أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد التهامي بنيس - وجه من نضال الحلقة . حاربا حكواتي فاس














المزيد.....

وجه من نضال الحلقة . حاربا حكواتي فاس


محمد التهامي بنيس

الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


حكواتي فاس / حاربا

تحتشد الجموع حوله لتسمع حكاياته وترديداته التي يتلازم فيها الخيال مع الأسطورة مع الرمز لصراع الخير ( المقاومين والفدائيين ) والشر ( جيش وبوليس الاستعمار والخونة الموالين لهم ) رغم أنه لم يكن مقبولا شكلا وكانت شخصيته تبدو مشوهة عن عمد . كان يفرض عوضا لها في إدراكاته بالحواس الخمس . فتصبح شخصيته شخصية فنية جذابة , جميلة الصنعة تدمج الصراحة العالية بالحميمية والمرح من خلال العبارة الواضحة أو المشفرة أحيانا والعامية السهلة والأحداث الواقعية والقصص المنقولة
بعيدا عن السياسة . قريبا من الثقافة الشعبية , قريبا من الحلقة ونبشا في ذاكرة فاس الشعبية بلغة غير متكلفة أو متحذلقة ما دام المحكي عنهم كانوا يعمدون تعبيرا بسيطا يصل إلى حد التلقائية . يرونه ويشخصونه من عالمهم التخييلي في مرجعية تحيل إلى الواقع المعيش يومها مع حميمية التجسيد الذاتي
بعيدا عن السياسة بمفهومها الحديث . وقريبا منها كتراث يروي عنه الحكواتي قصصا تحاكي صفات شخصيات سياسية . إما من عالم الأمس / زمن السياسة الجميل . أو من ظواهر اليوم حيث أشباه التمثيل السياسي وما يحمله من تسلية وترفيه , تستحق أن تستلهم في المسرح الهزلي . فقط حتى لا تفقد السياسة آخر رمقها كوسيلة تنفيسية يبدع فيها المداح والقصاص والبهلوان وراوي الأزلية وحتى مروض الوحوش والعفاريت والأشباح
معذرة . ألاحظني أقترب من السياسة وقد فرضت على نفسي أن أكون قريبا من الثقافة الشعبية التي خبرتني موضوعاتها مع عدم الإعراض عن المفاسد وعدم مباركتها حتى ولو تقمصت دور الحكواتي الذي بدوره يتقمص الشخصية ويتقن دوره لأنه ينحدر من العامة . أي من قلب الشعب . وهذا ما يميزه عن ممارس السياسة وممتهنها اليوم
شخصية حاربة الحكواتي – حكواتي فاس الذي اشتهر بها واشتهرت الحلقة به – كنت أراه إما وهو يجلس على كرسي التاريخ أو يقف وسط حلقته وفي كلتا الحالتين ينبض فينا الحياة والانعتاق والتحرر . أو يوظف دربوكته مداعبا أو تعريجته مغنيا بصوت متحشرج ونبرة غليظة . يغيرها إذا كان يقلد صوت مطربة من مطربات وشيخات ذلك الزمان ولم يخطر بباله يوما أن يشخص امرأة سياسية لسبب بسيط أنه لم تكن المرأة تمارس السياسة . ظل في فترة تعاطيه لهذا الفن عميد الحكاية الشعبية السردية على أرصفة فاس أو مكان حلقته المفضل بساحة الجوطية في كل ليالي رمضان – ما لم تمنعه الأمطار – . يستخدم في عرضه أسلوب البساط ويتم المزج بين السير الشعبية والأغاني والقصص والحكايات بأسلوب مضخم حين يتطلب الأمر ذلك , وأسلوب رقيق كلما كان حديثه عن زوجة أو ملكة من الزمن الغابر ويطعم ذلك بالحركة الإيقاعية مستعملا لهجات مختلفة تزيدها رونقا وخصوصية . يسبر فيها أغوار عوالمه التي ترشح بتقريب كل ما هو سري أو متكتم عنه . فهو السيناريست والكاتب والمخرج والمنتج والممثل والمرتجل الذي يرسم ملامح الشخصية من وحي الفقير والكادح والصانع التقليدي المسحوق بهموم الدنيا ومن وحي المهمشين عامة وما أكثرهم . وكم كان الأطفال الصغار يمتزجون مع الكبار في عالمه ويتوحدونه أحيانا وهم يحتشدون مع الكبار يتفاعلون بالضحك والتصفيق والمن على حربا ببعض السنتيمات فيتقبلها بكل أشكالها وقيمها لأنها ضرورية لاستمراره واستمرار تواجده . خاصة وقد تبتت أركان فاس في أعماقه , يحاور ذاته والناس كأنه يحاور فاس بما يتفاعل في داخله من كلمات تتوالد ولا تنتهي في زمن ولا يوقفها من . وهو ما يجعلها لا زالت حية إلى الآن يستعملها الرواة والسياسيون كأنها تتطابق وواقع اليوم . وهي كانت في الأصل تعبر عما تمليه اللحظة أو عن أحداث الماضي القريب والتاريخ البعيد . ومع غياب حاربا وغياب الحلقة عن فضاءات فاس . أخذ مشعل الحكي بعض الساسة للترويج المشوه لنفس المعجم , ما دام حاربا غائبا وليس هناك من يطالب بحقوق التأليف
فقد أخذ نشاطه الحكائي يقل وحلقاته تتضاءل , حتى غاب في صمت وترك وراءه تراثا يستحق أن يذكر , ولا يستحق أن يطاله النسيان وتناله هوة التأبين , ويأسف اليوم كل من عرفه وعاصره على أنه لم يكن متعلما ولم يكتب أدبه وحكيه , وقالوا عنه : إنه راكم من نشاط كهذا بعضا من مال , اشترى به أرضا وبنى عليها قبرا للحياة , فاعتزل المعاناة ورتابة إدخال البهجة على الناس وهو يكتوي بنار العوز والحاجة . وخسرت فاس حكيه وبساطه وخسرت شخصه الذي أتت فضاء المدينة بفنه لفترة ليست قصيرة
فاس . محمد التهامي بنيس



#محمد_التهامي_بنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت من الزعامة براء وعلى النضال شقاء . من تكون ؟ 3 حلقات
- تابع لما قبله : وأنت من الزعامة براء وعلى النضال شقاء - من ت ...
- تابع لما سبق : وأنت من الزعمة براء وعلى النضال شقاء - من تكو ...
- الضمير الاتحادي
- الببغاوات الوزراء ( صورة )
- بدون قناع - حوار متمدن
- علاش الحزب تاه , كأنو ما كان
- مجالس المتقاعدين / لغو أم عبث
- الاتحاد الاشتراكي . اختيار المعارضة , منتصف المخاض
- لماذا وماذا نعارض ؟
- نداء المواطنة , يدعوكم للمعارضة
- أماني إصلاح البلاد , بخرتها تخمة الفساد - المواصفات الضائعة
- فطفطة الديك الذبيح
- مرض خطير جدا


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد التهامي بنيس - وجه من نضال الحلقة . حاربا حكواتي فاس