أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صلاح اميدي - كوردستان ؛ رحلة البحث عن الاجبان.















المزيد.....

كوردستان ؛ رحلة البحث عن الاجبان.


صلاح اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 4428 - 2014 / 4 / 18 - 10:17
المحور: كتابات ساخرة
    


في قصة جميلة تسمى ((من حرك جبنتي؟ )) الاحداث تدور كالاتي :
فأران يُدعيان "سنيف" و"سكوري" وقزمان "هيم" و"هاو" يعيشون في متاهة تمثل المكان الذي تبحث فيه عما تريد ، ويبحثون عن الجبن الذي يرمز إلى الهدف ... تبدأ المجموعة بلا جبن وينفصل الفئران عن البشر في ممرات المتاهة الطويلة بحثاً عن الجبن. تجد المجموعتان ذات يوم ممر مليء بالجبن في محطة الجبن (ج). ويضع البشر الفرحين بما وجدوا إجراءات حول استهلاكهم اليومي من الجبن ويبدأون بالتصرف بغطرسة خلال العملية.
يصل سنيف وسكوري إلى محطة الجبن (ج) يوماً ليكتشفا عدم وجود الجبن، ولا يندهشا لذلك ؛ حيث لاحظا أن مورد الجبن كان بتناقص كل يوم، وكانا مستعدين لذلك المصير الحتمي، وكانا يعرفان غريزياً ما سيقومان به. لم يغاليا الفئران في تحليل ما حدث ولم يكونا مكبدين بالمعتقدات المعقدة، وباشرا في البحث عن الجبن من جديد.
ووصل هيم وهاو في وقت متأخر من نفس اليوم إلى محطة الجبن (ج) ليجدا نفس الشيء: لا يوجد جبن. يصرخ هيم غاضباً: "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" لم يكن القزمين مستعدين لهذا لأنهم اعتبروا وجود الجبن هناك أمراً مسلماً به. بعد أن تأكدوا من عدم وجود الجبن تذمروا من ظلم الموقف وعادا إلى بيتهم جائعين. عاد هيم وهاو إلى محطة الجبن (ج) في اليوم التالي ولم يجدا الجبن أيضاً. بدأ القزمان باستيعاب الموقف واقترح هاو أن يبحثوا عن الجبن من جديد، لكن هيم الذي كان غارق في دور الضحية رفض الاقتراح.
في ذلك الحين يجد سنيف وسكوري مورد جديد للجبن في محطة الجبن (ن)، بينما لايزال هيم وهاو وفي محطة الجبن (ج) متأثران بفقدان الجبن ويلوم احدهم الأخر على هذا المأزق. ويقترح هاو الذي يأمل في تغير الوضع البحث عن جبن جديد، لكن هيم المعتاد والمطمئن إلى الروتين القديم والخائف من المجهول يرفض الفكرة مرة أخرى. ويضل القزمان بلا جبن بعد أيام طويلة يمضياها في نكران ما حدث. ويبدأ هاو بالضحك من الموقف ويتوقف عن أخذ الأمور بجدية بعد أن يكتشف مخاوفه وعجزه. يدخل هاو المتاهة مرة أخرى بعد أن يدرك أنه يجب ببساطة أن يمضي قدماً بعد أن ينحت على جدار محطة الجبن (ج) لصديقه رسالة ليتفكر بها: "إذا لم تتغير؛ فمن الممكن أن تفنى"...
يبدأ هاو بادراك حقيقة أن الجبن لم يختفي فجأة بل تضاءل بسب الاستهلاك المستمر، وأن الجبن القديم لم يكن لذيذاً وكان متعفنا.... بعد خيبة محطة الجبن الفارغة بدأ هاو بالقلق مجدداً من المجهول، لكنه يبدأ بالاستمتاع بالحياة مره أخرى بعد أن يضع مخاوفه جانباً، حتى أنه بدأ بالابتسام مرة أخرى! وأدرك حقيقة أنه "عندما تتجاوز مخاوفك ستشعر بالحربة"... بعد الوصول إلى محطة جبن فارغة أخرى يقرر هاو بالرجوع إلى هيم مرة أخرى مع قطع الجبن الصغيرة التي قد عثر عليها...
يرفض هيم أخذ الجبن الجديد مما يسبب استياء لصديقه... يعود هاو إلى المتاهة مسلحاً بالمعرفة التي قد اكتسبها في رحلته السابقة، ويسير في أعماقها متتبعاً قطع الجبن المتناثرة هنا وهناك، ويترك خلفه كتابات على جدران المتاهة. تبين هذه الكتابات أفكاره الخاصة آملاً في أن يجد صديقة المساعدة في هذه الكلمات خلال بحثه عن الجبن من جديد.... ويصل هاو يوماً إلى محطة الجبن (ن) المليئة بالجبن، ويدرك أنه وجد أخيراً ما كان يبحث عنه. بعد الانتهاء من الأكل يتأمل هاو في تجربته ويفكر في العودة إلى صديقه، لكنه يقرر في النهاية أن يدع صديقه يجد طريقه بنفسه.... يتجه هاو إلى أكبر حائط في محطة الجبن (ن) ويكتب:
(التغيير يحدث... قطع الجبن تتحرك باستمرار)..(توقع التغيير:استعد عندما يتحرك الجبن)...(راقب التغيير:اشتم رائحة الجبن كثيراً كي تعرف متى يصيبها العطب)...(تكيف مع التغيير بسرعة)..(كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم، استطعت أن تستمتع بالجبن الجديد)...
أيقن هاو إلى أي مدى قد وصل منذ أن كان برفقة هيم في محطة الجبن (ج)، ولكنه أدرك أنه من السهل أن يعود إلى ما كان عليه لو أفرط في الراحة، فقام كل يوم بتفقد الجبن في محطة الجبن ن ؛ كي يطمئن إلى مخزون الجبن فيها، وكان على استعداد ليفعل أي شيء كي لا يفاجأ بأي تغيير لم يضعه في الحسبان...

