أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - أربعة أبطال واضحين في أسطورة...














المزيد.....

أربعة أبطال واضحين في أسطورة...


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 17:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ترى، كيف تشعر سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي بينما يجري قصف الغوطة بالطيران وراجمات الصواريخ من قبل النظام الأسدي بكثافة أعلى في هذه الأيام الربيعية؟ من غير المحتمل أن يكونوا بمنأى عن أصوات القصف اليومي على المليحة ودوما ومناطق الغوطة الشرقية.
في صف من يقف الأربعة؟ في صف النظام الذي كان يلاحق رزان وسميرة، وجاءتا إلى الغوطة لاجئتين هربا من بطشه، ولسميرة منهما تجربة 4 سنوات سابقة في سجونه؟ أم في صف خاطفيهم المستهدفين من قبل النظام المعتدي، لكن المعتدون مثله على 4 أشخاص عزل، لاجئين في دوما؟
لا يمكن أن يُمنِّي الأربعة العزّل أنفسهم بأن يفتح باب السجن ولو على يد عدو، على نحو ما سبق أن تمنينا أيام كنا في سجن تدمر الإرهابي. العدو الأسدي الذي قد يفتح باب سجن المرأتين والرجلين أسوأ من العدو الذي جال على أطراف مخيلاتنا قبل 18 عاما أن ينفتح باب سجننا الرهيب على يديه. العدو هذا قاتل عام محترف، إن وقع مختطفو الغوطة في يده سيختطفهم إلى سجونه، وربما يقتلهم بعد تعذيب مريع، ويعلن أو لا يعلن أن غيره قتلهم. سميرة ووائل يعرفان ذلك جيدا، ولهما في الاعتقال والتعذيب تجارب شخصية سابقة؛ رزان وناظم يعرفانه جيدا أيضا، فقدا عاشا في عالم يعج بالمعتقلات والمعتقلين السابقين قبل الثورة وأثناءها. وفي الوقت نفسه الأربعة ضحايا مباشرون لمجرم يشبه النظام الأسدي في قيمه وتكوينه. لقد استهدفهم بالخطف والتغييب مجرم، يستهدفه مجرم، يستهدفهم هم أيضا، بل كان يستهدفهم قبله. فماذا يختارون؟ هذا وضع غير معقول والاختيار ممتنع. لكن وضع الأربعة العُزّل هذا هو نموذج أقصى لحال الثورة السورية، بين نظام إجرام لا يكف عن القتل، وبين مجموعات تشبهه، ويبدو أن بعضها مصمم لغرض وحيد، هو القول إن هناك ما هو أسوأ من النظام الأسدي.
على أن الأربعة ليسوا ضحايا إلا كوضع ظرفي راهن، لقد اختاروا موقعهم بحرية دوما ودافعوا عن خيارهم، وهم اليوم وغدا رموز في كفاح تحرري عظيم. والرموز لا يغيبها سجن ولا ما هم أسوأ منه.
فلأن حال الأربعة هي التكثيف الأقصى لحال السوريين وثورتهم، ليس هناك أصلح منهم رموزا للثورة، ولغدر إسلاميين مغلقي العقول والقلوب بها، ولوجوب ثورة أخرى، تكسر حالة الاختيار الممتنع. امرأة، سميرة، سبق أن تعرضت للاعتقال والتعذيب على يد حافظ الأسد، وكانت معارضة دائما لنظامه ونظام وريثه ومشاركة في الثورة منذ اليوم الأول؛ وامرأة أخرى، رزان، هي حقوقية شجاعة وكاتبة لامعة ومناضلة لم تكن من أول المنخرطين في الثورة، بل بالفعل من مطلقيها؛ وهما بعد امرأتان واضحتا الوجه والوِجهة، لا تحجبان من أنفسهما رأسا أو قلبا أو ضميرا، عاشتا في بلدهما وبين الناس فيه، ولم تكد تسافر أي منهما خارج البلد (زارت سميرة بيروت مرتين أو ثلاثة)؛ ورجلان، وائل، الرجل الفائق الصبر والكرامة، الذي اعتقل مرات على يد النظام الأسدي، واعتقل غير واحد من إخوته أكثر من مرة، وتوفي والده قبل أيام، وساهم في الثورة منذ بداياتها؛ ورجل آخر، ناظم، محام وشاعر بالكاد يتدبر أمر معيشته، لكنه قضى عامين ونصف متواريا في دمشق يساعد في أنشطة مختلفة للثورة. ولم يسبق لأحدهما مغادرة البلد أيضا.
