبل ثلاثة أعوام، وفيها أخبرتكم كيف قضى ثلاثة من قضاة العدل الإسرائيلي، وقرروا بثلاثين كلمة فقط رَفْض التماس قدمته في حينه باسم محمود، وأنٌه فلسطيني خطير على أمن وسلامة الجمهور، فهو، ومن خلال موقعه كأمين سر المجلس التشريعي الفلسطيني وكقيادي في قائمة "التغيير والاصلاح"، يعمل لمصلحة حركة "حماس" ومن أجل تعزيز مكانتها بين الجمهور الفلسطيني.
ولمحمود قصة طويلة تشبه حكايا ابريق الزيت الفلسطيني. بدأ فصلها الحالي، حين قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقاله وعشرات من زملائه مباشرة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية التي جرت في محافظات فلسطين المحتلة في العام  2006.  قدّمت بحقه لائحة اتهام، وعلى كونه منتخبًا عن قائمة "التغيير والاصلاح"، التي اعتبرتها اسرائيل، بعد نجاحها في الانتخابات ذراعًا لتنظيم "حماس" (على الرغم من قبولها متنافسة شرعية قبل النتائج). حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية بسجنه فعليًّا لمدة ثلاثة وثلاثين شهرًا. ثم  قامت إسرائيل باعتقاله مجددًا، في أكتوبر 2010، وأعلنت عنه أسيرًا إداريًا. لم أنجح في معاركي القضائية العديدة، فالمحاكم الإسرائيلية أبقته أسيرًا إداريًا حتى شهر تموز عام 2012. 
 أفرج عن محمود ليبدأ ترميم حدائق عمره، فعاد إلى أحضان زوجته وأولاده الخمسة وإلى عمله كطبيب في رام الله. لكنّهم لم يتركوه، فهم يحترفون إجهاض الفرح. جاؤوه  في ليلة باردة من كانون أوّل عام 2012، وانتزعوه من حضن الدفء. أصدروا بحقه، مرّةً أخرى، أمر اعتقال إداري لستة أشهر ما زالوا يجدّدونها، والحجة، أنه بقي فلسطينيًا يكره الاحتلال ويحب شعبه ووطنه أكثر.
  لا أعرف لماذا عدت مجدّدًا إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية؟ وهي التي لم تنصفني طيلة ثلاثة عقود من عملي أمام قضاتها المتعاقبين. مئات القضايا خضتها أمام معظم هيئاتها وفي كل مرّة كنت أجتهد وأوظف ما تيسّر لي من حِكَم تاريخ القمع ومشاهد من مسارح العبث. كانوا يسمعوني، أحيانًا على مضض وأحيانًا بشهية تميّز أبناء حضارة "قبة السماء".
لطالما، ذكّرتهم، كذلك، بما كتبه بعض زعماء دولة إسرائيل، من أمثال يتسحاك شمير ومئير شمجار وغيرهما، والذين كانوا "ضحايا" للاعتقالات الإدارية الأولى زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين الكبرى، وكيف وصف هؤلاء الضحايا همجية "الإنجليز" للجوئهم إلى هذه الوسيلة ولا انسانيتها ووحشيتها!
 لم يسعفني الجد ولا تشبيه حالي بحال "دون كيخوته" الذي حاربت رماحه طواحين الهواء، والاستعانة، أحيانًا، بقصص "قراقوشنا" أضحكتهم، فأصغوا إليها بلهفة، تعلموا منها وأبكوني.
سمعوا مني كثيرًا عن حكايا جدتي وأحبوا ترديدها الموزون لحكمة أيوب: "الصبر يا مبتلي واللي ابتلى يصبر"،   فبطبيعة الحال هم أحفاد أيوب وخبراء بفقه الوجع والاصطبار. ولكنهم تفاجأوا ببعض الأشعار التي كنت أختار أن "أطعّم" كلامي بها، لإدخال بعض المرح وأحيانًا لأعيد لهم يقظةً، بعد أن كنت أشعر، من طريقة إلقاء رؤوسهم إلى الخلف أو باتجاه الطاولة أو لأحد الجانبين، أنني أفقد إصغاءهم؛ أفلا يكفي أنني سأفقد القضية؟ غالبًا ما وجدتهم يجهلون كيف أقسم شاعر/ إنسان منا ومن الناصرة تحديدًا: "أن يعطي نصف عمره لمن يجعل طفلًا باكيًا يضحك"! ومرّة، هكذا أذكر، دهشوا، حتى أني خفت من أن يغمى على واحد منهم، حين عرفوا أن   فلسطينيًا اسمه "أبو سلمى" مات وهو مطمئن؛  "أن البلابل لما تزل هناك تعيش على أشعارنا"، وبعد أن أنهيت مرافعتي، سألني أحدهم، أين تقع "الهناك" التي تغنى بها هذا الشاعر؟  فقلت، أظني "بقلبه"  فصمت وبدا عليه بعض الحزن أو ربما كانت تلك علامات قلق.  
 لماذا عدت اليوم إليهم ولم يقبلوا مني حجّة وذريعة؟ ودائمًا انتصروا لأسطورة الأمن وغلّبوها على كل دمعة أو وجع أو جرح فلسطيني. لماذا عدت وأنا أمام إجراء ولد "مخصيًا" منذ البداية، فكيف له أن ينجب عدلًا وأبناءه؟  المهم، أنني عدت اليوم ولاحظت، لأول مرة، أنني بدوت كبيراً وهم أصغر مني. اليوم شعرت أنهم منتوجات من صناعة إسرائيلية خالصة، عقولهم مصبوغة بالأزرق والأبيض ولا يحلمون بالزنابق البيضاء ..   
وقفت وطمأنتهم أنني لن أطيل عليهم، فقصة هذا الفلسطيني شبيهة بكل  قصص الفلسطينيين التي تابعوها كمسلسل، تحافظ فيه الأبطال على أدوار الصدارة والضحايا فقط تتبدل. طلبت على عجالة أن أسمع منهم نصيحة قد تؤدي وتضمن حرية موكلي، فهو لن يحب الاحتلال ولن ينضم للبيت اليهودي ولا الى مجموعات تدفيع الثمن. وهو عربي فلسطيني مسلم يعتز بهذه الولاءات والهوية ولن يبدّلها، فما العمل؟ بعد دقائق من حيرة، اقترحت عليهم مخرجًا، ونصحتهم بأن يفرجوا عن موكلي بعد هذه الشهور الطويلة ويمهلوه بضعة أيام، وبعدها يصطاده صاروخ ذكي تقذفه "أباتشية" جميلة، وهكذا سيضمنوا، أن لايبقى خطرًا يهدد أمن وسلامة الجمهور.
أغضبهم اقتراحي بوقاحته. بسرعة وبتلقائية  استجرت بـ"شكوى الضفدع" وصحت: "كلامي إن قلته ضائري/ وفي الصمت حتفي فما أصنع"، وأردفت شارحًا الكلام، فتعلموا عن فكاهة العرب وحذاقتهم وكيف تكون الشكوى إذا سيقت مجازًا، على لسان ضفدع، حكمةً أو نهفةً، فاطمأنوا..
لم أنتظر قرارهم، محمود لم يكن حاضرًا ومحظور على عائلته دخول القدس، تركتهم، فمثلي لم يعد ينتظر المفاجآت.  



