أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظفر قاسم - سدادة البانيو !














المزيد.....

سدادة البانيو !


مظفر قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4395 - 2014 / 3 / 16 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




كنت أحد المحظوظين الذين زاروا مستشفى للامراض العقلية والنفسية ببغداد وذلك في التسعينيات بعد دعوة وُجهت لي من أحد المتخصصين بعلم النفس حيث عرض عليّ هذه الفرصة للاطلاع على عالم آخر، وأتذكر أنني كنت حينها طالبا جامعيا ، وفعلا ذهبت الى ذلك العالم ورأيت بنفسي مشاهد لا ولن تُنسى أبدا لما لها من تأثير على النفس والعاطفة ، وبعد أن جلس المتخصصون ليتباحثوا في شؤون المستشفى ومناقشة بعض الحالات المستعصية والجديدة وطرحها على المتخصصين الزائرين ، إستأذنت منهم في أخذ جولة بسيطة للتعرف على أروقة المستشفى ، فابتسم مدير المستشفى قائلا : تجوّل عزيزي ، ولكن أخشى عليك أن يعجبك المكان وتطلب المكوث فيه.
فضحكت والحاضرون كذلك وشكرت المدير على سماحه لي بفرصة التجوّل.

كانت أولى خطواتي في الممّر الذي تطل عليه غرفة المدير وإذا بشخص يجلس على أحد كراسي المستشفى نظر إليّ من بعيد وأنا أتوجه نحوه فابتسم لي عن بعد وبادرته بذات الابتسامه عن بعد أيضا وأنتظرت أن يبعد بصره عني كي أبعد عيني عنه فليس من اللائق أن أزيح بصري عن شخص ينظر الي بابتسامة رقيقة ، لقد تجمدت عيناه عليّ الى أن وصلت قريبا جدا منه فدار حوار بيني وبينه باللهجة العراقية حيث بادرني بالسؤال: من أين أنت؟
فقلت له: من خارج هذا المكان الذي أنت تعيش فيه.
فقال: أها ! الله يكون بعونك !
فقلت له: لماذا ؟
فقال: يا أخي في الخارج كلها مشاكل وهموم شوف هنا شلون مرتاحين وهادئين …. هسه معلينا قل لي أنت تحب المواويل؟!
قلت له: نعم
فقال : تحب تسمع ؟
قلت له : ياريت !
وهنا أنطلق صاحبي في الموال ولم أكن أتوقع أنه يمتلك صوتا جميلا ورائعا كهذا الصوت فقد أدمعت عيناي حينما كنت أستمع لصوته الحنون الشجيّ ولو أن صاحبي ذاك إشترك في برنامج " The voice “ لحاز على اللقب بكل جدارة.

ودّعت صاحب الصوت الشجي وأكملت جولتي وإذا بفتاة ذات وجه قمري وملامح جميلة جدا وعينين عسليتين وشعر أشقر طويل نوعا ما جالسة وهي ترسم فسألت أحد مرافقيها عن سبب وجودها في هذا المستشفى فأجاب لقد خانها حبيبها مع أختها ! فقلت له بل خانها كلٌّ من حبيبها وأختها معا ً فأصبحت بين خيانتين فأيّ عقل يتحمل ما جرى وأي جسد يتحمل هكذا طعنات!

إقتربت منها فنظرت إليّ مبتسمة ومرحّبة بي فجلست بقربها كي أرى ماذا ترسم فسألتها عن اللوحة فقالت : هذا العراق !
فقلت لها : ولماذا هذا اللون الاسود القاتم والغربان تحوم فوقه .
فقالت باللهجة العراقية مبتسمة: هذوله الحرامية والخونة !
فقلت ربما شبّهت حبيبها بالوطن وأختها بالغربان التي سرقت حبيبها منها وخانتها.

عدت الى غرفة المدير ،حيث كنت، وانضممت الى حديثهم وإذا بأحد الاطباء الحاضرين يقول : جاءني أخي ذات يوم ليقلني الى البيت وسألني كيف تعرفون أن هذا الشخص فعلا مريض هل تقومون باختبارات معينة مثلا ؟ فقلت له "والكلام مازال للطبيب" نعم أخي .. نملأ له بانيو الحمّام ونضع أمامه ملعقة طعام وكوبا وسطلا ونطلب منه أن يفرغ البانيو … وهنا قاطعني أخي قائلا : أكيد الشخص السليم سيستخدم السطل لتفريغ البانيو وليس الملعقة أو الكوب … فقلت له : لا يا أخي ...
فاستغرب أخي قائلا وكيف؟!! فقلت له : الشخص السليم يرفع سدادة البانيو !!!

أطلقنا جميعا ضحكات قوية جدا لن أنساها وحينما أتذكر زياراتي المتعددة للعراق بعد 2003 تقفز أمامي عبارات ومواقف تلك الزيارة للمستشفى … منها عبارة صاحب الصوت الشجّي عندما عرف أنني من خارج المستشفى فقال لي الله يكون بعونك !!
وأتذكر صورة العراق السوداء والقاتمة التي رسمتها ذات العينين العسليتين الجميلتين حينما وضعت الغربان وقالت إنهم السّراق والخونة …
هل يعقل أن أولئك كانوا من المتنبئين ؟ كانوا يرون العراق في التسعينيات كما نراه نحن اليوم ! حيث يشتكي العراقيون من تردي الاوضاع الامنية والخدمية والبطالة وكذلك من السارقين والفاسدين بحيث فاض العراق بهم وبالمشكلات على حد تعبير عراقيين كثيرين ،
ولكن يبقى السؤال الذي مازال يحيّرني حتى اللحظة كي تفك شفرة تلك الزيارة بأكملها وهو … مَن ياترى من العراقيين سيرفع سدادة البانيو ؟!!





#مظفر_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل ... قمة عراقية
- دعوة عاجلة الى شعب العراق العزيز
- الطاقة في العراق بين الحاضر والمستقبل
- ظاهرة الشعبية في الوطن العربي
- لعبة الاعلام
- رحلتي الى العراق .. كيف لايثور المسحوقون ؟!
- لن يجلس رجل أسود في البيت الابيض
- الاعلام .. الهدف.. الرؤية
- برنامج الرئيس
- سؤال وجواب


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظفر قاسم - سدادة البانيو !