أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر طلبه - الجريمة الكاملة - قصة قصيرة














المزيد.....

الجريمة الكاملة - قصة قصيرة


ماهر طلبه
(Maher Tolba)


الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


الجريمة الكاملة
"كلانا مظهرٌ للناس بغضاً / وكل عند صاحبه مكين "*
فى ليل مثل هذا الليل ، خرجت ليلى من خيمتها، كانت ترتدى النقاب، لكن قيسا -الذى يراقب الخيمة كل ليل- عرفها رغم نقابها.. انتظر حتى مرت من أمامه وعبرته، ثم تابعها بنظره حتى اختفت، وأسرع خلفها..
سأله المحقق: لما أسرعت خلفها؟!
قال قيس: لأعلم ..
***
استمر قيس فى تتبع خطوات ليلى التى تتركها على رمال الصحراء، كانت تبتعد عن خيامهم.. ربما لم يلاحظها القمر لذلك لم يتبعها، لكن قيسا سار على خطوها.. كان شكه كما يبدو فى محله.. فليلى تقترب بالخطوات من خيمة بن ورد..
سأله المحقق: من أين لك بخطوات ليلى حتى تدعى أن هذه الآثار لها..؟!
قال قيس: أعرفها
***
على باب الخيمة فقدت خطوات ليلى انتظامها، ربما لأنها فى لحظة اللقاء بابن ورد لم تصل لصدره لتلقى عليه ثقل الجسد فخرجت مشاعرها المضطربة عبر الخطوات.. قيس تفحص الأثر، ثم نظر إلى القمر الغافل عنها.. كان كل ما يريده شاهدا.. لعل العالم من بعده يعرف سرهما
سأله المحقق: كيف...؟!
قال قيس: بالكلمات ..
***
اقترب من الخيمة ، كان الصمت يلف الصحراء، كأنه متواطئ ، مشارك فى جريمة لا يعرف بها إلا قيس.. قطع الصمت فجأة ضحكة تعالت حتى أنها دهنت صمت الصحراء بالبهجة, رمل الصحراء بالأخضر، فلفتت نظر القمر الغافل فالتفت ناحيتها، ضوؤه المرمى على خيمة بن ورد عكس ظلين متقابلين عاريين كانا على وشك أن يبوح أحدهما بسره للآخر.. رأى قيس الضوء ولمح من خلاله الشبحين.. وتنبأ بالسر الذى سوف يباح به.. لكنه لم يتحرك.. كأنه أصيب بالشلل.. فترك نفسه ليسقط على الرمال وانتظر..
سأله المحقق: ماذا كنت تنتظر؟!
قال قيس: معجزة..
***
تحركت الظلال المتقابلة.. لم يعودا ظلين.. فقد اجتمعت معهما شياطين الجن والإنس.. امتلأت الخيمة بالحركة... بالرياح العاصفة.. الأنات التى تشبه صوت ريح الصحراء.. بالأنفاس اللاهبة الحارقة... وصل صهدها إلى وجه قيس.. فأخفى عينيه بيده وحاول ألا يستعيد المشهد مرة أخرى.. لكنه فى داخله كان يريد أن يتأكد من شئ واحد.. أن ما سيفعله سيحفظه التاريخ.. فرفع وجهه إلى القمر.. كان القمر غارقا فى بحر الاشتهاء والتمنى، تتقاذفه أمواج الرغبة الجامحة؛ فبدا بوجهه الأحمر كأنه يشتعل... حزن قيس وتمنى فى داخله اختفاء الشاهد؛ لعله يمحو من داخله صورة – سيحفظها التاريخ - ليلى العارية المنعكسة ظلالا على جدران الخيمة..
كان المحقق ينتظر ..
وكان قيس صامتا ..
***
لم يجد قيس بدا من التحرك، فالشاهد لم يعد شاهد عدل.. ربما أغوته هو الآخر شفتا ليلى.. تحرك فى اتجاه الباب مقاوما ذلك الإحساس الذى يحاول أن يهزمه.. "إنها ليلى.. الحب والحياة.. الشعر والكلمات.. السعادة المقتنصة والفرصة الضائعة "... على الباب توقف ليتأكد أن القمر مازال حاضرا.. أن الضوء المتسلل للخيمة ليس وهما من خياله.. أن الأصوات مازالت تتوالد وتتكاثر فى داخلها.. أنه حى لم يقتله بعد ما شاهده مرسوما على صفحة الكون،على قماش الخيمة.. اندفع داخلا.. الرمل حجز قدميه لحظات كانت كافية كى يرى المشهد ملء العين.. يتأمله وينقله لعقله الغافل الساهى المغيب.. غيره كان سيصاب بالجنون، لكنه فى لحظتها تواردت على رأسه أبيات الشعر وموسيقاه تعزف ألحانا تصلح لأبيات تسكنها الخيانة.. لم يكن يملك الورقة والقلم.. ولم يكن عنده الوقت ليكتب كما اعتاد دائما على رمال الصحراء.. فهجم على ليلى.. أخرج الفزع بن ورد عن حاله.. فأسرع بجلده هاربا.. كان قيس يحاول أن يعبر القصيدة التى تطارده الآن.. "عرضت على قلبى العزاء فقال لى / من الآن فايأس لا أعزك من صبر"** .. كان يحاول أن يحولها لواقع، فيضغط بقبضته التى تنطق الحروف على رقبة ليلى .. فتخرج الأنفاس منها بحار شعر وقوافى تكمل له قصيدته.. حتى وصل بيته الأخير.. "إذا بان من تهوى وأصبح نائيا / فلا شئ أجدى من حلولك فى القبر"**.. الأنفاس تتلاحق وتتوقف.. يسابق ليلى وتسابقه... توقفت الحركة.. انكفأ بجانبها.. لم يتح للقمر أن يرى وجه ليلى، ولا أن يلمح ظلها لأنه كان منشغلا بهذا الفار عاريا كأنه خارج لتوه من رحم أمه.. مغطى بفضلات الميلاد.



*- البيت لليلى
** البيتان لقيس



#ماهر_طلبه (هاشتاغ)       Maher_Tolba#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم المرأة العالمى - قصة قصيرة
- خواطر قيسية5
- ليلة قدر
- الزعيم ... قصص قصيرة جدا
- حواء - قصص قصيرة جدا
- حديث الليل - قصة قصيرة
- خواطر قيسية 4
- حديث عشق - قصة قصيرة
- ماركسية - قصة قصيرة
- عصر الظلم - قصة قصيرة جدا
- خواطر قيسية 3
- قصة حب - قصة قصيرة جدا
- موسى - قصة قصيرة جدا
- خواطر قيسية 2
- لا أنسى
- الحمامة - قصة قصيرة
- فردة حذاء
- هذا ما حدث بالفعل - قصة قصيرة
- خواطر قيسية
- السيرة الذاتية لحامد بن اسماعيل


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر طلبه - الجريمة الكاملة - قصة قصيرة