أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - التسويق الطائفي ونظرية الفوضى الخلاقة















المزيد.....

التسويق الطائفي ونظرية الفوضى الخلاقة


حُسام كصّاي

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 20:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



التسوّيق الطائفي ونظرية الفوضى الخلاقة
ليس هناك ادنى شك من إن النزعة الطائفية هي نتاج لغياب أفق الديمقراطية وفشل التحديث السياسي على نطاق المجتمع والدولة, وان فشل الأنتقال الديمقراطي في الوطن العربي له من العواقب الوخيمة التي لها أثر سلبي على البناءالوظيفي للدولة العربية بشكل عام, .. لأن البديل الحق للديمقراطية هو الأستبداد والدكتاتورية, وهو منتج حقيقي للعنف والتطرف والأرهاب الذي هو إحدى صور إرهاصات العمل الطائفي.
وان التسويق الطائفي هي عملية تحوّل فكري من حالة لحالة أخرى, .. أو بالأحرى هي عملية تبضع لقيم ومفاهيم ومشتقات الطائفية من الأسواق العالمية (الأجنبية) والأسواق المحلية (مسألة الفتاوى الدينية والسياسية التي يصرخ بها الطائفيين ليلاً ونهاراً), ... وعرضها في السوق المحلي بسعر مناسب ومُقسط حتى يسهل اقتنائها الصغير والكبير, .. وان المأزق الفكري العربي هو ان تجد تلك البضائع (بضائع الطائفية) طلبية على شرائها واقتناءها, واسوى تلك الحالات هو ان يتم الترويج للطائفية حكومياً, .. او ان يتم الطلب على سلعتها, من قبل النخب المثقفة والطبقة الحاكمة, .. لأن النزوع الفكري للنخب الثقافية والمُتعلمة الى التسويق الطائفي هو بمثابة أخر مسمار في نعش الوطنية والمواطنة الحقة .. وهو قراءة تراتيل السلام على روح السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي, .. لأن الطائفية هي ليست إلا ثقافة المجتمعات العشوائية الضيقة, وثقافة الجماعات ذات التحصيل العلمي المتدني, .. والدليل ان دُعاة الطائفية والمترصفين في الصف المذهبي هم اشخاص لم ينالوا نصيبا من التعليم الحكومي إلا قدراً متواضعاً, .. ولا حتى الديني _ إلا التعليم الديني العقائدي المبني على فقه التكفير _ وفكرة أن المنفذين للأعمال الارهابية هم من خريجي المدارس والجامعات الدينية او صاحبة التعليم الديني, هي خاطئة من أمها, .. فالعنف ليس حتمية دينية او حتمية الممارسة الدينية البحت, وإنما الطائفية هي حتمية الزج الديني في السياسة خارج تصور الإسلام الرسولي, أي بمعنى انه مزج وفقاً لأجتهادات رجال الدين المُسيسين (المتأسلمين), او اجتهادات رجال السياسة المتدينين.
فالطائفية هي الأبنة الشرعية للإسلام السياسي, .. وليست أبنة الإسلام او قيمه الحضارية, .. وهي نتاج التوظيف السلبي للدين في السياسة, .. لكن هذا لا يعني علمنة الحياة العربية بتجرد, أو ان الدين لا يتدخل في السياسة او لا يحق له تلك الممارسة, .. ولا هي العزّل التام عن السياسة, .. فالعلمنة على النمط الغربي ليست حلاً للعرب, كما ان الأسلمة بما هي (ثقرطة) على النمط الكنّسي الأوروبي _ هي الأخرى _ ليست حلاً للإشكاليات العربية, .. فالجدل البيزنطي بين الإسلمة والعلمنة هو صراع غربي يخضع لعملية تعريب مريبة, يُراد منها ان يتحول التماسك المجتمعي والتجانس العربي الى عولمة للصراع يكون اطراف خصومها عرب وعرب وفق نظرية الفوضى الخلاقة التي هي بالأساس مرحلة متطورة من مراحل مشروع الشرق الاوسط الكبير والمتجّدد.
بل ان الطائفية اليوم ما هي إلا "الكليشة والنموذج" الذي يراد تطبيقه على كل الأرض والاقاليم العربية, واليوم بمثابة تطبيق وممارسة لنظرية الفوضى الخلاقة وممارسة لفكر الفوضى, على ارض الواقع, إذ لا يمكن للنظريات والافكار ان تكن قابعة داخل العقول وبواطن البشر بل من الضروري ان ترى النور على المجتمعات, .. فلم يجد الغرب الأورو _ امريكي نوراً للفوضى الخلاقة من أجل الانبثاق لها إلا من خلال سن قانون مكافحة الأرهاب لتبرير الغزو والاحتلال والتخريب تحت مسمى نشر الديمقراطية وثقافة حقوق الانسان ... ولا ندري كيف يتوافق الأرهاب مع الديمقراطية ؟؟
