أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - رد أخير وختام النقاش حول الليبرالية والديمقراطية















المزيد.....



رد أخير وختام النقاش حول الليبرالية والديمقراطية


برهان غليون

الحوار المتمدن-العدد: 1255 - 2005 / 7 / 14 - 13:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ضرورة الخروج من التبسيطية الايديولوجية
اشتراكية كانت أو ليبرالية

كنت أعتقد أن النقاش حول علاقة الليبرالية بالديمقراطية قد انتهى بعد الرد التوضيحي الذي نشرته بعنوان رد على الليبراليين العرب. ولكن الذي أعادني إلى الموضوع من جديد عدد كبير من الأسئلة تمنى على الأستاذ كمال عباس الإجابة عنها على سبيل التحديد الدقيق لنقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء في إطار العمل في سياق مشروع التحويل الديمقراطي المشترك في سورية. ومن هذه الأسئلة ما يتعلق بموقفي من الاشتراكية والماركسة وتقييمي تجربة الاتحاد السوفياتي وبقية التجارب الاشتراكية وما مدى اشتراكيتها الفعلية، وفي ما إذا لم يكن من الأفضل لهذه البلدان لو أنها عمقت الرأسمالية على الطريقة الليبرالية بدل بنائها على الطريقة الماركسية التي أدت إلى ما نعرفه من إخفاق. ومنها ما يتعلق بالاختراق الذي شكلته الراسمالية على هذا الكوكب والمكان الذي يمكن أن تحتله في التاريخ الديمقراطية الاجتماعية. ومنها أيضا ما يتعلق بمشروع الشرق الأوسط الكبير ودور الولايات المتحدة الأمريكية. وأخيرا ما يتعلق بما ذكرته في مقالي السابق عن إمكانية بلورة سياسات اقتصادية وطنية ودولية بديلة في ظل العولمة الحالية.
ومن الواضح أن هذه الأسئلة ليست هي المقصودة بالذات ولكنها استخدمت كمدخل من أجل تأكيد أطروحتين. الاولى أن الطريق الرأسمالي الليبرالي يخدم العمل والطبقات الشعبية وربما يقود إلى المساواة والعدالة التي تطلبها الاشتراكية أكثر من الاشتراكية الفاشلة نفسها والتي لم تكن في النهاية إلا رأسمالية بمظهر آخر. والثانية أنه، بعكس ما يمكن أن يفهم من مقالي السابق، لا يوجد خيار ثالث أمام السوريين بين الاستبداد والديمقراطية. فليس هناك سوى نهجين لا ثالث لهما: نهج قديم لا يزال يفكر بمنطق الحرب الباردة والصراع ضد الأمبريالية يشترك فيه البعثيون والناصريون والاسلاميون ويعبر عنه بشكل أفضل فكر طيب تيزيني، ونهج جديد يرى ان سوريا تعاني من الاستبداد وتحتاج الى دفعها بشكل سلمي وتدريجي نحو دولة تعاقدية وتداولية يعكس موقف الليبراليين. أما النهج الثالث أو أي نهج ثالث محتمل فهو في نظره وهم بالمعنى النظري ولا وجود له.