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -
- محامون تحت نارين
- في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت
- حين نتقاتل على السماء نخسر البلد
- أعدلٌ وناصرة عليا؟
- تاريخ أخرس
- لكُنَّ في آذار السلامة والحب
- لماذا وُلدّتَ يا عمر ؟
- ليت الفتى إمرأة
- لا للتجنيد: صرخة أو صرختان
- حق إضراب ألأسرى عن الطعام لا يمس
- بين كيري وقدسنا بندقية
- ألحريّة لمرّوان البرغوثي
- عنجهية VIP
- عند العقدة يبرع النجّار
- أمل وحرية بحجم السماء
- صمت الغنائم
- لماذا يخافون شجرة الميلاد؟
- دندنة شمعون بيرس: -أنا زي مانا وإنت بتتغير-
- -عوفر-..سجنٌ أم مرجُ غزلان؟


المزيد.....




- البيت الأبيض ينشر صور من غرفة عمليات استهداف المواقع النووية ...
- -أمريكا بلا منازع حقًا-.. كلمة نتنياهو الكاملة بعد ضربة الول ...
- نتنياهو بعد ضرب المنشآت النووية الإيرانية: لقد تحقق الوعد وت ...
- ما الأسلحة التي يواجه مخزونها خطرا في إسرائيل؟
- لا آثار إشعاعية بعد الضربات الأميركية على مواقع نووية بإيران ...
- فوردو ونطنز وأصفهان.. الخطاب الكامل لترامب بعد الضربات الأمر ...
- أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة.. إليك ما نعلمه عن تفاص ...
- تحديث مباشر.. أمريكا -دمرت تماما- منشآت إيران وطهران ترد بأو ...
- قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد
- قبل نحو 48 ساعة من ضربة أمريكا.. صور فضائية تكشف تحركات إيرا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - التغيير والاصلاح في المحكمة العليا