هؤلاء الأربعة الواضحون مختطفون من جهة غامضة الأصل والروابط والوجهة، استفادت، كي توجد، من ثورة أسهم في إطلاقها المختطفون دون إسهام من تلك الجهة، هذا إن أحسنا الظن، ولم يكن الخاطفون ممن كان يلعب بهم النظام بين العراق ولبنان وسجن صيدنايا ومقرات المخابرات. الخاطفون، في كل حال، طفيليو التكوين، ما كانوا ليفجروا ثورة، ولا هم مؤهلون لبناء شيء غير خراب يشبههم.
ولأن سميرة ورزان وناظم ووائل يكثفون الشرط الأقصى للثورة السورية وللسوريين، فإن الثورة لا تتحقق دون التخلص من المجرم المؤسس والمجرمين الفرعيين. تفجرت الثورة من أجل الحرية، من أجل أن تتوفر لنا خيارات مختلفة، وهي لا تنتصر بالتخلص من عدو للخيارات الحرة لتقع في يد عدو آخر. هذا وضع نعاينه اليوم مباشرة، يفرض نفسه علينا بكل قسوة، وليس شيئا نستدل عليه من مبادئ مجردة.
كان اختطاف الواضحين الأربعة مساء 9/12/2013 من قبل ملثّمين حرصوا على إخفاء هويتهم أكبر جريمة مفردة ارتكبت بحق الثورة، من صنف جرائم داعش، وتكشف التكوين الداعشي الإجرامي للمختطفين. لذلك بالذات، تحرير الأربعة، مُعزّزين مُكرّمين، هو رد اعتبار للثورة ضد المجرمين الأصليين والفرعيين. ناظم ووائل ورزان وسميرة رموز للغدر بالثورة ولثورة مغدورة، وتغييبهم في الظلام طول أربعة شهور يكشف الطابع المظلم لمغيّبيهم وشرِّهم المحض.
لكن شرط اللاخيار الأقصى هذا يجعل منهم أسطورة هادية وأئمة لعقيدة جديدة، عقيدة الحرية. كل ما في هذه القصة أسطوري، الأبطال الواضحون، امرأتان عزلاوان ورجلان أعزلان، الأشرار المسلحون المقنعون الغامضون، والشرير الكبير الأصلي الفائق التسلح. تحتاج القصة إلى مثل شكسبير أو سوفوكليس ليصنع تراجيديا عظيمة، مولدة لمعنى عظيم.
المرأتان والرجلان يشرفوننا ثورة وبلدا، ويقول مثالهم الكثير عن كفاحنا وعن أصوله وعن سبيلنا الشاق إلى الحرية.
وجدت نفسي في وضع استثنائي منذ اختطف في الرقة في تموز 2013 أخي فراس ثم باولو دالوليو، أخونا وأبونا السوري الإيطالي، وألحق بهم في مطلع تشرين الثاني 2013 اسماعيل الحامض، صديقي وطبيبي وطبيب الفقراء في المدينة المنكودة نفسها، ثم اختطف أشباه داعش في الغوطة سميرة ورزان وناظم ووائل. هذا عبء مشرف، لكنه ثقيل ولا يطاق، وكم كنت أرجو لو جنبتني إياه المقادير. كنت أفضل واجبا أقل وضوحا، ويمكن مراوغته.
لكن لا مفر.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرصة لثقافة تحررية، ولسياسة مغايرة
- الثورة والسياسة: ميادين عمل
- سورية والعالم/ سورية في العالم
- عام رابع: من ال-مو معقول- إلى المقاومة
- نهاية جيل من التفكير السياسي السوري، وبداية جيل
- الثورة والسياسة: والنقاش السياسي
- صناعة القتل الأسدية ودور المثقفين
- الثورة والسياسة: سياسيون وغير سياسيين
- الثورة والسياسة: سياسة بلا أفكار
- أين الأخلاق في مشاريع الإسلاميين؟
- رزان...
- ما وراء أنماط الحياة وصراعها
- حوار موسع في شؤون الثقافة والثورة، والإسلام السياسي والطائفي ...
- درب إلى -المنفى-
- الفكرة الجمهورية والثورة السورية
- في مسارات الثورة السورية ومصائرها على أعتاب عامين ونصف من ان ...
- سميرة
- سميرة ورزان... وحال الثورة السورية
- تبدّل موقع الإسلاميين في الحقل السياسي السوري
- خطة متأخرة للتحول الديموقراطي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - أربعة أبطال واضحين في أسطورة...