بداية أود أن أفصح عن حقيقة أنني لم أكتب مقالي حول الليبرالية والديمقراطية اعتراضا على الليبراليين العرب الذين كنت أعتقد دائما أنهم يستخدمون مصطلح الليبرالية بمعنى الديمقراطية التي هي حافزهم الرئيسي للعمل، كما هو واضح من وضعهم جميعا لها في مقابل الاستبداد وليس في مقابل السياسات الاقتصادية الاجتماعية، وإنما كتبته كرد فعل على انتقادات مثقفين يساريين عرب يعتقدون هم أيضا أنه لا يمكن تبني الفكرة الديمقراطية من دون تبني الفلسفة الليبرالية. أردت أن أبين لهؤلاء اليساريين من ماركسيين وقوميين يساريين وإسلاميين أيضا أن ما يعتقدون أنه مترادفات ليس كذلك تماما، من دون أن يعني ذلك أنه ليس هناك علاقة تاريخية أو منطقية بين الديمقراطية والليبرالية. وللمفارقة جاء رد اليساريين العرب ايجابيا جدا على المقال بعكس رد الليبراليين. فبقدر ما شعر اليساريون أن تمييز الديمقراطية عن الليبرالية يسمح لهم بالانفصال عن النظم الديكتاتورية التي لصقت بهم بالفعل وأودت بحركاتهم السياسية ويمكنهم من استعادة روح العمل من دون التضحية بالقيم الرئيسية التي تميز سياستهم أعني العدالة والمساواة، شعر الليبراليون أن فصل الديمقراطية عن الليبرالية يفرض عليهم القبول بالاشتراك مع الأطراف اليسارية والقومية والاسلامية الأخرى المنافسة في الساحة السياسية في رأسمال الحرية وقيمتها. وبالتالي يحرمونهم من إمكانية الاستحواز لوحدهم على هذا الرصيد المعنوي ومن الشرعية الاستثنائية التي يمكن أن يقدمها لهم احتكار شعار الحرية في حقبة يسود فيها الإجماع على إدانة الاستبداد والديكتاتورية. هنا أيضا يمكن أن نلحظ روح الانتصارية التي تطبع الحركة الليبرالية العالمية منذ انهيار التجربة السوفييتية ونزعتها إلى أن تجب ما قبلها أو تتجاوزه وتفرض منطق الرأي والفكر الواحد من جديد.

ومهما كان الأمر، تستحق الأطروحتان اللتان تركز عليهما الليبرالية المنتصرة خاصة العربية منها أعني تلك التي تقول ببساطة : الليبرالية هي الحل وتلك التي تقول إن ما هو مطروح على السوريين هو أمر واضح تماما ولا يحتاج إلى نقاش أعني الاختيار البديهي بين الاستبداد والليبرالية أو الديمقراطية.

والمشكلة في مثل هذه التأكيدات ليس خطأها بالمطلق ولكن اختلاط مضمون المفاهيم المستخدمة من جهة وعموميتها التي تجعل منها تبسيطا كبيرا لا يفيد التأكيد عليه شيئا باالمطلق أي خارج إطار الزمان والمكان. وقد اعتقدت دائما ولا أزال أننا لن نستطيع أن نجد طريقنا نحو الحرية ولا نحو التنمية الاقتصادية ولا نحو الوحدة الوطنية أو القومية من بالتمسك بأدوات تفكير أو مجموعة مفاهيم قديمة تنتمي للقرن التاسع عشر لم يعاد العمل عليها من جديد على ضوء التجربة البشرية لما يقارب القرنين شهدا تحولات علمية وتقانية وجيوسياسية واجتماعية واقتصادية هائلة. ويبدو لي أن من الصعب أيضا استيعاب المشاكل التي تواجهها مجتمعاتنا اعتمادا على الاشكاليات التقليدية ذاتها التي تعارض بين الاشتراكية والليبرالية كما لو كانتا أشياء بديهية تجريبية لا مفاهيم يقصد منها ترجمة مسارات ووقائع تاريخية واجتماعية معقدة ومتطورة أيضا. وفي اعتقادي أن هذه المفاهيم وتلك الاشكاليات قد أصبحت معيقة للفكر أكثر مما هي مساعدة له في حركته وتطوره. وكنت منذ عام 1977 قد سعيت إلى شق طريق آخر عندما كتبت كتابي الأول "بيان من أجل الديمقراطية" من دون أن أغير قناعاتي اليسارية. فقد بدا لي بالفعل أن ما تدعو له الاشتراكية قبل أي شيء آخر ليس نمط تنظيم إقتصادي قائم على ملكية الدولة، حتى لو أثبت هذا النمط جدارته ودفع إلى معدلات تنمية عالية، وهو لم يثبت ذلك في النهاية، وإنما هو مجموعة من القيم الإنسانية لا يمكن أن تتحقق من دون الحرية، أعني قيم االعدالة والمساواة. فالمساواة القانونية والأخلاقية مستحيلة بين الأفراد إذا كان بعضهم حر وبعضهم الآخر فاقدا للحرية، بعضهم يتمتع بحقوقه كاملة ويتحكم بالسلطة العمومية وبعضهم الآخر محروم حتى من حق التعبير أو التنظيم أو الاحتجاج أو الاعتراض. وبالمثل إن ممارسة الحرية وتحقق المساواة أمام القانون وفي القانون مستحيلان من دون الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، أي من دون ضمان شروط حياة إنسانية للفرد بصرف النظر عن موقعه وقدراته الانتاجية. وهذا هو الذي جعلني أكتشف قبل سقوط الاتحاد السوفييتي بعقود أن الاشتراكية القائمة على القهر السياسي والفكري ونظام الحزب الواحد ليست حلا لمشاكل المجتمعات العربية وأنه من دون بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية لن يمكن تحقيق أي هدف من الأهداف الانسانية التي نشأت من أجلها وفي ظلها النظريات الاشتراكية بما فيها النظرية الماركسية والشيوعية. وقد بينت في هذا الكتاب أن التهميش السياسي للأفراد والجماعات هو المدخل لاستعبادها وتحدثت فيه لأول مرة في ظاهرة الاستعمار الداخلي التي ستصبح إحدى المقاربات الرئيسية في النظرية الاجتماعية لما بعد الحرب الباردة.