رحلة الاجزاء الاربعة من كوردستان للبحث عن الوطن الواحد((الجبنة الكبيرة)) تشبه في بعض المراحل رحلة الفئران والاقزام :
الاجزاء الاربعة تبحث عن الجبنة الكبيرة (كوردستان) , لكن تختلف في الطريقة التي يبحثون فيها عن الجبنة ..تتعثر وتعثر على قطع صغيرة ثم يحركها اصحاب المغار .....ومواد معاهدة لوزان ، جمهورية مهاباد و اتفاقية اذار 1970 امثلة من ذلك ....بعد احداث الشرق الاوسط الاخيرة ، فالجزئين الفتيين في الشرق و الغرب راضيان عن وضعهما الحالي في النضال لايجاد مؤطىء قدم يرتكزون عليه في نضالهما و سعيهما من اجل الهدف الاكبر اي الجبنة الكبيرة...اما الجنوب و الشمال فحالهم حال (هاو و هيم) ، فلم يصطفا و لحد الان على طريقة مشتركة للبحث عن الجبنة ، بالرغم من وجود فروق في الحالة "الجبنية" الحاضرة لكل منهما .....
ففي الجنوب تعثرنا على قطعة جيدة الا وهي (الحكم الفيدرالي وموارد النفط مؤخرا)... لكن هنالك اشكال في اختيارالاولويات و بدلا عن البحث عن قطع اخرى و ايجاد طرق لانتاج قطع صغيرة اخرى من الجبن ... اي موارد ذاتية اضافية ، فانها وعلى مدى العقدين الماضيين من الزمن ؛ وواضعين في الحسبان ما تحقق "كثر خير كل المخلصين " ، افتقرت لبرامج تنمية اقتصادية وانمائية شاملة وفاعلة ؛ كتطوير الزراعة والفلاحة ، الصناعة اليدوية و الصناعة الصغيرة ، تنمية الثروة الحيوانية و... الخ. وفي بعض المرات ارتأينا الى معاقبة الاخ او الاخت في الاجزاء الاخرى وعدم اشراكهم جبنتا، بل و دخلنا في عراك بالايدي في بعض الاحيان، و حفرنا مؤخرا الخنادق بيننا لمنعهم من تذوق بعض من جبنتنا، مفظلين ان يصابوا هم (بسوء التغذية) ونحن (بالسمنة المفرطة و سوء الهضم)، تارة تلبية لارشادات اصحاب المتاهات:(المراكز) ؛ انقرة -بغداد او طهران و تارة لاسباب الحسد لا غير .....ملأنا الخوف من ان نفقد نحن جبنتنا، فاصابنا "قصر نظر ومرض نسيان الانتماء لجغرافيا الوطن الواحد"، فبدأنا بالتزمير لاصحاب المغار.... لم نستطيع ايجاد السبل الكفيلة للاعتماد على الذات (على الاقل لحد الان) من الجانب الاقتصادي ، لاسباب منها الفساد ومنها غير الفساد ، كادارة الاحزاب بدل المؤسسات و القانون المعوق نتيجة الشلل النصفي في البرلمان ، فبقى مفتاح باب رزقنا يتلاعب به اصاحب المتاهة في بغداد و طهران...
نفرط في المكياج والصقل الخارجي و عمليات التجميل ، بدلا من التصليح و التعمير وعمليات الترميم من الداخل...فاصبح لدينا من المليونيرية الكثير ومن الفقراء عدد غفير، و اصبح لدينا خدم وحشم بقدرة القادر القدير، وعمالة اجنبية من اثيوبيا و اسيا و الهند ، فدعمنا البطالة و تضييع العملة الخارجية في ملاهي بورصا ، اليونان وامارات آل نهيان ، والبعض لجأ للمساجد لتعليم انواع التكفيرفي الدين وتراتيل التكبيربعد القتل بدلا من قراءة القران ...كثر شعرالمديح و قل ادباء النقد والهجاء والتنقيح ، و بدئنا نلجأ ونعظم العشيرة ، متجهين للخلف كما تبول البعران...