فلم يجد الغرب الأورو _ امريكي تطبيقاً لنموذج الفوضى الخلاقة التي خط ملامحها المستشرق اليهودي برنارد لويس من خلال تقسيم المنطقة العربية الى دويلات وقاليم تضمن استمرار العجز السياسي العربي مقابل هيمنة وسيطرة غربية تحافظ على بقاء التفوق الصهيوني بالمنطقة واستمرار تدفق الثروات العربية الى الأسواق الغربية, بالوقت الذي تمنح هذه الفوضى وظيفة شرطي الخليج الجديد لجمهورية أيران, من خلال حلف المصالح المشتركة الذي يربط الغرب والكيان الصهيوني بإيران, والذي بدأت ملامح هذا المحور تتبلور بصورة جلية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وصولا لمرحلة ثورات الربيع وما تلاها من تطور لنظرية الفوضى الخلاقة التي أكدت من خلال الخريف الإسلاموي على ان المسار يأخذ منحنى الرؤية "اللويسية" التي تدفع الى مزيد من التجزئة الاستعمارية, لكن المشكلة ان هذه التجزئة تتم وفق رغبات وطموحات عربية تدفع بذلك من خلال تقسيم الدول العربية الى اقاليم متناحرة ومتصارعة بدأت ملامحها الأولى في اليمن (ست اقاليم مناطقية), العراق (ثلاث دويلات طائفية), مصر (خمس دويلات كما هو مقرر في مشروع برنارد لويس), ليبيا (ثلاث اقاليم سرت, طرابلس, بنغازي), سوريا مرشحة للتقسيم الطائفي بين دولة سنية في دمشق وحلب واخرى علوية في طرطوس وثالثة كردية في القامشلي ورابعة للأقليات الأخرى, والحال لا يقف إلا عند تطبيق مشروع لويس بالكامل كما هو مقرر.
فكل المؤشرات والتحوّلات الحاصلة بالمطنقة العربية تسير نحو الدفع اللا مبرر لتطبيق مشروع لويس, الذي تجاوز مرحلة التنظير الى التطبيق بعد ترسيخ الطائفية ونظامها السياسي والاجتماعي في أكثر من دولة عربية, .. والمشكلة ان التقسيم أصبح مطلب شعبي ترفع شعاراته في اغلب الحركات العربية, بعد ان كان خيانة اصبح واجب وطني, وان النخب الحاكمة ترفض في وسائل الإعلام وتحذر من مغبة التقسيم لكنها بالحقيقة ومن خلال خطابها السياسي الطائفي هي من يدفع الناس الى تبني خيار التقسيم والفيدرالية من خلال سياسات التهميش والإقصاء وهيمنة الحزب الواحد وتقديس المدنسات كلها امور زادت من صعوبة عودة التماسك والانسجام الاجتماعي والسلم الاهلي والوطني في المجتمعات العربية, وإن الايام المقبلة ستشهد مزيداً من دعوات التقسيم بل لمزيد من التطبيق لهذه النظرية, .. فالولايات المتحدة قادرة على حسم الصراع في سوريا او توفير الأمن في العراق ومثله في ليبيا واليمن وتونس ومصر, لكنها لا ترغب في ذلك تماشيا مع مصالحها وحلفها المقدس مع ايران والكيان الصهيوني, بل وتماشيا مع رغبات برنارد لويس ونظرية الفوضى الخلاقة التي لا تختلف بؤساً وشقاءاً عن الحداثة والعولمة والغزو بما هي مصطلحات تلفيقية مُفبركة تم توظيفها امريكياً من اجل رغبات عدوانية مبيتة تريد نهم ثروات المنطقة العربية الغنية بالبترول الإستراتيجي.
أذن فالطائفية هي مشروع غربي استعماري جاءاً تطبيقاً لنظرية الفوضى الخلاقة ونقل اسسها من الماهية الى الوجود, والى ارض الواقع, .. والطائفية وحدها القادرة على تحقيق المشروع الامريكي الاستعماري _ في هذه المرحلة تحديداً _ والمتمثل بتمزيق المنطقة العربية لصالح الغرب الأستعماري, وحلفائه القدامى والجُدد.

حُسام ﮔ-;-صاي
باحث وصحفي



#حُسام_كصّاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام هو الحل
- الطائفية: خريف الثورات العربية
- جدّل المقدس والمدنس (نظرية الديني والسياسي)
- العلمانية هي الحل
- تداعيات العنف الطائفي في العراق


المزيد.....




- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حُسام كصّاي - التسويق الطائفي ونظرية الفوضى الخلاقة