وما قلته في السبعينيات وسمح لي بالتحرر من النظرية الفاسدة للاشتراكية الواحدية أقوله الآن بخصوص النظرية الليبرالية التي تجعل من الرأسمالية كلمة السر والمفتاح السحري لجميع الخزائن الحضارية من تنمية اقتصادية وحرية سياسية وضمانات دستورية وقانونية. وفي كتاب "الاختيار الديمقراطي في سورية" الذي نشرته العام الماضي ميزت منذ البداية بين نظام السوق الذي هو نظام سابق بكثير على نظام الرأسمالية ومتجاوز له والرأسمالية التي هي نمط إنتاج إقتصادي يقوم على آلية تراكم رأس المال المرتبطة هي نفسها بمنطق السعي وراء تعظيم الأرباح من قبل طبقة مشاريعية واستثمارية تعرف أن بقاء رأس المال من دون توظيف يقضي عليه كرأس مال ويحوله إلى ثروة مصيرها الكنز أو الاستهلاك والانفاق. فالرأسمالية علاقة اجتماعية وليست نظاما آليا أو منطقا يتجاوز الشروط الخصوصية التي تعيش فيها المجتمعات. ومنها أشكال وتشكيلات مختلفة ومتعددة بتعدد المجتمعات والسياقات الاجتماعية والاقتصادية. ولا شك أن التقاء السوق بآلية تراكم رأس المال قد غير في محتوى السوق وآلياته معا لكنه لم يلغ استقلاله وتنوع الأشكال التي يمكن أن يتخذها إقتصاد السوق.
وكما أن الحديث عن الاشتراكية بشكل مجرد ومن دون رؤية الظروف والشروط التي تتحقق فيها، شروط احترام الفرد وحرياته الأساسية ووجود الضمانات القانونية والصيغ الدستورية التي تتيح للمجتمع ان يعيد النظر في سياساته وخياراته ويصححها عند اكتشاف الخطأ، كذلك فإن الحديث عن الرأسمالية لا يعني شيئا كبيرا من دون النظر إلى شروط تحقيقها أو وجودها داخل مجتمع معين، من شروط سياسية واقتصادية واجتماعية واستراتيجية أو جيواستراتيجية. فالرأسمالية بهذا المعنى هي مجموعة السياسات الاقتصادية التي تصوغها وتطبقها حكومة أو سلطة تؤمن بأن توظيف الأموال أو تشجيعها على الاستثمار هي الوسيلة الرئيسية لتحقيق النمو في الناتج الوطني. لكن هذه السياسات لا يمكن أن تكون قياسية أو من نموذج واحد لأن ما يصلح في سياق تاريخي واجتماعي معين لا يصلح بالضرورة، كما هو، في سياق آخر. كما أن السياسات الليبرالية المرتبطة بتشجيع الاستثمار الخاص ليست واحدة ولا متماثلة. فهي تختلف من فترة إلى أخرى وتتبدل بتبدل الأحوال والاوضاع، أي الشروط التي تتحكم بتوظيف رأس المال وبالاستثمار. ولو كان الامر بالبساطة التي يتصورها الايديولوجيون لكان من المفروض أن تحقق جميع السياسات الليبرالية نتائج واحدة ايجابية. والحال إن كثيرا من السياسات الليبرالية لا تحقق أهدافها وربما أدت إلى استفحال الأزمات الاقتصادية بما في ذلك أزمات الركود والتقهقر الاقتصادي. فجميع بلدان العالم تطبق اليوم سياسات اقتصادية ليبرالية، من الصين الشيوعية إلى الولايات المتحدة. لكن قسما منها يحقق نتائج كبيرة مثل الصين، بالرغم من افتقار سياساتها الاقتصادية إلى نظام الحرية السياسية، بينما لا ينجح القسم الثاني من البلدان الصناعية القديمة في أوروبة من تجاوز أزمة البطالة وضعف النمو بل أحيانا انعدامه. وداخل البلاد التي تطبق الرأسمالية ولم تطبق غيرها خلال تاريخها كله تتنافس وتتصارع نماذج مختلفة من السياسات الليبرالية. فسياسة الإدارة الامريكية الراهنة هي سياسة ليبرالية تماما كما أن سياسة إدارة الرئيس السابق كلينتون لم تكن اشتراكية. والفرق بين السياستين أن كل منهما يركز على عوامل مختلفة لتشجيع حركة الاستثمار وإطلاق ديناميكية النمو.