اصحاب المتاهات في انقرة و بغداد و طهران في تحالف دائمي، وعلاقاتهم تصبح "السمنة على العسل" ، عندما يتعلق الامر بالقظية الكوردية بالرغم من اختلافاتهم العقائدية و القومية و المصالحية، بعكس الاكراد الذين يختلفون، بالرغم من وحدة هدفهم وارضهم وعرضهم و جيناتهم الوراثية ...والتخطيط مستمر لتحريك جبنة الاكراد بواسطة زر"الرموت كونترول" من هذه المراكزعلى مدى ما يقارب القرن من الزمن ، ومن قبل الحكومات المتعاقبة في كل جزء ....
فالحكومات العراقية المتتالية حاولت و بكل امكانياتها للحيلولة دون ايجاد قواعد البنى التحتية للدولة كالزراعة بالطرق الحديثة و تنمية الثروة الحيوانية والسياحة وبناء المصانع و الطرق الدولية.... الخ ، في المناطق الكوردية ( لكن يجب التنويه وللانصاف بوجود عدد من معامل الطماطة و الورق و بعض القصور السياحية التي كان المعدوم صدام حسين يتوافد اليها مع زواره المعدومين مثل القذافي بين الفينة و الاخرى!!، اما سد دربندخان فبدا العمل بها 1956 لتوفير الطاقة الكهربائية للدولة و لم تكن ملكا الاكراد ) ....

وبالعكس قامت الحكومة بحرق اكثر من 7 الاف قرية بغية ازاحة سكانها الى المدينة علاوة طبعا الى انتهاج سياسة الارض المحروقة للتقليل من تاثير الثورة المسلحة ...
ترى نفس السياسة الشوفينية الان في تركيا و ايران و سوريا(قبل الثورة) .....فمن تسنى له السفر عن طريق البر من اسطنبول - ئامد(دياربكر) او ميردين ، لابد و انه سيلاحظ الفرق الشاسع والتغييرالمفاجىء نحو الاسؤ عند انتهاء و عبور حدود بلدية (ادنة) متجها نحو الجنوب و الشرق ؛ اي المنطقة الكردية ... فسترى ان البناء ونمط العيش يشبه الدول الاوربية قبل ان تجتاز حدود ادنة، ثم يبدا و بشكل مفاجىء نمط اخر بدائي وريفي ومظاهر نقل مياه الشرب في حاويات على اكتاف النساء ، غزارة تواجد "الحمير" بدلا من السيارة كوسيلة نقل الحاجيات ، وغيرها من مظاهر تدل على بدائية العيش والفقر و التهميش المتقصد لهذه المناطق ، .....ذات الشيء ينطبق على ايران ، وعلى سوريا قبل سيطرة الاكراد على معظم مناطقهم ...
في الابتدائية طلب منا احد معلمينا الافاضل لدرس الرسم، والذي كان ذو ميول شيوعية, رسم " منجزات ثورة 17 تموز البعثية "، طبعا باوامر من المسؤول الحزبي البعثي للمدرسة ، و قبل انتهاء الدرس بقليل اكتشف ، ان احد الطلاب لم يرسم شيئا بعد ، لعدم معرفته عن اية منجزات يرسم!!، ولكن كان هذا سيشكل مشكلة للطالب وللمعلم ، فقال له المعلم بازدراء مطعم بالسخرية: " يا لغبائك؛ اليس بمقدورك رسم ثلاثة تلال وعلى قمة كل تل ربيئة عسكرية"... اليس هذا اجمل انجاز ؟!...

رحلة البحث عن الاوطان يشبه رحلة البحث عن الاجبان !! والنجاح فيها يتطلب امور عدة منها نكران الذات، التغيير، المرونة ، الشراكة ، ووحدة القرار بين الاخوان، و الكثير من العمل و القليل من المديح والاعلان...



#صلاح_اميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلفية و الاخوان في كوردستان
- ديژافو Déjà vu
- العار في جرائم غسل العار
- قواعد الدماغ
- هل فعلا الفساد وليدة القوة و السلطة؟
- تغيير طرق التعليم ضرورة ملحة-الجزء الثاني
- ====تغيير طرق التعليم ضرورة ملحة =====
- النشاة الاولى و نوعية الامومة و العناية في السنوات المبكرة – ...
- النشاة الاولى و نوعية الامومة و العناية في السنوات المبكرة – ...
- العزائم و الولائم و الهدايا قبل الانتخابات هل تاتي قصدا او ا ...


المزيد.....




- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صلاح اميدي - كوردستان ؛ رحلة البحث عن الاجبان.