من هنا، لم يعد يجدي كثيرا الاستمرار على معارضة الليبرالية بالاشتراكية وإنما لا بد أيضا للمتحدثين في الليبرالية أن يميزوا في أنماط السياسات الليبرالية نفسها. فلم يعد يكفي في الطور الذي وصلنا إليه لتعريفها بمعارضتها البسيطة والتي لا تعني شيئا كثير في ذاتها بالاشتراكية. وفي هذه الحالة من الممكن أن تكون السياسات الليبرالية حلا لمسألة الركود الاقتصادي الذي يعاني منه الاقتصاد السوري بالفعل بسبب الآفة البيرقراطية التي أصابته لكن من الممكن أيضا أن تكون ذات نتائج كارثية. فليس هناك شك في أن الاندماج في اقتصاد السوق العالمي والمشاركة فيه هو المدخل الرئيسي اليوم للتراكم الرأسمالي بسبب ما يقدمه من فرص الاستثمار ونقل الخبرة والتقنية وتامين أسواق واسعة لكن من المؤكد في الوقت نفسه أنه إذا لم يترافق هذا الاندماج بتأهيل حقيقي يمكن الاقتصاد الضعيف والصغير من مواجهة رياح المنافسة الدولية العاتية فستكون النتائج إفلاسا كاملا للصناعات والشركات القائمة وتعميما للبطالة وتعميقا للتبعية والاعتماد على المعونات الخارجية التي ستصبح ضرورية لمواجهة مخاطر التمرد والثورات الاجتماعية.
فليس من المبالغة القول إن أخطر ما يواجه شعوبنا هو الوصفات الجاهزة، سواء اكانت ليبرالية أم اشتراكية، وعدم النظر إلى الواقع كما هو واستنباط الحلول منه، أي الاستغراق في نماذج ثابتة معروفة من دون السعي إلى معرفة القدرات المتوفرة والفرص الواقعية الموجودة. ويتطلب هذا ذهنا مفتوحا ورفضا لكل أنواع الدغمائية والوصفات المبسطة السهلة وقدرة على التركيب بين الخيارات المتوفرة بهدف الحصول على أفضل نتائج ممكنة، أي القدرة على إبداع حلول ووصفات وسياسات وخيارات ليست بالضرورة تقليدا لما هو قائم هنا وهناك ولكن استجابة لحاجات ومتطلبات التنمية المحلية. وفي هذه الحالة سيطرح موضوع المعيار الأساسي الذي يجدد هذه الحاجات الاجتماعية والمتطلبات التنموية : هل هو معيار التراكم الرأسمالي نفسه بأي ثمن ومهما كانت النتائج الاجتماعية والسياسية والوطنية ام هو الانسجام المجتمعي والتفاهم الداخلي الذي يتطلب حدا ادنى من احترام معايير التضامن والتكافل الاجتماعيين. عندئذ لن يعود المهم اختيار نهج الليبرالية بدل نهج الاستبداد ولا الرأسمالية بدل الاشتراكية، فهذا الخيار غير مطروح بتاتا لأن الاستبداد ليس خيارا يدافع عنه وليس هناك من يدافع عنه بل هو الماضي السائر نحو الزوال تماما كما أن الاشتراكية لم تعد موضوعا مطروحا لا في سورية ولا في غيرها بالمعنى الذي كانت مطروحة فيه، أي كنظام اقتصادي قائم على التخطيط وإلغاء آليات السوق. إن المطروح اليوم هو أي سياسات ينبغي تطبيقها في سورية القرن الواحد والعشرين في إطار تبني إقتصاد السوق - من دون حتى كلمة اجتماعي لأنها لا معنى لها ولا تعبر إلا عن خجل مطلقيها من العودة إلى منطق الاقتصاد العادي والطبيعي نفسه وهو منطق السوق - وعلى أساس الأخذ بالنظام الديمقراطي كنظام سياسي. باختصار إن السؤال المطروح لا يتعلق بالاختيار بين اقتصاد السوق والاقتصاد المخطط ولا بين الديمقراطية والاستبداد ولكن بمعرفة أي إقتصاد سوق وأي نظام ديمقراطية وحريات فردية؟ أي ما هي الصيغ والمعادلات والتوافقات التي نحتاج إليها أيضا حتى لا يتحول إقتصاد السوق الذي نريده إلى إقتصاد نهب منظم هذه المرة باسم القطاع الخاص بعد أن كان يدور حتى الآن باسم القطاع العام والاشتراكية وحتى لا يتحول نظام الحرية والحريات الفردية إلى نظام الأنانية المعممة بامتياز.
والسبب في ذلك أن اشتغال الرأسمالية ا ينفصل هو أيضا عن طبيعة النظام السياسي القائم ولا عن العقلية والثقافة والأخلاقيات السائدة. كما أن النتيجة لن تكون هي ذاتها عندما تطبق السياسات الرأسمالية دون تمييز في بلاد صغيرة وفقيرة كالصومال أو في بلاد عظيمة وكثيفة الموارد البشرية والطبيعية كالصين. فمن الأسهل للصين تحقيق نتائج كبيرة نظرا لحجم السوق الذي تمثله والفرص المفتوحة. وبالمثل لن تكون النتائج واحدة عندما تكون البلاد الصغيرة مدعومة استراتيجيا من قبل دولة صناعية كبرى أو عندما تكون معزولة ومحاصرة. ولو كانت المسألة مسألة تطبيق الرأسمالية أو الاشتراكية والمفاضلة بينهما لكانت جميع الدول التي لم تطبق الاشتراكية في نصف القرن الماضي صارت بمستوى أوروبة وأمريكا وجميع الدول التي طبقت الاشتراكية صارت مثل الاتحاد السوفييتي أو روسيا الاتحادية التي تبقى دولة كبرى بالرغم من إخفاق تجربتها الشيوعية.
مسائل تنمية المجتمعات وتحريرها يحتاج إذن إلى أكثر من النقاش في المسائل الايديولوجية البحتة ويتطلب التقليل أيضا من قيمة النقاشات الايديولوجية نفسها عندما تكون منفصلة عن الحيثيات العينية ويستدعي كذلك قبل هذا وذاك التحرر من الدغمائية اليسارية واليمينية. فليس هناك شك في أن سورية بحاجة إلى إطلاق ديناميكية المبادرة الفردية التي حطمتها عقود طويلة من الإدارة البيرقراطية العقيمة والمعقمة. لكن لا ينبغي لهذا الخيار السليم والمطلوب بأسرع وقت أن يتحول إلى عقيدة دينية تجعل من أي مسعى تقوم به الدولة لدفع عجلة الاقتصاد وتطوير الاستثمار كفرا اقتصاديا أو سياسيا أو محرما أو خطا أحمر يمنع عبوره كما تعلمنا نظمنا الراهنة. إن الدولة تبقى في جميع البلدان التي لم تتطور فيها رأسمالية قوية ولم يحصل في داخلها تراكم كبير لرأس المال فاعلا رئيسيا إن لم تكن الفاعل الرئيسي في الحياة الاقتصادية. فعليها تقع مهمة العناية بالبنى التحتية والخدمات العمومية وتشجيع الاستثمار وربما المشاركة الفعالة فيه لما تملكه من موارد طبيعية وريوع استثنائية وتطوير علاقات التعاون والمشاركة التي تسمح بتطوير الاستثمارات الخارجية بالإضافة إلى دورها الذي لا غنى عنه في تأمين الأطر التعاقدية بين المنتجين وأصحاب الرساميل والاهتمام بنظم الرعاية والضمانات الاجتماعية للعاملين. ولا يتناقض هذا مع اقتصاد السوق ولا يلغي منطق الشفافية والمنافسة الذي يراهن عليه لدفع عجلة التنمية والتحسين الاقتصادي. بالتأكيد تملك سورية كما نعرفها اليوم وبما يميزها من تشكيلات اقتصادية واجتماعية وسياسية وتقانية وثقافية فرصا أكبر للتقدم في ظل نظام اقتصادي يتحرر من عقدة الاقتصاد المخطط الذي تحول إلى حقل للنهب والسلب من دون رقيب ولا حسيب لصالح النخبة الحاكمة وربيبتها البيرقراطية العسكرية والمدنية. لكن نجاح اقتصاد السوق أو الانتقال إلى اقتصاد سوق ناجح يفتح بالفعل أفق الاستثمار والتنمية ولا يصبح مرتعا للصوصية من نوع جديد يتوقف أيضا على وجود طبقة من رجال الأعمال النشيطين والأكفاء الذين يقبلون بان يلعبوا اللعبة على أصولها، أي يقبلون باحترام قواعد الاستثمار الرأسمالي وأخلاقياته ولديهم القدرة والذكاء للتكيف السريع مع السوق العالمية وضمان حد أدنى من التفاهم فيما بينهم لمكافحة الفساد والمحسوبية وروح الإثراء السريع والفاحش القائم على منطق السرقة واضرب واهرب الذي ساد وترسخ في العقود الماضية داخل القطاع الخاص والعام معا. ومن دون ذلك يمكن أن يكون التحرير الاقتصادي مأساة حقيقية للآغلبية الاجتماعية وللاقتصاد الوطني بشكل عام.
إن ما هو مطروح على السوريين اليوم، كما هو مطروح على جميع شعوب العالم بعد انهيار التجربة الشيوعية وتعميم سياسات الليبرالية الاقتصادية، هو الاختيار بين نهج ليبرالي أو نيوليبرالي يؤكد مركزية تراكم رأس المال ويركز على تامين الشروط القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذا التراكم الذي يهدف إلى تعزيز موقف الشركات الصناعية الكبرى المنخرطة في منافسة عنيفة في ما بينها في إطار السوق العالمية الواحدة. وهو النهج الذي يسيطر أكثر فأكثر في الدول الصناعية الداخلة في هذه المنافسة التي ستحسم موقع ومكانة كل منها في العقود القادمة وحجمها في الاقتصاد العالمي. ونهج اجتماعي ديمقراطي يؤكد، في سياق اقتصاد السوق نفسه وبهدف تعظيم الاستثمار وخلق فرص العمل وتحقيق التراكم الرأسمالي السريع، على مركزية المجتمع ويركز على تأمين شروط تحقيق التكافل والتضامن العميق بين أفراده كأساس لتعزيز مؤسسات المجتمع المدني وإشراكها في تخفيف الأعباء عن الدولة وأخذ المبادرة ومن ثم إطلاق دينامية العمل والابداع الجماعي. وهو ينظر إلى الاتساق الاجتماعي بوصفه عاملا أكثر أهمية من عامل رأس المال في إطلاق دينامية الجهد والابداع في بيئة عمل تسيطر عليها أكثر فاكثر عوامل المعرفة والمبادرة والمشاركة المدنية والحرة. وفي هذه الحالة نحن لا ننظر إلى رأس المال نظرة مالوية أو مادية ولكننا ندخل فيه أيضا رأس المال الاجتماعي وقوة التماسك الوطني والتفاعل الانساني أيضا.
لا يعني الاختيار المطروح أن لدينا ثقة كاملة بأن هذا النهج أو ذاك هو الذي سيقدم النتائج المرضية والمطلوبة. ولو كانت الامور واضحة إلى هذا الحد لما كانت هناك حاجة للحديث عن اختيار. فالاختيار يعني بالتحديد أننا لا نعرف جميع العوامل الفاعلة ولا نملك السيطرة الكاملة على الأوضاع ولا المعرفة الحقيقية بالواقع وأننا نسعى حسب ما نمتلكه من معلومات وتحليلات إلى بلورة النهج الذي يتفق بشكل أكبر مع قيمنا الأساسية التي تلهمنا وتتحكم بسلوكنا. وليس هناك شك في أن للخيار الليبرالي منطقه. ذلك أن تعزيز موقف الشركات الصناعية تجاه الشركات المنافسة الأخرى يتطلب تقليل كلفة العمل سواء بتجميد الأجور أو تقليل الضمانات الاجتماعية وتوسيع هامش حرية أصحاب المشاريع في تسريح العمال وتبديلهم بسهولة وسرعة أكبر. بيد أن من الممكن أيضا لمثل هذا النظام أن يقود إلى عكس ما يهدف إليه إذا استغل الرأسماليون ضعف قوة المفاوضة عند المنتجين في سبيل تأمين هامش ربح كبير يعوضهم عن بذل الجهد الضروري لتطوير الإدارة والتقنية وتوسيع الاستثمار. وبذلك يكونوا قد حققوا بقاءهم ونجحوا في المنافسة مع شركات البلدان الاخرى على حساب تضحيات العمال والمنتجين بالدرجة الاولى لا بسبب قدراتهم التطويرية والتحديثية. وفي هذه الحالة يمكن لارتفاع مطالب المنتجين واحتجاجاتهم أن تشكل سوطا يدفع أصحاب المشاريع إلى الإبداع وشحذ العزيمة والهمة.
بالمقابل يشكل التضامن الاجتماعي والمشاركة النشطة والفعالة في الحياة العمومية السياسية والمدنية كما تفترض الديمقراطية الاجتماعية، وهي لا علاقة لها على الإطلاق بالديمقراطية الشعبية سيئة الصيت، ولكنها تشير إلى أهمية رؤية المجتمع ككل وليس رأس المال كفاعل رئيسي في تنظيم الحياة العمومية وتأمين شروط التنمية، وما يرتبط به من تطوير عمل هيئات المجتمع المدني التطوعية، محركا قويا لبذل الجهد والارتفاع بمستوى التعاون بين الأفراد للوصول إلى أهداف تنمية اقتصادية أسرع وأكمل. لكن ليس هناك شك أيضا في أن ثمن تحقيق مجتمع التضامن قد يكون كبيرا بالنسبة لبناء قدرة الشركات الصناعية على المنافسة في سوق مفتوحة وهمجية. وهذا هو الذي يفسر لماذا تميل الحركات الاجتماعية المعاصرة إلى التشكيك بسياسات العولمة وإلى التمسك بشكل أكبر من أصحاب المشاريع الصناعية الكبرى بالأطر الوطنية للسوق الاقتصادية. وهذا ما عبر عنه التصويت السلبي على الدستور الاوروبي في فرنسا وهولندا الشهر الماضي والذي لم يكن يستهدف الاتحاد الأوروبي كمشروع تاريخي وإنما سياسات الحكومات الليبرالية التي أجبرتها مهام التكيف مع السوق العولمية المفتوحة على التقليل من مكاسب المنتجين والعمال التقليدية او تجميدها. وأنا أعتقد ان النموذج الاجتماعي للديمقراطية الذي يراهن على التضامن الاجتماعي وتعزيز دور الفرد ومكانته في الحياة السياسية والمدنية هو الذي يتفق بشكل أكبر مع الأوضاع التي تعاني من ضعف الهياكل والمؤسسات الصناعية وغياب طبقة رجال الأعمال القوية والنشيطة التي يمكن المراهنة عليها لتحقيق المنافسة في السوق العالمية بقدر ما يجعل من المجتمع المدني ومبادراته الجمعية الخاصة وانخراطه الواسع في عملية البناء المؤسساتي والاقتصادي المحور الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكن هذا لا يعني أن تعزيز المجتمع المدني ينبغي أن يتم على حساب تأهيل وتطوير الشركات الصناعية أو أنه يشكل بديلا عنها. إنه المكمل لها والمخفف من آثار ضفعها على مسيرة الاندماج الصعبة المطروحة الآن على البلاد في الاقتصاد العالمي.

وفي الختام أود أن أقول إن الموقف من الليبرالية والديمقراطية الاجتماعية يتوقف على ما نعنيه بكليهما. هل نعني بالليبرالية مجموعة السياسات الاقتصادية التي تخضع شروط حياة المجتمع وأفراده لمنطق التراكم الرأسمالي أو منطق الربح أم نعني بها التوسع في الحريات الفردية وفي الضمانات القانونية لهذه الحريات. وحتى في المعنى الأول ليس من المؤكد أن التوسع في الحريات الاقتصادية، أي تحرير أرباب العمل من القيود القانونية على حساب الضمانات الاجتماعية والحريات السياسية، يستطيع أن ينشيء نموذجا قادرا على البقاء في بلدان صغيرة مثل سورية تعاني من تأخر استثنائي في عناصر تراكم رأس المال على جميع المستويات كما تعاني من تأخر كبير في تقاليدها القانونية والاجتماعية. ومن الممكن أن لا تكون الرأسمالية التي تطمح الليبرالية إلى إنعاشها في هذه الحالة أكثر من رأسمالية فجة قائمة على المضاربة وبعيدة كل البعد عن أن تستقل بنفسها عن تلاعبات السلطة السياسية. وليس النجاح الاقتصادي الذي عرفته بعض الدول الحديثة التصنيع مثل نمور آسيا راجع للسياسات الليبرالية فحسب ولكن إلى توفر شروط أخرى عديدة مثل أخلاقيات العمل ومستوى التأهيل العلمي وقبل هذا وذاك في نظري العلاقات الاستراتيجية الدولية. فمن الممكن لبلد أن يتبنى نظاما اقتصاديا ليبراليا من دون أن ينجم عن ذلك أي نمو جدي لرأسمالية نشيطة وتنافسية.

وكما أنه لا يوجد تطابق بين مفهوم الرأسمالية والليبرالية كذلك ليس هناك تطابق بين السوق والرأسمالية من دون ان يعني ذلك انه لا توجد بينهما جميعا علاقات تواصلية. فليس من الضروري أن ينجم عن اقتصاد السوق رأسمالية بالمعنى الحقيقي للكلمة أي نمط انتاج ديناميكي يحركه البحث العقلاني عن الربح وتراكم رأس المال. وربما بقي اقتصاد السوق اقتصادا تابعا ومعتمدا اعتمادا كبيرا على علاقات الزبائنية أو على منطق المكاسب الريعية ولا ينشيء أي رأسمالية فعلية.
وبالمثل ليست الاشتراكية ونظام اقتصاد الدولة شيئا واحدا. فمن الممكن أن تعني الاشتراكية الاهتمام بقيم العدالة الاجتماعية مع تحقيق هذه العدالة كما فعلت الديمقراطيات الاشتراكية الأوروبية التي قادت مع الديمقراطية المسيحية مشروع إعادة إعمار أوربة في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية من خلال برامج إجتماعية وسياسات ضرائبية وخدمات عامة ومعونات اجتماعية ساهمت بشكل كبير في إعادة توزيع الثروة لصالح قيم العدالة والمساواة من دون أن تمس آليات عمل السوق ولا أن تقضي على اقتصاد الرأسمالية.
المهم أن نؤمن أن التاريخ لا يكرر نفسه ولا يستنفد أو يستغرق في ما أبدعه. فهو منتج أبدي لصيغ وتركيبات وتوليفات لا نهاية لها هي أساس إبداعه. وعلينا وحدنا يتوقف أمر إخراج هذه التوليفات من رقادها وتكييفها مع الواقع الذي تستجيب لمعطياته. ولا يتطلب منا ذلك سوى أن نظل منفتحي الذهن مستعدين لتقبل الجديد واحرار الضمير.



#برهان_غليون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على الليبراليين العرب
- سورية من دولة البعث إلى وطن جميع السوريين
- تحرير الديمقراطية من فلسفة الليبرالية شرط تعميمها
- في معنى قيادة حزب واحد للدولة والمجتمع
- بعد ربع قرن على صدور كتاب بيان من أجل الديمقراطية
- سورية والولايات المتحدة الأمريكية
- الحاجة إلى عقد وطني يؤسس لاجتماعنا السياسي والمدني
- في ضرورة تجاوز القطيعة بين أصحاب الرأي وأصحاب القرار
- نحو جبهة عالمية لمواجهة طغيان القوة الأميركية
- الأزمة العربية الأمريكية: على نفسها وغيرها جنت براقش
- هل انتهى ربيع دمشق؟
- القوة وحدها لا تكفي لبناء المجتمعات
- الإرهاب الإسرائيلي وسياسة الحرب الشاملة
- تحرير الإنسان هو الأصل
- أصل العنف في مجتمعاتنا ... والسياسات الدولية غير العادلة ذرا ...


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - رد أخير وختام النقاش حول الليبرالية والديمقراطية